الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-06-2013, 09:44 PM   #[16]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

تحاياي أستاذ الشقليني
أعلم أن الاستدراك على من هو في قامة محتفانا البروف عبدالله الطيب (وفي مضمار يُشهد له فيه بالفوت) لأمر يتوقف المرء دونه كثيرا...
فالرجل رحمه الله قد خَبِرَ القرآن حفظا ودراسة وتفسيرا ...
وأجاد الفصحى نحوا وبلاغة ليتبدّى ذلك جليا في شِعْرٍ له رصين...
وقد كتب الرجل وتحدث كثيرا عن (نظم القرآن) المبدع جلاء للكثير مما خفى من مواطن الابداع اللغوي فيه وتبيانا للعديد من صور البلاغة والاتقان فيه فنال اعجاب الناس قبل احترامهم وتثمينهم...
تلمستُ ذلك خلال مرحلة دراستي الجامعية فكنت أتساءل:
كيف للدكتور عبدالله الطيب بكل دِرْبَتِهِ بالقرآن وادراكه للابداع في نظمه أن لايجده معجزا كغيره من صور الاعجاز القرآني علميِّهِ وغيبيِّه!
يفعل ذلك برغم اليقين بالمامه لرفد من سبقوه من اساطين اللغة وعلوم القرآن كالجاحظ وأبوبكر السجستاني وأبوزيد البلخي وابن الاخشيد وأبوسليمان الخطابي انتهاء بالجرجاني فأفاض في (نظم القرآن) وأحاط...
ولنقف لحظة بين يدي هذا العالم الجليل وهو يبين اعجاز النظم في (جزء) من آية من آيات هذا القرآن الكريم:
يقول الحق سبحانه وتعالى:
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ...)
لقد اختار الله كلمه (ابلعي) بيانا لسرعة الامتثال لامر الله تعالى فلم يقل امتصي أو اشربي!
وفيها أيضا ايجاز اذ أن (قيل) مبني للمجهول حيث أن الفاعل معلوم بالضرورة ليفتح ذلك بابا للتفكير والتحقق لتُعلم عظمة الله حيث أن كل شي مجهول يثير الرعب في النفس (ترهيب الموقف وبيان عظمته سبحانه) ولاشاعه جو الرهبه في نفس السامع (فالجبار قادر على كل شئ ولايخفى عليه شي)...
(يارض ابلعي) خاطب الله الأرض وناداها نداء العاقل فلكأنها تحس بقوه الجبار وقدرته فيامرها بان تبلع الماء أشاره للاسراع في تنفيذ امر الله فيتم ذلك دفعه واحده!
(ياسماء اقلعي) هنا ايضا خطاب الى السماء التي تبدو سامقة في علوها ومناداتها بنداء العاقل فلكأنها تحس بقوة الجبار فيأمرها بالاقلاع عن انزال الماء...
(يارض ابلعي ماءك فبلعت وياسماء اقلعي فاقلعت) هنا ايجاز الحذف مع ايجاز القصر...
و(غيض الماء) أي جف واختفى ولعل في ذلك دلاله على امتثال لاوامر الله عز وجل ودلاله على السرعة في الاستجابة وهي مبنيه للمجهول وقد ساعدت بنية الكلمه وبناء (غيض) للمجهول اشاعة جو من الرهبة علما بأن الحديث هنا عن حادثة رهيبة لغضبة من غضبات الطبيعة كما تتبدى للانسان.
أليس في ذلك اعجازٌ لمن نزل عليهم القرآن؟!
أليس فيه اعجاز لكل من يقرأه منّا؟!
(يتبع)



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2013, 07:43 AM   #[17]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

أسمح لي يااستاذي ايراد بعض المنقول الذي (يبين) مانحن بصدده قبل الولوج الى (رؤية) محتفانا رحمه الله:
...
إعجاز النظم القرآني
نعني بالنظم: ترتيب الكلمات ترتيبًا مخصوصًا، بحيث تؤدي المعنى المراد على أكمل وجه، وتكون متلائمة مع بعضها في ترابط وثيق، وترتيبها على حسب ترتيب المعاني في النفس، بحيث يكون كل لفظ موضوعًا في مكانه، ولو وضع غيره في مكانه لم يصح1.
وقد أفرد عبد القاهر الجرجاني كتابه العظيم "دلائل الإعجاز" للبرهنة على ما في النظم القرآني من وجوه الإعجاز. ولنأخذ مثالاً واحدًا من الآيات القرآنية التي أوردها عبد القاهر الجرجاني مبينًا بعض جوانب الإعجاز فيها، وذلك قول الله تعالى في شأن اليهود: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} (البقرة: 96). يقول عبد القاهر:
"إذا أنت راجعت نفسك، وأذكيت حسَّك، وجدت لهذا التنكير، وأنه قيل: {عَلَى حَيَاةٍ}ولم يقل: "على الحياة" حسنًا وروعة ولطف موقع لا يُقْدَرُ قَدْرُه، وتجدك تَعْدَم ذلك مع التعريف وتخرج من الأريحية والأنس إلى خلافهما. والسبب في ذلك أن المعنى على الازدياد من الحياة، لا الحياة من أصلها.. فكأنما قيل: ولتجدنهم أحرص الناس ـ ولو عاشوا ما عاشوا ـ على أن يزدادوا إلى حياتهم في ماضي الوقت وراهنه حياة في الذي يستقبل"2.
وقد كُتِبَ في الإعجاز البياني للقرآن الكريم مئات المؤلفات نذكر من ذلك:
o الكشاف للزمخشري.
o إعجاز القرآن للخطابي.
o إعجاز القرآن للباقلاني.
o دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجانى.
o المغني للقاضي عبد الجبار.
o الشفا في التعريف بحقوق المصطفى للقاضي عياض (فيه مبحث خاص بإعجاز القرآن).
o نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز للفخر الرازي.
o منهاج البلغاء لحازم القرطاجني.
o البرهان في علوم القرآن للزركشي.
o الإتقان في علوم القرآن للسيوطي.
o معترك الأقران فى إعجاز القرآن للسيوطى.
o إعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي.
o الإعجاز البياني للقرآن، د. عائشة عبد الرحمن.
o النبأ العظيم، د. محمد عبد الله دراز.
o من بلاغة القرآن، د. أحمد أحمد بدوى.
o إعجاز القرآن البيانى، د. حفنى محمد شرف.
o الظاهرة القرآنية، مالك بن نبى.
o إعجاز القرآن، د. عبد الكريم الخطيب.
o البيان فى روائع القرآن، د. تمام حسان.
o من روائع القرآن، د. محمد سعيد رمضان البوطى.
o الإسلام يتحدى، وحيد الدين خان ... إلخ.
وما من كتاب في البلاغة، وما من تفسير للقرآن الكريم إلا وعرض للإعجاز للقرآني من وجوه شتَّى، وأكثر ما ركزت عليه تلك المؤلفات هو الإعجاز البياني والبلاغي.
وجميع هذه الكتب التي تناولت بعض أسرار الإعجاز في القرآن بدأت بتحدي القرآن للإنس والجن على أن يأتوا بمثله، وإذ عجزوا عن ذلك، فإن هذا ـ في حد ذاته ـ دليل قاطع وبرهان ساطع على الإعجاز القرآني.
ثم تلا ذلك تفصيل وجوه الإعجاز اللغوي والبلاغي، فمن ذلك:
****************************
(1) دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، ص 42.
(2) دلائل الإعجاز، ص 223 ( بتصرف يسير).

http://www.bayanelislam.net/Article/...A7%D8%B1%D8%A9



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2013, 07:50 AM   #[18]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

التشكيك في إعجاز القرآن

تساءل المشككون عن إعجاز القرآن: هل الإعجاز في لغته؟ أم في أحكامه؟ فإن قيل: في آياته كلها، قلنا: أين الإعجاز في قوله عز وجل: {إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}(لقمان: 19)؟! أو قوله عز وجل: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ}(الأحزاب: 50)، وإن قيل: الإعجاز في أحكامه، قلنا: أين الإعجاز في قطع يد السارق والسرقة كانت معروفة وممارسة في المجتمع الجاهلي؟!
لقد غاب عن أصحاب هذه الدعوى مفهوم الإعجاز، ونقول لهم:
إن في هذا القرآن العظيم وجوهًا من الإعجاز، منها ما هو لغويٌّ، وما هو علمي، وما هو تشريعي...إلخ.
ولقد كُتبت في هذا الصدد أعمال علمية وفكرية كثيرة، بعضها شهادات لمفكرين وعلماء منصفين ليسوا من أهل الإسلام نذكر منهم على سبيل المثال:
• الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي الشهير إرنست رينان.
• الكاتب والمفكر الأيرلندي الشهير برنارد شو.
• الكاتب والمفكر الروسي الشهير ليو توليستوي.
أما أن نقتطع كلمة أو جملة من سياقها ثم نزعم أنها تخلو من الإعجاز، فهذا ما لا يرتضيه عقل ولا منطق، فالكلام لا يكون كلامًا إلا بعد تأليفه ناهيك عن أن يوصف بالإعجاز!!
ولقد خاب ظنكم؛ فالإعجاز القرآني يتجاوز حدود اللغة والتشريع، إن الإعجاز القرآني ماثل في كل جوانب القرآن ومستوياته، يقول "جرونباوم":
"القرآن ظاهرة لم يسبق لها مثيل في اللسان العربي، وليست آياته مما اخترع النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي ـ إن جاز هذا القول ـ الصورة العربية لكلمة الله نفسه، ولا يستطيع محمد صلى الله عليه وسلم أن يضيف إليه كلمة واحدة، أو يلغي منه كلمة واحدة: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (يونس: 37 ـ 38)" 1.
القرآن معجز في نظمه، وفي ألفاظه، وفي موسيقاه، وفي معانيه، وما تضمَّنه من إخبار بالغيب (سواء غيب الماضي، أو المستقبل)، وما ضَمَّه من قَصَص وعِبَر، ومن حكمة ودعوة أخلاقية، ومن تشريعات وأحكام صالحة للإنسان في كل زمان ومكان.
وليس هذا إلقاءً للكلام على عواهنه، ولكن الأدلة القاطعة عليه موفورة، قديمًا وحديثًا.
**************************
(1) حضارة الإسلام، ص 104.

http://www.bayanelislam.net/Article/...A7%D8%B1%D8%A9



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2013, 07:52 AM   #[19]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

