نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-2017, 06:32 PM   #[1]
شوقي بدري
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية شوقي بدري
 
افتراضي كلوا واشربوا

كلوا واشربوا
المؤنمر العالمي في اسطوكهولم الاخير تناول مشكلة الأكل في العالم . وعرفنا


اننا في العالم الثالث لا يزال امامنا طريق طويل . ولكن العالم الصناعي المتطور يواجه لعنة الوفرة ونحن نواجه الجوع . المؤتمر عرف ب ,, إيت ,, او كلوا من الكلمة الانجليزية .
البارحة كنت في زيارة اسرة سودانية رائعة لم تطل اقامتهم في السويد . وتجنبت ان آخذ معي اي نوع من الحلوي ، واخذت بعض المكسرات . وعرفت انهم قد اشتروا بعض الفول المطبوخ ولكن صدموا عندما وجدوا الفول مطبوخا بالسكر . والحقيقة انه لم يكن فولا ولكن نوع من البازلاء او ما نعرفه في السودان ,, لوبا ,, ويطبخ مع السكر . والتعبئة في انابيب من البلاستيك وتضاف اليه شرائح اللحم المملح كالعادة ويعتبر وجبة شعبية تقدم يوم الخميس. وكانت هذه من الوجبات التي تقدم مرة في الاسبوع في البيوت السويدية . قبل ان تتغير اطباق المائدة السويدية ويعرف السويديون البتسا والهامبيرقر والكباب والفلافل ، الاكل الصيني والهندي والتايلندي ، الايطالي واليوناني الخ . وان كان العجايز يحاربون التغيير .
اضافة السكر الى الخبز واغلب انواع الطعام ما يناضل السويديون للتخلص منه . وهذه رواسب ايام الفقر الاسكندنافي في الخمسينات . ومن العادة ان يجمع الاسكندنافيون عشرات الانواع من الاعناب البرية بكل الالوان ويقومون بطبخها بعد اضافة كميات ضخمة من السكر . والاعناب تنمو في ملايين الهكتارات . ويطبخون التفاح في اكتوبر ويضيفون اليه السكر ويضاف الى اللحم المطبوخ . وكثير ما يظن الاجانب ان تلك ,, المربى ,, قد وضعت بالخطأ في طعامهم .. وطيلة العام يضيفون الخليط لكل انواع الطعام من لحوم واسماك ومقانق . فالسكر كان ولا يزال في كثير من الدول يعني الاكل الجيد ومستوي الحياة الراقي . واحسن مظهر هو انواع المثلجات والآيسكريم والشوكولاتة التي تعم العالم . وللشكلاتة كليات في بعض الدول مثل بلجيكيا وسويسرا مثلا . والغريب ان افريقيا التي تنتج الكاكاو لا تصنع الشوكولاتة بل تستوردها من اوربا . وفي الاربعينات والخمسينات كان شرب الاوفلتين بالحليب الحار يكاد ان يعتبر فرضا في بيوت الطبقة الوسطى والاغنياء في افريقيا والشرق الاوسط . والاوفلتين خليط من بيض الدجاج والشعير والكاكاو . ولا تزال حلوى الماكنتوش تعتبر عنوانا للجودة عند السودانيين بالرغم من وجود انواع اجود من الشوكولاتة . ولكن السودانيون عندما يتعلقون باسم تجاري لا يغيروه .
اثناء الحملة ضد السكر في السبعينات تطرق احد الباحثين لاستهلاك السويديين الضخم للسكر . ومن الدول التي تتفوق علي السويد في استهلاك السكر الذي هو احد السموم التي يجب تجنبها ذكر السودان حيث تستخدم المدن السودانية الكبيرة 50% اكثر من الاستهلاك السويدي . وبعض الدول مثل كوبا تتفوق علي السويد لانهم يضيفون السكر لماء الشرب او يقومون ,, بسفه ,, مباشرة . وهذا ما لمسه الامريكان عندما تدفق عشرات الآلاف من المهاجرين الكوبيين لقلوريدا في نهاية السبعينات .
