الموضوع: اليد الخفية
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-02-2015, 09:58 PM   #[39]
عبدالله علي موسى
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبدالله علي موسى
 
افتراضي

تحدثنا عن ارتباط قوى الطاغوط عبر الزمان بالسحر و اهتمامهم به و ذكرت اننا لن نجد ثلاث حكام دكتاتوريين عبر التاريخ لم يكونوا مهووسين بالسحر و هذه ليس مبالغة أبداً. أيضاً قلنا أن السحر الذي يستخدموه هؤلاء سحر سيكولوجي في المقام الأول يعتمد على التلاعب على طلسمانات عقلية موجودة في عقل الانسان متوارثة من ثقافات و هكذا و هذا جزء من ال "Archetypes" "النماذج" والمدخل الأهم لهذه الطلسمانات العقلية يكمن في اللغة والرموز أو الصور والمرئيات التي تثير تخيلات معينة في العقل الباطن والظاهر معاً لكن أقوى في الباطن (و لذلك ذكرنا التلفاز كأداة سحر مهمة). الجزء الثاني منه يكمن في عبادات قديمة و هنا الإشارة القرأنية "وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا" قبل أيام وجدت تعريف جيد في مقدمة إبن خلدون لما أشرنا إليه هنا و هو يتفق إلى حد كبير مع كلامنا هذا. قلنا أن السحر كلمة فقدت معناها و نجد في شرح إبن خلدون تأكيد على هذا حيث يدعي أن السحر عند الفلاسفة هو العزيمة القوية و ليس لصاحبة حوجة في الإستعانة بجن أو طلسمنات أو أي شكل من أشكال الشعبذة و هذا نادر و ولا يصل إليه إلا اصناف معينة من البشر العرفانيين و من شروطه عدم الاضرار والتوجه في دروب الخير والمنفعة و هذا تعريف يخالف تعريف القرآن طبعاً إذ القرآن يشير للسحر كعلم خبيث نزل به ملكان هم هاروت و ماروت (Fallen Angels) ببابل و للتصحيح نقول أن ما ورد في القرآن لعله السحر الذي صار إسمه شعوذة أو شعبذة --- بالنسبة للعزيمة نجد هذا الكلام جلياً في السودان مثلاً حيث يقال فلان ذهب للشيخ فلان فعزم عليه، والدعي الستر كراولي مؤسس مدرسة الثليما السحرية يفتتح فلسفته ب-" Do what thou wilt" أي أن العزيمة تفعل ما تريد والعزيمة هي القانون و قبل سنين خرج كتاب كان له صدى عظيم إسمه السر "The Secret" يبيع بضاعة قديمة في قوارير جديدة يقول أن الانسان يستطيع أن يتحصل على ما يريد عن طريق العزيمة و هذا حق لكن ليس بهذه البساطة والسذاجة. و هنا تعريف إبن خلدون:


" والنفوس الساحرة على مراتب ثلاث يأتي شرحها فاولها المؤثرة بالهمة فقط من غير آلة ولا معين وهذا هو الذي تسميه الفلاسفة
السحر
والثاني بمعين من مزاج الافلاك أو العناصر أو خواص الاعداد ويسمونه الطلسمات وهو أضعف رتبة من الاول، والثالث تأثير في القوى المتخيلة يعمد صاحب هذا التأثير إلى القوى المتخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف ويلقى فيها أنواعا من الخيالات والمحاكاة وضورا مما يقصده من ذلك ثم ينزلها إلى الحس من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيه فينظر الراؤن كأنها في الخارج وليس هناك شئ من ذلك كما يحكى عن بعضهم أنه يري البساتين والانهار والقصور وليس هناك شئ من ذلك ويسمى هذا عند الفلاسفة الشعوذة أو الشعبذة."


و أهل اليد الخفية يعولون على التعريف الثاني والثالث أو مزيج منهم و ليس لهم في العزيمة شيء.



التوقيع: "المكان اذا لم يؤنث، لا يعول عليه"

إذا أنا أحمـــدت اللقاء فإنـنى
لأحـمد حـيــنا للفــراق أيـاديـا
عبدالله علي موسى غير متصل   رد مع اقتباس