الإعجاز اللفظي (الكلمة القرآنية)
إن للكلمة القرآنية مزية لا تجدها في الكلمات التي يتكون منها كلام الناس وتعابيرهم مهما سمت في مدارج البلاغة والبيان.
فهي أولاً: تتناول من المعنى سطحه وأعماقه وسائر صوره وخصائصه، لا تقف عند العموميات التي تقف عند حدودها تعبيراتنا البشرية.
وهي ثانيًا: تمتاز عن سائر مرادفاتها اللغوية بتطابق أتم مع المعنى المراد، فمهما استبدلت بها غيرها، لم يَسُدَّ مَسَدَّها ولم يُغْنِ غَناءها، ولم يؤدِّ الصورة التي تؤديها.
ولك أن تسأل: إذا كانت اللغة ذاتها عاجزة عن التعبير عن جميع المعاني والمشاعر، فكيف يتأتى للقرآن أن يُسَخِّر كلماته لما وراء الحدود التي تقف عندها طاقة اللغة، وهو إنَّما يستعمل في تعبيراته اللغة ليس إلاَّ؟
والجواب: أن القرآن يتناول ـ كما سترى ـ من الكلمات المترادفة أدقَّها دلالة، وأتَمَّها تصويرًا بالنسبة إلى نظائرها، فإذا استنفدت اللغة طاقتها ولا تزال بقية من المعنى أو الصورة شاردة وراء حدود البلاغة، اتَّسَعَتْ لها الكلمة القرآنية وشملتها عن طريق ما تتسم به من جرس ووزن وإيقاع.
ولن تعثر مهما حاولت، على أي ضابط لهذا الجرس والوزن، والإيقاع، مؤملاً أن تطبقه في كلامك وتعبيرك. إنما هو الإحساس الذي يفيض به شعور القارئ عند تلاوته لهذه الكلمات أو سماعه لها مسبوكة مع بعضها، قائمة ضمن هيكلها القرآني الفريد.
فكلمة (أغطش) مثلاً في قوله تعالى: {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} (النازعات: 29) متقاربة من حيث الدلالة اللغوية مع كلمة (أظلم)، ولكن "أغطش" تمتاز بدلالة أخرى من وراء حدود اللغة يستقل بها جرس الأحرف متآلفة مع بعضها، فالكلمة بهذه الدلالة تعبر عن ظلام انتشر فيه الصمت رغم الركود، وتَجلَّت في أنحائه مظاهر الوحشة. ولست بحاجة ـ لفهم هذه الصورة من الكلمة ـ إلى وساطة لغة أو مراجعة قاموس، وإنما هو إحساس ينبعث في نفسك من طبيعة الكلمة ووقع حروفها.
وكذلك كلمة "سَكَنًا" من قوله تعالى: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً} (الأنعام: 96)، فهي من حيث الدلالة اللغوية متقاربة مع قولك: هدوءًا، طمأنينة. ولكن المعنى الذي تبثه في شعورك الكلمة القرآنية لا تجد شيئًا منه في غيرها مهما تَقارب معها في أصل الدلالة اللغوية تقاربًا يسمح بوقوع الترادف بينهما.
إن طبيعة الأحرف التي تتكون منها كلمة "سكنًا" مع توالي الفتحات على حروفها، تشعرك بذلك الهدوء الذي يبعث الطمأنينة وينشر الأمن والراحة في أنحاء النفس، دون أن تحتاج في ذلك إلى معرفة أي دلالة لغوية.
ثم حاول أن تحذف كلمة واحدة من كلمات هذه الآية، وأن تستبدل بها غيرها مِمَّا يؤدي المعنى ذاته، مستعينًا باللغة وقواميسها، فلسوف ترى أن اللغة كلها أعجز من أن تأتي بألفاظ مثلها أو خير منها في الدلالة على المعنى وتصوير الأحاسيس المطلوب تصويرها، ومهما غيرت في الآية أفسدت من بهائها ونقصت من روعتها وإشراقها، ابحث عن أي كلمة تقوم مقام "فالق" في أداء المعنى وتصوير المراد وتجسيم الفكرة، أو ابحث عن أي كلمة أخرى تضعها موضع "الإصباح" في دلالتها على الحركة والانبثاق وبث الصورة المطلوبة، أو حاول أن تأتي بكلمة أخرى مكان "سكنًا" أو بكلمة أخرى أدل وأخصر وأجمع من هذه الكلمة العجيبة "حسبانًا" فإنك لن تملك من ذلك كله إلا إفساد الآية وتشويه دلالتها.
وربما عجزت اللغة عن اللحاق بالصورة المحلِّقة التي يريد المتكلم أو الكاتب أن يبثها في خيال السامع، فاضطر أن ينزل عن بساط خياله المحلق، لحاقًا بكلمة تقف دون الصورة التي يريدها، لا يجد في اللغة سواها، فيفسد بها الصورة كلها.
غير أن القرآن لا يعجزه أن تكون الكلمة دائمًا في مستوى المعنى المراد، على أدق وجه، فهو يصعد باللغة إلى المعنى أو الصورة المطلوبة، ولا ينزل بالمعنى أو الصورة إليها في حال من الأحوال.
انظر حينما يصف البيان الإلهي دعوة امرأة العزيز للنسوة اللاتي يتحدثن منتقدات، عن مراودتها ليوسف عن نفسه، إلى جلسة رائعة مترفة في بيتها،لتطلعهن فيها على يوسف، فيعذرنها فيما أقدمت عليه. لقد قدمت لهن في ذلك المجلس طعامًا ولا ريب. ولقد أوضح القرآن هذا، ولكنه لم يعبر عن ذلك بالطعام، وهو اللفظ الذي لا بد أن يعبر به أو بنظيره أي واحد من الناس مهما امتلك ناصية البلاغة والبيان، لم يعبر البيان الإلهي بهذه الكلمة؛ لأنها إنما تصور شهوة الجائعين من حوله، وتنقل الفكر والخيال إلى (المطبخ) بكل ما فيه من ألوان الطعام وروائحه وأسبابه.
فبماذا عبر القرآن إذن؟ وأين في اللغة الكلمة التي تؤدي معنى الطعام ولا تمس الصورة بأي تعكير أو تشويه؟!
لقد أبدع القرآن في ذلك تعبيرًا عجيبًا رائعًا. فانظر ماذا قال: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} (يوسف: 31).
(مُتَّكَأً) كلمة قرآنية، تصور لك من الطعام ذلك النوع الذي لا يقدم إلا ترفًا وتفكُّهًا وتجمُّلاً للمجلس، وتوفيرًا لمظاهر المتعة فيه، حتى إن الشأن فيه أن يكون الإقبال إليه على حالة من الراحة والاتكاء. والكلمة من الألفاظ الكثيرة التي أبدع القرآن صياغتها واشتقاقاتها فتعلق العرب بها من بعده، ولولا ذلك لما اهتدوا إليها ولخانتهم اللغة في هذا الباب عن تصوير ما يريدون.
ونظرًا إلى أن القرآن إنما تنزل خطابًا للناس جميعهم، على تفاوت ثقافاتهم واختلاف عصورهم، فإن الكلمة القرآنية تنطوي على دلالات متعددة، تستجيب للظروف كلها ولأحوال الناس كلهم، إذا كانت تلك الكلمة تتعلق بمعنى يختلف من عصر إلى آخر، أو يتفاوت فهم الناس له حسب تفاوت ثقافاتهم وعلومهم.
ومكان الغرابة والعجب في هذه الكلمات: أن دلالاتها لا تتناقض على الرغم من اختلافها، ولا يشرد شيء منها عن قواعد اللغة ومقتضياتها، فهي تحتضن في وقت واحد هذه الدلالات، لتقدم إلى كل عصر أو فئة من الناس ما هو أقرب إلى مألوف ذلك العصر أو ثقافة أولئك الناس. وجميعها دلالات صادقة صحيحة لا تنسخ واحدة منها الأخرى.
وأنت لو حاولت أن تلتقط من اللغة كلمات مرنة غنية بهذا الشكل، لرأيت أن الأمر يحتاج إلى جهد عظيم لا يمكن أن ترقى إليه طاقة البشر. مهما أُوتُوا من قوة الحفظ وسمو البيان.
من الأمثلة على ذلك أن القرآن حدثنا عن مظاهر نعم الله على عباده، ومن جملتها النار، فنبهنا إلى مختلف فوائدها لحياتنا، وأوضح أنها متاع يحتاج إليه في حالات السفر واجتياز القفار، ولتحضير الطعام، ولما وراء ذلك من أسباب المتعة والرفاهية. فكم هي الكلمات أو الجمل التي تفي بالتعبير عن هذه الفوائد كلها؟
إنها ليست أكثر من كلمة واحدة! واسمع في ذلك قول الله عز وجل: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ} (الواقعة: 71 ـ 73).
المقوين! هذه هي الكلمة التي تحمل المعاني كلها، فالـ (مقوين) جمع مُقْوٍ، أي نازل في القَوَاء (وهو المكان القفر) أو مجتاز به، وعليه قول النابغة:

يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسََّنَدِ *** أَقوَتْ وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ

والمقوين أيضًا من القَوَى وهو الجوع، وعليه قول حاتم الطائي:

وإنِّي لأختارُ القَوَى طاويَ الْحَشَا *** مُحاذَرَةً منْ أنْ يُقالَ لئيمُ1

والمقوين: أيضًا جمع مُقْوٍ بمعنى مستمتع، كما قال مجاهد، وعموم الاستمتاع في هذا المعنى الثالث إنما يفسره الزمن وتطور الأحوال وتقدم أسباب الحياة والعيش.
فهل يطيق بشر، كائنًا من كان، أن يُخضِعَ اللغة لمقاصده هذا الإخضاع العجيب، فيحشدَ مثل هذه المعاني المتباعدة في كلمة واحدة تأتي طوع قصده ومراده، بدون أي تَمَحُّل أو تكلُّف أو تقعُّر؟!
إن العقل لا يرتاب في أنها صنعة ربِّ العالمين وكلامه2.

وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ
وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ

*************************
(1) لسان العرب (ق و ا).
(2) من روائع القرآن، د. محمد سعيد رمضان البوطي، ص 139ـ 143.

http://www.bayanelislam.net/Article/...A7%D8%B1%D8%A9



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2013, 07:53 AM   #[20]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

