الفكى ابو نافورة (منقول)
فكى ابو نافورة
***** ******
لما كانت هيئة توفير المياه هى المسئولة عن حفر الحفاير والابار فى المناطق التى يصلح فيها الماء السطحى والجوفى للاستخدام الادمى وذلك بعد المسوح الجيلوجية التى يقومون بها.
وكفيرها من قرى السودان واريافه،كانت قرية "عد الطين" -شمال غرب القضارف- موعود بحفر عدة ابار.
تجمعت الاليات والمهندسون واقاموا معسكرهم الصغير وبداوا فى الحفر .وفجاة نبع الماء بشكل غير مسبوق وباندفاع مبالغ فيه نتيجة لوجود الماء بين صخرتين اصمتين. لم تفلح المحاولات فى السيطرة على الماء اوتوسيع الفتحة الصغيرة نسبة لاندفاع الماء غير المسبوق والذى حير ناس توفير المياه.
بدا اهالى القرية والقرى المجاورة لها يتجمعون ليشهدوا هذا الحدث الفريد.
اخذ بعضهم منه بصصعوبة بالغة، وعم الوحل المنطقة المحيطة بفوهة البئر.فصار كل من يحاول الاقتراب من البئر يغوص فى الجل ويكوس الطريقة التحلو.
بعد لاى استطاع عدد من اهالى القرية ملء بضع صفايح من هذا الماء.
لم تكن باغات البلاستيك قد عرفت بعد ،فكان حمل الماء يتم بواسطه هذه الصفائح المعدنية.والتى اصلا كانت شركة شل تورد فيها الجاز الابيض "الكيروسين" وبعد تفريغها تستعمل كاوانى لحفظ الماء والزيوت والعسل وتستعملها معاصر الزيوت والطحنية فى تعبئة منتجاتها وكانت لها سوق رائج فى ذلك الزمان الذى هو بدايات النصف التانى من القرن العشرين وبالتحديد1967 .
حاول الاهالى شرب ذلك الماء لكنه لم يكن مستساغا
فقد كانت به كميات من الكبريت وبعض العنا صر الكيماوية الاخرى تجعل استساغته كماء للشرب امرا مستحيلا.
توضا به البعض واستحم به البعض الاخر. لاحظ اصحاب بعض الامراض الجلدية كالقوب والبهاق بتحسن واضح فى مواضع الاصابة من اجسادهم.
تناقل الناس خبر النافورة فى القضارف واريافها القريبة وتحدث اهالى عد الطين عن هذا الاكسير الذى يعالج الامراض الجلدية،واخذوا يسربون بعضا منه للمدينة استجابة لرغبة بعض مرضى الامراض الجلدية.
اخذ الخبر ينتشر رويدا رويدا،حتى صارت قرية عد الطين محجا لسكان القضارف على اختلافهم شيبا وشبابا واطفالا من الجنسين. فانشا اصحاب السيارات على قلتهم خطا للمواصلات طيلة النهار،فيذهبون تزجية للفراغ بعد ساعات العمل فى العصارى.
اخذت انواع الامراض التى يعالجها ماء"الفكى ابونافورة" تتزايد بفعل من عنت لهم افكار المتاجرة بالماء ،كانوا كل يوم يضيفون مرضا جديدا لقائمة الامراض.
فهو يعالج القوب /والبهاق/والجزام/والرطوبة/والام المفاصل/ والعمى /والشلل والوصفة لكل الامراض الشرب ليس واردا فيها .تغسل جسمك تغسل وجهك تغمر الجزء المصاب ثلاث مرات يوميا...هكذا افتى الاطباء الجدد.
تسمع الناس فى المدن القريبة واخذوا يتوافدون"الاعمى شايل المكسر"وقد تحققت هذه المقولة بحق وحقيقة.
كان لابد للسيطرة على هذا الجمع العجيب من خدمات تؤدى اذ اكتظ السهل الكبير الذى يحيط بالبئر بالبشر. كان هناك بائعوا الشاى والقهوة والاطعمة والتى انشئت لهارواكيب كمطاعم ومقاهى كلها يعمل فيها الرجال فقط لم تكن النساء قد عرفن تلك المهن بعد.
انشا بعضهم لكوندات صغيرة عبارة عن رواكيب تفرش ارضيتها بالبروش بدون سراير وقد اثرى بعصهم من هذا الاستثمار السريع .
صار العدد الاكبر يتاجر فى الماء لعلاج المرضى واصبح للسمكرجية صنعة محترمة وسوق رايج. فهم يشترون الصفيحة بعشرة قروش ويملاونا بالما ثم يسمكرونها لتباع بثلاقين قرشا. كان هناك سوق للقفاف وللزجاجات الفارغةوكان هناك سوق لكل شئ.
بلغ عدد سكان ذلك الخلاء اكبر من سكان المدينة .كثر النشالون والدجالون وكانت ثلة منهم تمثل عصابة لخداع الناس وكان هؤلاء من غير سكان القضارف وريفها ولم يكونوا معروفين لدى الناس. كان احدهم يمثل دور الاعمى ويغسلوا له وجههه امام الناس ثم يصيحون :-فتح..فتح ويحمدلون له السلامة ويوزعون الحلوى والبلح ابتهاجا بعودة النور لعيون صاحبهم. ثم يخرجون الماء للبيع لكل من عنده اعمى فى ربوع الوطن.
اجتهد المهندسون فى قفل البئر فصاروا يبيعون الطين.
ونتيجة لاكتظاظ المنطقة بذوى العاهات والامراض المزمنة تردت البيية بشكل غير مسبوق وتفشت كثير من الامراض الغريبة عى الناس وتذمر سكان القضارف. ونتيجة لذلك تم تسوير المنطقة بالاسلاك الشائكة واضيات بالكشاففت وتمت حراستها بالجيش من الخاط وفرض تلى من بداخل السور حظرا كاملا"الجوة جوة والبرة برة"
واخيرااعلنت تلك المنطقة موبوءة بالكوليرا
تلك قصة اول ظهور للكوليرا بالقضارف.
وتلك هى قصة الفكى ابو نافورة
مقتطفات من كتابى"القضارف موزاييك"
|