نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-08-2014, 09:19 PM   #[1]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي كــارلوس ،، فى رحلته الأخيره ،،

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد مرور عشرين عاماً على إعتقال كارلوس بواسطة سلطات الخرطوم وتسليمه الى الحكومة الفرنسية فى صفقة مازالت تثير كثير من الأسئله انفردت صحيفة اليوم التالى بكتابه تفاصيل القصة فى حلقات مثيرة ،
الصحفى عادل الباز استطاع أن يستنطق الدوائر التى باشرت معالجة أزمة وجود كارلوس بالخرطوم وكتب باسهاب وقائع ما حدث ،

فى البدء سوف نستعرض الحلقات كما جاءت بالصحيفة ومن ثم نعلق على الأحداث والخيارات التى كانت متاحة ،،



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-08-2014, 09:22 PM   #[2]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحلقة الأولى


1
كانت المخابرات الأردنية تبحث لسنوات عن طريقة تتخلص بها من كارلوس بعد أن أبعدته دمشق إلى العراق، وأسلمه العراق للأردن، فاحتار الأردنيون لسنوات إلى أين سيذهبون بالكارثة التي سببت لهم ضغوطا رهيبة من الفرنسيين. في بداية التسعينات التقطت المخابرات الأردنية خبرا أذيع، أعلن فيه السودان أنه سمح لجميع العرب دخول البلاد بدون تأشيرة. على عجل بدأت المخابرات الأردنية ترتيباتها مع كارلوس بشأن ترحيله من الأردن، ولدهشة الأردنيين أنهم حين أبلغوه بقرار إبعاده إلى السودان وافق دون أدنى اعتراض!! كان كارلوس يفكر بطريقة أخرى ستشكف عنها الأيام.
2
تنفَّس رجال المخابرات الأردنية الصعداء وهم يشاهدون الطائرة السودانية تصعد إلى الأجواء، وبجوفها أكثر الشخصيات التي تثير قلقاً ليس في الأردن فحسب، بل في العالم، وألقت عليهم عبئاً ثقيلاً. ما إن أقلعت الطائرة متجهة إلى الخرطوم، حتى طار الخبر لباريس، واستلم رجل المخابرات الفرنسي الذكي "فليب راندو" البرقية على عجل، وكان أكثر الناس سعادة، إذ أن ما عمل له أخيراً ها هو يتحقق في هذه اللحظات. أخذت الـ”سي آي ايه“ علماً وطوت ملفاتها وحفظتها ليوم سيأتي قريباً. كان على المخابرات الفرنسية قبل أن ترفع تقريرها كاملاً لمن يعنيه الأمر أن تُكمل عملها، ولم تتبقَّ لها سوى لقطة أخيرة هي الآن بانتظارها من الخرطوم.
3
بالفعل وصلت البرقية إلى الفرنسيين الذين استعدوا تماما لاستقبال الطائرة وكارلوس لوضعه تحت المراقبة لدراسة كيفية التعامل معه لاحقا. عملاء المخابرات الفرنسية الذين يقودهم دبلوماسي فرنسي من أصول عربية انتشروا في كل أرجاء المطار. ولكن حدث ما لم يكن متوقعا.. وصلت الطائرة وعلى متنها كارلوس بصحبة وزير خارجية السودان آنذاك حسين أبوصالح. استطاعت المخابرات الفرنسية تصوير كارلوس وهو يهبط من على سلم الطائرة السودانية القادمة من عمان. وكان هناك عملاء آخرون بالخارج للمراقبة والمتابعة، ولكن كارلوس كان أذكى من الجميع. لقد أفلت كارلوس.. أما كيف حدث ذلك؟، فتلك قصة طريفة.
4
ما إن هبط كارلوس من الطائرة حتى اتجه إلى دورة المياه ليخرج منها شخصا آخر.. هو سالم حميد، يرتدي الزي اليمني بجواز سفر يمني استطاع أن يعبر به من الأمن السوداني في مدخل المطار. في تلك اللحظة كان عملاء المخابرات الفرنسية عند مخارج صالة الوصول ينتظرون كارلوس بحسب الصورة والمواصفات التي أرسلتها إليهم المخابرات الأردنية وهو يتجه للطائرة السودانية المقلعة نحو الخرطوم. كان كارلوس يرتدي وقتها "تي شيرت وبنطلون جنيز" ويدرع في كتفه شنطة صغيرة. بعد نصف ساعة من الانتظار أصاب القلق رجال المخابرات الفرنسية، فطفقوا يبحثون في المطار عن شخص يحمل مواصفات الصورة التي بحوزتهم، ولكن هيهات لأن كارلوس حينها غادر المطار إلى جهة غير معلومة لديهم.. لقد اختفى كارلوس (فص ملح وداب) مما سيكلف المخابرات الفرنسية شهورا حتى يتم اكتشافه وملاحقته مرة أخرى.
إلى هنا لم يكن لجهاز الأمن السوداني أدنى علم بكارلوس وبوصوله للسودان. كارلوس في الخرطوم الآن، المعلومة عند ثلاثة أجهزة مخابرات وهي "السي إي ايه" والمخابرات الأردنية والفرنسية، ولكن للدهشة أفلت كارلوس منها جمعيا واختفى. طفق الفرنسيون يبحثون عن كارلوس في أرجاء الخرطوم المختلفة. تتبعوا كل المسافرين في تلك الرحلة الذين لم يكن بينهم أجنبي سوى ذلك اليمني. تتبعوا اليمني في كل الفنادق، فلم يعثروا له على أثر. كان كارلوس ذكيا بما يكفي، إذ أنه بعد خروجه من المطار استقل سيارة أجرة إلى فندق الهليتون بالخرطوم.. ليستخدم جواز سفر آخر لبناني يحمل اسم " الحاج ياسين بديع". وسجلت الغرفة 312 باسم هذا النزيل. لا أثر مطلقا لكارلوس.. أين كارلوس؟. مضت أكثر من ثلاثة أشهر والمخابرات الفرنسية مرتبكة تماما وفاقدة أي أمل في العثور عليه.. خطأ فادح ارتكبه كارلوس أدى للتعرف عليه بواسطة المخابرات الفرنسية.. ماهو؟
6
بعد شهر مكث فيه كارلوس بفندق الهيلتون، قرر مغادرته إلى مكان أكثر أمنا خاصة بعد الروايات التي سمعها عن اغتيال المعارض العراقي (مهدي الحكيم ) في بهو ذات الفندق الهيلتون. في ليلة مغادرته الأخيرة ارتكب حماقته الكبرى.. كانت المخابرات الفرنسية تراقب أي شخص له علاقة بكارلوس في أرجاء الدنيا. كان لكارلوس زوجة كوبية بفنزويلا بلده الأصلي، ولديه منها أبناء وبنات. قرر كارلوس في تلك اللية الاتصال بزوجته تلك في فنزويلا وكانت المخابرات الفرنسية تراقب تلفونها، فالتقطت المكالمة. ومنها علمت أن كارلوس لايزال بالسودان وهو في منطقة ما في وسط الخرطوم. وصلت تلك المعلومات إلى السفارة الفرنسية وعملائها بالسودان في وقت متأخر من الليل.. كان لابد من الانتظار للصبح حتى يتم الحصول على صاحب الرقم الذي اتصل كارلوس منه وموقعه. في الصباح كان كارلوس قد غادر الفندق إلى جهة غير معلومة. باكرا لهث عملاء المخابرات الفرنسية حتى توصلوا إلى أن الرقم يتبع لفندق الهيلتون، وفي الهيلتون كان عليهم أن يجدوا الغرفة التي تم منها الاتصال. بعد كثير من الجهد واستخدام العلاقات توصلوا للغرفة 312 ولكنهم وصلوا بعد فوات الأوان، فلقد أخبرهم موظفو الاستقبال أن اليمني "سالم حميد" الذي كان يشغل هذه الغرفة غادرها قبل ساعتين تقريبا ولا يعرفون إلى أين ذهب !!!. على أن أهم ما حصلوا عليه من المعلومات في الفندق هو رقم تلفون آخر كان كارلوس قد اتصل به في الخرطوم. وكان هذا هو الخيط الذي سيوصلهم لكارلوس لاحقا.
6
استأجر كارلوس شقة بالعمارات في شارع 35 على جهة المطار، وقال لي السمسار الذي أجر له الشقة إنه لم يعرف حقيقة كارلوس إلا بعد أن تم القبض عليه، وكان اسمه بالعقد عبد الله بركات مثبت في جواز سفر أردني. الغريبة أن هذا الشارع هو نفسه الشارع الذي كان يستضيف مبنى السفارة الفرنسية. كان (عبد الله بركات) ذلك اسمه في الجواز الذي خرج به من الأردن قبل أن يتم استبداله بجواز باسم "سالم حميد" اليمني وقبل أن يستبدل بجواز "الحاج ياسين بديع" اللبناني وهو الجواز الذي استقر به في الهيلتون.
7
تتبعت المخابرات الفرنسية صاحب الرقم الوحيد الذي اتصل به كارلوس أثناء إقامته بالفندق. كان الرقم لرجل أعمال سوداني شهير (طالبنا بعدم الكشف عن اسمه لأسباب تخصه) رغب كارلوس في لقائه باعتبار أنه رجل أعمال لبناني يرغب في التعامل معه. بالفعل التقاه مرة وحيدة في شقته بشارع 35 العمارت. قادهم سائق رجل الأعمال ذاك إلى موقع الشقة. إلى هنا تحصلت المخابرات الفرنسية على كارلوس الذي تعرفه جيدا. وبدأت مراقبة المنزل على مدار الساعة بواسطة عملاء كثر استأجروا شققا في نفس الشارع والعمارات المحيطة.
برقية عاجلة استلمها جهاز الأمن السوداني من مندوبه بباريس، محيي الدين الخطيب، تحمل في طيَّاتها دعوة عاجلة لوفد من الأمن لزيارة باريس على وجه السرعة للالتقاء بنُظرائهم هنالك لبحث القضايا المشتركة. استلم الجهاز الدعوة وحاول فك غموضها، فليس هنالك قضايا عاجلة ومشتركة مع فرنسا تتطلب زيارة أصلاً، وإن كانت هنالك قضايا، فهي ليست مُلحَّة. ولما كانت استراتيجية الإنقاذ تهدف لفك الحصار العالمي المُحكَم حول رقبتها، لم يستغرق نقاش تلك التفاصيل وقتاً، إذ سُرعان ما وافق الأمن السوداني على تلك الدعوة وبدأ التحضير لها بشكل عاجل. كان الفرنسيون قد قرروا الاتصال بالحكومة السودانية لاستطلاع رأيها حول الموقف من وجود كارلوس في الأراضي السودانية.
9
الحكومة السودانية حتى ذلك الوقت كانت خارج الشبكة تماما.. خارج الشبكة بشكل رسمي لا تعلم بوجود كارلوس في السودان بينما كان الشيخ حسن الترابي ومدير مكتبه المحبوب عبد السلام الطرفين اللذين لهما علاقة بالحكومة ويعلمان بحقيقة وجود كارلوس بالخرطوم. تم ذلك حين وصلت سيدة في الأربعينات من عمرها إلى مقر المؤتمر العربي الشعبي والإسلامي بشارع البلدية تطلب مقابلة الترابي. كانت تلك السيدة والتي لعبت دور البطولة في قصة كارلوس في الخرطوم وأدوارا أخرى خطيرة تصلح لأن تكون قصة لوحدها.. قد تعرفت على كارلوس في إحدى المناسبات بنادي الخرطوم الذي كان كارلوس من رواده. حكى لها كارلوس في ليلة فقد فيها وعيه عن حقيقته ولكن آثرت أن تحتفظ بسره للعلاقة الحميمة التي ربطتها به. طلب كارلوس من تلك السيدة التي كانت لها علاقة بالترابي لصلة تنظيمية تربطه بزوجها، طلب منها التوسط لمقابلة الترابي، فسعدت بالطلب، فأعطاها كتاب (نهاية الأرض) لكاتب بريطاني يدعى ديفيد يلوب. الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية لكارلوس. وهو الكتاب الذي وضعته أمام المحبوب عبد السلام طالبة منه مقابلة الترابي لأن صاحب الكتاب يرغب في مقابلته. سألها المحبوب إن كان ديفيد يلوب في السودان؟ فقالت "الذي كتب عنه هو من في السودان"!!. فقال المحبوب مندهشا: كارلوس في السودان!!!. المحبوب يعرف جيدا كارلوس بحكم دراسته في فرنسا.. أخذ المحبوب الكتاب ووضعه أمام الترابي قائلا: كارلوس في الخرطوم يرغب في مقابلتك. ابتسم الترابي كعادته وقال للمحبوب: (هل تعرف كارلوس؟ فقال المحبوب: لا... فواصل الترابى "يعني إذا جا أي زول هنا قال أنا كارلوس نعرفوا كيف"؟!!. طلب الترابي من المحبوب أن يترك له الكتاب ويعتذر للسيدة عن المقابلة ويقول لها سنتصل به. فعل المحبوب ذلك ورجعت السيدة حاملة رسالة من الترابي لكارلوس بوعد بالاتصال به فقط.
أخذ الترابي الكتاب واستدعى صلاح قوش الذي كان ضابطا صغيرا في الجهاز وقتذاك، وأخطره بالمعلومة بعد أن اطمأن على معرفته بكارلوس (كارلوس بالخرطوم) ويطلب مقابلتي وعليك معرفة مكانه من خلال ليلى أرملة أخونا(...). كان صلاح يعرف هذا الأخ الذي أشار إليه الترابي، إذ عمل معه في إحدى لجان التحضير للانقلاب.