الإعجاز التركيبي (الجملة القرآنية)
سبقت الإشارة إلى عمل عبد القاهر الجرجاني في "دلائل الإعجاز" حيث جعل النظم هو المعيار الحقيقي للبلاغة، وجعل مدار الإعجاز البياني عليه، ونسوق هنا بعض مظاهر الإعجاز في تركيب الجملة القرآنية:
أولاً: الاتساق اللفظي والإيقاع الداخلي:
الجملة القرآنية مؤلفة من كلمات وحروف ذات أصوات يستريح لتآلُفِها السمع والصوت، والنطق، ويتكون من اجتماعها على الشكل الذي رتبت عليه، نسق جميل ينطوي على إيقاع خفي رائع، ما كان لِيَتِمَّ إلا بالصورة التى جاءت عليها الآيات، وأى وجه من التغيير أو التبديل أو النقص أو الزيادة يضيع معه هذا الجمال والإبداع القرآني .
تأمل قوله تعالى: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ} (القمر: 11 ـ 14)، وتأمل تناسق الكلمات في كل جملة منها، ثم دقق نظرك وتأمل تآلف الحروف الرخوة مع الشديدة ومع المهموسة والمجهورة وغيرها، ثم أمعن في تآلف الحركات والسكنات والمدود وتعاطفها مع بعضها، فإنك إذا تأملت في ذلك علمت أن هذه الجمل القرآنية إنما صُبَّتْ من الكلمات والحروف والحركات في مقدار، وأن ذلك إنما قُدِّر تقديرًا بعلم اللطيف الخبير، وهيهات للمقاييس البشرية أن تقوى على ضبط الكلام بهذه القوالب الدقيقة.
وعلى الرغم من أن القرآن لا ينضبط بشيء من أعاريض النظم وأوزانه المعروفة، إلا أنك تشعر مع ذلك بتوقيع موزون من تتابع كلماته، بحيث يؤلف اجتماعها إلى بعضها لحنًا مطربًا يفرض نفسه على صوت القارئ العربي كيفما قرأ ـ إذا كانت قراءته صحيحة ـ كما تلاحظ لدى قراءتك لهذه الآيات.
ولعل من أبرز آثار هذه الظاهرة أن حفظ القرآن غيبًا أيسرُ على الإنسان من حفظ سائر أنواع النثر؛ ذلك لأنه منضبط بأوزان وإيقاعات خاصة به، فيسهل بذلك حفظه والتنبه للخطأ الذي قد يقع القارئ فيه عندما يقرؤه غيبًا. بل المعروف لدى من مارس حفظ القرآن أن الخطأ قلَّما يقع في حفظه وضبطه إلا من وجه واحد، هو ما قد يكون بين الآيات من تشابه، فيأتي الخطأ من خلط آية بأخرى والوقوع في اللبس بينهما.
ثانيًا: دلالتها بأقصر عبارة على أوسع معنى:
وهذه ظاهرة جلية تستطيع أن تتبينها في طريقة التعبير القرآني، مهما اختلفت بحوثه وموضوعاته، لا تجد في الجملة القرآنية كلمة زائدة يصلح المعنى مع الاستغناء عنها، ولا تستطيع أن تترجم معناها بألفاظ عربية من عندك إلا في عدد من الجمل مهما حاولت الإيجاز والاختصار.
ولنستعرض طائفة من الأمثلة على ذلك، والقرآن كله ـ كما قلنا ـ مثال على هذه الحقيقة:
حدثنا القرآن عن الضمانات التي أعطاها لآدم بعد خلقه، مِمَّا يحتاجه الإنسان في حياته من كل ما يدخل في مقومات بقائه ورفاهية عيشه. لقد وضع البيان الإلهي هذه الاحتياجات كلها في جملتين فقط وهما قوله عز وجل خطابًا لآدم عليه السلام: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى} (طه: 118 -119)؛ فتأمل في هاتين الجملتين وألفاظهما، وكيفية صياغتهما، وكيف أنهما جَمَعَتَا أصول معايش الإنسان كلها من طعام وشراب وملبس ومأوى. وانظر كيف عبر عن تأمين حاجته إلى المسكن والمأوى بقوله: {وَلاَ تَضْحَى}، أي لك أن لا تصيبك شمس الضحى أو يؤذيك لفحها بما نهيئه لك من المسكن الذي يؤويك.
وانظر إلى هذه الآية، وقد تضمنت حكمًا من الأحكام الشرعية المهمة، وهي قوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} (الأنفال: 58). تأمل صياغة هذه الآية وطريقة دلالتها على المعنى الذي تعبر عنه، تجد نفسك أمام أسلوب فريد ليس من دأب الإنسان أن يتأتى له التعبير بمثله.
يقول الزمخشرى وهو يحاول التعبير عن معنى هذه الآية بألفاظ عربية من عنده:
"ألا ترى أنك لو أردت أن تنقل معنى هذه الآية، لم تستطع أن تأتي بهذه الألفاظ مؤدية عن المعنى الذي أُودِعَتْه حتى تبسط مجموعها، وتصل مقطوعها، وتُظْهٍِر مستورها، فتقول: إن كان بينك وبين قوم هدنة وعهد فخفت منهم خيانةً أو نقضًا، فأَعْلِمْهم أنك قد نقضت ما شرطت عليهم، وآذِنهم بالحرب، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على استواء"1.
وحسبك أن تعلم أن الآيات المتضمنة لأحكام التشريع، قد لا تزيد على ثلاثمائة آية إلا شيئًا يسيرًا، وهي لا تبلغ معشار النصوص الفقهية التي دوَّنها الفقهاء فيما بعد، ولكن قد ثبت بما لا يَدَعُ مَجالا للشك أن من أبرز مظاهر الإعجاز في هذه الآيات أن الطريقة الفريدة في صياغة وتراكب جملها، تجعلها متسعة للدلالة على ذخر من المعاني الكثيرة التي لا يمكن التعبير عنها بطريقتنا المألوفة، إلا بواسطة مجلدات.
خذ على سبيل المثال هذه الآية:
{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (البقرة: 233).
فهذه آية واحدة صيغت من ستة أسطر قرآنية، أي ما لا يزيد على ستين كلمة، وقد تضمنت ثلاثة وعشرين حكمًا مما يتعلق بنظام الأسرة، لم يُسْتَخْرَجْ واحدٌ منها تَمَحُّلاً ولا تكلُّفًا، بل هو بَيْنَ أن تكون الآية دلت عليه بصريح المنطوق أو بجلي المفهوم أو بمقتضى النص. وأنت لو رحت تحاول التعبير عن هذه الأحكام بصياغة جلية دون اختصار مُخِلٍّ أو إطالة من غير لزوم، لاقتضى ذلك منك ما لا يقل عن خمسة وعشرين سطرًا من الكلام، أي خمسة أضعاف النص القرآني.
وانظر إلى أحكام الميراث في كتاب الله عز وجل، وتأمل كيف صيغت فيما لا يزيد على ثلاثة عشر سطرًا من أسطر القرآن، موزعة في آيتين. فلقد حوت هاتان الآيتان ـ في غير إخلال ولا تكلف ـ أحوال الوارثين ونصيب كل منهم في كل حال من الأحوال. ولقد انبثق من هاتين الآيتين فنٌّ مستقل برأسه يمثل شطرًا كبيرًا من الأحكام الشرعية الإسلامية، وهو ما يسمى بعلم الميراث، وقد كتبت فيه مؤلفات مستقلة. وإنك لتعجب كيف اتسع مضمون آيتين من القرآن لمدلولات كتاب برأسه، ولكن انظر وتأمل وقارن، فستجد أن هذا الذي تعجب منه حقيقة ثابتة2.
قال تعالى: {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (هود: 1)، ذلك خير ما توصف به الجملة القرآنية، فهي بناء قد أحكمت لبناته، ونُسِّقَتْ أدقَّ تنسيق، لا تُحِسُّ فيها بكلمة تضيق بمكانها، أو تنبو عن موضعها، أو لا تعيش مع أخواتها، حتى صار من العسير، بل من المستحيل، أن تغيِّر في الجملة كلمة بكلمة، أو أن تستغني فيها عن لفظ، أو أن تزيد فيها شيئًا، وصار قُصارَى أمرك إذا أردت معارضة جملة في القرآن، أن ترجع بعد طول المطاف إليها، كأنما لم يخلق الله لأداء تلك المعاني غير هذه الألفاظ، وكأنما ضاقت اللغة فلم تجد فيها ـ وهي بحر خضم ـ ما تؤدي به تلك المعاني مما اختاره القرآن لهذا الأداء.
والجملة القرآنية تتبع المعنى النفسي، فتصوره بألفاظها، لتلقيه في النفس، حتى إذا استكملت الجملة أركانها، برز المعنى ظاهرًا، فيه المهم والأهم، فليس تقديم كلمة على أخرى صناعة لفظية فحسب، ولكن المعنى هو الذي جعل ترتيب الآية ضرورة لا مَعْدَى عنها، وإلاَّ اختلَّ البناء وانهار.
خذ مثلاً قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة: 5)؛ فإنك ترى تقديم المفعول هنا؛ لأنه موضع عناية العابد ورجاء المستعين، فلا جَرَمَ وهو مناط الاهتمام أن يتقدم كما يتقدم كل ما ُيْهَتُّم به ويُعْنَى.
وخذ قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (البقرة: 127). تجد إسماعيل معطوفًا على إبراهيم، فهو كأبيه يرفع القواعد من البيت، ولكن تأخره في الذكر يوحي بأن دوره في رفع القواعد دور ثانوي، أما الدور الأساسي فقد قام به إبراهيم (قيل: كان إبراهيم يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة) فنزلت الآية وكأنما ستنسى دور إسماعيل لثانويته، ثم ذكرته بعد أن انتهت من تكوُّنها.
وخذ قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} (البقرة: 45)، تجد المستعان عليه في الآية غير مذكور، لا تخففًا من ذكره، ولكن ليوحى هذا الحذف إلى النفس أن كل ما يقوم أمام المرء من مشقة وما يعترضه من صعوبات، يُستعان على التغلُّب عليه، بالصبر والصلاة.
تمضي الجملة القرآنية، وقد كُوِّنت من كلمات قد اختيرت، ثم نسقت في سلك من النظام، فلا ضعف في تأليف، ولا تعقيد في نظم، ولكن حسن تنسيق، ودقة ترتيب، وإحكام في تلاؤم. واقرأ قوله تعالى:
{ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (البقرة:2ـ 5) تَرى آيات قد التحم نسجها، وارتبط بناء بعضها ببعض، تسلم الجملة إلى أختها في التئام واتساق، فالجملة الأولى قد وصفت القرآن بالكمال، ووصفته الجملة الثانية بأنه لا يعلق به الريب، لا في أخباره ولا في نسبته إلى الله، وفي الجملة الثالثة جعله هاديًا لأولئك الذين يخشون الله ويتقونه، ومضت الآية الثانية تصف هؤلاء الذين ينتفعون بالقرآن، فهم الذين يوقنون بما أنبأهم به من أمور غائبة لا يرونها، ويقومون بواجبهم لله فيؤدون الصلاة كما يجب أن تؤدى، وواجبهم للمجتمع فيقدِّمون من أموالهم ما يساعدون به البائس والفقير، ولا يتعصبون لرسول دون رسول، بل يؤمنون بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله، ورأس الإيمان وأساسه هو إيمانهم باليوم الآخر؛ لأن ذلك الإيمان يدفع إلى العمل الصالح، وينهى عن المنكر والبغي، فلا جرم أن كان أولئك على هدى من ربهم وكانوا هم المفلحين.
ذلك مثل من أمثلة الارتباط القوي بين جمل الآية القرآنية، وكثير من الجمل في القرآن توحي إليك ألفاظها بمعانٍ لا يستطيع لفظ أن يستوعبها، بل يترك للنفس أمر إدراكها، وحسبنا أن نشير من ذلك إلى قوله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثمِْ وَالْعُدْوَانِ... } (البقرة: 84 ـ 85) .
أولاً: توحي جملة {ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء} بالفرق بين ما كان يجب أن يكونوا عليه، وما هم عليه حقيقة، فأي خيبة أمل تملأ النفس منهم!؟
ثانيًا: تدل هذه الجملة القصيرة على سخط شديد، وتعجب لأمور ما كان ينتظر حدوثها، ونتائج كانت المقدمات تمهد لغيرها3.
ومن ذلك استعمال أحد الفعلين الماضي والمضارع موضع صاحبه، فيأتي بالمضارع مكان الماضي لإحضار صورة الفعل أمام السامع حتى كأنه يشاهده؛ وليس ذلك ما يثيره الفعل الماضي؛ لأن سامعه قد يكتفي بأن يتخيل فعلاً قد مضى، وربما لا يستحضر صورته أو تكرره. واقرأ قوله تعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} (البقرة: 87) تجد الفعل المضارع قد صوَّر جريمتهم كأنهم يرتكبونها في اللحظة الحاضرة، وفي ذلك من التشنيع عليهم ما فيه.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} (فاطر:9)، ففي (تثير) ما يحضر تلك الصورة الطبيعية الدالة على القدرة الباهرة.
وقوله تعالى: {حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} (الحج: 31)؛ ففي ذكر المضارع استحضار صورة خطف الطير له، وهُوِيِّ الريح به.
ويستخدم الماضي مكان المضارع إشارة إلى تأكيد وقوع الفعل، حتى كأنه قد وقع، وذلك يكون فيما يُسْتَعْظَم من الأمور، ومن أمثلته قوله سبحانه: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} (النمل: 87)، وقوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} (الكهف: 47)، وقوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (النحل:1)، وقوله تعالى: {وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ} (إبراهيم: 21)، وفي الإتيان بالماضي هنا من إيقاع الرهبة في النفوس ما فيه؛ لأن الفعل كأنه قد تَمَّ والقرآن يتحدث عنه، وفي استخدام الماضي في قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (البقرة: 160) إشارة إلى ما اتَّسم به هؤلاء التائبون من مبادرة وإسراع إلى التوبة، وفي قوله تعالى:{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (البقرة:165 ـ 167) تأكيد لما سيحدث في المستقبل حتى كأنه حدث4.
***************************
(1) الكشاف 2/165.
(2) من روائع القرآن، د. محمد سعيد رمضان البوطي، ص 144ـ 147.
(3) من بلاغة القرآن، د. أحمد أحمد بدوي، ص 105 ـ 107.
(4) السابق، ص 111 ـ 112.

http://www.bayanelislam.net/Article/...A7%D8%B1%D8%A9



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2013, 07:55 AM   #[21]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