لعنة السكر ومعركة الحصول عليه كسلعة يسهل تحويلها لذهب ، دفعت الدول الاوربية لخطف الافارقة او شراءهم ونقلهم الي جزر الهند الغربية وكسر ظهوره في انتاج السكر . والسكر او المولاس يتحول الي خمر غالية الثمن مثل الروم والبكاردي الخ . وفي اثناء منع الخمور في امريكا في العشرينات الى الاربعينات كانت الخمور تهرب من دول الكاريبي الى الولايات المتحدة .
احد اغبياء بلادنا مصطفي عثمان شحادين عير السودانيين بأنهم قبل الانقاذ كانوا يشربون الشاي بالجكة لأن السكر لم يكن متوفرا . والغريب ان هذا النوع من البشر قد صرف عليه السودان لكي يصير طبيب اسنان . وبدلا من اظهار فرحه بقلة استهلاك السكر ، يتحدث عن السكر كشئ مفيد ومطلوب وقلة استهلاكه شئ مخجل ولقد وفرته الانقاذ كإحدى نعم الدنيا . قالوا القلم ما بيزيل بلم ؟
لقد توقفت من شرب الشاي وانا في الرابعة عشر من عمري عندما احسست بالصداع بعد اول يوم في رمضان بسبب الشاي . وكنت اقول لنفسي ان اي شئ يسبب عدم وجوده الصداع لا يمكن ان يكون صحيا .ويندر جدا ان آكل اى شئ يحتوي على السكر . ولقد عشت لربع قرن مع أفا فيبرق الانسانة الرائعة وكل تلك المدة لم اشاهدها تأكل اى شئ يحتوي على السكر او الملح . وهي لا تدخن ولا تعرف الخمر . النوع الوحيد من الملح الذي كانت تستخدمه هو الملح المستخرج من الخضروات . وفي احد الايام قدمنا الشاي لاخي احمد عبد الرحمن الشيخ طيب الله ثراه وزوجته الفاضلة . واحمد رحمة الله عليه كان رئيس نادي الهلال ومدير عام بنك السودان . ولقد احرجت ايفا لان السكر كان قد تحجر لانه لفنرة طويلة لم يلم بنا ضيف يشرب السكر . ولم نكن نقدم الكوكا كولا او الليمونادة . ولا يزال الناس يرفضون تقبل الحقيقة انني لا اشرب الكوكا كولا .
في المؤتمر تطرق المتحدثون للكوكا كولا وعرفنا ان في اتلانتا عاصمة الكوكا كولا يعتبر كل ثالث مواطن من اصحاب البدانة . وبالبحث عرفت ان الكوكا كولا تبيع اكثر من بليون و700 مليون من المشروبات كل يوم . وللكوكا كولا 500 ماركة مسجلة لمنتجات . وتتواجد في 200 دولة. وامريكا تستهلك 17 مليون طن من السكر في الكوكا كولا فقط . بسبب المشربات الغازية والاكل الخطأ ، ويعاني بليون و900 مليون من االبدانةاليوم. ويعاني بليونا من البشر من الجوع !! وافريقيا الفقيرة تدفع 35 بليونا من الدولارات لاستيراد الطعام من الدول الصناعية . لان المزارع الافريقي المسكين لا يستطيع ان ينافس الانتاج الممكنن في العالم الصناعي مثل استراليا اوربا وامريكا . وافريقيا تعاني من ملايين البطالة وتحتاج لرأس المال في الزواعة الذي لا يحب المخاطرة في افريقيا

كنت اذهب الي الفندق الكبير في الخرطوم وكان احد اهلنا الرباطاب يحيينا بترحيب لانه صديق لعمي وصديقي محمد بدري . وطلبت كوبا من عصير الليمون بدون سكر . واحضر الليمون مليئا بالسكر ، وتكررت العملية . وقبضت على يده بقوة وقلت له .... كل مرة اقول ليك ليمون بدون سكر تجيبوا بي سكر . انا عاوز ليمون بدون سكر . واحضر الليمون والسكر ظاهرفي قعر الكباية الكبيرة . وعند احتجاجي قال لي بعد ان غز كوعه ..... في شنو يا ود اخوي ؟ اهو السكر في قعر الكباية ما صطو .... وبعدين انت كيف تشرب ليمون بدون سكر ؟مشكلتك شنو ما شديبد تحمد ربك اشرب وخلي جنك ده . ولانني اعرف شبك الرباطاب قلقد كانت تلك آخر مرة ادخل الفندق الكبير .
