أدب المدايح
عبارة أدب المدايح تستعمل عادة - في الدارجة السودانية - للاشارة لنوع من العقاب
فيقال " فلان ده انا ادبتوا ليك أدب المدايح" بمعنى انزلت فيه عقاباً ليس لديه مثيل و لا أدري ماهي العلاقة بين أدب المدايح و العقاب ؟!
في الزمن الجميل كان الاطفال يذهبون الى الخلوة - و هي مؤسسة أشبه بالمدرسة الان - و تسمى أيضاً (الكتاب) بضم الكاف ، ربما "كتاب" مشتقة من كلمة كتابة - هناك في الخلوة يوجد من يسمى شيخ الخلوة ، هذا الشيخ يقوم بتدريس التلاميذ القرءان و اللغة العربية و لربما شئ من الحساب - الرياضيات - شخصية شيخ الخلوة تمتاز بالقسوة و الشدة و لا يتوانى في عقاب التلاميذ ان اخطأوا في قراءة القرءان أو في تسليم الواجبات ، و يكون العقاب عادة بدنياً و فيه درجة عالية من القسوة. و كان الاباء و الامهات يذهبون بأولادهم و بناتهم الى شيخ الخلوة و يقولون له :
" ليك اللحم و لينا العضم "
بمعنى يا شيخ الخلوة لك ان تعاقب هؤلاء التلاميذ حتى يذهب عنهم لحمهم و تتبقى عظامهم !
و من العبارات الخالدة التي تقال للأولاد و البنات عبارة:
" كما دقوك ما ربوك "
بمعنى انه لو لم يتم ضربك جيداُ فإنك لن تتربى جيداً !
الجدير بالملاحظة ان الخلوة كانت مؤسسة تعليمية مختلطة ، بمعنى ان البنات و الاولاد يتم تعليمهم سواسية فيها (مع بعض) ، و لا يتم الفصل بينهم كما هو متبع في المدارس الان.
من انواع العقاب الشهيرة المتبعة في الخلوة " الفلقة" و هي عملية الضرب بعصى خشبية على باطن الارجل ، و قد تم اختيار " بطن الرجل" نظراً لحساسية تلك المنطقة و كلما كان الضرب في منطقة - حساسة - كلما كان اكثر ايلاماً و ايجاعاً للمتلقي.
التعليم الحديث - المدارس - دخل السودان مع الاتراك و لازلت اذكر ابيات شاعر النيل
حافظ ابراهيم
" الضرب ينفعهم و العلم يرفعهم لولا مخافتنا لم يحفظوا الكتبا"
البيت أعلاه يوضح مدى جهالة و ضحالة العقلية التعليمية التي كانت سائدة انذاك
فالهدف من العلم هو حفظ الكتب !
و الضرب و التخويف هو انجع الوسائل لتحقيق ذلك !
نعود الى ادب المدايح ، المدائح النبوية مرتبطة بالسودان ارتباطاً وثيقاً بالطرق الصوفية ، و للطرق الصوفية تاريخ طويل في السودان فهم من ادخلوا الاسلام - و ليس جيش عبد الله بن ابي السرح " الغازي" و اتفاقية البقط الظالمة - الصوفية هم اهل علم و ايمان و حب و تقديس لله عز و جل و لنبيه المصطفى عليه افضل الصلاة و السلام.
ولأهل السودان ولع خاص بالمدائح النبوية و يحبونها حباً جماً و يتمايلون طرباً معها و الغريب ان الشعر العربي القديم الذي كان سائداً بجزيرة العرب فترة دخول الاسلام السودان لم ينال الانتشار و الذيوع الذي نالته المدائح النبوية ، و في نظري ان للأمر علاقة بطبيعة المدائح فهي اقرب للغناء ، و يتم اداء المدائح بواسطة الطار و النوبة ، و لو رجعنا لأصول السودانيين الافريقية - و هذه حقيقة - لوجدنا ان النوبة هي ذاتها الطبول الافريقية القديمة و لربما كانت - النوبة هي وسيلة الصوفية الاوائل لاستمالة قلوب السودانيين للاسلام.
كذلك هناك فرضية قوية تشير الى ان الغناء السوداني بشكله الحالي - و هو مشتق من اغاني الحقيبة - التي ظهرت اول مرة بمنطقة كبوشية بالشمالية - هو في الاصل مشتق من ادب المدائح السودانية.
غير ان عبارة " ادب المدايح " التي تعني العقاب لا ادري ما سر علاقتها بالمدائح السودانية للمصطفى عليه افضل الصلاة و السلام ؟ فتلك المدائح ترتبط ارتباطاً و ثيقاُ بالروح الخاشعة العابدة المتصوفة و ابعد ما تكون عن العقاب و الزجر الذي تنفر منه النفس البشرية بطبيعتها المعتدة بذاتها.
هذه محاولة مني لاستقصاء معنى عبارة " ادب المدايح " و ارجو الافادة
لماذا تستعمل عبارة " ادب المدايح " للدلالة على العقاب ؟
_________
ملاحظة
الحالة النحنا فيها حسة دي
ما ادب مدايح ؟
ادب مدايح دي ذاتو شوية عليها
|