بين القرآن.. والشعر، والكهانة، والذوق البلاغي
زعموا أن القرآن الكريم مضطرب في أفكاره، مشتت في موضوعاته وأخباره؛ لاهتمامه بموسيقى الكلام على حساب المعنى المراد، وهو لذلك مليء بالتشبيهات، والعبارات الخلابة التي تجعله قريبًا من الشعر وأسلوب الكهانة، ويحتوي على كثير من الأبيات الشعرية، وهذه خصائص لا تناسب الذوق الغربي، مما يبطل القول بأن هذا القرآن كتاب للناس كافة، وإن كان معجزًا ـ كما يقول المسلمون ـ ففي نظمه فقط.
هذه الشبهة بها عدَّة جوانب لابُدَّ من إظهارها:
فالجانب الأول: الحديث عن موضوعات القرآن وطريقة القرآن في نظمها.
والجانب الثاني: بيان سرِّ جمال النظم لهذه الموضوعات من حيث الأداء اللفظي وما يصاحبه من إيقاع موسيقى.
والجانب الثالث: وفيه توضيح أن هذا القرآن بموضوعاته وأفكاره ونظمه وأسراره يناسب كل الأذواق العربية والأعجمية، وهذا وجه من وجوه الإعجاز.
أما الجانب الأخير: فهو بيان أن القرآن معجزٌ في كافة الاتجاهات.
1) الجانب الأول: الحديث عن موضوعات القرآن وطريقته في نظمها وترتيبها:
إن الكلام في الشأن الواحد إذا ساء نَظْمه انحلَّت وحدة معناه فتفرّق من أجزائها ما كان مجتمعًا، وانفصل ما كان متصلاً، كما تتبدد الصورة الواحدة على المرآة إذا لم يكن سطحها مستويًا، أليس الكلام هو مرآة المعنى؟ فلا بُدَّ إذن لإبراز تلك الوحدة الطبيعية "المعنويَّة" من إحكام هذه الوحدة الفنية "البيانية" حتى تتماسك وتتعانق أشدَّ التماسك والتعانق.
ليس ذلك بالأمر الهيِّن كما قد يظنه الجاهل بهذه الصناعة، بل هو مطلب كبير يحتاج إلى مهارة وحذق، ولطف في اختيار أحسن المواقع لتلك الأجزاء: أيّها أحق أن يُجْعل أصلاً أو تكميلاً؟ وأيُّها أحقُّ أن يُبدَأ به أو يُختتم بالإسناد أو بالتعليق، أو بالعطف، أو بغيرها؟ هذا كله بعد التلطف في اختيار الأجزاء أنفسها، والاطمئنان على صلة كلٍّ منها بروح المعنى وأنها نقيّة من الحشو، قليلة الاستطراد، وأن أطرافها وأوساطها تستوي في مراميها إلى الغرض، ويستوي هو في استهدافه لها، كما تستوي أبعاد نقط الدائرة بالقياس إلى المركز ويستوي هو بالقياس إلى كل منها.
تلك حال المعنى الواحد الذي تتصل أجزاؤه فيما بينها اتصالاً طبيعيًّا، فما ظنك بالمعاني المختلفة في جوهرها، المنفصلة بطبيعتها؟ كم من المهارة والحذق، بل كم من الاقتدار السحري يتطلبه التأليف بين أمزجتها الغريبة واتجاهاتها المتشعِّبة، حتى لا يكون الجمع بينها في الحديث كالجمع بين القلم والحذاء والمنشار والماء، بل حتى يكون لها اتجاه واحد، وحتى يُكَوَّن عن وحدتها الصغرى وحدة جامعة أخرى.
إنه من أجل عِزَّة هذا المطلب نرى البلغاء وإن أحسنوا وأجادوا إلى حدٍّ ما في أغراضهم، كان منهم الخطأ والإساءة في نظم تلك الأغراض كُلاًّ أو جُلاًّ، فالشعراء حينما يجيئون في القصيدة الواحدة بمعان عِدَّة أكثر ما يجيئون بها أشتاتًا لا يلوى بعضها على بعض، وقليلاً ما يهتدون إلى حُسْن التَّخلص من غرض إلى غرض، كما في الانتقال من الغزل إلى المدح، والكُتَّاب ربما استعانوا على سد تلك الثغرات باستعمال أدوات التنبيه أو الحديث عن النفس، كقولهم: ألا وإن هذا ولكن.. بقى علينا.. ولننتقل.. نعود.. قلنا... وسنقول.. إلخ.
هذا شأن الأغراض المختلفة إذا تناولها الكلام الواحد في المجلس الواحد، فكيف لو قد جيء بها في ظروف مختلفة وأزمان متطاولة؟ ألا تكون الصلة فيه أشد انقطاعًا، والهوَّة بينها أعظم اتساعًا؟!
فِإن أعجبك من القرآن نظام تأليفه البياني في القطعة منه، حيث الموضوع واحد بطبيعته، فهلمَّ إلى النظر في السورة منه حيث الموضوعات شتى والظروف متفاوتة، لترى من هذا النظام ما هو أدخل في الإعجاب والإعجاز.
ألست تعلم أن ما امتاز به أسلوب القرآن من اجتناب سبيل الإطالة والتزام جانب الإيجاز ـ بقدر ما يتَّسع به جمال اللغة ـ قد يجعله هو أكثر الكلام افتنانًا، نعني أكثره تناولاً لشئون القول وأسرعه تنقلاً بينها، من وصف إلى قصص، إلى تشريع، إلى جدل، إلى ضروب شتى، بل جعل الفن الواحد منه يتشعب إلى فنون، والشأن الواحد فيه تنطوي تحته شئون وشئون.
أو لست تعلم أن القرآن ـ في ُجلِّ أمره ـ ما كان ينزل بهذه المعاني المختلفة جملة واحدة، بل كان ينزل بها آحادًا متفرقة على حسب الوقائع والدَّواعي المتجددة؟! وأن هذا الانفصال الزماني بينها، والاختلاف الذاتي بين دواعيها، كان بطبيعته مستتبعًا لانفصال الحديث عنها على ضرب من الاستقلال والاستئناف لا يَدَع بينها منزعًا للتواصل والترابط؟
ألم يكن هذان السببان قوتين متظاهرتين على تفكيك وحدة الكلام وتقطيع أوصاله إذا أُرِيدَ نظمُ طائفة من تلك الأحاديث في سلك واحد تحت اسم سورة واحدة؟
خذ بيدك بضعة متون كاملة من الحديث النبوي كان التحدُّث بها في أوقات مختلفة، وتناولت أغراضًا متباينة، أو خذ مِنْ كلام مَنْ شئت من البلغاء بضعة أحاديث كذلك، وحاول أن تجيء بها سردًا لتجعل منها حديثًا واحدًا، من غير أن تزيد بينها شيئًا أو تَنْقُص منها شيئًا، ثم انظر كيف تتناكر معانيها وتتنافر مبانيها في الأسماع والأفهام، وكيف يبدو عليها من الترقيع والتلفيق والمفارقة ما لا يبدو على القول الواحد المسترسل؟
وسبب ثالث كان أجدر أن يزيد نظم السورة تفكيكًا ووحدتها تمزيقًا، ذلك هو الطريقة التي اتُّبعت في ضم متفرِّقات القرآن بعضها إلى بعض، وفي تأليف وحدات السور من تلك ال متفرِّقات، وإنها لطريقة طريفة سنريك فيها العجيبة الثالثة الكبرى التي خرجت بهذا التأليف القرآني عن طبيعة التأليف الإنساني.
إن النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه الذِّكر لم يتربص بترتيب متفرِّقاته حتى كملت نزولاً، بل لم يتربص بتأليف سورة واحدة منه حتى تمَّت فصولاً، بل كان كلما ألقيت له آية أو آيات أمر بوضعها من فوره في مكان مرتب من سورة معينة، على حين أن لهذه الآيات والسور في ورودها التنزيلي سببها الذي اتبعته في وضعها الترتيبي؛ فكم من سورة نزلت جميعًا أو أشتاتًا في الفترات بين النجوم من سورة أخرى؟ وكم من آية في السورة الواحدة تقدمت فيها نزولاً وتأخرت ترتيبًا؟ وكم من آية على عكس ذلك؟
نعم، لقد كان للنجوم القرآنية في تنزيلها وترتيبها ظاهرتان مختلفتان، وسبيلان قَلَّما يلتقيان، ولقد خلص لنا من بين اختلافهما أكبر العبر في أمر هذا النظم القرآني:
فلو أنك نظرت إلى هذه النجوم عند تنزيلها، ونظرت إلى ما مهّد لها من أسبابها، فرأيت كل نجم رهينًا بنزول حاجة مُلِحَّة، أو حدوث سبب عام أو خاص، إذن لرأيت في كل واحدٍ منها ذكرًا محدثًا لوقته، وقولاً مرتجلاً عند باعثته، لم يتقدم للنفس شعور به قبل حدوث سببه، ولرأيت فيه كذلك كُلاًّ قائمًا بنفسه لا يترسم نظامًا معينًا يجمعه وغيرَه في نسق واحد.
ثم إذا نظرت في الوقت نفسه إلى ترابط كُلِّ نجم بما قبله وما بعده في نظام دقيق لوجدت أن هنالك خطة تفصيلية شاملة قد رُسمت فيها مواقع النجوم كلها قبل نزولها، بل من قبل أن تُخْلَق أسبابها، وأن هذه الخطة كانت محكمة لا تنفصم عراها(1).
2) الجانب الثاني: الحديث عن سر النظام الإيقاعي في لغة القرآن، هذا النظام الذي رَقَّتْ له القلوب وذرفت له العيون، وما رقت القلوب ولا ذرفت العيون قَبْلُ لقول أحدٍ من العالمين كما ذرفت ورقت لكلام رب العالمين، ونُجْمِل هذا الجانب في النقاط الآتية:
• إن نزول القرآن متفرِّقًا كان مَدْعَاةً لاختلاف نظامه الإيقاعي كما بيَّنا في الجانب الأول؛ حيث إنه نزل منجَّمًا على ثلاث وعشرين سنة، ورغم ذلك لم يحدث، فالسورة على كثرة نجومها وطولها لا يبدو عليها انفصال في النظم، فما ظنك بما دونها من سور المفصل حيث جرى التنجيم في بعض القصار منها، كالضحى والماعون التي نزلت كل واحدة منها مفرقة على مرتين.
• إن بيان إعجاز القرآن أمرٌ جسيمٌ أرهق العلماء والأدباء من قبلنا وفي عصرنا، فجفَّت من دونه أقلامهم، ولم يزيدوا إلا أن ضربوا له الأمثال واعترفوا بأن ما خفي عليهم منه أكثر مما فطنوا إليه، وأن الذي وصفوه مما أدركوه أقل مما ضاقت به عباراتهم ولم تَفِ به إشاراتهم، ونحن إذ نسير على درب علمائنا، لا نزعم أننا سنبين كل ما بينوه في هذه العُجالة السريعة، ولكن سنأخذ منها طرفًا، أخذًا بقول الشاعر:

إِذَا حَاجةٌ وَلَّتْكَ لا تَسْتَطِيعُها *** فَخُذ طَرَفاً مِن غَيرِها حينَ تُسبَقُ

• إن أول ما نجده في إعجاز القرآن تأليفه الصوتي الذي تطرب له الآذان، فلا تسمع فيه جرس الحروف، وإنما تسمع حركاتها وسكناتها،ومَدَّاتها وغُنَّاتها، واتصالاتها وسكتاتها، في نظام مؤتلف متَّسق يسترعي مِنْ سَمْعِك ما تسترعيه الموسيقى والشعر، على أنه ليس بأنغام الموسيقى ولا بأوزان الشعر، فالشعر يُقَسَّم أبياتًا وأشطارًا، وتتكرر بحوره في نغم متصل متكرر، والقطعة الموسيقية تتشابه أهواؤها وتذهب مذهبًا متقاربًا، لا يلبث السمع أن يَمَجَّها، والطبع أن يَمَلَّها، أما القرآن فهو لحنٌ متنوع متجدِّد، لا تصيب النَّفْسَ منه ـ على كثرة ترداده ـ ملالةٌ ولا سأم، بل كلما كثر تَرْداده كثرت عذوبته على النفس.
• ثم إذا ما انتقلنا من الحديث العام عن موسيقى القرآن واقتربنا قليلاً من حروفه نجد عجبًا، نجد لذَّة في رصف الحروف وترتيب أوضاعها فيما بينها، فهذا الحرف يُنْقر وذاك يُصْفَرْ، وثالث يُهْمس ورابع يُجْهَر، وآخر يَنْزلق عليه النَّفَس وآخر يَنْحبس عنده النَّفس. وهلمَّ جرَّا، فترى الجمال اللغوي ماثلاً أمامك في مجموعة مختلفة مؤتلفة، لا كركرة ولا ثرثرة، ولا رخاوة ولا معاظلة، ولا تناكر ولا تنافر، فلا هو بالكلام الحضريِّ الفاتر ولا بالبدويِّ الخشن، بل نراه وقد امتزجت فيه جزالة البادية وفخامتها بِرِقَّة الحاضرة وسلاستها.
3) الجانب الثالث: ويتضَمَّن النقاط الآتية:
• إن هذا النظم العجيب، يَسّره الله للذكر، ليقرأ العربي والعجمي فلا تملُّه الأذواق، ولا تَمجُّه الأسماع، وكلٌّ يتلذذ بالقرآن وبعض من يتلذذ يبحث عن سرِّ لذة ذلك الكلام العجيب، وما زال البحث مستمرًّا لتنكشف لنا حقائق ما كنَّا نعلمها قبل ذلك.
• إن من عجيب نظم القرآن أن العجمي الذي لا يعرف العربية تراه يقرأ القرآن بصوت عذب ثم لا يستطيع أن يتكلم بَعْدُ اللغة العربية، مما يجعلنا نقف مسلِّمين أمام ربِّ العالمين الذي أنطق العجمي وجعله يقرأ القرآن بلسان عربي مبين وهو للغة العربية لا يَكَادُ يُبين.
• أبعد ذكرنا لطرف من سرِّ جمال النظم القرآني يُدَّعى أن القرآن لا يُناسب أذواق الغرب، فمن يدَّعي هذا فليأتنا بأذواق الغرب لنضعها أمام القرآن، وسيرى أن الذوق البشري بفطرته النقيَّة سيتلذذ بالقرآن ويستمتع به.
4) الجانب الأخير: الزعم بأنه لا إعجاز في القرآن، وهو زعمٌ باطل من عدة وجوه، منها:
• أن القرآن جاء بجوانب إعجازيَّة بهرت الناس كافة، منذ نزوله وحتى لحظة كتابة هذه السطور، وما زالت تنكشف لنا حقائق قد ذكرها القرآن، وما زالت تتبدَّى لنا أمور قد بيَّنها القرآن.
• إن كثيرًا من البشر الذين ينشدون الْمُثُل العُلْيا في علمهم وعملهم،وضعوا نظريات أخلاقية وعلمية، منها ما هو صالح ومنها غير ذلك، وهم في اضطراب دائم بحكم عملهم البشري، غير أن الناجح من أعمالهم والذي يتفق على صحته العلماء ويُشِيدون به ويذكرونه على أنه آخر صيحات العلم الحديث، يُفاجَأون بأن القرآن قد ذكره منذ قرون عديدة، وعندما يرون آيات الله الباهرة في قرآنه المعجز ينقسمون فريقين: فريق يُؤمن بالله ربِّ العالمين، وآخر يعرف نعمة الله ثم يُنْكرها وأكثر هؤلاء جاحدون كافرون.
• ويكفي لإثبات الإعجاز القرآني ـ بالإضافة إلى ما تقدَّم ـ أن نسوق عليه مثالاً في مجال الطب؛ فقد كان الأطباء يقولون: إن مراكز الإحساس في المخ، ولكنهم توصلوا ـ أخيرًا ـ إلى أن مراكز الإحساس في الجلد، وقد ذكر القرآن ذلك قبل أربعة عشر قرنًا في قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} (النساء: 56) " 1 .
وغير ذلك الكثير والكثير مما أُفْرِدت له المجلدات في الإعجاز الطبي والعلمي واللغوي، وغير ذلك من وجوه إعجاز القرآن العظيم.
*****************************
(1) النبأ العظيم، د. محمد عبد الله دراز، ص157 ـ 158.