في المؤتمر السويدي شارك البريطاني جيمي اولفر . ولقد افرد له التلفزيون السويدي برنامجا كاملا . وجيمي اولفر ليس بحامل دكتوراة في الطب ولكنه طباخ لقد تابعت نضاله لعقدين في محاولة باسلة للفت نظر البشر لخطورة السكر وكان يجد الاستهزاء خاصة في امريكا . وهو يزور المدارس والجامعات ويتكلم عن خطورة السكر ، ولكن بعد ان صارت جامعة ييل وهارفارد وكبرى الجامعات الامريكية تستمع اليه صارت رسالته تصل حتى للامريكان حيث تستميت الشركات في الدفاع عن مصالحها وخير مثال هو شركات الدخان مثل فيليب مورس . اكبر شركات السجائر في العالم ولا تزال تبيح سمومها ودخلها السنوي يقارب الرليون من الدولارات . والغريبة انه بعد ان تحرر النصف الاول من الموصل حتى تدافع الناس لشراء السجاير . وكان يبدو ان بائعي السجائر جاهزون يتحرقون لبيع سمومهم . وسيدة في حلب اشتكت بمرارة من انعدام السلع وكانت تقول ان من مشاكل الحصار انعدام الدخان . الانسان هو المخلوق الوحيد الذي يضر ببيئته مع سبق الاصرار والترصد . وفي بعض الشقق التي يقطنها العرب في اسكندنافية يشتم الانسان رائحة الشيشة تنبعت عبر فتحات الابواب ويسمع الانسان صوت اطفال صغار داخل الشقة مع اهلهم .
شركات الخمور عالميا تحصد الارباح الطائلة .شركات الاسلحة تتسبب في اصابة 60 الف من البشر كل عام في امريكا . ووصول ترامب سيزيد الطين بلة .
ان اسوأ شئ هو الجسم الذي نرثه من والدينا . وهذا يعني ضعف النظر ضغط الدم مرض السكري تصلب الشرايين وامراض القلب وضعف الزاكرة والامراض النفسية وامراض الحساسية الخ . وهذه اشياء يمكن التعايش معها ببعض الانضباط ولكننا لن نسببها . ومن اول المصائب هي السمنة او البدانة وهذه مسئولية الانسان لحد كبير .وبعض الناس يعانون من جينز معين يعرف ب أف تي او . وكل سادس انسان يعاني من خلل بايلوجي معين يسبب البدانة والعلم اليوم يساعد في السيطرة . ما يسبب السمنة اليوم عدم الحركة والجلوس امام الشاشات .علي رأس القائمة ان يكون الانسان مشدودا دائما ,, استريس ,, وهذا يؤثر كثيرا على صحة الانسان النفسية والجسدية . ومن اكبر اللعنات التدخين . وكثيرا ما يصرف رب الاسرة مبلغا يماثل ما تصرفه الاسرة علي الطعام . وليس هنالك اي شي جيد في التدخين . بعض الاطباء يوصون بشرب كأس او كاسين من الكونياك لتحسين حالة المريض الصحية . ولقد كان كل المكتشفين في افريقيا يحملون معهم انواعا من الكونياك لمقومة الامراض والارهاق والملاريا ولدغات العقارب والثعابين . وقديما في السودان كانت المستشفيات تحتفظ بالكونياك لعلاج لدغات العقارب . انا هنا لا ادعو لشرب الخمر لانني لا اشربها ابدا . ولكني اورد معلومات فقط .
ارجو قوقلة جيمي اولفر فالرجل قد صرف ماله واضاع جهده ووقته . 50 % من اسباب ذهاب الاطفال الى الطبيب هو السكر والامراض التي يسببها السكر. ولقد لاحظت ان كل الاطفال الذين اتو من السودان اخيرا يعانون من تسوس الاسنان . ولقد قام السويديون بخلع اسنانهم وهم لا يزالون يحملون اسنان اللبن . ولقد نمت اسنانهم الجديدة صحيحة وقوية .
