نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > مسابقة القصة القصيرة 2009

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-05-2009, 09:27 PM   #[31]
لسان الدين الخطيب
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية لسان الدين الخطيب
 
افتراضي

[frame="7 80"][align=center]انبثاق أشواق اليوم الموعود
أو
بنت الألفاي *[/align]

[align=right]واقــتـــــــــــــــــــــــــــرب
وعــــد وضـــــع بذرتــــها تلك الحـــــــــرام , لعنت حظهــــــــــا في جلستــــــها تــــلك عـــلى رصيــــــف الانتظـــــــار وذلك كونها بنت (الألــــفـــاي) , ذلــك الرجــــــل مهـــــــــاب الطلعــــــــة مـــــن وحـــــي هالـــــة قداســــــة المهنـــة وبوادر الاحترام , و ما هو باحترام , فهو ليس رجل وحسب بل دين من ساحق الأزمان , دين وفكرة توارثــتها القبيلة أجيال عبر حركة الزمان ومع اعتناق القبيلة وعن بكرة أبيها دين الإســلام ألا أن المترسب في أعماق قناعات السابق انساقت تفرض نفسها عادات وتقاليد لتدير حياة القبيلة وتتحوصل مظاهر وطقوس دينية تختلط عند التقاء طرق التقرب وســائل في مخاطبة الرب طلب الرزق و الرحـــــمــة عندمــا تلوح معالم البداء موسم الأمـــطـــار وموعــده المحدد . كـل عــــام تتجه أنظــار القبيلة إليه ( الألفاي) راس القبيلة وإمامها في الذهاب إلى قمم الجبال متخــيرا أعلاها ليقيم طــقوس الطلب المعتاد توسلا ً دعــاء ً واستسقاء , فان هطل المطر بحجــــم الحـــوجة فهــو من مقــدرات ( الألــفاي )في جــد الطلب الــدعاء وإن واصل البداء تغامزت أعين القبيلة التقاء حزين بفشله أداء مهمته أي عجز التواصل مع الرب وبالضرورة شح الماء .
تقف القبيلة مترصدة عن بعد أحــداث التغــير المرتقب بفعل الـعــجـز وتواصل البداء .. ( فالألفاي) لا يرثه إلا ابنه الذي يقتله ليتنصب من بعده إلى موقعه و المصير المحتوم .
تحسست (هي) مواقع اللذة فيها جسداً .. أطالت عند أسفل بطنها ممتنع البروز , حلمت أن تنالها أشواق نصيبها حــــــلال أو حــــــرام , غــشــت بفكرها إرث الأســرة منذ عهــد قــدماء الأجــداد كدور تلعبه الأسرة في حياة القبيلة ويكسبها رزقاً حلال , فلها من جراء دور جلب المطر دعاء نصيب من كلاء الزرع وامتلاء الضرع لباء إضافة إلي لحــوم وشحــوم نشاءت شــطائرها من وفــــــرة الهطــول , لعنت حـظها ألف مرة كونها بنت ( الالفاي) الذي لاتزوجه القبيلة ولا أبناءه إلا خوفاً ...!!
آما بنات الألفاي فلا ولــن يقـترب منهـن أحـد طـلب الارتـباط , خـوف اخـتلاط الســلالات وخـوف أن يخرج من صـلب أحـدهم قــاتل أبيه أو هــكذا عادات , مـــــوعــدها دنا حـــدوثه من أقــواس الاحتمال وفيه ..أمنيات تقاطرت جزله أن يكون مولـــودها ذكراً رجلاً ولأن الرجل ليس كــالأنثى فالقبيلة تعــطيه حـظ حـقـوق الاقــتران ولــو خـوفاً من لـــــعـنة الأجــداد .. فإن ابن الألفاي الفاي من افتراض ما سيكون .
وهكذا جلست قرفصاء الحيرة على ركن شرقي من فــناء دارها عـامر الطــول ترقــب أحلامها المتعرية بخلاعة أمامها على عتبة الدار.
مولود ذكر يكون الحظ حليفه أن يكون أبا شرعيا لمولود قادم يأخذ اسمه حتى لو اختلفت ملامح الفطرة والسحنات .
تذكرت أن مولودها القادم مجهول الجنس والقسمات و من شابه أباه فقد ظـــــــلم , فهو على كل حال ابن أبيها اسما وتبنى لأنه و من ملامح تقاليد الألفاي أن ينجب من بناته بفعل ألا نابة الجماعي ولكن وا ويلها أن تكون أنثى تشاركها الاســــم وفـــــراش الاخــــــوة هـــذا ولــعنه المصير ..
هكذا و من الغوص في نهر التفكر وشواطئ الانتماء كتبت في جلســتها تلك مشروع حمل توطن أحشائها ليس كنفخ الروح ذلك المعلوم.. مخــــلصاً يسوع.. بل هو من نفخ الجماعة فـي ذلك اليوم المشهود , المرتقب الموعود ، ويومــئذ وكما اعتادت القبيلة أو شبابها في تفريق دم الانتساب بالفعل الجــمــاعـي ليفقد القـادم الموعـود شـبه الأب المحدد رسم وهيئة ومثال .
هكذا تواجه بنت الالفاي واقعها المحتوم لا فرصة لها في حياتها لآي نـوع مـن الارتـباط مـهما تعدى جمالها مـوصوف الشـعراء .. وحتى شفيف الغزل الذي تمارسه استمناء ذاتي فكرةً وخيال محرم عليها إعلانه والإعلام , حتى لا يفر منها مرجــو الــوعــد اختلاء , فرار الحمر المستنفرة لينجي بجلده وأسرته من قسورة شرور هذا الاختلاء , و من محنتها يكفي فــقط ظهور طلعتها على باحة القرية وقت الزوال حتى تخلو الباحة تماما من ملامح الذكــورة هــربا من احــتمالات أن تعجب بأحدهم وتضعـه على مخيلتها لتمارس معه فكرة الارتباط ، تذكرت من جلستها تلك طفولتها وبراءه أزمان اليفاع , وفي بداية ريعان الأنوثة وتفتق الرغبات .. تذكــرت أمــسـيات تجمعهن صويحبات الندادة علي صـحن القرية شرقي التوجه والاستدارة وهن يتسامرن إفصاحاً بينهن إعجابا بهذا الشاب وذاك .. في مجتمع يكره أن تعلن الفتاة إعجابها ملأ الإنشاء وجمع مرصود .. فلذا و خوف الإفصاح ومنه ينزوين إلى خصوصية أعمارهن وتحـلقات جليساتهن يتسلين همساً عن ما بداخلهن بعيدا عن سطوات تقاليد القبيلة والعادات فيحلو الحديث ويتعالى ضحكات عقب همس التصريح والقمر على قعر السماء خلفهن يسجل حركات انتشائهن أجساداً ظلا ًعلى أرض الساحة .. توثيق ضوءه الفضي ينثر شهاداته عبر الليالي وأحاديث الصفاء , ضحكت دامعةً اختلاط المشاعر عندما تذكرت تصريحها ذلك الأول بعفوية الطفولة اسم من عشقت شوقاً ورغبةً ملأ المراهقات , كـحديث تهــواه النفس وتحـبه حـتى أخـتفي وللتو ذلك الاسم والرسم شخـصها المعلوم في لمح من بصــر الانطلاق وكأن ارض القرية شق سطحها وابتلعت ما عليها من لحم ودم وكل ملامح شوقها والإعجاب . وفي الثالثة من إبتلآعات الأرض المتكرر لاعجاباتها المعلنة على ساحات الخصوصية تلك نهضت مرتبكة ومدركة في لحظتها همسات و أقوال البلدة عن أســـرتها من وحــي المحكي المعاش و تاريخ يماثل الأساطـــير و أدركت إن بقعة حزن كثيف جثمت على صدرها جوار القلب تلفه إحساس , وكما أدركت كل أسرار الحزن الدفين في عيون والدتها مر السنين ومن يومها بداءت في أعــــاده التفكــر كــرات ومــرات وانقطعت عن الساحة لحفظ ماء وجه البوح الشفيف . وان غشتها بإلحاح صويحباتها والمكان صامت نزراً عليها كــصوم مريم أم اليسوع أن لا تكلم الناس شوق الإعلان . أحزنها أن كل نديداتها وهــن الأقـل جمالا وتفتقاً قـــد لفهن حــظ الاقــتران ، إلا هي ناهده الصدر نفورا وإعلان بجــذوة الأنوثة وخاصرة أضرمت النحول أحكام الاتساق والتناسق قصيد علامات الامتشاق وامتلاء ردف الساق بالساق انتصاب , وهكذا ارتسمت هي تكوين جمعت به كل ذلك واستدارة الوجه والطلعة بدراً .. واسترسال شعرها سواداً دعوة إغراء ولكن لا أحد يعــــير ذلك أدنى اهتمـــــــام ...!!