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-08-2014, 09:26 PM   #[3]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

10
بمراقبة عادية لتحركات ليلى "الأرملة" وصل صلاح قوش بسهولة إلى منزل كارلوس. وترك له رسالة يطلب فيها لقاءه في كافتريا "مرمرة" وهي كافتريا على ناصية شارع 15 من الناحية الغربية" تحولت الآن لمطعم ليالي" ومضى عليها باسم "صديق" وهو الاسم الكودي الذي سيستخدمه قوش طيلة العملية. اعتاد كارلوس قضاء لياليه في "مرمرة" وتعود على تلك القهوة الرائعة التي تصنعها "بلين" الإثيوبية الجميلة والماهرة في صنع القهوة بطقوسها المشهورة. وهناك تعرف صلاح على كارلوس وبدأ قصة علاقة طويلة مع كارلوس كان لها أثر في حياة كارلوس ومستقبله وكذلك في الحياة العملية لصلاح قوش ومستقبله.
11
حتى تلك اللحظة لم تكن الحكومة السودانية على علم بوجود كارلوس بالبلاد، فلقد طلب الترابي من صلاح إبقاء الأمر سرا بينهما إلى مرحلة لاحقة يتعرفون فيها على نوايا كارلوس. فبقي الأمن بعيدا، كان د. نافع علي نافع وقتذاك مديرا للجهاز وهاشم باسعيد مديرا للأمن الخارجي. وليلى وصلاح قوش يعلمان بوجود كارلوس بالخرطوم ولا أحد غيرهما.
12
بناءً على طلب الفرنسيين سافر باسعيد وقوش وحسب الله للقاء الفرنسيين ولكن الوفد عاد سريعا دون أي نتائج تذكر والسبب أن باسعيد أنكر وجود شخصية كارلوس أصلا. نفى أن يكون لها وجود في العالم قائلا إنه شخصية لا جود لها وهي من صنع خيال الفرنسيين ما فسره الفرنسيون أن الحكومة السودانية لا ترغب في التعاون. لكن سرعان ما كررت فرنسا طلبها للحكومة السودانية مطالبة بوفد سوداني آخر من الجهاز للحوار بحيث يكون أرفع، وأعلنت استعدادها لاستقبال مدير الجهاز د. نافع علي نافع، لم يكن نافع حتى ذاك الوقت على علم بوجود كارلوس بالخرطوم.
13
أخطر صلاح قوش الترابي بطلب الفرنسيين بلقاء دكتور نافع، وطلب منه وضعه باعتباره مدير الجهاز في الصورة قبل سفره إلى باريس. بالفعل استدعى الترابي دكتور نافع وأبلغه بكل المعلومات حول موضوع كارلوس. في باريس قبل وصول الوفد استعد العجوز رجل المخابرات الفرنسي الأشهر "فليب روندو" بـ"فايل" يحتوي على معلومات خطيرة ومهمة عن وجود كارلوس بالخرطوم. قبل مغادرة الوفد السوداني الذي يضم كل من د. نافع علي نافع وصلاح قوش وحسب الله وآخرين وتم استبعاد هاشم باسعيد.
14
حصد د. نافع بباريس استقبالاً حافلاً، وأفرد له جناح في بفندق "صُوفيتل" الفخيم وسط العاصمة الفرنسية باريس، لم يكُن أمام الوفد إلاَّ ساعتين بين وصوله لباريس وموعد لقاء نافع بـ"فيليب بارت" رئيس جهاز مكافحة الإرهاب في الشرطة الفرنسية "دي.تي.اس.d.t.s".. كان الفرنسيون في عجلة من أمرهم للقاء نافع، إذ كان موضوع كارلوس عاد للأضواء مجدداً، وبقوة ارتدَّت الحملة التي أطلقوها عليهم، واشتدَّ الهجوم الكثيف على جهاز المخابرات وعلى السيد "فيليب روندو"، الذي كان يتولى ملف كارلوس. بدأ الاجتماع بين الوفد السوداني الذي ضم د. نافع وحسب الله وصلاح قوش، بالإضافة لمحيي الدين الخطيب مندوب الجهاز الذي عمل مترجماً للوفد، فيما ضمَّ الوفد الفرنسي السيد "فيليب روندو" و"جيروم" مدير مكتبه والسيدة "كواليني" من مكتب "فيليب بارت".. بدأ النقاش عاماً حول العلاقات السودانية الفرنسية وسُبُل تطويرها برؤية مشتركة.. أظهر الوفد الفرنسي استعداده للعب دور إيجابي في القارة الأوروبية لتلطيف علاقة السودان مع دول الاتحاد الأوروبي التي كانت في غاية السوء، الشيء الذي منع السودان من الاستفادة من أربعمائة مليون يورو أقرَّتها اتفاقية "لامي". التلويح بهذه الورقة كان مقصوداً من الجانب الفرنسي كأنه التقط أحد المبدأين اللذين بنى عليهما الوفد السوداني استراتيجيته للتفاوض.. ما إن أنهى السيد "فيليب روندو" حديثه، حتى أطلَّت "كواليني" من مكتب جانبي تطلب د. نافع ومعه المترجم (الخطيب)، معلنة أن السيد "فيليب بارت" وهو رئيس جهاز مكافحة الإرهاب في الشرطة الفرنسية "دي.تي.إس" بانتظارهما في الجانب الآخر من القاعة.
15
بدأ "فيليب بارت" بدون مقدِّمات يتحدَّث عن وجود كارلوس بالسودان، مستغرباً من عدم معرفة الوفد السابق لتلك الحقيقة، وهُم الآن بصدد دعوة السودان مجدداً للتعاوُن فيما يخص كارلوس، لأن قضيته أصبحت قضية رأي عام ولا يمكن ترك الموضوع دون حسم.. بدأ د. نافع يتحدَّث مؤكداً موافقتهم من حيث المبدأ للتعاوُن فيما يخص كل القضايا المطروحة. كان نافع يغمز لمبدأ التعاطي.. قال نافع بعد أن نظر للسيد "بارت": «أنتم تقولون إن كارلوس الآن بالسودان ولكن معلوماتنا تؤكد وجوده بالأردن، إلا أن يكون قد وصل السودان دون علمنا، وإذا توافرت لكم معلومات عن وجوده بالسودان، فلا شكَّ سنتعامل إيجابياً معها». نظر "فيليب بارت" إلى ملفين أمامه قائلاً: «بالطبع لدينا ما يثبت وصوله للسودان»، وأتبع إفادته بأن أخرج "فيليب" صورة جواز لـ"عبدالله بركات" سلمها لنافع، وصورة أخرى شمسيَّة له في مطار الخرطوم على سلم الطائرة السودانية. تأمَّل نافع ما بين يديه وقال: «سنرى كيف يمكن أن تسير القضية.. سنجري التحقيقات اللازمة».. هذا نوع من القول لا يثبت ولا ينفي شيئاً، ففهم "فيليب" عبارة نافع وقال: «سيكون جيداً إذا تحققتم من المعلومات خلال اليومين القادمين بوجود الوفد حتى نستطيع أن نواصل الحوار حول القضايا الأخرى».. فهم نافع من جانبه الرسالة، وانتهى الاجتماع بعد تسليم واستلام "الرسائل" والصور.
16
كان على صلاح وحسب الله التحقق مما كانا متأكدين منه تماماً، وهو وجود كارلوس بالخرطوم. كانا يعلمان أن الفرنسيين يراقبون اتصالاتهم وتحرُّكاتهم. وبالفعل قاما بإرسال رسائل للخرطوم يُدركان أنها مكشوفة للفرنسيين يطلُبان فيها من إدارة الجهاز مدِّهم بمعلومات من الخطوط الجوية السودانية بقائمة الركاب القادمين على متنها للخرطوم في التاريخ الذي حدَّده الفرنسيون، وطلبا التحقق من قوائم الداخلين للبلاد في هذا التاريخ من الجوازات، ثم طلبا من الأمن الداخلي البحث عن شخص اسمه "عبدالله بركات" في فنادق العاصمة المختلفة، أو الحصول على أية معلومة لأردني يُدعى "عبدالله بركات" محدِّدين 48 ساعة فقط لإرسال تلك المعلومات.. كان صلاح سعد وحسب الله حتى ذلك الوقت مقتنعين بأن المعلومات التي سترسل من الخرطوم ستصل ليد الفرنسيين قبل أن تصل إليهم. كان صلاح يدرك أن عبدالله بركات اسم لا وجود له بالسودان، إذ أن كارلوس غيَّر اسمه لـ"بديع" حينما نزل بفندق الهيلتون.. المفاجأة التي وصلت بعد يومين من السودان، أن عبدالله بركات بالفعل موجود على قوائم المسافرين على الخطوط السودانية القادمة من الأردن، ولكن لا وجود له في "لستة" القادمين للسودان طرف الجوازات في ذلك اليوم!! الاحتمال الوحيد الذي افترضه الأمن السوداني أن يكون عبدالله بركات قد دخل السودان بجوازٍ آخر غير ذلك الذي غادر به العاصمة الأردنية!! ولكن الذي حيَّر المحققين أن قوائم المسافرين الداخلين للبلاد في ذلك اليوم لم يكُن بها سوى يمني يُدعى "سالم"، وهو الشخص الذي لم يعثروا له على أثر بالخرطوم!.
17
بدأ د. نافع يعرض على "بارت" النتائج التي توصَّلوا إليها، شارحاً كيفية دخول عبدالله بركات للسودان واختفائه، موضحاً أن جهودهم ستتواصل للعثور عليه، قال د. نافع.. عبدالله بركات غيَّر اسمه ودخل السودان بجواز آخر مزوَّر في الغالب. الخطة التي اتفق عليها الوفد الأمني هي مواصلة الإنكار لحصد المعلومات التي بحوزة الفرنسيين.
18
استمع "فيليب بارت" لحديث نافع بإصغاءٍ شديد، وما إن انتهى، حتى سَحَبَ "بارت" "فايلا" آخر كان أمامه قائلاً: «لديَّ معلومات أخرى مفيدة».. كانت المعلومات الأخرى عبارة عن "ألبوم" صور.. بدأ "بارت" يسلِّم د. نافع صورة وراء الأخرى.. الصورة الأولى: لقطة لكارلوس وهو على بوَّابة سودانير بمطار الخرطوم، وثانية، وهي المفاجأة الكبرى لـ"د. نافع" إذ يظهر فيها كارلوس مرتدياً الجلاَّبية السودانية ويقف فيها أمام بوَّابة منزله (صورة الطهور!!)، ثم صورة رابعة له حين كان يهم بركوب عربته الكريسيدا أمام المنزل، وإلى جانبه شاب سوداني يلبس جلاَّبية، وصورة أخيرة له بنادي الخرطوم ومعه فتاة وطفل، ومكتوب على الصورة التي الملتقطة أمام المنزل: «منزل رقم (...) شارع 35 بالعمارات»!!.
19
في ذلك المساء الذي كان فيه الاجتماع منعقدا بباريس لتحديد مصير كارلوس.. كان كارلوس بالنادي السوري يمارس رقصا بديعا مع الإثيوبية "بلين" قال الراوي (فاض النادي السوري بالمدعوِّين. كان احتفاء الجالية الإثيوبية في ذلك العام مشهوداً. كانت المغنية الإثيوبية الشهيرة "إستير" قد وصلت الخرطوم بطائرة خاصة ومعها كامل طاقمها الفني، وبصحبتها مسرح مجهَّز تماماً. كان ليلة إثيوبية لم تشهد الخرطوم لها مثيلاً. حين وصل كارلوس لمنتصف دائرة النادي، وبرفقته هناء(زوجته السورية) التي ينسدل شعرها لأسفل خصرها الدقيق، في ذلك الوقت كانت "بلين" في قمة نشوتها تمارس رقصاً مدهشاً لم يَرَ كارلوس مثله، لا في بلاد العرب ولا العجم.. كانت بلين "تتقصَّع" لتنهض بصدرها كما الموج إلى أعلى، ثم تهبط تدريجياً مع إيقاعات "إستير" الشجيَّة، لتعود فاردة قوامها الجميل معطرة الأجواء بترديد الغناء خلف "إستير"، ثم تصعد المسرح لتشكل ثنائياً مع "إستير" لتهوي بالحاضرين إلى قاعٍ سحيق من التأوُّهات.
مارست "بلين" رقصها ذاك، مستعرضة جسدها الغض وإمكاناتها الفنية كأنها لاعبة باليه إثيوبية ماهرة... ضجَّت الساحة بغناء "إستير" وصوتها البديع، ولكن كل الأنظار كانت هناك حيث تنثر "بلين" إبداعاتها الفنية... خلت الساحة من الراقصين الذين تحوَّلوا برضاهم إلى "فرَّاجة"، إذ لا قِبل لهم بمنافسة تلك الساحرة في ساحة واحدة.. نظرت "بلين" إلى الساحة، فأبصرت كارلوس يلجها وهو في كامل أناقته.. كانت "بلين" وقتذاك تضرب بقدمها اليمنى الأرض مع إيقاع ساخن لأغنية شجيَّة.. بدأت "بلين" تزحف للخلف رويداً رويدا، حتى أمسكت بيدي كارلوس وطفقت تجرَّه للحلبة.. لم يتمالك كارلوس نفسه حين جذبها بيديه لصدره مستخدماً خبرته كأحد أشهر الراقصين بمقاهي كاراكاس بفنزويلا أيام الشباب.. أفرد كارلوس يديه مُبعداً "بلين" قليلاً ليمارس فاصلاً من الرقص وحده أذهل الحاضرين، ثم عائداً بسرعة ليُمسك بكلتا يدي هناء، قاذفاً بها إلى منتصف الساحة، وماداً يده الأخرى لـ"بلين"، ليبدأ ثلاثتهم رقصاً مجنوناً ما عرفته الخرطوم قط.. ثلاث قارات تنثر شذى رقصها البديع.. قدَّمت هناء فاصلاً من الرقص العربي السوري على إيقاع إثيوبي خالص، كما أبدع كارلوس في مقارعة "بلين" في رقص إثيوبي طالما أجاده أيام اليمن الجنوبي، حين كان علي ناصر وسالم البيض رفقاءً لمنقستو هيلا مريام.. في تلك الأيام كانت مقاهي اليمن الجنوبي مسرحاً لإبداعات الإثيوبيين.. أما "بلين"، فلم يدرك أحد كنهاً لرقصها، كان نسيجا وحده.. شدو "إستير" مسَّ شغاف قلوب الجالية الإثيوبية، فبكت في تلك الليلة بكاءً مراً..).
20
انخرط الوفد الأمني عقب عودته من باريس في سلسلة من الاجتماعات بغرض وضع خطة أكثر تحديداً للتعامُل مع قضية كارلوس بعد أن شهدت تطوراً لافتاً في الإعلام الفرنسي خاصة، والغربي عامة. بالفعل قدَّم حسب الله وصلاح سعد تصوُّرهما لكيفية التعامُل مع المرحلة القادمة في اجتماع موسَّع لقيادات الجهاز، خُصِّص لموضوع كارلوس. حدَّدت الخطة ثلاثة محاور:
- الأول، يتعلق بتأمين كارلوس شخصياً، بعد أن اتضح أن المخابرات الفرنسية والأمريكية تترصَّدان تحرُّكاته بدقة،
- المحور الثاني يتعلق بطرح خيارات التعامُل مع كارلوس، ومع الفرنسيين من الجهة الأخرى، فالصورة لم تكن واضحة فيما يتعلق بتلك الخيارات، واتضح أنها تحتاج لمزيدٍ من الوقت لإنضاجها.
- وركَّز المحور الثالث على الجوانب السياسية في القضية.
هنا أبدى صلاح ملاحظتين: الأولى، تتعلق بالمكاسب السياسية التي يمكن أن يحصدها السودان إذا أبرمت أية صفقة.. والثانية، هي ضرورة وضع القيادة السياسية في الصورة، إذ لم يعُد الأمر شأناً أمنياً بحتاً، فقد تقتضي التطورات قراراً سياسياً على أعلى مستوى. وافق الاجتماع على المحاور الثلاثة، وكلف لجنة برئاسة حسب الله لوضع تفاصيل الخُطة وعرضها على الاجتماع المقبل.