من العادة ان يحضر الضيف ,,المحترم ,, الحلويات ويقدمها للأطفال . وهذه احدي الغلطات التي نمارسها نحن السودانيون حتى في اوربا وهذا يغضب الاوربيين جدا . لأن هذا تدخل في حياة اطفالهم . ولهم كل الحق . فمن العادة هنالك ما يعرف بحلوى يوم السبت . ويتحصل الاطفال علي الحلوى يوم السبت فقط . وتستعمل عبارة حلوى يوم السبت بواسطة الزوج والزوجة تعبيرا عن حميمية يوم السبت .
قبل اكثر من مئة سنة وبعد استقلال هايتي ارض الحرية وتكوين اول جمهورية للسود في العالم في 1803 ومنع تجارة ا الرقيق . كانت استراليا تمارس بعض الاسترقاق بسبب مزارع السكر ففي شمال شرق استراليا قاموا بإنشاء مزارع لقصب السكر. ضاربين عرض الحائط بابجديات قوانين الطبيعة . واهلنا علمونا .... كل آفة ليها صرافة . وظهرت حشرات كانت تهاجم قصب السكر فقاموا باستيراد الضفادع الضخمة وما عرف ب شوقر كين تودز لاكل الحشرات . وهذه الضفادع الضخمة تسبب خسائر ضخمة في استراليا لانه لا يوجد حيوا يتغذى عليها . وتمتلئ بها الطرقات لدرجة انها تسبب انزلاق السيارات . ونفس الشي حدث عندما ادخلوا الارانب وكلاب الدينقو وكثير من الحيوانات الدخيلة . بعض انهار امريكا تعاني من كثرة الضفادع الافريقية التي يتجنبها حتى التماسيح الامريكية , ولقد استوردوها لكي يجروا عليها اختبارات الكشك على الحوامل ولكن بعد ان وضح ان الارانب هي الامثل اطلفوا الضفادع الافريقية في الانهار وحدثت الكارثة . وتدخل الانسان في الطبيعة ينتهي بمصائب .
والجريمة التي لا يريد الاستراليون التطرق لها هي استقطاب العمالة بالخداع بواسطة المدى والفئوس الحديدية والحلي الرخيصة، وخطف الناس من جزر سولومون وسامووا وتونقا وبابوا غينيا للعمل كرقيق في مزارع السكر . ولا يزال احفاد هؤلاء المساكين يعيشون بعيدا عن اوطانهم بسبب السكر اللعيبن .
بعض الدول تحارب السكر بشراسة ولقد فرضت ضرائب عالية على السكر في بعض الدول منها الهند واعلاها في المكسيك التي تعاني من 75 الف عملية بتر بسبب مرض السكري . وبريطانيا تصرف 27 بليون استرليني لعلاج السمنة ومرض السكري كل عام وهذا يماثل كل ديون السودان الخارجية والسبب قد يكون ان ضرائب السكر ضعيفة في بريطانيا . كلما اتذكر الاهل والاصدقاء وقد تعرضوا لعملية بتر ازداد حزنا . والجد عبد الكريم ابو شقة الفارس الذي عرفه جنوب السودان ومنطقة السوكي تعرص لعملية بتر .كنت اتألم لمشاهدته . ولقد اوجعني منظر الفارس محي الدين فارس شاعر ,, لن احيد ,, ، وهو يجلس على كرسي متحرك . طيب الله ثراه . والدتي رحمة الله عليها فقدت نعمة البصر في آخر ايامها . وعندما تكون في اوربا كانت تحافظ على السكري . ولكن في السودان كانت تجامل والجميع يأكلون سويا . ويصعب فصل طعام مريض السكري ن خاصة في المناسبات والزيارات . والسوداني يجامل كثيرا ويدفع بصحته . قبل سنوات كنت في عشاء في منزل طبيب في لندن . وبعد الطعام الفاخر اشعل بعض كبار المحامين ورئيس تحرير وبعض الاطباء السجائر والسيقار الفاخر . والطبيب صاحب الدار اب لاطفال صغار . ولقد جاهدت باستماتة لكي لا اقوم بسب الجميع . وتركت المائدة مليئة بالاطباق والمعدات المختلفة لصاحبة الدار . واظن ان مشاركتي ومساعدتي للسيدة لم ينظر اليها الا ببعض الاستخفاف
،كعادة الرجال السودانيين .