http://www.bayanelislam.net/Article/...A7%D8%B1%D8%A9



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2013, 07:57 AM   #[22]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

الأثر النفسي للقرآن

من إعجاز القرآن العظيم أنه يستولي على قلوب القارئين والسامعين ويتسامى بأرواحهم، حتى ليكاد الإنسان يشعر وكأنه قد تخلص من طبيعته الأرضية، واكتسب روحًا نورانية، وذلك صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلامًا غير القرآن منظومًا ولا منثورًا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في أخرى ما يخلص منه إليه، تستبشر به النفوس وتنشرح له الصدور، حتى إذا أخذت حظَّها منه عادت مرتاعة قد عراها الوجيب والقلق، وتَغَشَّاها الخوف والفَرَق، تقشعرُّ منه الجلود، وتنزعج له القلوب، يَحُول بين النفس وبين مُضمَراتها وعقائدها الراسخة فيها؛ فكم من عدو للرسول صلى الله عليه وسلم من رجال العرب وفُتَّاكها أقبلوا يريدون اغتياله وقتله، فسمعوا آيات من القرآن، فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحوَّلوا عن رأْيهم الأَول، وأَن يركنوا إلى مسالمته، ويدخلوا في دينه، وصارت عداوتهم موالاة، وكفرهم إيمانًا1.
خرج عمر بن الخطاب رضى الله عنه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمد لقتله، فسار إلى دار أخته وهى تقرأَ سورة طه، فلمَّا وقع في سمعه لم يلبث أَن آمن.
وبعث الملأُ من قريش عتبة بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوافقوه على أمور أرسلوه بها، فقرأَ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات من سورة فصلت، فلما أَقبل عتبة وأَبصره الملأَ من قريش قالوا: أَقبل أَبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به.
ولَمَّا قرأَ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في الموسم على النفر الذين حضروه من الأَنصار، آمنوا به وعادوا إلى المدينة فأظهروا الدين بها، فلم يَبْقَ بيت من بيوت الأنصار إلاَّ وفيه قرآن. وقد رُوِىَ عن بعضهم أنه قال: فُتِحَت الأَمصار بالسيوف وفُتِحَت المدينة بالقرآن.
ولَمَّا سمعته الجن لم تتمالك أن قالت:
{إنَّا سَمعنا قرآنًا عَجَبًا* يَهْدِى إِلى الرُّشْد فآمَنِّا بهِ} (الجن: 1ـ 2).
ومصداق ما وصفناه في أَمر القرآن في قول الله تعالى:
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (الحشر: 21).
وقوله عز وجل:
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (الزمر: 23).
وقوله عز وجل:
{إِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (الأنفال: 2).
وغير ذلك الكثير من الآيات، لمن ألقى السمع وهو شهيد، وهو من عظيم آياته، ودلائل معجزاته2.
وروى عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: حُدِّثت أن عتبة بن ربيعة ـ وكان سيدًا حليمًا ـ قال يومًا: ألا أقوم إلى محمد فأكلمه فأعرض عليه أمورًا لعلَّه أن يقبل منها بعضها فنعطيه أيها شاء؟ وذلك حين أسلم حمزة رضى الله عنه ورأوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكثرون، قالوا: نعم يا أبا الوليد!
فقام إليه ـ وهو صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده ـ فقال: يا ابن أخي! إنك مِنَّا حيث علمت من البسطة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم، فرَّقت به بين جماعتهم وسفَّهت أحلامهم وعِبْت آلهتهم، وكفَّرت مَنْ مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورًا تنظر فيها لعلك أن تقبل منها بعضها، فقال صلى الله عليه وسلم: قل. قال: إن كنت إنما تريد المال بما جئت به من هذا القول، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد شرفًا سوَّدناك حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد به ملكًا ملَّكناك علينا، وإن كان هذا الذي بك رئيًّا (أي شيطانًا) لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُداوَى منه، أو لعلَّ هذا شعر جاش به صدرك، فإنكم لعمري بني عبد المطلب تقدرون من ذلك على ما لا نقدر عليه! حتى إذا فرغ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو قَد فرغت؟ قال: نعم، قال: فاسمع مني. قال: قل. قال: بسم الله الرحمن الرحيم {حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} (فصلت: 1 ـ 4).
ثم مضى فيها يقرؤها، فلما سمعها عتبة أنصت له، وألقى يديه خلف ظهره معتمدًا عليهما يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد، ثم قال له: قد سمعتَ ما سمعت فأنت وذاك! فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلمَّا جلس قالوا: ما وراءَك؟ قال: ورائي أني سمعت قولاً والله ما سمعت بمثله قط، وما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش أطيعوني، خَلُّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه، فوالله ليكوننَّ لقوله الذي سمعت نبأٌ؛ فإن تُصِبْهُ العرب فقد كُفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب به فمُلكه ملككم وكنتم أسعد الناس به. قالوا: سحرك بلسانه! قال: هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم.
ومنه ما جاءَ في حديث أبي ذر في سبب إسلامه: رُوي أنه قال: قال لي أخي أنيس: إن لي حاجة إلى مكة، فانطلق، فمكث طويلاً، فقلت: ما حبسك؟ قال: لقيت رجلاً يقول إن الله تعالى أرسله.
فقلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، ساحر، كاهن. قال أبو ذر: وكان أنيس أحد الشعراء، قال: تالله لقد وضعت قوله على أقراء الشعر فلم يلتئم على لسان أحد، ولقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون.
ومن ذلك ما روي أن الوليد بن عقبة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأْ. فقرأَ عليه: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل: 90)؛ فقال: أعِدْ، فأعاد، فقال: والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لَمُغدِق، وإن أعلاه لَمُثمِر، وما يقوَى على هذا بَشَرٌ!3.
وكلُّ من طالع القرآن الكريم قد أحس بشيء من هذا التأثير الطاغي والسلطان الآسر لكلام الله عز وجل، وهو سر من أسرار القرآن باقٍ ما بقيت السماوات والأرض.
ولم يُعْرَف في تاريخ البشر أنَّ كلامًا قَارَبَ القرآن في قُوَّة تأثيره في العقول والقلوب؛ فهو الذي قلب طباع الأمَّة العربية، وحوَّلها عن عقائدها وتقاليدها، وصرفَها عن عاداتها وعداواتها، وبدَّلها بأمِّيَّتِهَا حكمةً وعلمًا، وألَّف من قبائلها المتفرقة أمَّةً واحدة سادت العالم بعقائدها وفضائلها وعدلها وحضارتها وعلومها وفنونها.
***************************
(1) رسالة الخطابى ضمن كتاب "ثلاث رسائل فى إعجاز القرآن"، ص24.
(2) من كتاب: ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، للرماني والخطَّابي وعبد القاهر الجرجاني، ص 70 ـ 71.
(3) من رسالة عبد القاهر الجرجاني، ضمن كتاب: ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، ص 123ـ 125.

http://www.bayanelislam.net/Article/...A7%D8%B1%D8%A9



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2013, 08:07 AM   #[23]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

أقول...
لا يداخلني الشك (البتَّة) في أن محتفانا رحمه الله يعلم تفاصيل كل ما سبق من ايراد ات أجلت لنا (نظم القرآن) وبيَّنَت مواطن الابداع والادهاش فيه!
فالرجل-البروف عبدالله الطيب رحمه الله- قد تعرض لِجُلِّ ذلك من خلال محاضراته العديدة وكتاباته البديعة وبرامجه الاذاعية والتلفاذية الكثيفة التي يعلمها كل سوداني...
وهنا يتبادر الى الذهن السؤال:
لماذا ارتاي البروف رحمه الله ذاك الراي الذي يقول بعدم الاستدلال على اعجاز القرآن بالنظم؟!
أحسبني أعلم السبب...
(يتبع)



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2013, 04:24 PM   #[24]
أبو جعفر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية أبو جعفر
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل عسوم

وهنا يتبادر الى الذهن السؤال:
لماذا ارتاي البروف رحمه الله ذاك الراي الذي يقول بعدم الاستدلال على اعجاز القرآن بالنظم؟!.
السلام عليكم عادل والتحية موصولة لصاحب المفترع
من بعد الحرمان من خاصية التعديل بعد مرور 24 ساعة الواحد بقى يتخوف أن يدلي برأيه في المواضيع الحساسة .. ولكن حكمت هذه المرة.

وأنا أيضاً عندي سبب لما ذهب إليه البروف ووجهة نظره الصحيحة.. وفي انتظار أن تدلي بدلوك. فلربما نتحد في وجهات النظر.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو جعفر ; 13-06-2013 الساعة 01:18 AM.
أبو جعفر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2013, 07:14 PM   #[25]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

وددت اكمال رؤيتي قبل الرحيل
لكني اجد الرواحل قد تهيات...
التحية صادقة لكل من شاطرني المحبة ولو من خلف ستار ...
لا ادري...
لعلي اعود يوما وقد اكتنفت انسام العدل والاحترام السوح والفضاءات...
التحية لك استاذنا الشقليني
ولكم المودة



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-06-2013, 09:48 AM   #[26]
عبدالله الشقليني
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

عبد الله الطيب المجذوب وقضية النظم وقضايا إعجاز القرآن (1)

أخي الأكرم : الأستاذ ( عادل عسوم )
لك الشكر الجزيل على ما تفضلت به من رأي ، وما نقلت من مصادر ، فقد أثريت الملف بالكثير من قضايا ( إعجاز القرآن ) .
لكننا بصدد الزعم بأن النظم ليس من دلائل إعجاز القران ، وفق رؤى البروفيسور عبد الله الطيب المجذوب ، وهي القضية الأولى للمقال ، والتي سنعودها بعد التفصيل حولها في مجمل كتابنا :

(1)

لقد أوضح البروفيسور قصة الوليد ابن المغيرة ، ليستوضح بها أن العرب ليست بقوم جهالة ، فهم أهل بلاغة وفصاحة ، ودلل على ذلك بالسيرة عن سماع الوليد للقرآن كما رواها البروفيسور عبد الله .