التعديل الأخير تم بواسطة النور يوسف محمد ; 31-08-2014 الساعة 10:53 AM.
النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-08-2014, 09:31 PM   #[4]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة الثانية

أرسله والده للدراسة في جامعة "لوممبا السوفيتية" لكنه تورّط في علاقة مع رفيقة كوبية هي "سونيا أوريولا".. حملت منه فطردوهما معا.. وعادت "سونيا" إلى هافانا لتضع طفلة لم يرها أبدا.
انضم بعدها إلى الجّبهة الشّعبية لتحرير فلسطين بترشيح من زميل دراسة هو محمد بوضيا، الذي وضع في يده رسالة إلى غسان كنفاني، في مجلة "الهدف" بيروت .
تعلم كارلوس فنون القتال على أيدي الفلسطينيين، ونفّذ أولى عملياته 1973 حيث أطلق النار على رجل أعمال يهودي إنجليزي "جوزيف ادوارد سيف". لكنه نجا من الموت رغم إصابته في أسنانه.
الأحد 22 سبتمبر 1975، كان 11 وزيرا للنفط يجتمعون في النمسا، بعد نصف ساعة من الاجتماع دخل 5 رجال وامرأة يرتدون معاطف طويلة ويحملون حقائب رياضية، وكان يقودهم كارلوس.
من مطالب كارلوس قراءة رسالة من سبع صفحات في الإذاعة النمساوية، قبل السماح له بطائرة للجزائر مع رهائنه، حيث قال إنه أقدم على هذه العملية لمجابهة مخطط رفيع المستوى يهدف إلى إقرار الوجود الصّهيوني في فلسطين، وأضاف أنه ينوي ضرب مؤيدي هذه المؤامرة وإبطالها.
وصلت الطائرة مطار الجزائر، حيث أصر الرئيس الجزائري هواري بومدين على خروج الرّهائن أحياءً، وخرج كارلوس من العملية بـثلاثة ملايين.
فيما بعد صرّح كارلوس أن بعض الوزراء في الجزائر استقطعوا المبلغ من عمولتهم حيث دفع العراق الفدية.
العام 1980 كان من المفترض أن يغتال كارلوس السّادات، بسبب اتفاقية "كامب ديفيد" وتم رصد 12 مليونا "من إحدى دول الرفض العربية" أثناء زيارة السّادات للنمسا، لكن ياسر عرفات عرف بالعملية وكشفها للمستشار النمساوي "برونوكرايسكي" الذي أبلغ القاهرة، فأُلغيت الزّيارة.
اعتقلت فرنسا زوجته "ماجدالينا" الفنزويلية، فأعلن كارلوس الحرب عليهم، راح يُفجِّر، ويُدمّر ويقتل بجنون، لِيُفـرجوا عنها.. إن المرأة لا الثورة هي السبب هذه المرة، لذا فرض على الفرنسيين رقصة التانجو الدموية على أنغام الرصاص والبارود وصراخ الضحايا.
كارلوس يقيم الآن في الزنزانة رقم 258187 ب- في سجن لاسنتيه الفرنسي، بعد حضوره مخدرا في تابوت من الخرطوم، كتب عليه بعدة لغات "انتهت مدة صلاحيته" .
انتهت سيرة حياة ابن لمحامٍ فنزويلي ثري بالعاصمة كرتاكاس، كان يعشق الماركسية والويسكي بالصودا والنساء وفنادق الـ5 نجوم.
لكن..
بينما اكتفى الأب بالنضال في الصّالونات والحانات، اندفع الابن في طريق المغامرات والمؤامرات، وكان الشرق الأوسط ملعبه الرئيسي. حيث النبوءات والمعجزات والمخابرات، وحيث يخاف النّاس من الأصدقاء أكثر من الأعداء.
اشترى إقامة كارلوس في الخرطوم الشيخ أسامة بن لادن، وقبض الثمن الشيخ حسن الترابي.
جاء كارلوس للخرطوم معتزلا محبطا مجمدا لم يعد له سوى النساء والخمر وفنادق الـ5 نجوم، وبميعته آخر زوجاته "لانا عبد السلام أدهم" وهي فلسطينية، تحت سن الـ20 تحمل الجنسية الأردنية، تخرجت طبيبة أسنان.. اشترت أحلامه المسروقة بالحب المسلوق، وقام بتعويض حماقاته السياسية بالجنس.
كان جواز سفره يحمل اسم الدكتور عبد الله بركات، وأقام بفندق هيلتون بعض الوقت. ثم حي العمارات، حيث السفارات الأجنبية والارستقراطية السودانية، جاءت إقامته على بعد 90 مترا فقط من منزل السفير الفرنسي، التي كانت دولته تريده حيا أو ميتا.
غرق في الخمر، في المكان الوحيد الذي كان يقدمها النّادي الديبلوماسي، وهناك عرف أجمل امراة في حياته من الشطة والشيكولاته.
عقد من اللّؤلؤ الأسود، بحر من الكحل ينبع من عينيها ويصب في قلبه، يقال إن اسمها "زينب المهدي".. وبلا شك إنها كانت عميلة المخابرات السّودانية.
كان عليها رصد حركاته وكتم أنفاسه، واستمرت أكثر من عامين تقدم تقريرا يوميا عنه.
لكنهم لم يكونوا بحاجة لهذه التقارير، فقد كانوا يعرفون ما يفعله أولا بأول بالصوت والصّورة .
وُضعت نسخة من تقارير "فيديو" كارلوس في خزانة حسن الترابي السّرية. والتي لم يفتحها إلا عندما بدأت المفاوضات السّرية بينه وبين "فيليب روندا"، مسؤول المخابرات الفرنسية.
ومعروف عن حسن الترابي أنه فرانكفوني الهوى، حصل على شهادة الدكتوراه من السّربون، وهو براجماتي، يتحرك بفقه التقية، حينما تنقصه "التقوى". وهو يُحرك في ذلك الوقت النظام من وراء الستار .



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-08-2014, 09:37 PM   #[5]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

في الحلقة الثالثة


( كارلوس .. أنا في الخرطوم لتأسيس حلف الإسلاميين الثوريين والثوريين العالميين !! جهاز الأمن يطرح ثلاثة خيارات لفرنسا لحل عقد كارلوس.. ماهي؟ )