في بعض الدول الافريقية يظنون ان زجاجة الرضاعة هي عنوان التقدم والصحة . وقد يضعون الكوكا كولا في الزجاجة ويعطونها للرضيع . ويتعود الرضيع على طعم السكر ولا يستسيغ اي طعم آخر . آخرامبراطور للصين توج وهو طفل صغير . وعندما بدا في الزعيق بسبب التعب وعدم اهتمامه بالذي يحدث طلبت الامبراطورة العجوز احضار بعض الحلوى لاسكات الطفل المزعج . وهذه الغلطة يرتكبها الجميع عندما يعطون الاطفال الحلوي لاسكاتهم . وترتبط الحلوي في مخيلتهم بالسعادة .
اقتباس من موضوع ,,سكر... سكر ,,القديم
كلمة سكر او عسل تستخدم لوصف المحبوب , أو الشئ الجميل في كل اللغات . و الآن عندما ينعدم السكر في السودان , و أظن انه بطريقة مدروسة حتى يستفيد تماسيح النظام , أو لكي ينشغل الشعب السوداني بالبحث عن هذه البضاعة السحرية .
البطل علي عبد اللطيف و الذي هو دينكاوي نوباوي , إلا انه ولد و ترعرع في الخندق في شمال السودان . و أهل تلك المنطقة و خاصة أهلنا الشايقية يقدسون الشاي . و هنالك القصة المعروفة و ما ينسب للشايقي الذي قال : ( كان احمر كب تسعي . و كان بي لبن اسكت كيب ) . و لهذا كتب البطل علي عبد اللطيف موضوعاً نشر في الصحف المصرية . و طالب الحكومة بأن تفك احتكار السكر . و السكر كان يعتبر ( ريفنيو كومدتي ) او سلعة ذات عائد نقدي . و كان العائد يستخدم في تغذية ميزانية حكومة السودان . و في بعض الأحيان يقتطع الانجليز مبالغ ليست بالبسيطة من الخزينة المصرية لتغطية العجر في ميزانية حكومة السودان . و حكم على البطل علي عبد اللطيف بسنة سجن لذلك المقال . و البطل علي عبد اللطيف كان كاتباً و صحفياً كذلك , و مفكر . و كان في الأصل ضابطاً .
السكر كان سلعة مهمة الى درجة بعيدة في السودان . و بسببه قامت حروبات . فهنالك معركتين شهيرتين سارت بذكرهم الركبان . أولهم حرب العقال . و هي بين الحمر و الكبابيش . و الحرب الاخرى هي حرب القرطاس . فالسكر الى الخمسينات كان يأتي في شكل رأس مخروطي . و يلف بورق ازرق و يربط بخيط من الكتان . و السبب كان قافلة محملة برؤوس السكر . و السكر وقتها كان انفس من البترول الآن , الذي بسببه تقام الحروب . و مات الخلق في تلك الحرب . و تناثرت رؤوس السكر و تطاير القرطاس و أمتلأت الشجيرات و الارض بالقرطاس .
الشاعر السوداني يقول راثياً حاله و قلة حيلته و عدم مقدرته على مقاومة الادمان , فقال باكياً :
من يوم ما جات بابور النصارى
لا سعيت تور لابقر لا حمارة
مالي كلو راح في المكتم بالدبارة
و المكتم بالدبارة هو رأس السكر .
بابكر بدري ذكر في المجلد الاول في كتاب حياته , و في قبل نهاية حكم المهدية , أن سعر السكر قد تضاعف عدة مرات إلا انه بالرغم من تضعضع حالته المادية بعد ان كان تاجراً غنياً , لم يقدر ان يتوقف من شرب الشاي .
في سنة 1982 اتى الاستاذ احمد بدري المقيم الان في لندن و كان وقتها يقيم في نيجيريا. و كان معه انجليزي متقدم في السن . يظهر عليه انه مقرم و مدردح . و كانوا في السويد . و في زيارة تجارية . و عندما اخذتهم للعشاء في مطعم , كان الانجليزي يحكي تجاربه .