{17} إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ{18} فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ{19} ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ{20} ثُمَّ نَظَرَ{21} ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ{22} ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ{23} فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ{24} إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ{25}
وهنالك تفسير آخر أورده الطبري في تفسيره القرآن ، يدلل بها عن فصاحة القوم :

ما أورده الطبري في تفسيره سورة المدثر :

27443 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْت وَحِيدًا وَجَعَلْت لَهُ مَالًا مَمْدُودًا } . .. إِلَى قَوْله : { إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْر يُؤْثَر } قَالَ : هَذَا الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة قَالَ : سَأَبْتَار لَكُمْ هَذَا الرَّجُل اللَّيْلَة , فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَجَدَهُ قَائِمًا يُصَلِّي وَيَقْتَرِئ , وَأَتَاهُمْ فَقَالُوا : مَهْ ؟ قَالَ : سَمِعْت قَوْلًا حُلْوًا أَخْضَر مُثْمِرًا يَأْخُذ بِالْقُلُوبِ , فَقَالُوا : هُوَ شِعْر , فَقَالَ : لَا وَاللَّه مَا هُوَ بِالشِّعْرِ , لَيْسَ أَحَد أَعْلَم بِالشِّعْرِ مِنِّي , أَلَيْسَ قَدْ عَرَضْت عَلَى الشُّعَرَاء شِعْرهمْ نَابِغَة وَفُلَان وَفُلَان ؟ قَالُوا : فَهُوَ كَاهِن , فَقَالَا : لَا وَاللَّه مَا هُوَ بِكَاهِنٍ , قَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْكِهَانَة , قَالُوا : فَهَذَا سِحْر الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهُ , قَالَ : لَا أَدْرِي إِنْ كَانَ شَيْئًا فَعَسَى هُوَ إِذًا سِحْر يُؤْثَر , فَقَرَأَ : { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } قَالَ : قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ حِين قَالَ : لَيْسَ بِشِعْرٍ , ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ حِين قَالَ : لَيْسَ بِكِهَانَةٍ .

{19} فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
يَقُول : ثُمَّ لُعِنَ كَيْفَ قَدَّرَ النَّازِل فِيهِ .
{20} ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
{21} ثُمَّ نَظَرَ
يَقُول : ثُمَّ رَوَى فِي ذَلِكَ .
{22} ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ
يَقُول : ثُمَّ قَبَضَ مَا بَيْن عَيْنَيْهِ .
{22} ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ
يَقُول : كَلَحَ وَجْهه ; وَمِنْهُ قَوْل تَوْبَة بْن الْحُمَيِّر : وَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا صُدُود رَأَيْته وَإِعْرَاضهَا عَنْ حَاجَتِي وَبُسُورهَا

http://quran.al-islam.com/Page.aspx?pageid=221&BookID=13&Page=1
*

وحديث البروفيسور عن أن أهل ذلك الزمان كانوا فصحاء ، بلغاء ، ولم يضف لهم المُحدثون كثير شيء في النقد
(2)

رأي حول قضية الصِرفة :
وهي أن القوم في زمان النبي قد صُرفوا عن معارضته
وهو الفهم لإعجاز القرآن الكريم يتعارض مع مفهوم بعض الذين ذهبوا إلى إعجاز القرآن الكريم مرده إلى ( الصِرفة ) ,هي أن الله سبحانه وتعالى قد صرف العرب على أن يأتوا بمثله ، ومن هؤلاء الذين قالوا عن الصِرفة ( ابن سنان الخفاجي ، عبد الله بن محمد بن سعيد في كتابه " سر الفصاحة " نشر مكتبة علي الصبيح بالقاهرة , 1953 ص 109 ،110 ، إذ يقول :
{ ومتى رجع الإنسان إلى نفسه ، وكان معه أدنى معرفة بالتأليف المختار ، وجد في كلام العرب ما يُضاهي القرآن في تأليفه ... وإذا عُدنا إلى تحقيقه ، وجدنا إعجاز القرآن صرف العرب عن معارضته بأن سُلبوا العلوم التي كانوا يتمكنون فيها من المعارضة في زمن مرامهم }

(3)

هنالك الكثير عند الحديث عن إعجاز القرآن ، ولكن النماذج التي تحدث عنها البروفيسور عن أن العرب في زمان النبي لم يكونوا جهلاء من أمثال ما يقال عنهم حين تحداهم القرآن أن يأتوا بمثله ( الفيل وما أدراك ما الفيل ،له ذنب قصير ) و أعتقد أن وجود نماذج من الفصاحة التي تحدث عنها الذكر الحكيم الي ذكرناها في الموضوع (1) توضح بأن العرب في ذلك الزمان كانوا فصحاء وبلغاء . مما يؤيد موضوع الصِرفة .

(4)

نرجع لموضوع المقال وهو رأي البروفيسور عبد الله من أن النظم ليس من إعجاز القرآن ، ولم يتحدث عن البلاغة أو البيان أو البديع ، رغم أننا جميعاً قد نتفق مع عبارة وصف " الخطابي " من وصف لغة القرآن بالآتي :


كتب أبو سليمان الخطابي ( حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب- 388 هـ ) وهو قد تحدث عن اللغات المتفاوتة حتى في النصوص القرآنية ، وقد تحدث عنها بميزان التقديس حين ذكر وهو يتحدث عن القرآن :

} إن أجناس الكلام مختلفة ، ومراتبها في نسبة التبيان متفاوتة ، ودرجاتها في البلاغة متباينة غير متساوية ، فمنها البليغ الرصين الجزل ، ومنها الفصيح القريب السهل ، ومنها الجائز المطلق الرسل ، وهذه أقسام الكلام الفاضل . فالقسم الأول أعلى طبقة الكلام وأرفعه ، والقسم الثاني أوسطه وأقصده ، والقسم الثالث أدناه وأقربه . فحازت بلاغات القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة ، وأخذت من كل نوع من أنواعها شُعبة ، فانتظم لها بامتزاج هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعذوبة ، وهما على انفراد في نعوتهما كالمتضادين ، لأن العذوبة نتاج السهولة ، والجزالة والمتانة في الكلام تعالجان نوعاً من الوعورة . فكأن اجتماع الأمرين في نظمه ـ مع نبو كل واحد منهما على الآخر ـ فضيلة خُص بها القرآن}

*
وذلك النص يكشف .
- فالقسم الأول أعلى طبقة الكلام وأرفعه ( وهو البليغ الرصين ) ،
- والقسم الثاني أوسطه وأقصده( الفصيح القريب السهل )،
- والقسم الثالث أدناه وأقربه (الجائز المطلق الرسل)

وأن ( الخطابي ) أوضح أن القرآن قد أخذ من كل قسم حصة ، وهو دليل تفاوت في اللغة من الأدنى التقريري المباشر :

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }النور2

‘لى اللغة البليغة الرصينة :


{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }النور35

(5)


عن النظم القرآني أهو مُعجز ؟
سؤال اتفق كثيرون ممن أوضحنا رؤاهم من الأجلاء ، وخالفهم الدكتور عبد الله الطيب ، ليس في نفي النظم عن آي الذكر الحكيم ، ولكن لا يَستدِل على إعجاز القرآن بالنظم ، والفرق بين الاثنين كبير على ما أعتقد .
وأورد لك مثالاً أراه لا يبين نظماً " مُعجزاً " في الآية الكريمة :
{ 3 } حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ْ} سورة المائدة
عندما نقرأ الآية الثالثة من سورة المائدة ، نتوقف عند فصولها ، تجد في أولها النواهي وتفاصيلها في قسمها الأول وتجد توضيح يأس الكفار من الدين وألا تخشوهم ، بل أخشوه ، ثم تغير النظم بنص ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )، فيها إعلان بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ثم عود إلى بدء (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

وليتقبل الجميع شكري

*



التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الشقليني ; 14-06-2013 الساعة 11:17 AM.
التوقيع: من هُنا يبدأ العالم الجميل
عبدالله الشقليني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-06-2013, 10:56 PM   #[27]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشقليني مشاهدة المشاركة
عبد الله الطيب المجذوب وقضية النظم وقضايا إعجاز القرآن (1)

أخي الأكرم : الأستاذ ( عادل عسوم )
لك الشكر الجزيل على ما تفضلت به من رأي ، وما نقلت من مصادر ، فقد أثريت الملف بالكثير من قضايا ( إعجاز القرآن ) .
لكننا بصدد الزعم بأن النظم ليس من دلائل إعجاز القران ، وفق رؤى البروفيسور عبد الله الطيب المجذوب ، وهي القضية الأولى للمقال ، والتي سنعودها بعد التفصيل حولها في مجمل كتابنا :

(1)

لقد أوضح البروفيسور قصة الوليد ابن المغيرة ، ليستوضح بها أن العرب ليست بقوم جهالة ، فهم أهل بلاغة وفصاحة ، ودلل على ذلك بالسيرة عن سماع الوليد للقرآن كما رواها البروفيسور عبد الله .

{17} إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ{18} فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ{19} ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ{20} ثُمَّ نَظَرَ{21} ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ{22} ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ{23} فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ{24} إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ{25}
وهنالك تفسير آخر أورده الطبري في تفسيره القرآن ، يدلل بها عن فصاحة القوم :

ما أورده الطبري في تفسيره سورة المدثر :

27443 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْت وَحِيدًا وَجَعَلْت لَهُ مَالًا مَمْدُودًا } . .. إِلَى قَوْله : { إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْر يُؤْثَر } قَالَ : هَذَا الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة قَالَ : سَأَبْتَار لَكُمْ هَذَا الرَّجُل اللَّيْلَة , فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَجَدَهُ قَائِمًا يُصَلِّي وَيَقْتَرِئ , وَأَتَاهُمْ فَقَالُوا : مَهْ ؟ قَالَ : سَمِعْت قَوْلًا حُلْوًا أَخْضَر مُثْمِرًا يَأْخُذ بِالْقُلُوبِ , فَقَالُوا : هُوَ شِعْر , فَقَالَ : لَا وَاللَّه مَا هُوَ بِالشِّعْرِ , لَيْسَ أَحَد أَعْلَم بِالشِّعْرِ مِنِّي , أَلَيْسَ قَدْ عَرَضْت عَلَى الشُّعَرَاء شِعْرهمْ نَابِغَة وَفُلَان وَفُلَان ؟ قَالُوا : فَهُوَ كَاهِن , فَقَالَا : لَا وَاللَّه مَا هُوَ بِكَاهِنٍ , قَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْكِهَانَة , قَالُوا : فَهَذَا سِحْر الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهُ , قَالَ : لَا أَدْرِي إِنْ كَانَ شَيْئًا فَعَسَى هُوَ إِذًا سِحْر يُؤْثَر , فَقَرَأَ : { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } قَالَ : قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ حِين قَالَ : لَيْسَ بِشِعْرٍ , ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ حِين قَالَ : لَيْسَ بِكِهَانَةٍ .

{19} فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
يَقُول : ثُمَّ لُعِنَ كَيْفَ قَدَّرَ النَّازِل فِيهِ .
{20} ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
{21} ثُمَّ نَظَرَ
يَقُول : ثُمَّ رَوَى فِي ذَلِكَ .
{22} ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ
يَقُول : ثُمَّ قَبَضَ مَا بَيْن عَيْنَيْهِ .
{22} ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ
يَقُول : كَلَحَ وَجْهه ; وَمِنْهُ قَوْل تَوْبَة بْن الْحُمَيِّر : وَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا صُدُود رَأَيْته وَإِعْرَاضهَا عَنْ حَاجَتِي وَبُسُورهَا

http://quran.al-islam.com/Page.aspx?pageid=221&BookID=13&Page=1
*

وحديث البروفيسور عن أن أهل ذلك الزمان كانوا فصحاء ، بلغاء ، ولم يضف لهم المُحدثون كثير شيء في النقد
(2)

رأي حول قضية الصِرفة :
وهي أن القوم في زمان النبي قد صُرفوا عن معارضته
وهو الفهم لإعجاز القرآن الكريم يتعارض مع مفهوم بعض الذين ذهبوا إلى إعجاز القرآن الكريم مرده إلى ( الصِرفة ) ,هي أن الله سبحانه وتعالى قد صرف العرب على أن يأتوا بمثله ، ومن هؤلاء الذين قالوا عن الصِرفة ( ابن سنان الخفاجي ، عبد الله بن محمد بن سعيد في كتابه " سر الفصاحة " نشر مكتبة علي الصبيح بالقاهرة , 1953 ص 109 ،110 ، إذ يقول :
{ ومتى رجع الإنسان إلى نفسه ، وكان معه أدنى معرفة بالتأليف المختار ، وجد في كلام العرب ما يُضاهي القرآن في تأليفه ... وإذا عُدنا إلى تحقيقه ، وجدنا إعجاز القرآن صرف العرب عن معارضته بأن سُلبوا العلوم التي كانوا يتمكنون فيها من المعارضة في زمن مرامهم }

(3)

هنالك الكثير عند الحديث عن إعجاز القرآن ، ولكن النماذج التي تحدث عنها البروفيسور عن أن العرب في زمان النبي لم يكونوا جهلاء من أمثال ما يقال عنهم حين تحداهم القرآن أن يأتوا بمثله ( الفيل وما أدراك ما الفيل ،له ذنب قصير ) و أعتقد أن وجود نماذج من الفصاحة التي تحدث عنها الذكر الحكيم الي ذكرناها في الموضوع (1) توضح بأن العرب في ذلك الزمان كانوا فصحاء وبلغاء . مما يؤيد موضوع الصِرفة .