1
وصلت رسالة عاجلة من مكتب السيد فيلب روندو في باريس يُخطرُ فيها جهاز الأمن باعتزامه زيارة السودان خلال الشهر المقبل، لمواصلة الحوار حول الموضوع العالق بين الطرفين. تفسير الخطيب لتلك الرسالة أن الفرنسيين جادون في إغلاق ملف كارلوس، ويحاولون التوصُّل لنتائج سريعة. كان تقدير صلاح وحسب الله أن ما يقوم به الفرنسيون نوعٌ من الضغوط التي يجب ألا يُستجابُ لها. ولذا قرَّرا أن يتجاهلا الرد على البرقية، أو على الأقل ألاَّ يرُدا عليها بشكلٍ عاجل، وخاصة أنهم في سباقٍ مع الزمن لترتيب أمورهم داخلياً.
2
قدَّم صلاح للترابي تقريراً ضافياً حول لقاءاتهم مع الفرنسيين، وأطلعه على الاستراتيجية التي تمَّ وضعها للتعامُل مع قضية كارلوس.. بدا الترابي زاهداً في موضوع كارلوس تماماً، فلم يُبد رأياً، بل استمع لما قاله صلاح بدون تعليق. أثار صلاح خلال اللقاء ضرورة إطلاع القيادة السياسية بالبلاد على الموضوع، فبحسب تقديراتهم إنهم قد يحتاجون لاتخاذ قرارات سياسية بالدرجة الأولى، فالفرنسيون ضاغطون لحسم أمر كارلوس.. اتفق الترابي مع صلاح دون أن يقُل كلمة. استغرب صلاح لزُهد الشيخ في ملف كارلوس، ولم يتحدَّث معه مرة أخرى فيه إلا في مناسبتين، إحداهما حين كان الشيخ مغادراً لأسبانيا عابراً بفرنسا، والمرَّة الأخرى قبيل اجتماعٍ شامل للقيادة السياسية في نهاية العملية.
3
وصل روندو برفقة مدير مكتبه جيروم إلى مبنى جهاز الأمن، وتلقى الترحيب اللازم، وبدأ المحبوب بفرنسية صافية أدهشت روندو في الأنس مع الضيوف مستعرضاً معرفته الواسعة بفرنسا تاريخاً وفكراً وفناً. ثم قال إنه كان شاهداً على مجموعة من الأحداث التي هزَّت باريس، غامزاً للعمليات التي قام بها كارلوس بباريس.. وصل صلاح وحسب الله متأخِّرَيْن بدقائق عن موعد الاجتماع.. بدأ حسب الله الاجتماع بشُكر الوفد الفرنسي على الحفاوة التي حظي بها وفدهم في باريس، ناقلين تحيات دكتور نافع لفليب بارت، مُبدين استعداهم للاستماع للسيد روندو بذهنٍ مفتوح.. ترجم المحبوب هذا الترحيب المحدود بروندو بإسهاب وجد ترحيباً من روندو، واستغرق عشر دقائق وسط دهشة صلاح وحسب الله من مقدرة المحبوب على تلك (اللولوة) الرائعة!!
4
«نحن الآن نستمع إليك بذهن مفتوح»، قالها حسب الله لروندو، وترجم المحبوب.. وبدأ فيليب روندو يشرح الموقف الفرنسي من قضية كارلوس.. تقريباً حكى روندو قصة كل الجرائم التي ارتكبها كارلوس على مستوى العالم، وما ارتكبه من جرائم على الأرض الفرنسية. ومضى للقول إن فرنسا لن يهدأ لها بال إلا بالقبض على كارلوس ومثوله أمام العدالة، مشيراً إلى أن التعاون الفرنسي الذي بدأ في قضية الجزائر مع السلطات السودانية يمكن أن يمضي بأفضل ما يكون إذا ما تمَّت تسوية قضية كارلوس.. كان الفرنسيون إبان اشتداد الأزمة الجزائرية وصعود جبهة الإنقاذ بعد فوزها المُجهَض بالانتخابات 1992م قد طلبوا من دكتور الترابي لعب دور في الحوار بينهم وبين جبهة الإنقاذ، التي كان الترابي يتمتع بعلاقات جيِّدة مع أشهر رموزها (بلحاج عباس).
5
بدأ حسب الله يقص على فيليب روندو الكيفية التي دخل بها (عبدالله بركات) إلى السودان دون علمهم، وأن مخابرات دولة ما، قد قرَّرت التخلص منه فدفعته لداخل السودان.. «لقد دلَّت تحرياتنا بعد المعلومات التي زوَّدتمونا بها أن الشخص المعني هو مستثمرٌ لبناني، أو هو مسجَّل في سجلاتنا الآن باسم (بديع الحاج ياسين) وأنتم تقولون إنه كارلوس.. طلبنا منكم بصمات لكارلوس حتى نقارنها ببصمات السيد بديع، ولكن لم يصلنا شيء، ومع كامل احترمنا لكل المعلومات التي قدَّمتموها من صورٍ ومستندات، إلا أننا لازلنا نفتقد الدليل الحاسم».. هنا نظر الجميع للسيد روندو وهو يأمُر مدير مكتبه جيروم بفتح الشنطة الصغيرة التي يحملها ليسلم أشرطة وورق عليه بصمات، قائلاً: «هذه هي، أو هذا هو الدليل. بإمكانكم أن تتأكدوا الآن».. نظر ثلاثتهم إلى المحبوب عبدالسلام طمعاً في مزيد من (اللولوة) للمخارجة.
6
بدا كارلوس مرتبكاً، وهو يقول لصدِّيق (الاسم الحركي في العملية لصلاح قوش) ما عنده من معلومات حول وجود عناصر إسلامية ثورية من السعودية ودول الخليج الآن بالخرطوم ويقومون بأنشطة. أنكر صدِّيق معرفته بأي أنشطة تقوم بها جماعات إسلامية، وأقرَّ بدخول مستثمرين عرب للبلاد بغرض توظيف أموالهم في مشاريع زراعية وطُرُق وغيرها.. قال كارلوس إن معلوماته تقول إن عناصر ثورية إسلامية قد دخلت السودان. حدَّق صدِّيق في كارلوس محاولاً أن يفهم...
قال كارلوس: «لابد من قيام هذا الحلف، وهو الحلف الذي سينقذ العالم»!!
- قال صدِّيق: «أي حلف؟»...
- كارلوس: «حلف الإسلامين الثوريين والثوريين العالميين»...
- اندهش صدِّيق لهذه الأحلاف العجيبة التي يفكر بها إرهابي عالمي مطارَد..
- قال كارلوس وقد رأى اندهاشة صدِّيق: «إذا استطعنا إنجاز هذا التحالف سنهزم الإمبريالية، وسنحرِّر الدول العربية والقُدس!! كان ذلك حلم أبي راميريز سانشيز.. كان أبي يقول لي إن السوفيت سيحرِّرون العالم ويقودنه لهزيمة الإمبريالية العالمية. كان أبي حين قذف بي لجهنم الحزب الشيوعي الفنزويلي يسعى لتحقيق هذا الحُلم الذي عاش حياته يناضل من أجله، ولكن للأسف طريقة السوفيت العقيمة هي التي هزمت أحلام أبي.. أنا أحاول أن أبحث عن طُرُق أخرى أكثر ذكاءً، طُرُق خلاَّقة لا يفكر بها الإمبرياليون.
7
بدا الاجتماع هادئاً وصلاح وحسب الله يشرحان للمجتمعين من قيادات الجهاز الخيارات المتاحة للتعامُل مع قضية كارلوس. قال حسب الله إن الخيار الأول الذي يرونه منطقياً هو الطلب من كارلوس مغادرة السودان.. صلاح: «يستند هذا الخيار على أسباب عديدة.. أولها، أن كارلوس تعده العديد من الفصائل الفلسطينية مناضلاً ضحَّى في سبيل قضيتهم لعشرات السنوات، وليس من مصلحتنا إفساد العلاقة مع تلك الفصائل التي تعتبر الآن السودان البلد الوحيد الذي يجاهد ويدعم قضيتهم دعماً حقيقيا.. ثانياً، أن كارلوس استجار بالسودان وأي تعامُل غير موافق معه يسبب حرجاً دينياً لنا، ثم إنه حتى الآن لم يتضرَّر السودان من وجوده ، فهو لم يفكر في القيام بأي عمليات انطلاقاً من السودان. الحقيقة أن نشاط كارلوس في العشر سنوات الأخيرة توقف تماماً ولم يعُد يشكل الخطر الذي كان يمثله في سبعينات وثمانينات القرن الماضي».
أضاف حسب الله: «إن كارلوس الآن ليس مطلوباً إلاَّ من قبل الفرنسيين في قضية مقتل شرطيين وقبل أعوام برأته محكمة فرنسية من تفجيرات في العاصمة باريس (تفجير محل دروغستير جيرمان 1974). هذا الخيار يجنبنا إشكالات كثيرة تتعلق بسمعة وصورة السودان عند العرب والمسلمين».. وقال حسب الله: «هذا الخيار مرهون بموقف كارلوس من مغادرة السودان ومدى قبول الفرنسيين للفكرة».
صلاح: «الخيار الثاني هو تسليمه للفرنسيين. وهو الخيار الذي يسعى له الفرنسيون بشتى السبل. هذا الخيار قد يفيد العلاقات السودانية الفرنسية وقد يساهم في تحسن العلاقات السودانية الأورُبية. يقطع هذا الخيار الطريق على الولايات المتحدة الأمريكية الطريق في استخدام قضية كارلوس لفرض عزلة عالمية علينا وخاصة بعد إشارت مادلين البرايت أن السودان يستضيف إرهابيين».
حسب الله: «إضافة لذلك، يتيح لنا هذا الخيار أن نضع شروطاً سياسية للاستفادة من العملية بمعنى أن باستطاعتنا تحقيق بعض المكاسب المباشرة».. مضيفاً: «عيب هذا الخيار الوحيد أنه سيؤثر سلباً على صورتنا في العالمين العربي والإسلامي».
صلاح: «الخيارات الأخرى مثل الاحتفاظ بكارلوس ليست ذات جدوى، فلم تعد له قيمة الآن وليس وارداً الاستفادة منه، فالطرائق التي يعمل بها ومعه المنظمات الثورية التي ينتمي إليها لا تناسبنا وعفا عليها الزمن.. دور كارلوس وتلك المنظمات انتهى الآن».
8
بدا الحوار حول الخيارين المطروحين ساخناً، حول أخلاقية التعامُل مع كارلوس وعن البُعد الديني في عملية تسليمه إذا ما تقرَّر ذلك. تمَّ نقاش الجانب السياسي من العملية بصورة براغماتية تُوازِنُ بين المكاسب والخسائر، وكيف تثق الدولة بوعود الفرنسيين، وهل هنالك مكاسب مضمونة ستحقق بمجرَّد الاتفاق على الصفقة؟! هنا بدأ طرح بعض التفاصيل المتعلقة بإنهاء علاقة فرنسا بالتمرُّد فى الجنوب وفك الحظر عن الأموال المُجمَّدة في اتفاقية لامي وغيرها. ولكن رأياً غاضباً رأى أن تترك التقديرات السياسية للقيادة العُليا ويحصر الجهاز رأيه في التقديرات الأمنية لعملية التسليم من عدمها.. هذا ما تمَّ رفعه للقيادة السياسية، وكُلف صلاح وحسب الله بعرض الخيارات مصحوبة بالتقديرات الأمنية مع إبداء الآراء السياسية كملحوظات لتتبنى القيادة أي من الخيارين تراه مناسباً.
9
بدأ اجتماع الثلاثي المفوَّض (حسب الله - المحبوب عبدالسلام - صلاح) بفيليب روندو ومدير مكتبه جيروم بحديث واضح وصريح أسْعَدَ روندو كثيراً.. قال حسب الله في بداية الاجتماع: «الآن تأكدنا من أن السيد (بديع) المستثمر اللبناني هو بالفعل كارلوس من خلال البصمات والمستندات التي قدمتموها».
أضاف صلاح: «استغرقت تحرياتنا هذا الزمن لأسباب عديدة، فالقضية كما تعلمون معقدة وتحتاج لصبر»...
ضحك روندو وقال: «صبرتُ على كارلوس خمسة وعشرين عاماً»..
اقترح المحبوب أن توضع أجندة للحوار الذي يبدأ الآن في ظلِّ التطوُّرات الجديدة، مشيراً إلى ضرورة وضع خيارات التعامُل مع كارلوس كلها على الطاولة ليجري الحوار بشفافية.
أكد روندو على اقترحات المحبوب، مشيراً إلى أن المحبوب يُدركُ أهمية الشفافية في ثقافة الفرنسيين..
- حسب الله: «مجرَّد إعلاننا بوجود كارلوس بالخرطوم يؤكد أننا راغبون في التعامُل بالشفافية اللازمة»..
- صلاح: «يعلم السيد روندو أن كارلوس لم يدخُل السودان برغبة الحكومة، ولاهي دعته أو استضافته.. جهة ما دفعت به إلينا.. من المؤكد أيضا أن السيد روندو يدرك حساسية قضية كارلوس في العالم العربي، وهي الشيء الذي جعلكم تطلبون من السوريين والعراقيين لاحقاً إبعاده إلى الأردن، وليس تسليمه لكم.. علاقة كارلوس عموماً بالقضية الفلسطينية وبالفصائل وثيقة، هم يرون أن كارلوس ناضل في سبيل قضيتهم.. وكما تعلم موقفنا من القضية الفلسطينية وعلاقتنا الممتدة مع فصائلها كافة، الشيء الذي يعقد طرائق التعامل مع كارلوس.. ولا شك أن الفرنسيين واعون بهذه التعقيدات.. نحن الآن نود أن نبحث معكم بكل وضوح طريقة التعامُل مع كارلوس في كافة أبعادها»..
- تساءل روندو: «هل يعني ذلك أن المطلوب منا طرح خيارات، أم أن الخيارات ستأتي من طرفكم لنناقشها؟»..
- قال حسب الله: «ليست القضية قضية خيارات، فالخيارات واضحة أمامنا، فإما تسليم كارلوس لكم بواسطة الإنتربول، أو إبعاده إلى دولة أخرى تقبل به، على أن تتعاملوا أنتم معه من بعد بالصورة التي تقرِّرونها»..
- «صحيح، أنا أوافق أننا أمام خيارين فقط».. قال روندو..
- صلاح: «نحن نبحث عن خيار يجنبنا الخسائر السياسية.. لابد أن نجد طريقاً آمناً حتى لا تنفجر القضية في وجهنا.. وقتها لا نعرف موقف أصدقائنا الفرنسيين على أي نحو سيكون»..
- ابتسم روندو قائلاً: «سنكون بجانبكم دائماً»..
- قال المحبوب: «نحن ننتظر من أصدقائنا مساعدتنا، تدركون مدى حاجة السودان للأصدقاء في هذه الظروف التي يمر بها»..
- قال روندو للمحبوب: «من قبل احتجنا مساعدتكم في الجزائر وتعاملتم معنا بشكل إيجابي.. لا شيء يمنعنا من عونكم متى ما استطعنا»..
اقترح حسب الله رفع الاجتماع لترك الفرصة لروندو لمخاطبة باريس في شأن الخيارين، وتوضيح موقفنا منها.. فقال روندو انه مفوض بالكامل.. «ولكن لا بأس من رفع الاجتماع لنواصل بعد يومين».
تلقى د. نافع علي نافع تقريراً بكل ما دار في اجتماعات (الثلاثي) مع المندوب الفرنسي، وكتب تعليقاً يُشيرُ لضرورة عرض الخيارين للقيادة السياسية التي جرى تنويرها بشكل محدود.
10
دعا حسب الله وصلاح والمحبوب للاجتماع الذي سينعقد مساء الغد.. شدَّد نافع في تعليقه على ضرورة بناء جسور ثقة مع الفرنسيين على خلفية الملف، واعتبر أن كسب ثقة الفرنسيين هو المكسب المنتظر من كل هذه القضية.
11
في مساء ذات اليوم، تمَّ تسريب خبر حول وجود كارلوس بالخرطوم، الشيء الذي أغضب الثلاثي المفاوض، إذ اعتبروا أن ذلك من تسريبات الشرطة الفرنسية لزيادة الضغط عليهم، وخاصة بعد أن استلموا تقرير روندو حول اجتماعات الخرطوم. أُبلغ هذا الموقف عاجلاً للسيد روندو بالخرطوم، مشيرين لضرورة عدم نشر أي معلومات حول ما يجري بالخرطوم إلا بعد الاتفاق بشكل كامل على تفاصيل العملية. أنكر روندو أنّ أياً من منسوبيه له صلة بتسريب معلومة حول كارلوس بالخرطوم، مشيراً إلى أن وفدهم سيصاب بخيبة إذا فشلت مهمتهم لأي سبب.
12
استغرق (المفاوضون الثلاثة) أقلَّ من ساعة زمن، وهو ما الذي أتاحه لهم رئيس الجلسة لسماع قضية كارلوس.. سار الثلاثة وفق الخُطة التي أعدوها مسبقاً، وعرضوا القضية بشكل موجز ومقنع.. صحيح أن بعض الأصوات - كما توقعوا - كانت خارج الشبكة، وبعضها الآخر كان غاضباً من إبقاء قضية كهذه في الخفاء لمدة ستة أشهر كاملة دون علم المكتب القيادي.. لم يتوقف المجتمعون كثيراً في الإشكالات الجانبية، وركزوا على مناقشة الخيارين المطروحين.. خلُص الاجتماع في نهاية الأمر لتجديد الثقة في تيم التفاوض، وقرَّروا أن يتركوا الباب مفتوحاً للخيار الثاني (خيار التسليم) إذا استجدَّ جديد. كما طالب الاجتماع المفاوضين الرجوع إليه لأخذ القرار النهائي بعد التوصل مع الفرنسيين للاتفاق.
13
تنفَّس ثلاثتهم الصعداء بانتهاء الاجتماع بالسلامة ودون خسائر تُذكر، إلا أن مهمَّتهم من الآن وصاعداً ستُصبح مراقبة كارلوس، ولن يكون بوسعهم التحرُّك أو التفاوُض بحرية كما فعلوا طيلة الأشهر الماضية. الآن مهمَّتم في اتجاهين: الفرنسيون من ناحية، وكارلوس من الناحية الأخرى.. الفرنسيون مقدور عليهم، إذ ليس بوسعهم أن يتصرَّفوا خارج ما هو متفق عليه.
14
«سنكون شفافين لأقصى درجة، فقط نرجو أن تتفهموا موقفنا وهو موقف سهرنا عليه طويلاً. بالأمس طرحنا رأينا للقيادة السياسية للدولة، ولحُسن الحظ وجدنا تقديراً للمسافة التي اجتزناها معكم.. وهناك تطلع لعلاقات فرنسية - سودانية متطوِّرة».. قال المحبوب..
«نحن مكلفون لنبحث معكم الخيار الوحيد المتاح لنا الآن وهو خيار مغادرة كارلوس. علينا بحث تفاصيله حتى لا نضيِّع الوقت في بحث خيارات طرحناها أمام القيادة، وأبدت تحفظات حولها ».. قال حسب الله.
«نحن ندرك أن الخيار المفضل لكم هو خيار التسليم وللأسف بعد اجتماع القيادة بالأمس لم يعد هذا الخيار موجوداً على الطاولة».. أكد صلاح..
في الأثناء، كان فيليب روندو يسجِّل على أوراق صغيرة اعتاد أن يدوِّن عليها تفاصيل اجتماعاته، فدوَّن كل كلمة قالها الثلاثي المفوَّض. بعد أن أنهى الثلاثة كلماتهم، رفع الجنرال العجوز رأسه وأصلح نظارته وبدأ ينظر اليهم لثوانٍ، قبل أن يتوجَّه إليهم بحديثه: «سأكون صريحاً معكم.. أخشى أن تكون حساباتكم السياسية ـ مع احترامي لها ـ بها كثير من الخلل.. دعوني أشرح لكم القضية.. كارلوس بالنسبة لنا قضية تتعلق بأمن فرنسا.. لقد فجَّر ودمَّر وقتل مواطنين فرنسيين أبرياء، وسبَّب جُرحاً غائراً لدى الفرنسيين واهتزَّت ثقتهم في شُرطتهم وأمنهم، ولا شيء يمكن أن يعيد الاطمئنان إلى نفوسهم سوى أن يروا كارلوس أمام العدالة، وقتها سيرتاح أهالي الضحايا، ويستعيد المواطنون الثقة في أمن بلادهم.. وهذه أشياء لا يمكن الاستهانة بأثرها على مستقبلنا. لا شك أنكم تعرفون ماذا يعني أن يفقد المواطنون الأمن في بلادهم؟ أنا كنت جنرالاً محارباً في الحرب العالمية الثانية.. كنا نقاتل من أجل هذا المعنى تحديداً.. أنتم شباب وقد مات آلاف الشباب الفرنسيين في أعماركم لتبقى فرنسا آمنة، إذ لا قيمة لدولة لا توفر الأمن لشعبها. كارلوس الآن يعني لنا ذلك.. إكساب أجهزة الأمن المصداقيَّة والقدرة على حماية مواطنيها بالوصول دائماً للمجرمين، ويعني أيضاً أنه ليس بوسع أحد أن يرتكب جرائمه على الأرض الفرنسية ويفلت من العقاب.. فرنسا لن تتسامح في ذلك.. مرَّت أكثر من عشرين عاماً ونحن نطارد كارلوس.. قد يرى كثيرون أنه لا معنى لذلك، ولكن جوهر الحكاية أننا لا نطارد شبحاً اسمه كارلوس.. إننا معنيُّون بأمننا، وكارلوس يمثل عنواناً لتلك العناية»..
أُرهق المحبوب عبدالسلام وهو يترجم هذا الجُزء الطويل من إفادة فيليب روندو، بينما جفَّ حلق روندو، فتناول كوب ماء بجانبه.. «هذا بعض ما أود أن أقوله لكم».. واصل روندو: «أرجو أن تسمعوني جيداً، فلديَّ نقطتان مهمتان: الأولى، تتعلق بالخيار الذي وضعتموه أمامي الآن، وهو خيار إبعاد كارلوس عن السودان. هذا الخيار يفرض علينا تعقيدات شتى، أولها بحسب معرفتنا أنه لا دولة الآن على كوكب الأرض على استعداد لاستقبال كارلوس، فهو ليس أكثر من عبء على الأنظمة.. لقد طاردناه في سبع دول وظللنا نحصُل على ذات النتيجة، وهي إبعاده إلى خارج حدودها، وللأسف ليس هنالك دولة ترحب به الآن على أراضيها بسبب انه لم تعُد له قيمة، فمنظماته انهارت كلها.. لم يعُد كارلوس يخيف أحداً، كما انه لا يحقق مصلحة لدولة، بل سيعقد علاقات أي دولة تأويه مع العالم.. تلك هي مشكلة أولى ستواجهنا، أو بالأحرى ستواجهكم حال استقرَّ رأيكم على هذا الخيار.. المشكلة المعقدة الثانية، هي أن كارلوس واعي تماماً بهذه الحقائق، فلن يجازف بالخروج من السودان لأي دولة لأنه يدرك أن الضمانات منعدمة. أنا أعرف كارلوس، فهذا الملف بيدي لأكثر من عشرين عاماً.. أعرف تماماً النفسية التي ينطلق منها كارلوس، والحذر الذي يحيط بكل تصرُّفاته.. فحين يلوح خطر ما في أفق حياته، غالباً ما يتصرَّف بطريقة لا يتوقعها أحد.. هل باستطاعتكم معرفة ردَّ فعل كارلوس حال إبلاغكم له بمغادرة السودان؟! أنا نفسي لا أستطيع التنبؤ بما سيجري في اليوم التالي.. عليكم أن تكونوا حذرين.. نحن لا نكاد نفهم جيداً طرائق استجابته في لحظة الخطر».
تابع روندو مكملاً حديثه: «دعوني أذهب بكم للنقطة الأخيرة، وهي موقف فرنسا.. مؤكد أن الفرنسيين سيشعرون بخُذلان شديد من موقف الحكومة السودانية، والتي كانوا يتطلعون إليها بأن تعينهم في إغلاق هذا الملف الذي أثقل ضمائرهم بأوجاع كثيرة.. بالطبع سيكون ذلك مؤشر سيء على عدم استعداد القيادة السودانية للتعاطي بشكل إيجابي بفتح آفاق العلاقات الفرنسية السودانية على مستقبل تتحقق فيه مصالح الأطراف كافة».
أخذ روندو نفساً طويلاً، وجمع قصاصات أوراقه الصغيرة من أمامه، ونظر لجيروم الذي أخذها منه إلى الشنطة.. وقال: «أرجو أن أكون قد أوضحتُ لكم الموقف كما أتصوَّره.. الآن ليس لديَّ المزيد لأقوله لكم... عليكم أن تُمعنوا النظر في ما قلت.. لستُم مطالبين الآن بمواصلة التفاوُض، وسأكون بالخرطوم لمدة 48 ساعة أخرى.. أرجو أن أسمع منكم رداً مناسباً