الانجليزي كان قد بدأ حياته كموظف صغير في شركة لبتون للشاي . و في أحد الايام استدعاه المدير الكبير . و أشار الى خارطة افريقيا قائلاً : ( ما هذه ؟ ) . فاجاب بأنها افريقيا . فأشار المدير الى نيجيريا قائلاً : ( و ما هذا ؟ ) ثم واصل ( هنالك اكثر من 60 مليون نيجيري , و لا يشربون الشاي . ان مهمتك هي ان تذهب و تعلمهم شرب الشاي ) . و غادر الانجليزي الى ليقوس و هو محتار جداً . و لكن بعد تفكير, قام بشراء كافتيره ضخمة و بابور جاز و هو الموقد النحاسي الذي يعمل بالجاز . و أشترى كمية كبيرة من السكر . و كان يذهب لزيارة المسئولين الكبار في مكاتبهم أو منازلهم . و يعزمهم على شاي و يعطيهم شاياً و سكراً حتى يلحقوا بركب الحضارة , و يصيروا متطورين و مهمين . و بعد فترة و بعد الخرم و التعود على الحضارة , أتى المسئولون يطلبون المزيد . و صار الشاي بالفلوس . الخواجة كان يقول : ( نيجريا الان من اكبر المستوردين للشاي ) . و لقد زرع الانجليز الشاي و القهوة في شرق افريقيا . و باعوها لبقية افريقيا . فالغرض من الاستعمار في المكان الاول هو ايجاد اسواق .
بعد راس السكر الذي كان يحتاج الى يد المدق لتكسره , ظهرت البقيته . و هو السكر الاسمر في شكل حبيبات . و هنالك قصة البنت التي بدأ وزنها في الازدياد و بطنها في التكور . و عندما كان اهلها يسألونها كانت تقول : ( دا ما من اكل البقيته ) . و عندما ظهر اخيراً بأن ابنة العائلة الغير متزوجة كانت حاملاً , ظهرت اغنية كانت مشهورة لعقود كتيرة سمعناها حتى في الخمسينات . و الأغنية كانت تقول : ( يا بنات بلاش قرضمه .. دي البقيتة المدردمة ) . و هذه الاغنية كان يدندن بها صديقي و استاذي مبارك بسطاوي , عندما كنا نسوق سوياً معدية توتي .
ليس هنالك انسان عاقل يمكن ان يصف السكر , خاصة السكر الابيض بأنه مفيد . بل ينصح كل الاطباء و الحكماء البشر بأن يبعدوا عن الابيضين . و هما السكر الابيض و الخبز الابيض . و لكن بالرغم من هذا يعامل السكر و كأنه مثل الذهب . و قديماً و لا يزال الى الآن يستعمل كعملة . و لا تزال الانقاذ الآن ترفع فضيحة سكر دارفور في وجه الدكتور على الحاج . و حتى عندما أثار اهل الانقاذ مشكلة السكر رد عليهم بي: ( خلوها مستورة ).
و قديماً كان السكر من أجمل الهدايا التي يأتي بها الضيف لأهل الدار . و كان للسكر مخازن تحرس بالسلاح قديماً . و كان لكل مديرية نصيبها من السكر . و حسابات دقيقة و جرد . و أذكر في ملكال الأخ حسن سكر الانيق الذي يرتدي الشورت و كان مسئولاً عن السكر . كما كان هنالك حسن اخر و هو شائب الشعر عرف بحسن سمك , لأنه كان مسئولاً عن مصائد الاسماك . كما اشتهر قبل الانقاذ العم صالح سكر في الملازمين الذي كان اكبر تاجر سكر . و لقد تعرض من كان عندهم احتكار للسكر للسجن و الأهانة في بداية الانقاذ و أجبروا للتنازل تجارتهم لبعض تجار النظام .
في ايام الحرب العالمية الثانية , نشطت ما عرف بتجارة البرشوت . و كان اهم بنودها هو السكر . فلقد استخدمت السلطة نظام التموين . و كان السكر و كثير من السلع المهمة يوزع عن طريق البطاقة . إلا ان كميات معتبرة كانت تجد طريقها للتهريب خارج الحدود . و احدى اغنى الاسر السودانية الآن , اشتهرت بأن كبيرها كان يخير رجل البوليس بين الرصاصة و لا الظرف .