(4)

نرجع لموضوع المقال وهو رأي البروفيسور عبد الله من أن النظم ليس من إعجاز القرآن ، ولم يتحدث عن البلاغة أو البيان أو البديع ، رغم أننا جميعاً قد نتفق مع عبارة وصف " الخطابي " من وصف لغة القرآن بالآتي :


كتب أبو سليمان الخطابي ( حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب- 388 هـ ) وهو قد تحدث عن اللغات المتفاوتة حتى في النصوص القرآنية ، وقد تحدث عنها بميزان التقديس حين ذكر وهو يتحدث عن القرآن :

} إن أجناس الكلام مختلفة ، ومراتبها في نسبة التبيان متفاوتة ، ودرجاتها في البلاغة متباينة غير متساوية ، فمنها البليغ الرصين الجزل ، ومنها الفصيح القريب السهل ، ومنها الجائز المطلق الرسل ، وهذه أقسام الكلام الفاضل . فالقسم الأول أعلى طبقة الكلام وأرفعه ، والقسم الثاني أوسطه وأقصده ، والقسم الثالث أدناه وأقربه . فحازت بلاغات القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة ، وأخذت من كل نوع من أنواعها شُعبة ، فانتظم لها بامتزاج هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعذوبة ، وهما على انفراد في نعوتهما كالمتضادين ، لأن العذوبة نتاج السهولة ، والجزالة والمتانة في الكلام تعالجان نوعاً من الوعورة . فكأن اجتماع الأمرين في نظمه ـ مع نبو كل واحد منهما على الآخر ـ فضيلة خُص بها القرآن}

*
وذلك النص يكشف .
- فالقسم الأول أعلى طبقة الكلام وأرفعه ( وهو البليغ الرصين ) ،
- والقسم الثاني أوسطه وأقصده( الفصيح القريب السهل )،
- والقسم الثالث أدناه وأقربه (الجائز المطلق الرسل)

وأن ( الخطابي ) أوضح أن القرآن قد أخذ من كل قسم حصة ، وهو دليل تفاوت في اللغة من الأدنى التقريري المباشر :

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }النور2

‘لى اللغة البليغة الرصينة :


{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }النور35

(5)


عن النظم القرآني أهو مُعجز ؟
سؤال اتفق كثيرون ممن أوضحنا رؤاهم من الأجلاء ، وخالفهم الدكتور عبد الله الطيب ، ليس في نفي النظم عن آي الذكر الحكيم ، ولكن لا يَستدِل على إعجاز القرآن بالنظم ، والفرق بين الاثنين كبير على ما أعتقد .
وأورد لك مثالاً أراه لا يبين نظماً " مُعجزاً " في الآية الكريمة :
{ 3 } حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ْ} سورة المائدة
عندما نقرأ الآية الثالثة من سورة المائدة ، نتوقف عند فصولها ، تجد في أولها النواهي وتفاصيلها في قسمها الأول وتجد توضيح يأس الكفار من الدين وألا تخشوهم ، بل أخشوه ، ثم تغير النظم بنص ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )، فيها إعلان بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ثم عود إلى بدء (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

وليتقبل الجميع شكري

*
تحياتي أستاذ الشقليني
أسمح لي بالعودة كي أتمم ايراد وجهة نظري...
ألا رحم الله محتفانا ...
فقد كانت له ايادي بيضاء في شأن العربية وشعرا وتاريخا ومنهجا...
والرجل-أحسبه-قد اجتهد فيما بين يدينا واجتهاده لاغرو قد قصد به الاعلاء من شأن هذا القرآن ...
وذلك بالنأي به عن (مايحسبه) غمطا وابتسارا دون تثمين يوده له دوما...
لكني أجده -رحمه الله-قد أخطأ من حيث (حسب) أنه قد أصاب!
فالقول ياأساتذنا الشقليني بأن (عدم اثبات اعجاز القرآن بالنظم) فانه يسوق المتلقي سوقا الى القدح في نظم آيات هذا القرآن في ذاتها!...
ولعلك-ودون أن تدري-قد أقحمت نفسك في ذلك وأنت تسوق بعض الأمثلة على انتفاء النظم في بعض الآيات لسلب الانتقالات السريعة وغير المتسقة (ظاهريا) جراء تحشيد بعض الاحكام في مفاصلها:
اقتباس:
وأورد لك مثالاً أراه لا يبين نظماً " مُعجزاً " في الآية الكريمة :
{ 3 } حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ْ} سورة المائدة
عندما نقرأ الآية الثالثة من سورة المائدة ، نتوقف عند فصولها ، تجد في أولها النواهي وتفاصيلها في قسمها الأول وتجد توضيح يأس الكفار من الدين وألا تخشوهم ، بل أخشوه ، ثم تغير النظم بنص ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )، فيها إعلان بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ثم عود إلى بدء (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
...
الخطل يااستاذنا يكمن في (زاوية) النظر التي نتفحص بها هذا القرآن على اجماله...
وقبل أن ادلف الى ذلك اسمح لي بأن أحكي هذه التجربة الشخصية:
لم يقدر لي الله بأن أولد في (البركل) برغم كونها أصل الاسرة وموئل جذرها الاساس...
لكني لم أنقطع عن زيارتها على مرّ السنوات...
وكنت كلما أزورها أستمتع وأعجب بأجزاء منها مثل جبل البركل الذي يقف لوحده مهيبا...
ونصف البركل الذي (ينعزل) مبتعدا عن النيل بعدد من الكيلومترات ...
ثم الجزء الآخر من البركل الذي يلاصق النيل!
وكذلك كسلا التي ولدت فيها وبها تعيش جل اسرة الوالد...
فقد كان الاعجاب بجبال توتيل التي كتب عنها الراحل ابن الحاج موسى مبدعته تلك حين وصف قمم تلك الجبال المشرئبة بأثداء الأرض تُرضِعُ بها السماء...
وفي غرب القاش هناك السواقي الجنوبية بخضرتها ونفح شذى أشجارها...
وفي الشرق تستقبلك أحياؤها العتيقة كالميرغنية ورصيفاتها...
فبرغم استمتاعي بالجمال (مجزءا) في كل جزء ذكرته من المدينتين الاّ أن (محاولة) ربط كل تلك المشاهد في الخيال أجده يخفت من وهج ذاك الجمال المتناثر هنا وهناك!
ولعل السبب في ذلك هو زاوية النظر ال(ضيقة) التي لا تكاد تعطيك مشهدا (كاملا) للمدينة كي يكون تقييمك لها صادقا وواقعيا...
ولكن...
عندما قُدِّر لي بأن اصعد على جبل البركل:
رايت النيل ينحني ليضع جبل البركل في حِجرِهِ والبركل (فوق) على يمين الجبل والبركل (تحت) على يسار ذات الجبل...
فاضحى النيل كخيط مسبحة تنتظم حوله مشاهد المنطقة بأجزائها كلها في (نظم) جميل يأخذ بالالباب...
ولعلي قد نظمت في ذلك قصيدة قلت في ابيات منها:
فالاصل يضرب في الشمال له جذورا
حيث يجري النيلُ يسقي زرعه والبورا
يشقُّ صدرَ ارضِنا السمراءُ في عزيمة
وينحني تأدُبا في البركلِ الذي يلي كريمة
وكذاك كان الحال بي في كسلا...
فقد كان لصعودي على قمم توتيل (ايساعٌ) لزاوية بصري لارى القاش يفعل بأجزاء كسلا ذات الذي يفعله النيل بالبركل في الشمال!
فزاوية النظر دوما لها الاثر الكبير في التأثير على حصاد الفكرة والراي!
ولعلي أذكِّرُ هنا -ايضا- بشهادة ذاك الياباني الذي اسلم على يد استاذي الجليل عبدالمجيد الزنداني وقد سبق وقال في شأن هذا القرآن:
أشهد بأن الذي الَّف هذا القرآن لايعيش على وجه هذه الكرة الأرضية... فاالقارئ لآيات هذا القرآن يوقن بأن مؤلفه يُشرِفُ على هذه الكرة الارضية بل وكل الكون من مكان سامق يعلوه!!
(ذاك كان قول الياباني الذي اسلم بعد ذلك على يد الشيخ الجليل الزنداني)
وبالطبع فان قياسي هذا لقياس مع الفارق...
وهو جهد لايصال الفكرة من خلف الايراد...
ولك والقارئ استصحاب هذا مع ما اسبقت من منقول سأورد جزءا منه:
اقتباس:
الجانب الأول: الحديث عن موضوعات القرآن وطريقته في نظمها وترتيبها:
إن الكلام في الشأن الواحد إذا ساء نَظْمه انحلَّت وحدة معناه فتفرّق من أجزائها ما كان مجتمعًا، وانفصل ما كان متصلاً، كما تتبدد الصورة الواحدة على المرآة إذا لم يكن سطحها مستويًا، أليس الكلام هو مرآة المعنى؟ فلا بُدَّ إذن لإبراز تلك الوحدة الطبيعية "المعنويَّة" من إحكام هذه الوحدة الفنية "البيانية" حتى تتماسك وتتعانق أشدَّ التماسك والتعانق.
ليس ذلك بالأمر الهيِّن كما قد يظنه الجاهل بهذه الصناعة، بل هو مطلب كبير يحتاج إلى مهارة وحذق، ولطف في اختيار أحسن المواقع لتلك الأجزاء: أيّها أحق أن يُجْعل أصلاً أو تكميلاً؟ وأيُّها أحقُّ أن يُبدَأ به أو يُختتم بالإسناد أو بالتعليق، أو بالعطف، أو بغيرها؟ هذا كله بعد التلطف في اختيار الأجزاء أنفسها، والاطمئنان على صلة كلٍّ منها بروح المعنى وأنها نقيّة من الحشو، قليلة الاستطراد، وأن أطرافها وأوساطها تستوي في مراميها إلى الغرض، ويستوي هو في استهدافه لها، كما تستوي أبعاد نقط الدائرة بالقياس إلى المركز ويستوي هو بالقياس إلى كل منها.
تلك حال المعنى الواحد الذي تتصل أجزاؤه فيما بينها اتصالاً طبيعيًّا، فما ظنك بالمعاني المختلفة في جوهرها، المنفصلة بطبيعتها؟ كم من المهارة والحذق، بل كم من الاقتدار السحري يتطلبه التأليف بين أمزجتها الغريبة واتجاهاتها المتشعِّبة، حتى لا يكون الجمع بينها في الحديث كالجمع بين القلم والحذاء والمنشار والماء، بل حتى يكون لها اتجاه واحد، وحتى يُكَوَّن عن وحدتها الصغرى وحدة جامعة أخرى.
إنه من أجل عِزَّة هذا المطلب نرى البلغاء وإن أحسنوا وأجادوا إلى حدٍّ ما في أغراضهم، كان منهم الخطأ والإساءة في نظم تلك الأغراض كُلاًّ أو جُلاًّ، فالشعراء حينما يجيئون في القصيدة الواحدة بمعان عِدَّة أكثر ما يجيئون بها أشتاتًا لا يلوى بعضها على بعض، وقليلاً ما يهتدون إلى حُسْن التَّخلص من غرض إلى غرض، كما في الانتقال من الغزل إلى المدح، والكُتَّاب ربما استعانوا على سد تلك الثغرات باستعمال أدوات التنبيه أو الحديث عن النفس، كقولهم: ألا وإن هذا ولكن.. بقى علينا.. ولننتقل.. نعود.. قلنا... وسنقول.. إلخ.
هذا شأن الأغراض المختلفة إذا تناولها الكلام الواحد في المجلس الواحد، فكيف لو قد جيء بها في ظروف مختلفة وأزمان متطاولة؟ ألا تكون الصلة فيه أشد انقطاعًا، والهوَّة بينها أعظم اتساعًا؟!
فِإن أعجبك من القرآن نظام تأليفه البياني في القطعة منه، حيث الموضوع واحد بطبيعته، فهلمَّ إلى النظر في السورة منه حيث الموضوعات شتى والظروف متفاوتة، لترى من هذا النظام ما هو أدخل في الإعجاب والإعجاز.
ألست تعلم أن ما امتاز به أسلوب القرآن من اجتناب سبيل الإطالة والتزام جانب الإيجاز ـ بقدر ما يتَّسع به جمال اللغة ـ قد يجعله هو أكثر الكلام افتنانًا، نعني أكثره تناولاً لشئون القول وأسرعه تنقلاً بينها، من وصف إلى قصص، إلى تشريع، إلى جدل، إلى ضروب شتى، بل جعل الفن الواحد منه يتشعب إلى فنون، والشأن الواحد فيه تنطوي تحته شئون وشئون.
أو لست تعلم أن القرآن ـ في ُجلِّ أمره ـ ما كان ينزل بهذه المعاني المختلفة جملة واحدة، بل كان ينزل بها آحادًا متفرقة على حسب الوقائع والدَّواعي المتجددة؟! وأن هذا الانفصال الزماني بينها، والاختلاف الذاتي بين دواعيها، كان بطبيعته مستتبعًا لانفصال الحديث عنها على ضرب من الاستقلال والاستئناف لا يَدَع بينها منزعًا للتواصل والترابط؟
ألم يكن هذان السببان قوتين متظاهرتين على تفكيك وحدة الكلام وتقطيع أوصاله إذا أُرِيدَ نظمُ طائفة من تلك الأحاديث في سلك واحد تحت اسم سورة واحدة؟
خذ بيدك بضعة متون كاملة من الحديث النبوي كان التحدُّث بها في أوقات مختلفة، وتناولت أغراضًا متباينة، أو خذ مِنْ كلام مَنْ شئت من البلغاء بضعة أحاديث كذلك، وحاول أن تجيء بها سردًا لتجعل منها حديثًا واحدًا، من غير أن تزيد بينها شيئًا أو تَنْقُص منها شيئًا، ثم انظر كيف تتناكر معانيها وتتنافر مبانيها في الأسماع والأفهام، وكيف يبدو عليها من الترقيع والتلفيق والمفارقة ما لا يبدو على القول الواحد المسترسل؟
وسبب ثالث كان أجدر أن يزيد نظم السورة تفكيكًا ووحدتها تمزيقًا، ذلك هو الطريقة التي اتُّبعت في ضم متفرِّقات القرآن بعضها إلى بعض، وفي تأليف وحدات السور من تلك ال متفرِّقات، وإنها لطريقة طريفة سنريك فيها العجيبة الثالثة الكبرى التي خرجت بهذا التأليف القرآني عن طبيعة التأليف الإنساني.
إن النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه الذِّكر لم يتربص بترتيب متفرِّقاته حتى كملت نزولاً، بل لم يتربص بتأليف سورة واحدة منه حتى تمَّت فصولاً، بل كان كلما ألقيت له آية أو آيات أمر بوضعها من فوره في مكان مرتب من سورة معينة، على حين أن لهذه الآيات والسور في ورودها التنزيلي سببها الذي اتبعته في وضعها الترتيبي؛ فكم من سورة نزلت جميعًا أو أشتاتًا في الفترات بين النجوم من سورة أخرى؟ وكم من آية في السورة الواحدة تقدمت فيها نزولاً وتأخرت ترتيبًا؟ وكم من آية على عكس ذلك؟
نعم، لقد كان للنجوم القرآنية في تنزيلها وترتيبها ظاهرتان مختلفتان، وسبيلان قَلَّما يلتقيان، ولقد خلص لنا من بين اختلافهما أكبر العبر في أمر هذا النظم القرآني:
فلو أنك نظرت إلى هذه النجوم عند تنزيلها، ونظرت إلى ما مهّد لها من أسبابها، فرأيت كل نجم رهينًا بنزول حاجة مُلِحَّة، أو حدوث سبب عام أو خاص، إذن لرأيت في كل واحدٍ منها ذكرًا محدثًا لوقته، وقولاً مرتجلاً عند باعثته، لم يتقدم للنفس شعور به قبل حدوث سببه، ولرأيت فيه كذلك كُلاًّ قائمًا بنفسه لا يترسم نظامًا معينًا يجمعه وغيرَه في نسق واحد.
ثم إذا نظرت في الوقت نفسه إلى ترابط كُلِّ نجم بما قبله وما بعده في نظام دقيق لوجدت أن هنالك خطة تفصيلية شاملة قد رُسمت فيها مواقع النجوم كلها قبل نزولها، بل من قبل أن تُخْلَق أسبابها، وأن هذه الخطة كانت محكمة لا تنفصم عراها(1).
...
فهذا القرآن قد (شمل) من الأغراض والأحداث آلافا مؤلفة...
وهو مع ذلك قد نزل منجما ومتفرقاعلى سنوات عديدة...
فالنظرة الى (نظمه) حريٌّ بها أن تستصحب كل ذلك كي تتبين اعجاز النظم فيه...
أما محتفانا رحمه الله فاني أحسبه قد اكتنفته ذائقية الشِّعر الذي له فيه فوت في نظمه (رصينه وحُرِّه) كما اسبقت في مداخلة لي سبقت...
وبذلك فانه كان كمن ينظر الى مناطق البركل أو كسلا متفرقة دون ان يصعد على جبليها...
فلو أنه رحمه الله قد أستصحب ما ورد في طيات هذا المنقول لما كان قال ما قال...
ثم أني قد (راجعت) مقولة البرف تلك عن النظم فلم أجدها (رايا) التزم واتصف هو به خلال حياته ونقاشاته كلها...
فقد قالها (مرة واحدة) خلال محاضرة له ولم يعدها بعد ذلك!...
وبذلك فاني أحسبه قد قالها (يوما) وقد اكتنفته روح الشِّعرِ فقرأ القرآن من خلال تلك الزاوية الضيقة...
(لعلي أعود)