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-08-2014, 09:40 PM   #[6]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة الرابعة

1
كان المحبوب يعرف طريقة الفرنسيين حين لا يرغبون في مواصلة الحديث أو رغبتهم في إنهاء اجتماع ما.. عادة تترك الطاولة أمام المتحدث الرئيس خالية تماماً وهو ما فعله روندو.. بغضب.. اقترح المحبوب رفع الاجتماع ومواصلته في الغد.. انفضّ الاجتماع هناك، وترك الجميع وكأن على رؤوسهم الطير.. استخدم هذا الجنرال المدهش كل ما عرفه من تقنيات ومهارات في التفاوض.. (كان يدرسها في جامعات فرنسا)..
- المحبوب: "صعب، لأن تلك الدول لن تسمح له إلا عبر إجراءات رسمية. كارلوس دخل السودان بلا تأشيرة ولن نجد دولة أخرى تسمح بذلك في العالم.. ثم إن الدفع به لأي دولة بطريقة غير قانونية يمكن أن يسبِّب لنا إشكالات سياسية وقانونية".
- حسب الله: "المهم في هذه النقطة موقف كارلوس نفسه، هل سيوافق على الذهاب لأي دولة ودون أن يجد الضمانات الكافية؟!"...
- صلاح: "هو على كيفو!!"...
- حسب الله: "طيِّب، إذا ما على كيفو، ما نسلمو وننتهي.. إذا القصة بالقوة يعني"...
- قال المحبوب: "الموقف الفرنسي أيضاً سيكون مهماً، لأن فرنسا بالتأكيد لا ترغب في تسليمه لأية دولة، ولن توافق على إبعاده لأية دولة غير متعاونة معها، أو يمكن أن تتيح الفرصة لكارلوس للاختفاء إلى الأبد"...
- صلاح: "تلك مسؤولية الفرنسيين، ولا أعتقد أننا سننتظر موافقتهم إذا ما وجدنا دولة يمكن أن تستقبله"...
- حسب الله: "الغرض من طرح هذه النقطة هو أن إيجاد دولة ليس عصياً، فهنالك احتمال لا يزال قائما، والأهم أن بحث هذا الاحتمال، وإمكانية تحقيقه لابد أن يكون مهمة الطرفين، مهمتنا ومهمة فرنسا"...
- المحبوب: "هذه نقطة جيدة، على العموم يمكن أن تطرح للحوار مع روندو، على الأقل سنعرف ماذا إذا كانوا مستعدين للتعاوُن في البحث عن تلك الدولة أم لا؟"...
- صلاح: "القضية التي انتبهتُ لها أثناء الحوار بالأمس، هي أن روندو ركَّز كثيراً على الأمن الفرنسي، وكأنَّ أمن الآخرين ليس مهماً بذات الدرجة.. بمعنى، أن الفرنسيين الذين يطلبون منا الآن تسليم كارلوس بدعوى أن ذلك يحقق الأمن لمواطنيهم، لا يأبهون لأمن مواطنينا.. مثلاً، إذا قُمنا بتسليم كارلوس غداً، فكيف نأمن ألاَّ تكون بلادنا مسرحاً لعمليات إرهابية انتقامية من الجماعات التي ينتمي لها كارلوس؟ وما أكثرهم.. السوريون والعراقيون حين اكتفوا بإبعاده عن أراضيهم كانوا يتحسَّبون لتلك المخاطر.. لماذا نعرِّض نحن أمننا للخطر إذا كان الجميع يرفضون هذه المغامرة؟. وإذا كان أمن الفرنسيين بهذه الدرجة من الأهمية، فما الذي يجعل أمن السودانيين ليس مهماً وبلا قيمة؟! فالمطالبة بتسليم كارلوس ستعرِّض أمننا للخطر"...
كاد المحبوب وحسب الله يُصفِّقان لصلاح لأن تلك النقطة كانت حاسمة ومقنعة لدرجة بعيدة، غير أنهما اتهما صلاح بأن جلساته مع كارلوس قد أثَّرت في أفكاره بشكل عميق!!.
2
لم تشهد قاعة الاجتماعات في جهاز الأمن في تاريخها اجتماعاً متوتراً وعاصفاً كالذي شهدته في ذلك اليوم.. كان ثلاثي الفريق المفاوض (حسب الله وصلاح والمحبوب) في غاية التوتر، وكذلك العجوز الجنرال فيليب روندو.. تدفقت أنهُر من الحُجج من المُشاركين في الاجتماع، بينما كان السيد جيروم مدير مكتب روندو يسجِّل كل كبيرة وصغيرة بعناية فائقة.
- حسب الله: "نحن آسفون إذا أخذنا بعض الوقت لبلورة خيارنا الذي سنطرحه الآن عليك. كما تعلم، فإن القضية المطروحة شائكة وتحتاج لكثير من الجهد وإعمال الفكر حتى نتوصَّل لقرارٍ صائبٍ يستجيب لتطلعات كل الأطراف ويحقق مصالحها. القرار الذي اتخذ في أجهزتنا المعنيَّة هو مغادرة كارلوس لجهة يُتفقُ عليها بيننا وبينكم ما أمكن ذلك، أخذنا هذا القرار بناء على حيثيات تتعلق بمواقفنا المبدئية كما تتعلق بمصلحتنا وأمننا القومي".
- المحبوب: "أظن أننا قلنا من قبل إن مواقفنا المبدئية والتزامنا بعدالة القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في استعادة أراضيهم ودعم نضالهم العادل ظلت سياسة ثابتة للسودان منذ سنوات طويلة، ولذا فإننا حسَّاسون تجاه أي قضية يمكن أن تهز هذا الموقف المبدئي. قضية كارلوس والتزامنا بمعالجتها بحيث لا تُضارُ مواقفنا القومية تأتي في هذا السياق. فلن يكون بوسعنا هندسة ترتيبات تُخِلُّ بالتزاماتنا القومية، فكارلوس لدى المنظمات الفلسطينية التي ندعم نضالها رفيق أعطى للحركة الفلسطينية عمره وجهده، رغم اختلافنا معهم حول هذا التقييم، ولكن لن نستطيع تجاوزه على الأقل الآن.. صحيح أن كارلوس متهم بارتكاب جرائم بحق الفرنسيين، ما يجعل فرنسا على حق في المطالبة بمثوله أمام العدالة. ولكن من جانبنا لا نود أن نمثل شرطياً لأي طرف. مهما اختلفت تقديراتنا، ولكن بدا لنا القرار الأصوب أن يُبعَدَ كارلوس عن أراضينا ما لم يستجد جديد يغيِّر الحسابات السياسية في المستقبل".
- قال صلاح الذي كان أكثرهم حماسا في ذلك اليوم: "قلت يا سيد روندو إن أمن فرنسا ومواطنيها يتعلق بقضية كارلوس. وهذا من حقكم، كما أنه من حقنا مراعاة أمننا وأمن مواطنينا بذات الدرجة. تسليم كارلوس قد يؤثر على أمننا القومي. تعلمون أن دولاً كثيرة ظلت ترسل كارلوس لخارج حدودها بسبب المخاوف الأمنية التي يمكن أن يسبِّبها تسليمه لفرنسا.. انتقل كارلوس من لبنان إلى سوريا، إلى العراق، إلى اليمن، إلى سوريا مرَّة أخرى، ثم أُبعد منها إلى الأردن، التي دفعت به إلينا، دون علمنا كما تعلمون، بل كما وافقتم عليه أنتُم، وكنتُم تراقبون العملية بحسب معلوماتنا حتى ساعة إقلاع الطائرة من مطار الأردن.. إذن أنتم والأردنيون من وضعتمونا في هذا الموقف الصعب، وتسعون الآن لندفع ثمنه.. بالطبع هذا ليس عدلاً.. ليس بيننا وبين كارلوس أي علاقة وليس لدينا علاقة بأي منظمة إرهابية في العالم، ولذا لو أنكم تركتُم لنا الخيار لمنعناه أصلاً من الوصول إلى بلدنا.. الآن نحن نحاول أن نعالج أمراً فُرض علينا بأقل الأضرار.. بالتأكيد إذا ما استجبنا لرغبتكم وقُمنا بتسليم كارلوس، فاحتمالات أن يتعرَّض أمننا للخطر واردة بشكل كبير. وقد تتهدَّد مصالحنا في الوطن العربي والعالم.. فكما ترغبون في حماية مصالحكم وأمنكم، فإننا نأمل أن تقدِّروا أن لنا مصالح يهُمُّنا المحافظة عليها".
بعد أن انتهى صلاح من حديثه، نظر روندو إلى الأوراق الصغير المبعثرة أمامه وهو يأخذ نفساً عميقاً، ليتناول بعدها كوب ماء بالقرب منه، وقال: "إذاً، لقد رفضتُم طلبنا بتسليم كارلوس؟ أنا لستُ موافقاً على ما أثرتموه من حُجج، ولا أعتقد أنها ترُد بقدرٍ كافٍ على منطقنا الواضح، ولكن لن أجادل الآن.. لنمض قُدُماً في سماع رأيكم في تفاصيل الخيار الوحيد الذي أبقيتموه على الطاولة.. وقبل أن أستمع إليكم، دعوني أُسدي لكم نصيحة كأخٍ كبير، وقد أكون أباً، للمحبوب مثلاً"...
صلاح وحسب الله قالا في صوتٍ واحد: "ولكن المحبوب أكبر منا سناً"!!
ابتسم روندو، وواصل: "قضيتُ من عمري أربعين عاماً أتحلق حول طاولات المفاوضات، منذ الحرب العالمية الثانية وأنا أجلس بأوراقي الصغيرة على الطاولات، فتعلمت درساً مهماً، وهو أن أحتفظ بأوراقي الصغيرة هذه، أكتب عليها كل شيء، كما تعلمتُ ألا أمزِّق أي خيار أو أقصيه من على الطاولة.. إقصاءُ خيارٍ يعني إغلاق باب يُمكنُ أن نحتاج إليه يوماً ما.. فأرجو وأنتم تفاوضون أياً كان في أي قضية كانت ألا تقصوا خياراً.. بإمكانكم ترتيب أولويات الخيارات بطرفكم، ولكن احتفظوا بكل الخيارات لأقصى وقت ممكن.. تلك نصيحتي لكم.. الآن، أنا جاهزٌ للاستماع لتفاصيل خياركم.. تفضلوا