العم فضيل زوج الخالة قسايه الداية المشهورة , كان يحكي لنا عندما كان جارنا في حي الملازمين , كيف انه قد تعرض لبعض أهل البادية و هم يحملون السكر على جمالهم , و ساوموه , الى ان عرضوا عليه مئة جنية و مئة جنية كانت تعتبر ثروة . فرفض ان يقبل . و طالبهم بالتحرك للنقطة . و بعد المشوار الطويل و هو في لحظة تعب غافلوه , و امسكوه , و قيدوه , و تركوه في الخلاء . و ذهبوا بسكرهم . و ظابط البوليس كان يمازحه فيما بعد و يقول له : ( مئة جنيه ؟ . و الله انا لو ادوني المئة جنيه كنت قبلت ) . و تمت ترقية العم فضيل بطريقة استثنائية .
في ايام ندرة السكر توقفت بعض مصانع المياه الغازية من العمل مثل الحرية التي كانت ملكية بين العم حسين و العم نورين بسبب انعدام السكر . و لكن ناس البزيانوس كانوا مدورين . إلى ان اكتشف بأنهم كانوا يضيفون السكرين الذي استوردوه بكميات ضخمة من مصر . و هذه الممارسات كانت معروفة في مصر .
السيدة ايفا التي اعطتني 25 سنة رائعة . و كانت لا تدخن و لا تشرب و لا تأكل الملح أو السكر . و في احدى الايام و عندما قدمت القهوة و الشاي للضيوف السودانيين كان السكر قد تحجر في السكرية . فأعتذرت بأنها لم تفتح السكرية لفترة طويلة لانها لا تشرب السكر و انا لا اشرب السكر . و اخر مرة كان السكر على الطاولة كانت عندما زارنا بعض السودانيين . و انا الى الآن لا اشرب السكر . فأنا منذ الرابعة عشر من عمري لا أشرب الشاي . ( و ان كنت فشلت في الامتناع عن السكر البشري مما افسد تلك العلاقة ) . و تعلمت شرب القهوة عندما نصحني الطبيب لكي أرفع ضغطي المنخفض . و لكن عندما اشرب القهوة اشربها بالتمر كرباطابي . و لا يخلو منزلي ابدا من التمر . و عندما اسافر أحمل عادة تمرات في جيبي . و لا اعرف لماذا يصر السودانيون على السكر . و الاوربيون يستغربون عندما يضع السوداني خمسة قطع من السكر في كوب واحد من الشاي .
في التلفزيون شاهدت , قبل عقد من الزمان , أحد الاخوة الجنوبين و هو يحمل ملامح الدينكا . و كان يطلق على نفسه اسم مدينة شمالية اظنها مروي . و كان يقول بأن سبب حضوره الى الشمال , هو انه صار يعشق السكر في طفولته . و قالوا له بأن السكر يأتي من الشمال , لأن ماء النيل في الشمال يمتلئ بالسكر . و كانت صدمته كبيرة عندما وجد ان النيل في الخرطوم طعمه مثل النيل في الجنوب . إلا انه واصل العيش في الشمال حتى صار كهلاً .
عندما توفى الوالد خضر رحمة الله الياس( الحاوي ) في سنة 1984 . ذهبت مع ابنه حسين الى السودان للتعزية . و بسبب اعداد الرباطاب في امدرمان الكبيرة و معارف الاستاذ عبد اللطيف كانت الدار تمتلئ بالمعزين . و كان السكر معدوماً في ذلك الوقت . و يباع في السوق الاسود . فطلبت من شقيقي الشنقيطي رحمة الله عليه , ان يساعدني في ايجاد بعض السكر . فوعد بأحضار جوالين . و عندما سألته بعد يوم , قال لي : ( ما تتكلم في السكر ) . و لكن عرفت من احمد سائق السيارة , بأن صاحب مصنع البسكوين و الحلوى قد وضع جوالين سكر في ضهرية العربية . و بالسؤال عن السعر قال صاحب المصنع : ( لا يا شنقيطي ياخي دي هدية ) . قال الشنقيطي : ( داير تديني رشوة .. شيل سكرك ) . قال الرجل : ( ياخي انت عملت لينا دراسة جدوى من غير ما تشيل قروش ) . فرفض الشنقيطي ان ياخذ السكر حتى اذا دفع ثمنه .