سال على خدها دمع ســخين من كون الكائن مصير وهي تراقب نضـــوج أعضائها وجسدها الراغب في الإشباع وجموح الرغبة تكور على أحشائها مؤكداً تواجده من خلال بريق عينيها رغبات ومعاني , انعكست أمنيات وأحلام لفض عذريتها تلك وطلب الارتواء وعندما تلبستها الرغبة فعل التلاقح واعتصار ثمار نضجها ذلك المشهود وتملكتها صــورة هياج الجماع والاجتماع أجساداً ترتجف لتسكب رعشتها ماءً على موقع الفتنه والحريق ، إنسربت تحت بصر المراهقين مبتعدة تبحث عن مكان قصي عــســى أن يداهـمها فيه شباب القرية ليكون الأمر المكتوب ’ المرغوب وسـعت خطاها في بادئ الأمر تلهفاً بفعل دعــوتها الجماعية المرسل لفض إوار هذه العلاقة المتوجسة بينها وبين شباب القرية وكسر صليب تعارضها .. وهكذا شباب القرية يرجون وقوع المعـلوم لكسر صــليب الخوف معها لأن اســه مرتبط بعــذرية الرباط ،لمحت عينها ترصُد الفحولة خلفها من حيث المسير. ثم أثقلت الخطى إمعانا في الغواية وعادية الأشياء و خوف لفــت الانتباه وقبل أن تنتبذ لها من القرية و أهلها مكان غربيا والليل يعالج خــطوها المتغنج ويعاجلها مرخيا سدوله ليكسب الجــو روائح المغامرة وفعل التهتك المحظور ولسان حالهم يردد معاني ( التستر عند الابتلاء) .
تابعتها أعين رصاد الواقعة وليس لوقعتها تالية ، تنتصب خلفها أعين الجمع المراهق ، كل يمني نفسه فضل تبركات الضربة الأولى واجتياز فعل الفحــولة ....وهكذا تحركت قوافل الفحولة تقودهم الرغبة وتقودها في آن معا ، بحثا عن موقع قصي .. وعندما اتخذت منهم حجابا عتيا وانزوت خلف جبل المجهول جلست لتقضي حاجتها .. ولا حاجة بها ولها غير انتظار شد وثاقها ووقوع الفعل المعلوم .. جلست تنصت إرهافا وقع صوت خطوهم اشد من شوق النار لفعل الحريق ، وهم تفرقوا خلفها حذرا وشوقا وخوف فشل مهمة التنصيب القــــــادم ، تأخروا عنها وعن تصورها ، ووقع خطوهم غادر طبل أذنها مبتعداً .. أحست برعشة الخيبة إحساس مر.. وبينما همت هي خوف التفاته قد تجعل أمر هروبهم هرولة أمر محتوم داهموها في حين غرة من فكرتها تلك المترصد , فشدو وثاق عينيها وجردوها عنوة من ملابس وثياب ادعاء العــفة والستر فبانت عورات تسترت طويلا والتهابا من شوق التلاقح ، فخاطبتهم حينها بصوت متهدج علي نمط واحساس يتمنعن وهن الراغبات .
فقالت :
أعوذ بالله منكم إني مازلت بكرا ولم يمسني بشرا ولا جنيا..فقالوا لها صوت متقطع أنا رسل الطقوس إليك من ربنا لنهبك زرعا غلاما جماعيا قالت إذا فالتقم الحقوق و العادات مجراها وأنا كما تعلمون لن يفض إوار عذريتي وبكارة اللذة عندي إلا القوي الممتحن .. فعم الصمت ساعات بحساب الشوق وسرعة تحرك خلجات التفكير .. ثم واصلت صوت غائر من جوف التوقع إذا عليكم بالتباري لنصف صفوف اللعبة .. فرز الأول الأقوى..ومن بعده فليأت التالون من واقع الهزيمة حتى يقع فعل الجمعية الشرط .. وفي لحظتها .. أقاموا حركة الرقص والمصارعة التقليدية , ثم اصعدوها موصدة العينين وثاقا واليدين وعلى صخرة مسطحة اختاروها يصعد إليها وعليها المتصارعون بعد أداء طقوس التحدي و الرغبة فيها رقصا ليرتشفوا من جمال التكوين سحرا يلهمهم إصرار الغلبة والانتصار لتحديد صاحب الضربة الأولى في فتق الرتق المعتاد وعندما أذنت لهم بإشارة من رأسها حسب العرف المنقول عن كتب الأولين والمسجلة على أذهان الأجداد من وحي التجربة الطويلة والمتكرر اندفعوا نحوها مغازلين ومشبعين لواحظهم وكل واحد منهم مشهرا سيف التحدي يحاول إخافة الآخرين وتحذيرهم الابتعاد عنها كونها حق له مصون وفي حال من بداية العنف المرتقب ينسحب من تجلجلت ثقتهم في أنفسهم مخليين صخره التسامي تلك إلى ساحات الفرجة وقبول فتات المــوائد الأرضية تلك المرصودة على ساحات التنافس ومشاركة الارتواء , ويبقى أدعياء القــوة والقــوي في مـثل هــذا الــيوم واحد.
فتبداء طقوس اللعبة بمداعبة مفاتنها وكلما أشتد انهيارها رغبةً ازدادت فتنةً وجمالا شبقا يشعل في نفوس المتصارعين مواقع الغيرة نارا , تنعكس فيهم فعلا وبالدفاع عنها من مداعبات الآخرين تبداء معركة الفرز لمعرفة الأقوى المتوج على ملكة النحل تلك .. مبادرة بفعل ألا ولية في رشف العســـــــــــــــل و رحيقها المختوم
المتأهب أصلا بفعل الشوق ورغبة الالتحام ثم يأت التالون من الأقوى ثم الأضعف والكل هنا يشارك في نهل بقايا المائدة الجسدية المطروحة على ساحات الرقص تبارك يكمل مفهوم الجمعية والاجتماع وعندما قضى الأمر من وطر كلهم وفيها تركوها منهكة ، مشبعة ، ملقية ، متهالكةً على أرض الوحدة والابتعاد في حالة من خدر الارتواء وفروا هربا خوفا أن تراهم لحظتها وتميز فاعلي فعلتها وتقع كارثة لعنة الألفاي..
وفي لحظتها انهمرت الأمطار مدرارة ، في غير زمانها حتى أيقنت كل القرية .. شــيبا وشــباب .. رجــال ونســاء .. أن هناك ألفاي قادم قد زُرع في أحشاء إحدى بناته .. فهمت كل أسرة نداءً بحثاً عن شبابها لتحتضنهم كبد منازلهم خوفا من إصابة اللعنات ..
انتفضت هي مفزوعة بلل الهطول عن خدر الارتواءِ العظيم ..أسرعت فك وثاقها وبحــثت موقع ستر حجابها والثياب ..ارتدت منهم تبرجا عكسي وتأكدت جازمة حتما مقضيا أن هناك حملا تريع على ذاكرتها من فعل هذا الاستمناء الذاتي .. وكما هي جالسة صحن الدار ترصد يومها الموعود لتخرج به من دائرة .. ليس لــهم طــعاما إلا من ضــريع لا يســـمن ولا يغــني مــن جوع .. لان جوع الرغبة لا تشبعه الأحلام وزويا التأمل والتفكر الطويل ولتصل من بعد إلى معاني يقين اصل التأويل في القول المؤكد... اليوم الموعود وشاهد ومشهود...
عندها جففت دمعها المنهر بكثافة المطر النازل على ساحة الحلم والتفكير