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-08-2014, 09:42 PM   #[7]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة الخامسة

1
"نشكُرُك على تفهُّمك لموقفنا، ولا شكَّ أن نصحيتك موضع تقديرنا، ونأملُ أن تكلل هذه المفاوضات بالنجاح المرجو".. قال حسب الله..
- بدأ صلاح في سرد ما تمَّ الاتفاق عليه من مقترحات حول ترحيل كارلوس، وقال: "ليست هنالك خُطة مُفصَّلة يُغادرُ وفقها كارلوس إلى دولة ما، ولكن هنالك تصوُّراً عاماً، وهو أن يتمَّ ترحيل كارلوس إلى جهة نتفق عليها معكم، إن أمكن ذلك"...
- هنا ابتسم روندو بلا تعليق.
- واصل صلاح: "بنظرة إلى الدُّول التي يمكن أن تستقبله، بحسب تقديرنا، ثلاث دول، هي: الأردن الدولة التي يحمل جوازها، أو اليمن وهي الدولة التي يعرفها كارلوس جيداً ويحمل أيضاً جوازها وسبق أن قال لي إن ناصر العليان رئيس المخابرات اليمني قد طلب إليه أن يعود إليها متى ما قرَّر مغادرة السودان.. صحيح أن العليان قد أطيح به، ولكن لا تزال هنالك فرصة في اليمن، وأخيراً لبنان وهي الدولة التي يملك فيها كارلوس حتى الآن معسكرات ومنظمات. هنالك دول أخرى يمكن وضعها في اللائحة بعد معرفة موقف الدول التي ذكرناها».
- وتابع حسب الله: "بالطبع سنحتاج لعونكم في إقناع تلك الدول باستقبال كارلوس.. نعرف علاقاتكم المتميِّزة مع الدول الثلاث. يُمكننا بالطبع العمل معكم في هذا الاتجاه ، إذا وافقتم على فكرتنا العامة هذه، يمكننا بحث التفاصيل لاحقاً حول كيفيَّة إتمام العملية".
- روندو: "ليس هنالك جديد فيما سمعت.. أعرف أن المسألة معقدة، وكنتُ أنتظر منكم خطة واضحة لما اقترحتم، ولكن أعدتم لنا الأمر مرَّة أخرى دون جديد.. يبدو أنكم بحاجة لإعادة دراسة الموقف.. من جانبنا، ليس في إمكاننا تقديم أي نوع من المساعدة. الدول التي ذكرتموها سبق وأن أخرجنا منها كارلوس بطلب مباشر منا، أو بضغوط من آخرين. تلك الدول لن توافق على إعادة كارلوس إليها، ولا يمكننا الطلب منها استقباله إلاَّ أن نكون عبثيين في نظرهم. بإمكانكم أن تجرِّبوا أنتم، وإن كنتُ لا أنصحكم بإضاعة الوقت بغير ثمرة، فهذه الدول دفعت ثمناً غالياً باستضافتها لكارلوس، ولن تكرِّر التجربة. من الخطر أن تفكِّروا في إرساله إليها دون علمها، إلا إذا أردتُم أن تُفسدوا علاقاتكم معها. هذه الدول تراقب الآن كارلوس جيداً، ولن تسمح له بالوصول إلى أراضيها، ولنا اتصالات معهم ونعرف أنهم الآن مهتمون بحسم المسألة معكم.. ليس ميسوراً حتى أن تدفعوا بكارلوس دون علم تلك الدول.. هنالك معضلة أخرى ضعوها في حساباتكم، وهي موقف كارلوس نفسه.. كارلوس لن يغادر السودان لأيٍّ من تلك الدول بموافقته.. ما لدينا من معلومات أنه جرى تحذير كارلوس بعدم العودة نهائياً لأراضي تلك الدول، وقد وافق على ذلك، وهو يعلم أن قبول تلك الدول بعودته يعني تسليمه للعدالة، ولذا هنالك استحالة في أخذ موافقته بالعودة لأيٍّ منها. أرجو أن أكون قد أوضحتُ التعقيدات التي تحُفُّ بالخيار الذي اخترتموه.. قبل أن أختم حديثي، لي كلمة ضعوها نُصب أعينكم، وهي: إن فرنسا تأمَلُ في طي ملف كارلوس بما يُسهمُ في تدعيم علاقات السودان مع الغرب ويُسهمُ في تطوير العلاقات الفرنسية السودانية، وهذا إذا كنتم تتحدَّثون عن المصالح القومية، عليكم النظر لهذا الجانب ووضعه ضمن الحسابات السياسية التي تبنون عليها خياركم".
نظر ثلاثتهم لبعضهم بعضاً، بينما يمسح السيد روندو الطاولة بيده.
قال حسب الله: "لا تزال أمامنا فرصة لمعرفة الإمكانية، على الرغم من أن حديثك لم يكُن مشجِّعا لنا في تعاوُنكم الذي كنا نأمله، إلا أننا سنحاول بأنفسنا اكتشاف ما هو مُمكنٌ فعله من خلال اتصالات متعدِّدة مع تلك الدول، أو غيرها".
- صلاح: "بالنسبة لموضوع موافقة كارلوس، لا تزعجنا كثيراً، إذ إنه في الأصل لم يصل برغبتنا، وبإمكاننا إرغامه على المغادرة دون رغبته، فليس ثمَّة ما يُزعجُ في ذلك".
- وقال المحبوب: "علمنا أنك ستغادر الليلة لباريس.. من المؤكد أن قنوات الاتصال ستظلَّ مفتوحة بيننا، وعلى كلٍّ نأملُ حسم الملف بما يحقق مصالح الطرفين".
ارتاح روندو شيئاً ما لعبارة المحبوب.. المحبوب يُدركُ أن الفرنسيين يُحبون أن تنتهي المفاوضات بأملٍ ما، وإن كان غير قابلٍ للتحقق.. قبل أن ينهض روندو من على كرسيِّه فجَّر سؤالاً أربك صلاح وحسب الله، إذ قال: "علمتُ أن الترابي سيمُرُّ بباريس قريباً، هل هذا صحيح؟!".. نظر ثلاثتهم لبعضهم، وأكدوا للسيد روندو أن ليس لديهم علمٌ بذلك.. الوحيد الذي كان يعلم هو المحبوب، ولكنه آثر ألا يتدخَّل حتى يعرف ما يدورُ في ذهن روندو، وماذا يرمي من إلقائه لهذا السؤال في هذا الوقت تحديداً.. تُرى، ماذا يريد روندو من الترابي؟! ستبقى تلك الأسئلة معلقة إلى حينٍ، وسيظهرُ تفكير الفرنسيين في ممارسة ضغوط متنوِّعة على الحكومة.
2
ما إن وصل فيليب روندو لباريس حتى طلب اجتماعاً عاجلاً مع فيليب بارت، رئيس جهاز الشرطة الفرنسية. حملت أجندة روندو بندين مهمين:
الأول، يتعلق بنتائج المفاوضات مع جهاز الأمن السوداني،
- والثاني، يتعلق بموضوع ترتيب لقاء مع الترابي حين مروره على باريس خلال الشهر الجاري (مايو 1994).
كان روندو يبعث بكل تفاصيل اجتماعات الخرطوم للسيد بارت قبل أن يصل لباريس ولكنه قرر لقاءه لتقييم الموقف الكلي من قضية كارلوس.. الموقف يحتاج إلى قراءة جديدة وتبادُل وجهات النظر لاتخاذ ووضع خطة للتعامُل مع مخاوف السودانيين في موضوع تسليم كارلوس.
قال روندو: "إن جهاز الأمن السوداني يتخوَّف من تسليم كارلوس ويخشى التداعيات الأمنية جرَّاء تسليمه، ولذا يرى أن أفضل الخيارات هو ترحيله من السودان لدولة أخرى. هذا هو الموقف الذي سبق أن أبرقتُ به إلى سيادتكم. ومن جهة نظري، أنه لا بد أن نتفهَّم مخاوفهم ونتيح الفرصة لهُم إذا ما نجحوا في إيجاد دولة بإمكانها استضافته، وتقديري أن ذلك مستحيل، ولكن دعهم يجرِّبون. أقترح رفع مستوى التفاوض، لأن القرار السياسي في السودان الآن بأيدٍ هي خارج السلطة الرسمية. الترابي يلعب دوراً مهماً وله نفوذٌ واسعٌ في دوائر صنع القرار رغم أنه لا يتقلد منصباً رسمياً، ولدينا فرصة الآن للقاء الترابي بباريس.. أخطرني ضابط الاتصال الخارجي (شانيل)، أن الترابي بحسب معلوماتهم سيُلقي محاضرتين في مدريد يومي الثالث والرابع عشر من هذا الشهر، وسيكون بمطار شارل ديغول يوم الخامس عشر من مايو. ترتيب لقاء معه للاستماع لوجهة نظره سيكون مفيداً، ولتشجيعه على لعب دور لإقناع أطراف نافذة في الحكومة السودانية بتسليم كارلوس. الترابي بما لديه من نفوذ قادرٌ على إقناع السلطات هُناك بالتعاوُن.. إذا وافقتم، فسأطلب من السفارة السودانية بباريس ترتيب لقاء أثناء مروره بباريس، وأعتقد أن ساعتين كافيتان لمعرفة وجهة نظره".
أثنى فيليب بارت على مجهودات فيليب روندو، وأكد أنه ظلَّ يتابع الملف عبر البرقيات التي يبعثها طيلة فترة وجوده في الخرطوم. وأشار لرندو أن عليه ألاَّ يقلق، إذ ليس أمام السودانيين في النهاية التي يراها وشيكة من خيارٍ سوى تسليم كارلوس، وهي مسألة وقت فقط.
- وقال بارت لروندو: "علينا أن نعمل في محورين: الأول، رفع مستوى التفاوُض وتنشيط الاتصالات بقادة الجهاز، وأعتقد أن لقاء الترابي سيكون مهما.. الجانب الآخر، هو زيادة الضغط على الحكومة السودانية.. بإمكاننا الاستفادة من تعاوننا مع الأمريكان في تحريك ملف السودان بمجلس الأمن وفي الاتحاد الأوروبي بالتهديد بتصعيد العقوبات المفروضة على الحكومة السودانية التي تُحِسُّ الآن بعُزلة عالمية. قبل يومين وردت إشارة من الـ(سي.آي.إيه) تتعلق بطلب معلومات حول ملف الإرهاب في السودان، واستفسروا عن مستجدَّات ما يجرى في المفاوضات مع الحكومة السودانية بشأن تسليم كارلوس. إلى الآن أبقيناهم خارج الصورة، ولكن يمكن الاستفادة من ضغوطهم لتليين موقف الحكومة. بدأنا اتصالات مع المخابرات المصرية وواضح أنهم يتابعون الملف بشكل جيِّد وقالوا إن لديهم معلومات مهمَّة لا نعرفها ووعدوا أن يسلمونا ما لديهم عن كارلوس في السودان وأنشطته، وأبدوا استعدادهم للعب أي دور مطلوب. زيارة وزير الداخلية باسكواه لمصر يمكن الاستفادة منها في طلب ممارسة ضغوط مصرية على السودان للقبول بتسليمه. أشعُرُ أننا اقتربنا من نهاية القصة وعليك المثابرة وقليل من الصبر، أم أنك تعبت أيها العجوز؟!".. قال جملته الأخيرة ضاحكاً ومازحاً.
- "حين أتذكر رفقائي الذين قُتلوا نتيجة لغدر كارلوس يزداد إصراري وحماسي لإنهاء القضية بتقديمه للعدالة. صحيح أننا اقتربنا من خط النهاية، ولكننا نحتاج لكثير من الصبر".. قال فيليب روندو.
- بارت: "أرجو أن تشرع في الاتصال بالسفارة السودانية في باريس لترتيب لقاء الترابي ومن جانبي سأتولى الاتصالات السياسية اللازمة مع الجهات الأخرى".
3
أصاب القلق حسب الله وصلاح حين استمعا لإفادة المحبوب حول ردَّة فعل الترابي، لأن عدم التزام الشيخ بأي موقف يشي بأن الشيخ إذا ما قال حديثاً أو عقد صفقة مع الفرنسيين فإن مخططاتهم كلها ستذهب أدراج الرياح. المشكلة الأكبر أن الفرنسيين طلبوا لقاء الترابي منفرداً، إذ كان بإمكانهم الاستفادة من وجود أمين حسن عمر معه في الرحلة بإقناعه بترك الأمر للحوار مع الجهاز بعيداً عن التدخُّل السياسي.. ما أقلقهم أكثر إفادة المحبوب بأن الترابي أفاده بأن الأمريكان بدأوا في تحريك ملف السودان في مجلس الأمن، وأنه يتوقع ضغوطاً أمريكية بشأن هذا الملف.
4
قبل نهاية الاجتماع، استلم حسب الله خبراً طازجاً مفاده أن فرنسا تقدَّمت بطلب لمجلس الأمن لبحث موقف حكومة السودان من قضية السلام في السودان، وموقف السودان المتعنت في قضية شريان الحياة!! قرأ حسب الله الخبر، وقال صلاح:
- "يبدو أن الفرنسيين يئسوا منكم، وقرَّروا تحريك كل آلياتهم الثقيلة تجاهكم، فإما أن تسلموا، وإما أن يسلموكم لطواحين المجتمع الدولي.. غايتو كارلوس بتاعك ده الله يمرُقنا منه سالمين".