في اخر ايام نميري و بعد تمكن بنك فيصل الاسلامي , و سيطرة الاخوان المسلمين على السوق , كان اصحاب المصانع يأخذون السكر و المحروقات و كثير من المدخلات و يبيعونها في السوق الاسود . و يحصدون ارباحاً طائلة , بدون وجع راس و عمال و انتاج و رسوم انتاج و ضريبة دخل ... الخ . و في الديمقراطية الاخيرة حاول التجار اعادة نفس السيناريو في ايام الوزير البطل ابو حريرة . و طلب من اهل المصانع من مياه غازية و مخابز و مصانع الحلويات و المأكولات , ان يتقدموا بطلباتهم و أن يدفعوا ثمن السكر . و بالغ البعض في احتياجاتهم من السكر . و لكن عندما اتى السكر , كان في شكل سائل مركز في براميل و كان يتوقعونه في شكل حبيبات كالعادة حتى يقوموا ببيعه او بتهريبه .
و المشكلة الاكبر انهم طولبوا بأن يمارسوا الانتاج و ان يدفعوا ضرائب على انتاجهم . و هذا يعني موظفين و عمال و وجع راس . و بدأت الجقلبة . و السكر هنا كان أحدى مشاكل التجار مع النظام . و كانت هنالك مشكلة اللحوم التي استوردها ابو حريرة من استراليا . و كانت ارخص كثيرا من اللحوم السودانية . و كانت هشة . وهذا عندما حاول التجار احتكار سوق اللحوم كما يحصل الآن . و وصف ابو حريرة بأنه شيوعي حاقد . و أحد التجار عندما تزوج . ارادوا ان يربطوا له الجدله في يده , رفض قائلاً : ( انا كرهت الحرير من ابو حريرة ) . و اضطر الصادق المهدي لأن يضحي بأبو حريرة . لأن تجار الوطني الاتحادي كانوا يقولون : (انحن الحزب دا بندعموا من وين .. ما من الرخص التجارية ) . و هددوا بالانسحاب . و كله بسبب السكر .
اليمني زغلول الذي كان يعمل في دكان علي بن علي , كان يقول أن اليمني عندما يرجع الى قريته في اليمن يحاول ان يأخذ معه صفيحة من الطحنية السودانية . و كان الكبار و الصغار في قريته يأتون لكي يتذوقوا الطحنية . بعض اهلنا الجلابة صاروا من الاثرياء عن طريق بيع طحنية في الجنوب خاصة في الأستوائية . و كانوا يستبدلونها بالذهب . صديقي الزنجباري احمد عبد الرحمن برهان و الذي هو من القلة الذين بقوا من ايام الشباب و ان كان قد فقد نعمة البشر . كان يحكي لي عن جده , الذي أتى من جزر القمر الى تنزانيا دار السلام . و كان يأخذ السكر الى داخل البلاد و كان يقدم السكر لزعماء القبائل . و كان يقول لهم ان هنالك جبال من السكر في زنجبار و انه يمكنهم ان يرسلوا معه العاج محمولاً على اكتاف ابناءهم الاقوياء . و أنهم سيعودون محملين بالسكر . إلا انه كان يأخذ العاج و يقوم ببيع الشباب الى العرب . و في ايام ثورة زنجبار التي اشترك فيها احمد . ارتبط بفتاة من المناضلات . و لكن عندما عرفت أنه حفيد برهان . قالت له ان دمائه شريرة و قاطعته . لانه حفيد الرجل الذي كان يشتري الناس بالسكر .

التحية ع. س. شوقي بدري ... ونواصل



التوقيع: [frame="6 80"]

العيد الما حضرو بله اريتو ما كان طله
النسيم بجى الحله عشان خاطر ناس بله
انبشقن كوباكت الصبر
وتانى ما تلمو حتى مسله
قالوا الحزن خضوع ومذله
ليك يا غالى رضينا كان ننذله



[/frame]


http://sudanyat.org/maktabat/shwgi.htm

رابط مكتبة شوقي بدري في سودانيات
شوقي بدري غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 05:16 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.