تمت


لسان الدين الخطيب[/align]
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 03-06-2009 الساعة 01:28 PM.
التوقيع: [overline]كوني والأخر صنوان فهذا شوق التعايش
وكوننا تعددنا في الهوية ..الثقافة..اللغة والألوان فهذا سر جمالنا
وكون بلدنا جزء من منظومة الإنسانية فهذا مدخل الإطــــمئنان
[/overline]
لسان الدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-06-2009, 11:39 AM   #[32]
أحمد عبدالوهاب على
:: كــاتب جديـــد ::
الصورة الرمزية أحمد عبدالوهاب على
 
افتراضي

لكم التحية.....
أعتز وأفخر بأن تكون أول مشاركة لى فى هذا المنبر،،هى مشاركة بقصة قصيرة،،أرجو أن تنال إعجابكم،وأتمنى التوفيق للجميع ،،وهى بعنوان"دنيا ضيقة"


[frame="6 80"][align=center]دنيـا ضيقة


"الولد الكبير" نادر" ساب المدرسة،قلنا مامشكلة خيرا فى غيرا،مشى إشتغل فنان، ومالو يمكن على الأقل يكون إضافة للفن والفنانين،لكن يصل المرحلة دى الحاجة الما كانت فى حساباتى كلو كلو،مرّة بنقو ومرات قابضنو سكران ،وأحايين كثيرة بايت فى الحراسة،مبارى ليهو شُلة زى الزفت ده غير إنو مغلِّب أخوالو وأعمامو وكل يوم شاكين منّو وماعامل أى حاجة للبيت غير المشاكل والمحاكم ،يصل بيهو الحال إسم أبوهو ينكرو، إنا لله وإنّا إليه راجعون،قال شنو.. مسمّى نفسو" نادر العُشرة" بالله ده كلام، زول يسيب أبوهو ويسمى نفسو بالحته الساكن فيها،،الله يقطعوا ويقطع يومو،،،لكن..!!والله أحسن والحمد لله،،أنا كان لقيت طريقة كان ذاتى إتبريت منّو،،فى زول بيتشرف يكون أبو لى ولد زى ده.....!!قلنا البركة فى الصغير،طلع أظرط منّو،،قال شنو عامل فيها سمسار ومرّة ميكانيكى ومبارى ليهو شلة عواليق ومن تامنة ماشاف ليهو مدرسة وكلو يوم مطيرليهو ياشكلة يا شيك،كمّل الورانا والقدامنا،،المرة المسكينة أمهم الله يكون فى عونا" سُكرى وضغط وقاوت وقدر البِنَلِمّها نمشى نلقاها شايلاها من الدكاكين دين ،،آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ..... الله كريم والبقت بقت وربنا يسهل نتم سنتنا دى والواحد يشيل حقوقو،،ويتلمّ على وليداتو ويلحق المرة المسكينة ديك قبل تجن،،أصلو حكايتا اليومين ديل ومن إجازتى الفاتت ماعاجبانى ،،على الأقل عشان يربى البِنيّة الماعندها ذنب ديك،، أصلها ياها الفضلت،،ربنا يخليها ويطرح فيها البركة.....ولا الواطة...آآآآآآآآآآآآه....... ياحليلا الله يدينا عمر نعمّر بيهو الكم فدان الخلاهم ليهو الوالد ديلك الواحد يعيش بيهم باقى أيامو ، وسط أهلو ووليداتو بعيد من الغلغلة والقرف والإستعباد العايشنّو ده ..على الأقل يخدم بيها بلدو..اصلها العشرة سنين الأخيرة دى مافضلت لينا زول حى،،وكل يوم جاييناخبر..ولا شوفتاً تبل الشوق ولا رداً يطمن،،الغربة كملت علينا أهلنا..وما فضلت فيهم زول ياهم الوليدات ،،الله يديهم العافيه بى مغستم دى"الله يقطع الغربة وسنين الغربة...............وفجأة ..........يقطع طرقٌ بالباب أفكار عمنا سليمان الغارق فى تأملاته...وإذا بالبتانى (الباكستانى) رفيقو فى السكن وزميلو فى العمل ينادى عليه"يا هجى سليمان ..يا هجى سليمان...شيخ مبروك يقول درورى درورى....إنتا الحين تروح عندو..هو يبغاك درورى"وضع عمنا سليمان طاقيته على رأسه وخرج مسرعاً..تجاه منزل الشيخ مبروك لمعرفة مايريده فى هذا الوقت المتأخر..وتناثرت الأفكار يميناً ويساراً وهو يجابد ويكابد نوازع الدواخل ولواعج الصدر جائلاً بفكره
ماذا فعل..أو ماذا يريد منه الشيخ أن يفعل..!! .وحينما وصله وقبل إلقاء التحية بادره الشيخ مبروك بقوله" ياسليمان إنتا طبعاً عارف مشاكل البلد اليومين دى، توطين الوظائف والوضع الإقتصادى العالمى المتدهور،،وعشان كده نحن قررنا نخْلى بعض المواقع حسب التعليمات الجايانا من وزارة العمل،، ومن ضِمنها وظيفتك،،وحا تسافر إن شاء الله لى بلدك الإسبوع القادم..دحين.. جهز حالك" أومأ العم سليمان برأسه ولم يترك له الشيخ مبروك فرصةً لسؤال كان يدور بخلده،وهو ما سيختصر أو يقصر الطريق بين الذى كان يحلم به قبل قليل وبين تحقيقه ،،فبادره الشيخ قائلاً:"وحقوقك طبعاً ياحاج سليمان حاتاخدا كاملة ،حانعطيك الحين راتب شهرين والباقى حايصلك راس كل شهر ولمدة ثلاث سنوات..بس ماتنسى تترك رقم حسابك عند المدير المالى تبع الشركة..وإحنا آسفين حاج سليمان إنتا طال عمرك براك شايف الحكاية ويش لونها..والله أنا أدفع لكم مرتباتكم من مصارى العويلة ". شعر العم سليمان بغصة تكتنف الفرحة التى حلت عليه وهى علمه التام بخبث الشيخ مبروك ومكره وغدره،ولكن الفرحة كانت أكبر من أن تعتريها شبهة أو تعترضها غصة فذابت الغصة فى الحين بفعل الأمل والحلم والإحساس بوجود العم سليمان بين أسرته فى أقل من عشرة أيام، وللأبد لا تقطعها الأيام ولا الساعات ولا الإجازات إلا أمر الله بعد عمرٍ مديد إن شاء الله فى طاعته وبين من تبقى من أهله.. لذا وجد العم سليمان نفسه يجهز للسفر وعزاؤه على الأقل لم شمل أسرته المفككة ولمدة عشرين سنة....ولكن "هيهات لإناء تكسر أن ينجبر..وبعداً لرماد منثور أن يجمع"..فالزمن فاعلٌ فعلته والأيامُ طاوية للفرح..وليس اليوم كالأمس..وليست العشية كالبارحة..كما أنه وليس اليوم كالغد...
أصبح عمنا سليمان ينتظر الحوالات الشهرية والتى إنقطع إنتظامها بعد الشهر الثالث بل ومنذ الشهر الثانى لم يكن المبلغ المرسل إليه هو نفس المبلغ المتفق عليه، وبعد ثمانية أشهر بحثاً وتمحيصاً وإتصالاً بالسفارة وأصحاب الشأن جاءه خبر مفاده أن شركات الشيخ مبروك قد أعلنت إفلاسها ،،وأقفلت أبوابها،،مما ترتب عليه إسقاط كل المديونيات والإستحقاقات. ومن ضمنها قروش صاحبنا العم سليمان.."خاصة وأنّه قد تم الإعلان عن ذلك فى الصحف ولفترة كافية تبرئة للذمة "وهذا الكلام لمندوب السفارة .....كابد عمنا سليمان الأمرّين ليوفى إلتزامات أسرته الصغيرة وقد أضطر لبيع ذهب حاجة سكينة "زوجته" بالقطاعى حتّة حتّة وجرام جرام ليغطى رسوم الجامعة للبنيّة والعلاج لزوجته،،والإحتياجات واللوازم اليومية إضافة للعوائد والنفايات والصرف الصحى والكهرباء والمويه وغيرها،وقد حاول عدة جهات وواسطات بغرض إنتزاع تمويل لإنشاء مشروع بأرض والده التى لم تهنأ بسنين الغربة لا قُرباً من صاحبها ولا قُرباناً ِمن شقا مَن غاب عنها..وكأنها تلعنه وتؤنبه...فباتت تجازيه بوراً إلا من بعض الدجاج والبيض أحياناً وبعض الخضروات فى أحايين أخرى متفاوتة،،يقوم عليها العم سليمان ليسد بها بعضاً من رمقه،،
وفجأة هلّت ليلة القدر على صاحبنا،،،وبتردده على أحد البنوك لمعرفة أخبار التمويل الذى وُعِدَ به من قبل لتعمير الأرض...أخبره الموظف المسئول أنّ هنالك شركة أجنبية ترغب فى إستثمار أراضى زراعية شراكة بينها وبين المالك على أساس راتب شهرى يُتفق عليه وبعقد إيجار طويل الأمد،بضمان رهن العقار،ينال المالك مرتباً شهرياً لمدة يتمكن فيها المستثمر من إسترجاع كافة أمواله وأصوله بما فيها الرواتب المقبوضة من المالك ..ونصحه ذلك الموظف بالتسجيل وجلب بيانات قطعة الأرض إن كان يرغب فى ذلك ..وبسرعة..لأن الإقبال على العرض كبيروالكثيرون يودون الإستفادة من هذه الفرصة، خاصة وأنه لايُلزمهم بشئ ...لم يفكر العم سليمان كثيراً ولم يتوقف لمشاورة أحد،فهو بمثابة الغريق الذى ماصدق أن وجد قشة يتعلق بها ووافق على الفور ،لكنه إستغرب أمراً واحداً وهو أن الراتب الذى سيقبضه يعادل نفس الراتب الذى كان يتقاضاه أيام الغربة ..حينها ناداه صوت بداخله بأنه رزقه الثابت هنا وهناك وتمتم بتسبيحاته مسلِّماً.إذن فهو نفس الراتب ولكن الإيجابية فى ذلك الأن أنه يتقاضاه بين أسرته،وبعملة بلده، وهنا جوار أبنائه مهما كانو وكيفما كانو..ليس فرقاً..سواء أكانو هم الرعاة أم هو..كانو هم العاجزون أم هو.....
ذهب العم سليمان إلى البنك فى اليوم المعلوم لتوقيع عقد الشراكة أمام المستشار القانونى ومندوب الشركة المستثمرة بواسطة البنك المعنى ،وتم توقيع العقد فى جو من الإحتفال والبهجة أضفاه الكثيرون من أصحاب العقود المشابهة على شاكلة عمنا سليمان حتى وأنهم إستغربوا الصرف البذخى الذى قامت به الشركة إحتفاءً وإحتفالاً بهذا اليوم ..وبعد قليل دوت القاعة بالتصفيق وضجت القاعة بالأصوات العالية تهليلاً وتكبيراً إيذاناً بدخول شخص هام علم العم سليمان من أحد الجالسين من موظفى البنك، بأنه المالك للشركة المستثمرة ..تسمّرت قدما عمنا سليمان وفى لحظات حينما وجد نفسه ..فجأة وبدون سابق إنذار وجهاً لوجه أمام الشيخ مبروك صاحبه الذى أعلن إفلاسه هناك ليعلن حقيقته هنا...إنها المعلومة التى أغفلها ولم يعرفها إلا بعد توقيع العقد أن مالك الشركة فى الأصل هو صاحبنا الشيخ مبروك ...نعم هو الشيخ مبروك الذى لم يكتفى بجنى ثمار غربة العم سليمان من على جسده الخائر ....بل تعداه إلى خصوبة أرض آبائه ليزرعها دأباً سنيناً من الألم والضياع.....هى مدة عقد الإستثمار...والتى ستنتهى بالتأكيد بعد وفاة عمنا سليمان بوقت طويل...يعلن بعدها الشيخ مبروك أو من يرثه إفلاس شركاته هنا....ليُنبتوا شيطاناً جديداً فى مكان آخر....يذهب بخصوبة كل شئ......بينما تعلمون سلفاً ما الذى ورثه أبناء العم سليمان .