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-08-2014, 09:45 PM   #[8]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة السادسة

1
تصاعدت كوابيس كارلوس بشكل مُزعج منذ لقائه الأخير بصلاح، وما أزعجه أكثر غياب صدِّيق بعد ذلك اليوم الذي أخطره فيه بأن هنالك (أفكاراً) سيطرحها عليه. حاول كارلوس الاتصال بصدِّيق، ولكنه فشل في العثور عليه، فرقم التلفون الذي بحوزته لا يرُد ولا يعرف له مكاناً يمكن أن يذهب إليه.. حاول الاستعانة بليلى، ولكنه عرف أنها خارج البلاد وربما تعود الأسبوع المقبل.. لم يكن أمامه إلا الانتظار.. الجلبة التي سمعها في صالون المنزل هي التي دفعت به لخارج الغرفة ليعرف ماذا يجري. بالصالون شاهد (لُبنى) تضع شنطتها على باب الصالون وتهرول للخارج.. كانت لُبنى تبحث عن أحد الحُرَّاس ليتفاهم مع سائق التاكسي الذي أصرَّ على (خمسين دولارا) أجرة التاكسي. قالت لُبنى للحارس: "لا تعطِه أكثر من عشرة دولارات".. كان كارلوس يتحرَّك ببطء خارج الغرفة بسبب الدوالي التي اشتدَّت عليه وسبَّبت له حُمَّى وأكثر ما كان يخشاه أن تكون الملاريا التي سمع عن خطورتها كثيراً قد ألمَّت به.
2
تلقت السفارة بباريس رداً إيجابياً من مكتب الترابي يرحِّب بلقاء فيليب روندو.. حَمَلَ محيي الدين الخطيب رَدَّ الترابي إلى السيد فيليب، الذي أبدى سعادة غامرة بموافقة الترابي، مستفسراً عن رقم الرحلة التي سيعود بها الترابي من مدريد.. اسلتم روندو من الخطيب كل التفاصيل الخاصة بالرحلة وتحدَّد التوقيت الذي سيلتقي فيه الترابي بالمطار. جدَّد روندو طلبه بلقاء الترابي منفرداً، يود أن يبحث شأناً ليس أمنياً مع د. الترابي.. أو كما قال. وافق الخطيب على إخطار مكتب الترابي مرَّة أخرى بطلب روندو، ولكنه طلب من روندو أن يجعل الإعلام بعيداً عن هذه الخطوة، وأبلغه أن سفير السودان في باريس نورالدين ساتي نفسه ليس على علم، ولن يكون في استقبال الترابي بالمطار، وقال: "سيكون هو وعطا المنان بخيت حاضرين في المطار، وسيتولى أحدهما كتابة وقائع اللقاء"..
وافق روندو وبدا مسروراً، معلناً أنه سينقُل الخبر للسيد فيليب بارت لشُكر السفارة على مجهوداتها في تيسير أمر اللقاء.. لم يدع الخطيب الفرصة تضيع من بين يديه، فقال: "الشكر الذي بإمكانكم أن تقدِّموه هو عدم التسرُّع في تحريك ملف السودان، وأعتقد أن السيد بارت يدرك ما أعني".. ابتسم روندو وقال: "أعتقد أن الأمور ستسير على خير ما يرام بعد لقاء الترابي".. وغمز العجوز بعينه للخطيب!!
3
لم يصدق كارلوس نفسه حين قال له الحارس إن صدِّيق يسأل عنه، وإنه بالصالون الآن.. حين تقدَّم كارلوس ليُسلم على صدِّيق، عاتبه قائلاً:
- "ليس لي في الخرطوم شخص ألجأ إليه سواك، وأنت تعلم ذلك.. لا يصح أن تغيب عني كل هذه الفترة"...
- قال صلاح: "كلها أيام يا رجُل، ماذا بك؟"...
- قال كارلوس: "خلال الأسبوع الماضي ساءت صحتي جداً بسبب الدوالي اللعينة، وانتابتني كوابيس شتى.. لقد أقلقتني حين قلت لي إنك ستطرح عليَّ أفكاراً ولكنك لم تفصح عن شيء، ثم اختفيت".
- قال صلاح باسماً: "علمتُ أن المدام الأردنيَّة وصلت الخرطوم، وقلنا نخليك شوية بدون إزعاج"...
- ابتسم كارلوس وقال: "ما هي المعلومات التي أقلقتني بها؟".
- صلاح: "تعرف أنني على صلة بالترابي، وعلاقتنا بالسلطة وما تسرَّب إلينا يُشيرُ إلى أن خلافاً حاداً يدور داخل الأجهزة الرسمية حول وجودك بالخرطوم.. وتعرف أن الحكومة السودانية تضمُّ إسلاميين وغيرهم، ويبدو أن بعض الأطراف لا ترغب بوجودك في الخرطوم، ولكن ذلك ليس مهماً الآن، المهم أنني بِتُّ أخشى عليك من المخاطر التي يمكن أن تهدِّدك من قبل آخرين يرقُبون الآن تحرُّكاتك والمشكلة أن الحكومة بتركيبتها هذه لن تستطيع أن توفر لك الحماية، وإن فعلت فستتعرَّض لضغوط ومقاطعة، وربما عقوبات، وأنت تعرف أن الحكومة تعاني أصلاً من عزلة، ولذا رأيتُ أن أتحاور معك حول ما يمكن عمله"...
- أطرق كارلوس وهو يستمع لصلاح، ثم رفع بصره إليه قائلاً: "وهل تحدثتم مع الحكومة حول الموقف؟".
- "بعض أعضاء الحكومة تحدثوا مع الترابي"...
- "وماذا كان رأيه؟"...
- صلاح: "الترابي لا يتدخَّل في قرارات الحكومة".
- كارلوس: "قالوا إن كل القرارات بيده.. على العموم يهمني رأيك أنت أكثر من رأى الحكومة"..
- صلاح: "أنا اعتبر نفسي صديقاً تهمُّه سلامتك ومصلحتك.. الحكومة لم تقرر شيئاً بشأنك، وهي أصلاً لا تتعامل معي، أنا على صلة بالترابي في ما يخص موضوعك، وأرغب في سماع رأيك"..
- "رأيي في ماذا؟"...
- "في ما يمكن أن تتعرَّض له في ظلِّ عدم وجود حماية واستهداف من دول كثيرة".
- كارلوس: "صحيح أن هنالك مخاطر، ولكنني لم أفكر من قبل في شيء. قبل أيام اقترَحَتْ عليَّ بلين مغادرة الخرطوم. هي بالطبع لا تعلم تعقيدات وضعي بصورة كافية، في الخرطوم أشعر أنني أكثر أمناً".
- صلاح: "دعني أقول لك بصدق إن الأجهزة الأمنية بدأت تتخوَّف من عملية يمكن أن تستهدفك بعد أن أصبح وجودك مكشوفاً وتتحسَّب لما يمكن أن تجُرُّه عليها عملية كتلك من ضغوط دولية"..
- كارلوس: "لكن ليست أمامي خيارات الآن لكي أتصرَّف".
- صلاح: "بإمكان الحكومة أن تجد مخرجاً".
- كارلوس: "أي مخرج تقصد؟"..
- صلاح: "لا أعرف، ولكن بإمكاني معرفة اتجاهات رأيهم".
- كارلوس: "أرجو أن تفعل".
- صلاح: "لماذا لا تتعامل معهم مباشرة؟"...
- كارلوس: "من هُم؟"..
- صلاح: "المخابرات السودانية".
- كارلوس: "ليس لديَّ مانع".
- صلاح: "إذن دعني أبلغهم وأخطرك".
- قال كارلوس بوجه متجهِّمٍ وهو يودِّع صلاح: "يبدو أن كوابيسي ستتحقق؟".
- صلاح: "لا تشغل نفسك بالكوابيس الآن، إن شاء الله ستسير الأمور بأفضل وجهة.. المهم الآن، عليك بالذهاب للدكتور، وتحديد وقت العملية، لأن وضعك هذا سيتدهور أكثر إذا أهملت العلاج".
- كارلوس: "حقيقة، عليَّ أن أفعل ذلك بسرعة لأن الأمور قد تتطوَّر، ولا أعرف إلى أين ستتجه.. المهم أرجو ألا تغيب عني فترة طويلة".
- صلاح: "لا، لن أتأخر عليك.. بعد يومين على الأكثر ستجدني عندك".
- كارلوس: "إن شاء الله".
- قال صلاح ممازحاً: "يبدو أنك ستنضمَّ قريباً لجماعة الترابي".
- كارلوس: "لم أعُد أثق بالترابي".
- صلاح: "لماذا؟!".
كارلوس: "لا أعرف، لكني لم أعُد أثق به".
4
قال صلاح لحسب الله إنه لم يعُد مطمئناً لموافقة كارلوس على مغادرة السودان، وما أحسستَّ به بالأمس لا يُشيرُ إلى أن كارلوس سيوافق على المغادرة.. قال وذلك من خلال قوله ان (بلين) لا تعرف تعقيدات ما يواجهه.. وأخطر حسب الله أنه نَصَحَ كارلوس بالتواصل معكم مباشرة، وأنه رحَّب بذلك.
وتابع صلاح قائلاً لحسب الله: "أتصوَّر أنه من الأفضل أن تطرح عليه قضيَّة المغادرة بوضوح، مع شرح ما يكتنف موقف السودان من مخاطر".
- فردَّ عليه حسب الله: "إنت عاوز تزوغ ولا شنو؟"..
- صلاح: "لا سأذهب معك ولكني سأترككما بعد التعريف".
- حسب الله: "لابدَّ أن يحدُث ذلك عاجلاً، لأن الشيخ سيسافر خلال يومين، ولابدَّ أن تكون الصورة لدينا مكتملة".
- صلاح: "غداً سنلتقي كارلوس، وبعدها نرى ماذا نفعل.. قبل أن، أنسى أود أن أقول إننا لابد من تنوير القيادة بموقف كارلوس، الكلام ده بقى جد، والفرنسيين غاضبون جداً.. كل التقارير الواردة من نيويورك وسفاراتنا في غرب أوروبا توضِّح أن الفرنسيين صعَّدوا من حملتهم ضدنا بغرض تليين موقفنا.. تقدَّموا بطلب لمجلس الأمن، والبرلمان الأوروبي سيعقد جلسة خاصة حول موضوع السودان خلال هذا الشهر.. القصة دي بعد ده لازم نطرحها بوضوح للقيادة ليقرِّروا.. بالمناسبة، المصريون عملت معاهم شنو أمبارح؟"..
- حسب الله: "والله كمان ديل عجيبين، عاوزين يبيعوا ويشتروا فينا بدون أي مقابل.. قالوا إن الفرنسيين طلبوا وساطتهم في موضوع كارلوس وإن وزير الداخلية الفرنسي سيزور القاهرة، وينصحوننا بالتجاوُب مع رغبتهم في تسليم كارلوس.. وقالوا إنهم على استعداد للعب دور مع الاتحاد الأوروبي من أجل إعادة العلاقات مع السودان إذا وافقنا على التسليم.. وحين قلتُ له إننا على استعداد لترحيل كارلوس للقاهرة على أن يتم تسليمه من هناك، كاد يقفز من الشباك.. رفض الفكرة وقال إنها مسؤوليتنا نحن، وإنهم هنا فقط للوساطة.. قلت له كما أن لكم حساباتكم السياسية، فدعونا نحن أيضاً نقدِّر أمورنا بحسب مصلحتنا وبدون ضغوط من طرفكم.. يبدو ألا أحد سيقبل كارلوس على أراضيه.. تقدير الجنرال روندو صحيح.. تصوَّر حتى الأردنيين ردوا علينا رداً جافاً ورفضوا مطلقاً الحوار حول الفكرة.. وحين فاتحنا رئيس وزراء الأردن حول الموضوع في لقاء وزير الخارجية معه بعمَّان قبل يومين، قال إن هذا الأمر غير قابل للحوار.. يعني (بَلْوَة) رموها علينا والآن يتهرَّبون منها".
- قال صلاح: "أعتقد أن لقاءك مع كارلوس سيكون حاسماً، أتصوَّر ذلك، وخلينا نخلص من القصة دي.. لينا شهور ما عندنا شغلة غير كارلوس بتاعك ده".
5
بمستشفى ابن خلدون، وقف كارلوس أمام د. يحيى عبدالحميد يحكي له عن حدَّة الآلام المُبرحة التي يعانيها من جرَّاء الدوالي التي اشتدَّت عليه. قدَّم كارلوس نفسه للدكتور يحيى باسم (بديع) وعرَّف نفسه كمستثمر لبناني.
بدا د. يحيى عبدالحميد مرتبكاً بعض الشيء، إذ إن ملامح هذا الرجل ليست غريبة عليه، ولكن لم يعرف أين التقاه ولا في أي فيلم شاهده.. كان يحيى قد حصل على الدكتوراة من فرنسا في سبعينيات القرن الماضي، وشهد قصة قتل الضابطين الفرنسيين، ووقتها ملأت صورة كارلوس فرنسا.. الصحف، محطات المترو القطارات، المقاهي وكل وسائل الإعلام.. ولكن ذلك زمن بعيد لم تسعفه الذاكرة لاستعادة تلك الصور، ولكن شيئاً ما بقي في ذاكرته غير واضح المعالم.
حين كان كارلوس يشكو، أصيب بتلك الربكة وهو ينظر إليه.. انتهى أمره بفحوصات ثم قرار من د. يحيى بأن عليه أن يرتاح ويتعامل مع الأدوية لأن الدوالي ملتهبة جداً، وهي التي تسبب له الحُمَّى الآن.. سيتم تقرير العملية التي لابدَّ منها في وقت لاحق. قال د. يحيى: "لا تخف، ليس هناك ملاريا".. ابتسم كارلوس وقال: "الحمد لله".
قالت لُبنى (زوجة كارلوس الأردنية التي وصلت الخرطوم توا): "زوجي خائف جداً منها.. تصوَّر يمكن أن يفعل كل شيء ولكن بعوضة يمكن أن تخيفه".. ضحكوا جميعاً على قول لُبنى، وودَّع الدكتور كارلوس، لكن بقي في نفسه شيء من حتى إلى حين!!
6
كان الخط الساخن بين المخابرات الفرنسية والسفارة السودانية يعمل على مدار اليوم لتبادُل المعلومات حول رحلة الترابي التي يُزمِعُ القيام بها في غضون الأسبوع المقبل.. كانت محاضرات الترابي في أوروبا محلَّ احتفاءٍ من قبل المثقفين والإعلام الغربي عموماً، وكانت هذه المرَّة الأولى التي يحاضر فيها الترابي في إسبانيا بالذات، وفي جامعة (كالا)، أشهر الجامعات الأوروبية.. كانت منابر أوروبا عموماً مفتوحة لمحاضرات الترابي، وفرنسا على وجه الخصوص.. لكن الآن فرنسا ترحِّب بالترابي لأسبابٍ لا علاقة بها بالثقافة ولا بالفكر.