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-06-2013, 09:55 AM   #[28]
أبو جعفر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية أبو جعفر
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل عسوم
والرجل-أحسبه-قد اجتهد فيما بين يدينا واجتهاده لاغرو قد قصد به الاعلاء من شأن هذا القرآن ...
وذلك بالنأي به عن (مايحسبه) غمطا وابتسارا دون تثمين يوده له دوما...
لكني أجده -رحمه الله-قد أخطأ من حيث (حسب) أنه قد أصاب!
فالقول ياأساتذنا الشقليني بأن (عدم اثبات اعجاز القرآن بالنظم) فانه يسوق المتلقي سوقا الى القدح في نظم آيات هذا القرآن في ذاتها!...
ولعلك-ودون أن تدري-قد أقحمت نفسك في ذلك وأنت تسوق بعض الأمثلة على انتفاء النظم في بعض الآيات لسلب الانتقالات السريعة وغير المتسقة (ظاهريا) جراء تحشيد بعض الاحكام في مفاصلها:

...
الخطل يااستاذنا يكمن في (زاوية) النظر التي نتفحص بها هذا القرآن على اجماله...

فزاوية النظر دوما لها الاثر الكبير في التأثير على حصاد الفكرة والراي!
ولعلي أذكِّرُ هنا -ايضا- بشهادة ذاك الياباني الذي اسلم على يد استاذي الجليل عبدالمجيد الزنداني وقد سبق وقال في شأن هذا القرآن:
أشهد بأن الذي الَّف هذا القرآن لايعيش على وجه هذه الكرة الأرضية... فاالقارئ لآيات هذا القرآن يوقن بأن مؤلفه يُشرِفُ على هذه الكرة الارضية بل وكل الكون من مكان سامق يعلوه!!
(ذاك كان قول الياباني الذي اسلم بعد ذلك على يد الشيخ الجليل الزنداني)
وبالطبع فان قياسي هذا لقياس مع الفارق...
وهو جهد لايصال الفكرة من خلف الايراد...
ولك والقارئ استصحاب هذا مع ما اسبقت من منقول سأورد جزءا منه:

...
فهذا القرآن قد (شمل) من الأغراض والأحداث آلافا مؤلفة...
وهو مع ذلك قد نزل منجما ومتفرقاعلى سنوات عديدة...
فالنظرة الى (نظمه) حريٌّ بها أن تستصحب كل ذلك كي تتبين اعجاز النظم فيه...
أما محتفانا رحمه الله فاني أحسبه قد اكتنفته ذائقية الشِّعر الذي له فيه فوت في نظمه (رصينه وحُرِّه) كما اسبقت في مداخلة لي سبقت...
وبذلك فانه كان كمن ينظر الى مناطق البركل أو كسلا متفرقة دون ان يصعد على جبليها...
فلو أنه رحمه الله قد أستصحب ما ورد في طيات هذا المنقول لما كان قال ما قال...
ثم أني قد (راجعت) مقولة البرف تلك عن النظم فلم أجدها (رايا) التزم واتصف هو به خلال حياته ونقاشاته كلها...
فقد قالها (مرة واحدة) خلال محاضرة له ولم يعدها بعد ذلك!...
وبذلك فاني أحسبه قد قالها (يوما) وقد اكتنفته روح الشِّعرِ فقرأ القرآن من خلال تلك الزاوية الضيقة...
أوف بوينت شديد



أبو جعفر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-06-2013, 10:13 AM   #[29]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

أما الصِرفة التي ذُكِرت كمانعة ونائية بالعرب حينها من أن يأتوا بمثل القرآن فقد فهمها البعض بغير مرادات الله فيها...
وقبل التعرض لذلك يجدر بي ايراد (رد) الجرجاني رحمه الله في ذلك:
اقتباس:
يقول الإمام أبى بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجانىِ:
(...لو لم يكن عجزهم عن معارضة القرآن وعن أن يأتوا بمثله، لأنه معجِز فى نفسه إلا أن أدخل عليهم العجز عنه، وصرفت هممهم وخواطرهم عن تأليف كلام مثله، وكان حالهم حال من أُعدم العلم بشيء قد كان يعلمه، وحيل بينه وبين أمر قد كان يتسع له، لكان ينبغي أن لا يتعاظَمَهم؛ ولا يكون منهم ما يدل على إكبارهم أمره، وتعجبهم منه، وعلى أنه قد بهرهم، وعظم كل العِظَم عندهم، بل كان ينبغي أن يكون الإكبار منهم والتعجب للذي دخل من العجز عليهم، ورأوه من تغير حالهم، ومن أن حيل بينهم وبين شيء قد كان عليهم سهلاً، وأن سُدََ دونهم باب كان لهم مفتوحاً، أرأيت لو أن نبيا قال لقومه: ( إن آ يتى أن أضع يدي على رأسي هذه الساعة، وتمنعون كلكم من أن تستطيعوا وضع أيديكم على رؤوسكم)، وكان الأمر كما قال ، ممََ يكون تعجب القوم، أمِن وضعه يده على رأسه، أم من عجزهم أن يضعوا أيديهم على رؤوسهم؟)."دلائل الإعجاز، ص390"
(يتبع)



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-06-2013, 10:48 AM   #[30]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جعفر مشاهدة المشاركة
أوف بوينت شديد
السلام عليكم اباجعفر
الفارق بين الراحل الدكتور طه حسين والراحل الدكتور عبدالله الطيب رحمهما الله في ادّعائهما بخطل اثبات اعجاز القرآن بالنظم هو انفراد طه حسين بمقولة (نحل) الشعر الجاهلي...
أي أنه يقول بأن الشعر الجاهلي قد أُلِّف بعيد نزول القرآن لاقبله!...
وهو رحمه الله قد بنى افتراضه ذلك على عدم وجود لغة عربية مبدعة تتشاركها القبائل الأخرى مع قريش يضج فيها الشِعر والأدب كما يُعلمُ عنها...
وهنا يمكن للناقد والباحث أن يقبل برؤية طه حسين (جدلا) دون رؤية محتفانا لكون الاسس التي بنى عليها طه حسين (على خطلها الذي نعلمه) قائمة على أساس معقول ومنطقي مفاده انعدام الأرضية الابداعية للغة العربية لدى العرب حينها...
وهنا يمكن لأيما (قول) قرآنا كان أو غيره أن يكون مبدعا ومعجزا في بيئة مثل هذه (بمواصفات طه حسين)...
أما الذي يجعل رؤية محتفانا غير منطقية ولامقبولة هو (تسليمه) المعلوم لدى كل الناس رحمه الله بوجود الشعر الجاهلي وتقريره -في كتابه البديع الذي ذكرته سابقا- أن العرب قد كانوا في (قمة) ابداعهم اللغوي والشعري عندما تنزل عليهم القرآن!
وهنا لا يمكننا أن نجد دعامة لرؤية محتفانا سوى أمر (الصرفة) دون غيرها...
وذاك ما اسعى للحديث عنه باستفاضة بحول الله
كن بخير



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 03:56 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.