أحمد عبدالوهاب الأحمدى
25/مايو/2009[/align]
[/frame]

أحمد عبدالوهاب على
السودان-الخرطوم
ahmedwhab@hotmail.com



أحمد عبدالوهاب على غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2009, 07:25 AM   #[33]
لؤي
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية لؤي
 
Unhappy

[frame="7 80"][align=center]رُعب حيث الدّار أمان[/align]

[align=right]
أراد لها الأمان
فأدخلها إلى غرفةٍ يراها آمنة
أصابها الرُّعب
فقد وجدتها غُرفة ضيّقة ومظلمة
غُرفة مليئة بالدّماء في كُلّ مكان
جُدران الغُرفة تهتز إهتزازات عنيفة
وتصدر منها أصوات مُزعجة وضربات قويّة كُلّ ثانية
إرتعبت
وخرجت مُسرعة دون صبر

مات هو
فقد كانت هذه الغُرفة قلبه
[/align]
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 03-06-2009 الساعة 01:32 PM.
التوقيع: [align=right]أنا في البعيد مُشتاق لهمسة من الوطن يا نسمة[/align]
لؤي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2009, 08:09 AM   #[34]
أسامة معاوية الطيب
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية أسامة معاوية الطيب
 
افتراضي

[frame="7 80"][align=center]ومات حين رعشة الجبل[/align]