التعديل الأخير تم بواسطة النور يوسف محمد ; 31-08-2014 الساعة 09:29 PM.
النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-08-2014, 11:09 AM   #[9]
هيثم علي الشفيع
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية هيثم علي الشفيع
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النور يوسف محمد مشاهدة المشاركة
اشترى إقامة كارلوس في الخرطوم الشيخ أسامة بن لادن، وقبض الثمن الشيخ حسن الترابي.


عقد من اللّؤلؤ الأسود، بحر من الكحل ينبع من عينيها ويصب في قلبه، يقال إن اسمها "زينب المهدي".. وبلا شك إنها كانت عميلة المخابرات السّودانية.

لكنهم لم يكونوا بحاجة لهذه التقارير، فقد كانوا يعرفون ما يفعله أولا بأول بالصوت والصّورة .
وُضعت نسخة من تقارير "فيديو" كارلوس في خزانة حسن الترابي السّرية. والتي لم يفتحها إلا عندما بدأت المفاوضات السّرية بينه وبين "فيليب روندا"، مسؤول المخابرات الفرنسية.

ومعروف عن حسن الترابي أنه فرانكفوني الهوى، حصل على شهادة الدكتوراه من السّربون، وهو براجماتي، يتحرك بفقه التقية، حينما تنقصه "التقوى". وهو يُحرك في ذلك الوقت النظام من وراء الستار .
أستاذي الجليل النور...

بطبعي لا أحب السياسة ولا الخوض في دهاليزها
لكن
هذا البوست استهواني..
سأنتظر بقيته وتعليقك عليه
لأنني متأكد أنك ستقول عني ما خطر ببالي ،
وقررت ألاّ أستعجل في كتابته..


لكن الإقتباس أعلاه
بتلوينه والخطوط تحت العبارات التي به
أوردته لتأكيد ملاحظتي بأن أسلوب الحلقة الثانية
لا يشبه أسلوب بقية الحلقات!!!



ولأكمل ما خطر ببالي.....

بانتظارك

مع أكيد الود والإحترام



التوقيع: ضُلَعاً ممنوعة من الفرحة..
من حقّها تبكي بحرية.


(حمــــيّـد)
هيثم علي الشفيع غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-08-2014, 03:50 PM   #[10]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النور يوسف محمد

اشترى إقامة كارلوس في الخرطوم الشيخ أسامة بن لادن، وقبض الثمن الشيخ حسن الترابي.

عقد من اللّؤلؤ الأسود، بحر من الكحل ينبع من عينيها ويصب في قلبه، يقال إن اسمها "زينب المهدي".. وبلا شك إنها كانت عميلة المخابرات السّودانية.

لكنهم لم يكونوا بحاجة لهذه التقارير، فقد كانوا يعرفون ما يفعله أولا بأول بالصوت والصّورة .
وُضعت نسخة من تقارير "فيديو" كارلوس في خزانة حسن الترابي السّرية. والتي لم يفتحها إلا عندما بدأت المفاوضات السّرية بينه وبين "فيليب روندا"، مسؤول المخابرات الفرنسية.

ومعروف عن حسن الترابي أنه فرانكفوني الهوى، حصل على شهادة الدكتوراه من السّربون، وهو براجماتي، يتحرك بفقه التقية، حينما تنقصه "التقوى". وهو يُحرك في ذلك الوقت النظام من وراء الستار
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم علي الشفيع مشاهدة المشاركة
أستاذي الجليل النور...

بطبعي لا أحب السياسة ولا الخوض في دهاليزها
لكن
هذا البوست استهواني..
سأنتظر بقيته وتعليقك عليه
لأنني متأكد أنك ستقول عني ما خطر ببالي ،
وقررت ألاّ أستعجل في كتابته..


لكن الإقتباس أعلاه
بتلوينه والخطوط تحت العبارات التي به
أوردته لتأكيد ملاحظتي بأن أسلوب الحلقة الثانية
لا يشبه أسلوب بقية الحلقات!!!



ولأكمل ما خطر ببالي.....

بانتظارك

مع أكيد الود والإحترام

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ هيثم ، تحياتى

تلاحقنا السياسة يا صاحب ،
تغض علينا مضاحعنا ونحن فى البعيد ،
أظنك لاحظت عزوفى عن الخوض فى نقاشاتها التى صارت تبعث الملل ،
ولعل ذلك يعود الى قناعة بدأت تتملكنى أن العيب ليس فقط فى ساستنا ، العيب فينا جميعاً ،،
نحن شعب يصنع طغاته ، وماهرين فى الإحتفاء بهم وإنزالهم منازل الأنبياء ،

بل أكثر من ذلك ،
فنحن شعب يقدس تاريخه ولا يسمح بفلفلته ووضعه فى موازين البحث والحقيقة ،

القصة التى أوردتها فى هذا المفترع إستهوتنى كما استهوتك ،
غير أنى أخذتنى فيها الجوانب الأمنية المتخمة بالذلة والهوان ،
وكيف تكون حال البلاد حينما يتربع على أخطر جهاز فيها أناس تحركهم صورهم التى على صفحة الماء ،

القصة قمت بنقلها من قروب الشرطة على صفحات الفيس بوك وهو منقولة من صحيفة اليوم التالى للكاتب الصحفى عادل الباز ،

ملاحظتك فى محلها تماماً ،
فالحلقة التانية تشبه الكتابات الصحفية بينما بقية الحلقات أقرب الى التقارير الأمنية ،
لا أدرى صلة كاتب الحلقات بالسلطة الأمنية ، غير أن الخوض فى مثل هذه الملفات ليس بالأمر المتيسر لكثير من الصحفيين ، ويحتاج فيما يحتاج الى موافقات وإشارات خضراء ،

لم تنزل حتى الآن تكملة الحلقات وفى ظنى الذى أتمنى ألا يصدق أنها لن تنزل ،

على العموم سنبدأ كل ما تيسر الوقت بكتابة ملاحظاتنا على سير العملية على ضوء ما تمت كتابته ،،

ولك التحية والشكر



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-08-2014, 08:17 PM   #[11]
رأفت ميلاد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية رأفت ميلاد
 
افتراضي

يعنى يا هيثم والنور ده وكتو

واصل يا جنابو غبت وجبتا دقلا يكركب .. غالباً بكون فى كتير من التأويلات والتناقضات يا هيثم .. كدى نصل للنهاية ونشوف كيف وصلوا للموقف المغاير ده



التوقيع: رأفت ميلاد

سـنمضى فى هذا الدرب مهما كان الثمن

الشـهيد سـليمان ميلاد
رأفت ميلاد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-08-2014, 11:34 AM   #[12]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه حلقة تلفزيونية من برنامج حوار مفتوح قدمها المذيع اللامع غسان بن جدو على قناة الجزيرة ، الحلقة تلقى الضوء على الفيلم الفرنسى ( ثمن ابن آوى ) للمخرج الفرنسى أوليفى أسايسى والذى أثار لغطاً كثيرا فى الاوساط المهتمة ،

فى الحلقة أيضاً معلومات ثرة عن كارلوس ومدى ارتباطه بالقضية الفلسطينة منذ وقت باكر ، واختياره لطريق الكفاح المسلح تحت قيادة المناضل الفلسطينى وديع حداد ، وتكشف الخلقة عن قدرات كارلوس المهولة والتى لم يكن من السهل السيطره عليها تحت مظلة الإنضباط الثورى مما دعته فى النهاية الى التمرد على تلك المظلة وإختيار أهدافه بعيداً عن دائرة القرار التنظيمى والذى يمثله السيد وديع حداد بالتنسيق مع الجهات التى تدعم رؤيته ،
وتلمس الحلقة فى غير تفصيل التحولات الجذرية فى فكر المناضل الأممى والتى قادته من أقصى اليسار الى أقصى اليمين ، حيث أصدر كتابه الإسلام الثورى بعد اعتناقه الإسلام وكيف كان يرى أن الإرهاب مسموح ومباح ، وأن أسامة بن لادن نموذجاً مضيئاً فى محاربة الظلم ، ويعتبره حاله غير مسبوقة فى التاريخ ورمزاً للجهاد الحى ،
ربما يفسر كل ذلك ترحيبه بالذهاب الى السودان مطرودا من السلطات الاردنية لاسيما والخرطوم تفتح منافذها لدخول المجاهدين العرب تحت مظلة المؤتمر الشعبى العربى والذى كان مقره الخرطوم




النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-08-2014, 05:59 PM   #[13]
معتصم الطاهر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معتصم الطاهر
 
افتراضي

النور

ياخ خلفنا رجلنا ..

تدخل واضح للأمن فى بعض السياقات ( و ربما حلقة كاملة) طبعا لاوم ..

لكن عمل صحفى جريء يشاد به ..



التوقيع:
أنــــا صف الحبايب فيك ..
و كـــــــــــل العاشقين خلفي
معتصم الطاهر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-08-2014, 10:25 PM   #[14]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت ميلاد مشاهدة المشاركة
يعنى يا هيثم والنور ده وكتو

واصل يا جنابو غبت وجبتا دقلا يكركب .. غالباً بكون فى كتير من التأويلات والتناقضات يا هيثم .. كدى نصل للنهاية ونشوف كيف وصلوا للموقف المغاير ده
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معتصم الطاهر مشاهدة المشاركة
النور

ياخ خلفنا رجلنا ..

تدخل واضح للأمن فى بعض السياقات ( و ربما حلقة كاملة) طبعا لاوم ..

لكن عمل صحفى جريء يشاد به ..
بسم الله الرحمن الرحيم

الأحبة رأفت ومعتصم ، تحياتى

حسب علمى أن هناك أربع حلقات أخرى ،
وبها سوف تكتمل تفاصيل قصة تسليم كارلوس الى المخابرات الفرنسية ،
وكيف أدارت السلطات الأمنية والسياسية واحد من أخطر الملفات التى يمكن أن تواجه الدول ،
هذا إذا علمنا أن كارلوس انتقل من دمشق الى العراق الى الأردن ، المحطة التى غادر منها الى السودان عن رضى وقناعة ،
التعامل مع هذا الملف يكشف بجلاء مكامن الخلل ونقاط الضعف فى التفكير الأمنى والسياسى ، ولماذا انهزمت الأخلاقيات والقيم أما سطوة المصالح وتمدد الغباء ،
كيف استطاعت المخابرات الفرنسية أن تضع السلطات السودانية امام خيارات صفرية تقود حتماً الى ما يرغبون فيها دون تكلفة باهظة ،،

قلت قبل ذلك أننا صرنا من الدول التى يمكن أن يمارس فيها الآخرون أعمالاً قذرة دون أن تتسخ أيديهم !!!!!!!

أتمنى أن أوفق غداً فى تنزيل الحلقات الأربع المتبقية وبعدها نتناولها بشئ من التحليل والدراسة ،،،

تحياتى



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31-08-2014, 08:10 AM   #[15]
معتصم الطاهر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معتصم الطاهر
 
افتراضي

و عليكم السلام
هناك بلاوى أخى النور ..

و يبدو أن شهيتى تتفتح أكثر



التوقيع:
أنــــا صف الحبايب فيك ..
و كـــــــــــل العاشقين خلفي
معتصم الطاهر غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 12:02 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.