[align=right]
وقف على قمة الجبل ..
كان ومنذ طفولته يقف عندها ..
ساهماً غارقاً في كون دهشته المترامية .. يحفر مع الأطفال اسمه على القمة ويرص عليه الحجارة ..
الاسم يبدو بمقدار ما اجتهد صاحبه في الحفر والرص .. تطالعه آلاف الأسماء .. وآلاف الحجارة .. وآلاف الذكريات ..
كانت القرية كلها تحته ..
كأن قبضة يده تطالها جميعاً ..
- عجيب أمر هذه الدنيا كلما صعدتَ عنها صغُرتْ .. وكلما نزلتَ إليها كبرتَ أنت فلم تحتملك الأشياء
النيل .. خيط ماء يذكره بخياطة أمه حين (ينفتق) قميصه الوحيد ذات عراكٍ أو عناق ما .. تميل الإبرة حتى تبدو آثار الخيط بلا اتزان وبلا تنسيق ... اللون الأبيض هو لون الخيط الوحيد في دكان القرية .. كان يداوي أوجاع جميع الألوان .. بلا اتزان أمه وبلا تنسيقها .. والإبرة ذاتها هي ما يخيط القميص .. وجوالات البلح حين الحصاد .. وما يخرج الشوك من الكعوب الدامية أثناء الليل .. وما (يضفر) الطبق لأعراس ربما تجئ .. تظل تطعن في جسد الجدار إلى أن تدعى للطعن في جسدٍ آخر .. النيل يذكره بأشياء كثيرة .. كانت أمه وهي تعود مساءً إلى المنزل .. تنتعل حذاء البلاستيك الأسود ذي الوردة العريضة على مقدمته .. يحمل الشوك كله في كعبه الذي يستعيد كل تواريخ حقده حين اتحاده مع حجارة الطريق القاسية .. على رأسها (رأس) القش .. يطلي ثوبها بخضرته النفَّاذة .. العشب الرطب ظلَّ يسبب لها الحساسية طوال عمرها .. تسعل حتى تغيب عيناها .. وتعودان أكثر حنيناً ودموعاً وصلابة .. النيل يفترق عند بداية القرية افتراقاً خفيفاً .. يكوّن جزيرةً صغيرة ويلتئم ثانية ليواصل تواطؤه ضد الجروف ينهكها بالهدم والغمر ولكنه يحييها بعد ذلك .. يذكِّره منظر افتراقه والتقائه هذا بنطاله المدرسي الشاحب ، غائر الجيوب وسوستته (المحلوجة) .. أحواض البرسيم متناسقة الرسم رائعة الهندسة وكأنها ليست التي اعتاد أن يمشى بينها دوماً ..
- - تحتاج هذه الدنيا أن تُرى من أعلى .. تحتاج أكثر أن تُمارس من أسفلها حتى تتصعد هي إلينا بذات الأناقة ..
كان المنزل الذي شهد شقاوة طفولته وبؤسها يبدو ناصع البياض .. تستقيم أركانه وكأن الزاوية القائمة تبدأ عندها .. بابه الأخضر نظيفٌ .. جميلٌ .. كامل الوسامة لا تُرى شخبطات الفحم عليه .. لا أثر لقفله المخلوع ولا للحبل الذي حلّ محله .. (الجردل ) المملوء بالحجارة .. يجرح الجدار منذ سنين لتثبيت حبل الغسيل بالداخل يبدو كأثرٍ منقوشٍ على الجدار الأبيض الزاهي ..
- ريشة الجبل لا ترسم التفاصيل التي تنقص اللوحة بريقها..
تذكر فجأة .. وهو يغادر الوطن متخفياً تحت اسمٍ جديدٍ ووثائق جديدة .. والطائرة تحلّق فوق مطار المدينة .. كانت ترتسم كلوحةٍ رائعةٍ ومبتسمةٍ ووديعة .. تتحرك السيارات برشاقة .. متزينة بصمتٍ طويل الابتسامة .. وكأن سباب السائقين والأبواق التي لا تهدأ حين الذروة سافرت لعالمٍ آخر .. والشوارع مغسولة .. فقط بارتفاع الطائرة عنها .. لا أثر للتراب تغطي أطرافها .. لا عرق يغيِّر ملامح المارة .. وفي نفس اللحظة التي ترسم ريشة العلو أناقتها كانت الأيادي المختفية خلف القفازات والبطاقات تلملم أوراقه وصوره وكل قصاصات كتاباته وتحرقها .. لم ير من نافذته دخان روحه المتصاعد .. ولكن رجفة قلبه ساعتها ذكرته بتفسيرات أمه ..
- - الروح يا ولدي تحلّق فوق الأشياء وتسترها ببياضها وتخفق حين يقوى عليها الزمن ..
تعاتبه أو تلومه أو تخيفه بانقباضة فتحدث تلك الرعشة .. كانت تقول له باسمة .. وقلبه يرفُّ رفيفاً متواصلاً .. خلف ابتسامتها أسئلةٌ وأجوبةٌ وبحارٌ من الحيرة.
- - ستصادف من تحبه ويحبك يا ولدي
لم تكن لتقول له :
- - ستفارق جزءاً منك وإلى الأبد
لكنها كانت تعلم ذلك .. كانت تعلم أكثر من ذلك ..
- - الأم عالمةٌ ومتحققة العلم .. ولكنها تدفنه في الدمع متقد الصبر.
بقىَ عشر سنين بالمنفى .. جاء الآن فقط ليزور قبر أمه .. جاء بشعرٍ مستعار .. واسمٍ مستعار .. وعمرٍ مستعار .. ووثائق جديدة .. ولكنه يفضح نفسه بحنينه الأصيل ودموعه الصادقة ونشيجه المميت .. قبر والدته كان قبراً استثنائياً جدا … ضمّ أمه بذكرياتها .. وألوان العشب تطبع ثوبها بالخضرة والحساسية .. وحذائها البلاستيك الذي يوقد أصابعها بهجير الصيف ويباس الشتاء .. ضمّ ابتسامتها له وهي تعدّ له العشاء .. وتمضي لتصلي .. ضمّ أحاديثها عن أبيه
- - كان شاعراً .. حاول إصلاح الكون .. فأفسده الحلم .. ومشى وحيداً نحو القبور .. لم ترافقه جموع المعزين والشامتين .. القبور يا بنّي ليست تلك المدن المأسورة بعصي الحراس وأزاميلهم .. كثيرة الشواهد وجريد النخل .. لكنها السجون التي نخلقها لأنفسنا ولا نبرحها ..
- - مضى يصلح الحال بالشعر فاستسلم لطارق الجنون
ضمّ ذكرياتها معه .. استيقاظه منتصف الليل ليغني أغنيته الحبيبة .. الغناء للأصدقاء فقط .. والليل صديقه الوحيد..
- - لأن كل أشباح الناس تمضي لهروبها المشروع .. النوم .. والغناء تفسده الآذان الهاربة
- كان يجلس عند الباب طوال اليوم .. يطالع الفراغ .. يحادث الصمت .. وحين أفاجئه بابتسامة .. يفاجئني بالحياة كلها يدسّها تحت قبلته على يديّ ويمضي .. كان لا يتحدث إلا معي .. لا يفهم إلا لغتي .. لأني كنت أتحدث إليه بعينيّ ( أبوك كان ممكن يغيّر الدنيا كلها بعيوني ديل .. ) لكنه أراد أن يغيِّرها بعينيه وهو ينظر للفراغ .. آهٍ عليه .. ضلَّ .. آهٍ عليه.
الجبل الذي شهد قبل ربع قرن حفر اسمه ورص الحجارة عليه .. يشهد الآن حفر قلبه على كل حجر .. كل كهف .. كل شجرةٍ تقاوم العطش بالتماوت .. وتقهر الموت بالصبر .. وكل ذرة رملٍ ترهقها الريح بأسفار قاتلة .. الآن وهو ينظر منه ناحية داره ويركّز حيث كان أبوه يطيل الجلوس .. يبدو كمعنىً جديد للروح تحمل الإنسان على كفّها حتى يقرأ أوراقه جيداً … المقابر وسيمة منتظمة .. على عكس حالتها وهو يقف فيها أمام قبر أمه .. كانت أمه حين تمرّ بها تتمتم بأورادٍ وآياتٍ وتنهداتٍ طويلة .. ودمعاتٍ تكسر طوق ثباتها المنهك وتطل على وجهها المملوء بالحياة موتاً ناعماً .. ترقد فيها الآن تصمت عن كل ذلك .. فقط تورثه كل اهتزازها تجاه قبر أبيه .. حيث تنبت شجيرات (السنمكة) وتحدث صفيراً رفيقاً مع صوت الريح وترسل بذورها لدنيا أخرى ..
- يا للجبل .. يصغّر الأجساد .. ويكبّر الأرواح حد الرهق.
تسلل في تلك الليلة فقيرة الضوء.. ومضى يكتب بالفرشاة على جدران المدينة ..كان يطالع نظرات أبيه نحو عالمٍ لن يأتي .. هكذا كما أراد .. وحساسية أمه وسعالها القاتل .. وشوارع القرية الغارقة في اللا شئ .. ذهب ليقضي ليلته في منزل صديقه متخفياً.. ولكن دمعتها وهي تصلي طوال الليل كانت تبلل وسادته .. فقد إحدى عينيه تحت التعذيب .. وكثيراً من عمره وأبنائه القادمين .. أصاب الشلل نصفه الأيمن .. لكن أوراقه وقصاصات كتاباته ودموع أمه ورعشتها ظلّت كما هي .. ومضى ساحباً عزمه للمنفى .. رحل معه كل شئ .. وغاب عن كل شئ .. بقى هناك .. حيث مات
- - الموت هو موت الذات .. ليس للجسد حياةٌ فيه وليس للروح خروجٌ بعده ..
ماتت أمه .. بين خضرة العشب على ثوبها .. وابتسامة أبيه .. ودمعتها الدائمة عليه .. احترقت قصائده وأحرقت قصاصاته ونامت رعشات قلبه .. عاد .. بلا أمٍ وبلا قصاصات وبلا قصائد وبلا وطن .. عاد .. بالجرح الذي عمّ كل الجسد فأهلك الروح.
قفل نازلاً عن الجبل .. كلما انخفض عن ارتفاعه تكبر القرية .. وشيئاً فشيئاً كبرت إلى مستوى نزيفه .. التفت وراءه .. رأى اسمه المنحوت في حجارة الجبل يتصاغر درجة التلاشي يكاد يرجمه بتواريخه كلها.. ولكن اسمه المنقوش في ذاكرة أمه كان يكبر درجة الخلود .. هل يبقى على القمة للحفاظ على اسمه كبيراً وصورة القرية وسيمةً ونظيفة .. أم ينزل لنقوش أمه في جدار الخلود .. وواقع القرية النازف واسمه المتصاغر .. حينها كانت القصائد تسيل من عينيه ويده المشلولة وشفته الراعشة .. تحمّل قسوة الصعود على عكازه .. وقسوة الهبوط على روحه .. ولكن صورة أبيه يبتسم للفراغ قرب الباب المتسخ بالفقر والقهر وخذلان الجميع .. كانت تحوّم حول قدرته .. ولون العشب يطلي ثوب أمه ويرهق صدرها بسعالٍ دائم وهي توقد النار لشاي المغرب .. والجدار الباهت المسحوق بتذكارات الصبية ووخز الجردل الدامي .. كانت أقسى من وهدات الجبل على رجله الثقيلة .. وروحه المثقلة .. وقصائده كسيرة القوافي .. فسقط ..
الطيور التي حلّقت حوله وهو ينزف حتى آخر حرفٍ منه كانت تعدّ العدة لموسم هجرةٍ جديد .. وتعرف أنها لن تعود أبداً.
أسامة معاوية الطيب[/align]
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 03-06-2009 الساعة 01:34 PM.
أسامة معاوية الطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2009, 08:16 AM   #[35]
أسامة معاوية الطيب
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية أسامة معاوية الطيب
 
افتراضي

[frame="7 80"][align=center]الباب السري للمدينة[/align]
[align=right]

القهوة تضج بزبائنها وروائح الشيشة تغسل الرواد بعطن كيفها فتبدو العيون في نوم صاح وصحو نائم ... الساعة أقرب للثانية ولكن المآذن لم تنتهي بعد من واجب رفع الآذان ... تظل هكذا تتناوب في رفعه لحين اقتراب العصر ... الآذان دائما لا يضر فالأفضل ألا ينقطع عن المدينة وهي تخطو صوب شيخوختها الكبری تبحث عن حسن الختام ...
حسن الختام لا يعني مطلقا إعادة رصف الطرق وتأهيل المجاري وتجميل واجهات المحال التجارية وتزيين الحدائق بالعشب الاخضر والزهور الملونة ...
لا يعني مطلقا الخروج والدخول دون تلصص وخوف ... دون رقابة ما ...
لا يعني مطلقا التفكير بحرية حتی دونما صوت ...
لا يعني مطلقا حسن النية بالناس والحكومة ... وسوء الظن بالظن
حسن الختام ؟
حسن الختام لا يعني شيء مطلقاولكنها فقط تبحث عنه.
المدينة منذ زمن بعيد ترتدي ضجيجها الصاخب لتخفي همس أحزانها ... منذ زمان بعيد كان بها مسجد يمتليء علی سعته وبار يفيض برواده ... كان بها بنات ليل باهيات وأخريات يملأن أعين النهارات الجميلة ... كانت مقاعد الرجال بها تتحول تلقائيا للنساء قبل أن يدهمها فرمان يخصص مقاعد للنساء فيضيع تلقائية الرجال ويذهب بالحب ... كان بها مآذن تنشد القرآن والمديح وآذان تتسمعه وهي تغسل قلبها بحلو الذكری ولا تخشی الغد... كانت هذه القهوة ... قهوة (الحال) ... حاجة (الحال) هي من أوقفها علی أرجل كيفها ... استغرقت سنين عمرها السبعون وهي تعد الشاي والقهوة والحلبة والشيشة لعامة روادها والخمر البلدي الحارق والبنات الوارفات وأكباد الإبل لخاصتهم ... كانت تفرش المناضد بقطع القماش الأصفر الخفيف وترش الرمل بماء معطر يخفي لهب الظهيرة بثوب من النسيم الحلو ... كانت حاجة (الحال) إمرأة فارعة الطول تملأ فمها بابتسامتها المستديمة ... وأحيانا ... بالصعوط الممتاز ...كانت تسف نادرا ولكنه كان يساند ابتسامتها بإيجابية لأنه يخرج بشفتها السفلی لعوالم أكثر رحابة ... مكتنزة الصدر ... مفضوحة الأرداف حتی لكأن الكون يرقص عليها... لا تعبأ بثوبها دائما فقط تتركه علی كتفها لتبيء عن فساتينها الجميلة ذات القصر الواضح ... كان دخان سجايرها يلعن كل روائح البخور التي تطلقها في القهوة ويغرقها بنفاذه الغاتم ... لم تكن تدخن البنقو كثيرا لإعتقادها بأنه ( بتاع ناس ما عندهم شغلة) فيما كانت تنصح بناتها
- يابنات اعملن اي شي الا البنقو دا يلخبط ليكن صورة الدنيا البراها ملخبطة دي
... ولكن البنات فيما يبدو كن يردن أن يلخبطن صورة الدنيا خصوصا أنهن كن يتحصلن عليه مجانا ... فقط بضحكات وتأوهات لا تنقص كاملا ... الحال كانت تعرف ذلك وتقول
- شقاوة بنات ... نحن والله وكت كنا قدرن كدي العرقي دا نسمعبو سمع خليك من البنقو ... لكن بنات الزمن دا بقن مفتحات
كن مفتحات جدا ...
لا أبواب ولا نوافذ ولا جدران ...
يتنشقن كل الأنفاس ...
يشربن في أنين خافت كل أنواع السوائل ...
يغسلن السكون بضحك مفضوح‌
كانت تقسم ايراد قهوتها اليومي مع طلبة كلية ضباط الجيش ... تمر علی داخليتهم ليلا وهم ينتظرونها علی حواف شوقهم ... لأن (اسماعيل) ابنها الأكبر والوحيد ... جاءت بعده ست بنات ... مات بذات الداخلية قبل أن يستوي ضابطا في جيش المدينة خاليا من الأوسمة التي يتبادلها الضباط فيما بعد ... كانت تمر عليهم وهي تغسل عينيها بطيفه يحلق في الكاكي ويستر ما يشذ عن ساقيها من نظرات المارة ويسكنها فسيح رعايته ... رحل وترك لها اثنتا عشر ساقا جديدة تبيع الستر بالستر ... اثنتا عشر ساقا ناعمة وملساء ولامعة تخفي تحت زيت النارجين آثار ألسنة وأسنان ونظرات حادة وبقايا شبق منفلت ... اثنتا عشر ساقا تظلل سقوفا كثيرة حين ترفع في المساء وأطراف الصباحات الجميلة علی قواعد من أنين خفيض ... اثنتا عشر ساقا سمراء بعضها رشيق درجة الغناء وبعضها يغوص في رمل بدانته الحبيبة ولكنها تتفق في إغرائها اللذيذ ... والقهوة في صخبها يمر الكون كله علی مناضدها وينثر ما تيسر من حياة ويمضي ... ولكن في ركنها الداخلي ... في الزقاق المؤدي للمكان المعد لغسل الأواني ... زقاق صغير غير مسقوف ... جداره قصير نسبيا يمكن مراهقي المدينة من قرص بنات حاجة (الحال) بمساعدة فقط طوبتين بالخارج واقترابهن المتواطيء بالداخل وأيادي النشوة اللاحقة... متسخ جدا وربما لم يسمع مطلقا بالمكانس ... ضيق جدا علی اتساع بناتها الست ... مظلم جدا ... وهذه الظلمة كانت تضيء للكثيرين شمعات أوقاتهم ... المنضدة التي تقبع عند مدخله بلا أدنی اهتمام ... الوحيدة التي لم تنعم بقطعة قماش صفراء كالأخريات ... ولم تبلل الماء ذرات الرمل المتسخ تحتها ... كان يرتادها (علي حميدة) و(حسن البوم) ... كانا من أشهر دراويش المدينة ... يتسامران بها دونما رشفة شاي واحدة ... كانت (منی) أصغر بنات الحال تبرهما أحيانا ببقايا الشاي من المناضد الأخری ... وكان أيضا يحمل طعم الشاي الذي تذوقه الرواد وتركوه ... كان يحمل أيضا جزءا من مزاج ولو أنه ابرد قليلا من صورته في ذاكرتهما ... وكانا يعلمانها أولی خطوات طريق حاجة (الحال) ... كل بثمنه ...
(علي حميدة)
جاء للمدينة بلا سابق إنذار ولم يؤثر فيها كثيرا ... ينام حيثما اتفق ... وحيثما لم يتفق ... لم تر منه المدينة سوی جلبابه الوحيد القذر ... وضحكاته الصاهلة ... وونسته البذيئة ... يوزع بذاءته علی كل شبر من المدينة ويسترق ابتسامات بنات المدارس الحيية ... وقهقهات (الحال) وبناتها ... يغمز بعينه للمارة ولا يعبأ بسيل الشتائم والركل والضرب ... كاد يموت مرة حينما صادفه (عبدالحميد الرباط) يغمز لزوجته... علقه علی باب منزله ثلاث أيام بلياليها وكان كل صباح يحضر سلمه الصغير ويصعد عليه حتی يصبح مساويا لدكة السروال الذي أحضره معه خصيصا لهذه المهمة ويفرغ قرطاسا من نمل السكر اللئيم ثم يربطه وهو يصفر أغنية ساقطة وينزل ... يتركه لصراخه البذيء ... أصبح يتبول بصعوبة لسنة لاحقة ولكنه مستمرفي غمزه لها في غفلة زوجها الرباط ... هي أصلا من علمه الغمز ... كان حين يعود من الجزيرة مع خيوط المغرب بادية الحمرة يرفع جلبابه حتی المنتصف ويمسك نعليه بيديه وهو يخوض ماء النهر ... كان الماء يكفي فقط لرفع الجلباب مستوی الفخذين ... ولكنه بدا يتجاوز ذلك كثيرا فيما علمته ...
- يا بوم آحسن ترفع جلابيتك لغاية صدرك عشان ما تجيك نزلة
- وانت طيب ما ترفعي توبك لغاية صدرك
- لا انا لابسة تقيل لكن انت جلابيتك خفيفة ... بعدين ذاتو الهوا ينضفك شوية يا وسخان …
وتضحك ضحكتها التي تدفعه لتقافز مؤشرات تيرمومتري ثيابه وأعصابه
بدأ يرفع جلبابه حتی نهايات الصدر خوفا من النزلة وطمعا في النظافة ... وتغرق منطقته الوسطی في النسيم البارد ونظرات النساء الحارقة ... لأنه وربما علمته إمرأة أخری في محاولة لتجنب مرض آخر ... كان لا يلبس سروالا ... ومضی لا يعلم شيئا سوی أنه يحمي نفسه شر النزلة ... ولكن وبعد أن بدأت بعض النسوة في مداعباته ... وضربه في المناطق ذات الكثافة الإنسانية العالية ... بدأ ينتظرهن بفارق العري ... وكثيرا ماكان يرفع جلبابه بعيدا عن النهر
- أرفعا ؟ ويرسل ابتسامة بلا معنی ...
- والله أسع أرفعا ... لكن ان رفعتها ماتضربيني شديد
- خلاص خلي قلة الأدب دي وارفعا ما يجي زول
- اها رفعتها ...
- شايف أسع ياهو دا البقيت نضييييييف ...
تمرر يدها علی مواطن ضعفه فيقوی ...
العيون مشرعة تراقب الشوارع ... والأيدي مشغولة بتضاريس المرتفعات ... والقلب غارق في خفقانه اللذيذ .
ضاقت به لاحقا ... كان لا يصمت عن خفقان قلبه ... يحكي وهو يغمض عينا ويفتح أخری ويبرع في التمثيل ... للحقيقة لم يكن يذكر اسمها ولكن اشاراته الذكية في الوصف لم تكن تحتاج هطلا أكثر من هطله لفهمها ... أصبح الرباط يفرض عليها حصارا كاملا ... احتملت كل ذلك حتی أكملت تربية الجرو الذي احضرته من عرب الخلاء ... كلب بري ولكنه أليف ... يحتفظ لنفسه ببعض صفات الخلاء ... جرأته التي تصل حد الجلافة من أهم ما يميزه... ولكن أهم ميزاته إطلاقا أنه لا يحدث بمغامراته ... صار الأن في أكمل الفحولة ... ما عادت تخرج من المنزل ... فقط تهتم بكلبها ... ويهتم الكلب بلسانه ... يصونه تماما ... وليس أحسن من كلب في وضع مثل الذي يفرضه الرباط عليها ... إن تحمل عليه يلحس وإن تتركه يلحس .
(حسن البوم) ...
رجل صامت ... وسخ الملابس جدا ... يميزه أنفه الضخم ... الأطفال يسمونه (حسن اب نخرة) ... يرسم ضحكته الصفراء علی طول وجهه نابت الشعر بعشوائية بالغة ... أسنانه الصفراء تقدم رائحة فمه بكثير من الصدق ... يقرأ شعرا غريبا بأوزان أغرب ... كان يغني
البنات السمحات خربن قلبي ومشن
البنات السمحات سماحة السنين
وانا ذاتي البيقعدني ليهن شنو؟
انا بس اقوم امشي القيامة
مع السلامة
مع السلامة
ويهتز وهو يرددها ويضغط علی لحنها المسكين حتی يطاير رذاذ التمباك من بين أسنانه البالية ... كان يعمل حارسا ليليا في طلمبة المياه العامة علی ضفة النهر ... لأن حارس النهار يجب أن يكون عاقلا كما صرخ في وجهه (عبدالكريم) مدير المشروع ... وبقي يسهر قرب النهر طوال الليل يناجي أشباح الظلمة ويردد أغانيه وحين تسري رعشة خوف في جسده النحيل يصفر صفيرا صارخا ويلف وجهه بشاله الرث ردئ القماش الذي يتخاصم مع شاربه القذر ... صنعت القذارة من شعره دبابيسا ومسامير
- لكن (عبدالكريم) الـ........... دا أنا بلاقيهو برا
- هو قايلنا ما عارفنو؟
- هو قايلنا ما عارفنو ؟
كاد يزهق روح (عبدالكريم) حين خرج وحيدا من حفل افتتاح المشروع مزهوا بعباءته السوداء ذهبية الحواشي ... خرج ليتحلل من البرتوكول قليلا ويعود بعدها للكراسي الأمامية الوثيرة يتقاسم نظرات الإعجاب مع رجال الحكومة ... كان (حسن البوم) قد جلس وحيدا تحت شجرة نيم يابسة ولكنها متمسكة بالحياة ... ممسكا بعود طلح غير منتظم الحواف وثقيل بدرجة تكفي لقتل ثور ... كان يتوقع خروج (عبدالكريم) بين لحظة وأخری وكانت أي لحظة تكفيه لغسل إساءته أمام الناس
- (حسن البوم) دا خلوهو في وردية الليل يصاقر البحر دا لامن تصبح وشوفو ليكم واحد عاقل لوردية الصباح لانو بيجو مسؤولين
وسكت حينها (حسن البوم) لأنه يحتاج لوردية الهطلی هذه ... وكم بكی وهو يطالع النهر ساكن التيار وحفيف الظلمة يتسرب لأضلاعه فيشرخ جزءا من قلبه وثباته ... خرج (عبدالكريم) من الحفل ... وخرج (حسن البوم) من جلده ... رفع عود الطلح الثقيل وهوی به عليه ... مال (عبدالكريم) للخلف فجاء العود علی بطنه وصرخ صراخا عاليا
- تبكي يا ............ ؟
- ما قت راجل؟
وجری (حسن البوم)... عبدالكريم كان قد أخبر بعض الذين تجمعوا علی شرفات صراخه الواسعة - من بين لهاثه - أن هذه مشكلته وسيحلها علی طريقته ... وتبسم للمسؤولين بين خفقان قلبه واستمر الحفل ... ... كانت فقط أوهام (حسن البوم) من يجري خلفه ... ظل يجري طوال الليل ... طوال ورديته وهو يجري ... عاد للمدينة بعد أسبوع يزرع التلفت في الطرقات ويجني حصاد عوده الثقيل ... ظل (عبدالكريم) يتحاشاه ولكنه فصله من عمله المظلم .
منضدة (علي حميدة) و(حسن البوم) المنعزلة في قهوة الحال تقف علی ثلاثة أرجل ودرويشين ... تحتها تنام قطة مائلة البخت ... ولكنها تبدو سعيدة في وهدتها تلك .
(حسن البوم) يضحك فجأة علی غير حال طبيعته الصامته
- لكن يا (علي) عليك الله النمل الكان في سروالك دا كان قعد يسويلك شنو؟
ضحك (علي حميدة) وهو يرشف رشفة طويلة جدا من شايه البارد
- علي اليمين الأكولة الدخلتني تاني ما تمرق لا يوم الله ... لكن عندك خبر بقيت خبرة ... أسع انا من طرف الشارع اشم ريحة النمل ... عارف من اشوف لي مرة جعابا غلاد النمل دا براهو يجي يدخل في سروالي دا ... سروالي ياتو ؟ هو أنا عندي سروال ... داك ما جابو لي الـ ........ داك ... النمل ؟ الله لا تاجر النمل يخلي ايدك ترجف السنة كلها
- انت ذاتك ان كان ماك خايب (عبدالحميد الرباط) يسويلك كدي هو (عبدالحميد) دا راجل ؟ والله كان يجي علي أنا إلا أبول ليهو في جلابيتو الصفرا السمحة ديك
مرت (منی) علی جلستهما فغمز لها (علي) وقرصها (حسن) وتركاها بين ضحكتها السايفة ... كان فستانها ضيقا ... ازرق في خطوط صفراء رفيقة ... وكانت يديها تنبت في أكمامه كوردة وهي تمسح بقطعة قماش قديمة منضدتهما وتمازحهما ... تحك بمؤخرتها علی صدر (حسن البوم) وهي تغرق في ضحكاتها الناعمة ... وكان (حسن) حين الاحتكاك هذا وكأنه جزء من المنضدة اتساخا وسكونا وأرجلا ثلاث ... كان مطر الكون كله يتقاسم رأسه ...
- عارف (عبدالحميد) دا العمل ليك فيها راجل دا جيت لقيت (خالد) ولد عمك (الحسين) ... (خالد) الجنا اللاسع ما بلغ سمح داك ... لقيتو مع مرتو في فد سرير ومقلعين حوت بس ... (خالد) ختف جلابيتو ومرق وانا دخلت علی المرة ... قت ليها أمشي يا مرة يا ما عندك أدب أسع الجنا دا ما قدر ولادك ... انت مابتخجلي؟ ... ضحكت علي ... ومرقت ... جريت أكوس في الخايب دا لامن لقيتو وكلمتو قال لي ( إن جاءكم فاسق بنبأ) بللاهي شوف الـ......... دا ...
- اي بس شقي الحال يقع في القيد ... هو (عبدالكريم) ذاتو قايلنا ما عارفين مرتو ... والله قالو هي الشغلتو ... اسع في قعادنا دا تجي (للحال) دي هنا توديها بيت الضباط
صرخت (الحال) من طاولتها المرتفعة قليلا في صدر القهوة
- دا منو الجاب سيرتي دا؟
- يازول قوم امرق والله المرة دي تلم فيك الا تختلك عقارب في سروالك دا ... دي مرة شر
اثنتا عشر عينا كانت تغسل الوقت بالمساسقة علی خطوط نظر الرواد ... التفتت مرة واحدة صوب (الحال) وهي تفارق مقعدها العالي وتتوجه صوب أقذر مناضدها بثبات يستفز الأرداف ... فتغني أغنياتها العجيبة ... وترقص رقيصها الأغرب ... حمحم (حسن) كثيرا وقال (لعلي)
- الله لا كسبك والله المرة تصلنا هنا الا تفجخنا بي صلبا الكبير دا قوم نمشي نشوف لينا محل
قالها وهو يقف مستندا علي المنضدة ويهم بالجري
- انا ما قت شي والله
- قت واللا ما قت قوم امرق رقبتك دي
- مالكم بتوسوسو؟ انا قت اجي اتونس معاكم ... يا (منی) جيبي ليك حجر شيشة (تفاحة) وتلاتة شاي ... والتفت نحوهم وهي تواصل حديثها سندوتشات طعمية كيف ؟
بلعا ريقهما وتوزعت عيناهما في المكان تقرأن هذه النعمة المفاجئة ... احضرت (زينب) كبری بنات (الحال) المقعد العالي ووضعته قربهما ... نفضته (الحال) بيدها وجلست .... بدت وكأنها من كوكب آخر قرب نجميهما المتلاشيان المظلمان المتسخان ... قامت من مقعدها وسحبته للخلف وجرت احد كراسي المنضدة وجلست عليه ... لم تثر انتباه الكثيرين لكون أن المنضدة أصلا خارج نطاق التركيز والانتباه
- جبتو سيرة بيت الضباط ؟
- لا والله بس السيرة جات ... لكن ... تمام والله
- انا ماشي ياخوانا ... خلاص بجيك بعدين يا (علي)
- اقعد
... قالتها بلهجة آمرة تماما ... جلس (حسن) واستدعي كل عرق عرفه وكل رهبة ... مر شريط من دخول وخروج الرجال من زقاق غسل الأواني ... ولفحته ضحكتين متأوهتين ... ولكنه كان يفكر في كتائب الحشرات السامة التي تعسكر علی مقربة من سرواليهم في انتظار أمر الحرب
- أنا الليلة دايرا اتونس معاكم ... اها خبركم شنو ؟ ... (عبدالحميد) تاني سألك يا (علي) ؟
- لا والله ... بس بيحمر لي من بعيد وخلاص
- انت ما مسكين ساكت انت عارف انو (عبدالحميد) دا ذاتو ما راجل ؟
كان (حسن) قد وضع السندوتش جانبا بعد أن وقفت لقمتين في حلقه الناشف ... وشعر (علي) بإهانة مباشرة لكرامته ولكنه آثر الصمت
- اي والله ما راجل ...
جرت نفسا عميقا من الشيشة وصلت كركرته لآخر نقطة دم في رجل (حسن) وهو يكاد يتلاشي من هذه المرة الشر ... وكان (علي) يتوقع العقارب في سرواله في أي لحظة ... حتی بات يشتهي لؤم النمل
- (عبدالحميد) العلقك قدام بيتو دا ... ضحكت وهي تسعل سعالا خفيفا ... وملی ليك سروالك نمل ... شفتو ... براهو جاب مرتو لي هنا وقال لي علميها الدلكة ... قت ليهو سجم خشمي دلكة شنو البعلما ليها انت معرسا ليك يبقی سبعة سنوات لا اسع ... قال لي أنا ما محتاج للدلكة بس هي لازم تتعلما ... عرفت بعد داك انها بتدلك الضباط ديل من طرف بالقروش ... كمان بالقروش حتی ماها هواية
- انا (عبد الحميد) عارفو راجل .......... ساكت لكن انت صح (عبدالكريم) مرتو هي السوتو مدير المشروع ؟
- اي هي السوتو مدير المشروع ... وانا حاضرة الكلام دا ... لكن نحن ناس في حالنا ما بنجيب سيرة الناس ... انت قايل ولادو الداخلين ومارقين ديل ولادو ؟ اسع امشوا من محلكم دا وشوفوهم ما قعد يشبهو (عادل) ضابط المجلس ؟
ارتسمت ملامح (عادل) أمامهم ... نفس الصغر في عينه اليسری ... نفس الكلام السريع المتقطع ... نفس ... نفس ... الخالق الناطق ... اثنتا عشر ساقا حينها غسلت الجهر بالسر وحفظت عن المدينة بابها السري ومضت ... برد الشاي ... وانطفأت الشيشة ... ولكن أرجل (علي) و(حسن) بدأت تقرأ نملا آخرا ... غير نمل السروايل اللئيم ... تمنوا للحظة لو أنهم عقلاء حتی يدروشوا مجددا ... كانت المدينة التي علمتهم الكثير قبلا أوقدت حلوقهم بهتاف نائم ومسيرة مليونية الرعشة تمشي بينهم ... الصور تتقافز أمامهم ... وصوت الطلمبة الليلي يخترق مخيلة (حسن البوم) وهو يحرس وردية الليل حتی يأتي الصبح بوردية العقلاء ... كان (علي حميدة) معلق بين السماء والأرض ... تتخاطفه الأيام برغباتها المجنونة ... وتغرقه الدنيا في بحار الهلوسة ... يرن في ذاكرته جرس أبيه الراحل
- (إنت يا (علي) يا ولدي ماك درويش ... إنت راجل نضيف ... شوف أي زول زيك كدي دا بس الله حافظو من وسخ الدنيا دي ... والله يا ولدي أخيرلك كدي
صوت (الحال) يأتي من أقصی المدينة يفتح كتابها أمامهم ... يفتح بابها السري عن صفحاتها الداخلية ... وهم يتطلوحون بين صراخ وصمت ... كانت (الحال) وكأنها تتمنی منذ زمان طويل أن تفتح الباب السري حتی تری المدينة نفسها ... ظلت تحكي وتحكي ... مر الإمام وبعض أساتذة المدارس ... مر (محمد صالح الفقير) ببخراته وسرواله الذي تحفظ رائحته النساء ... مرت إمرأة العمدة ... مر العمدة ذاته .. وبناتها يتوزعن علی المناضد والبيوت يكشفن ويسترن ... يكتبن في الأبواب الرئيسية ... حضرنا ولم نجدكم ... كانت الأبواب السرية تأخذهم كل مأخذ ... المدينة المغسولة بفضيحتها تغلق باب سرها عليها وتخشی فقط (الحال) علی حالها ... ولأن المفتاح أثقل من أن تحمله وحدها وزعته علی هولاء الهطلی فزادوا هطلا وظل العقلاء في عقلهم البائس يلوكون (إن جاءكم فاسق بنبأ) مع (عبدالكريم)...
كانت الحال تحكي وتحكي و تحكي ...
وكان (علي) و(حسن) يتوزعان غيما علی سهول العقل ...
كانا نغما هاربا من آلة قديمة عزفت ألحانها وضاعت ...
اثنتا عشر ساقا أسبغت عليها (الحال) جهر المدينة وأغلقت بابها السري لأن (اسماعيل) إبنها الوحيد مات قبل أن يتبادل النياشين والأوسمة وصدور البنات الممتلئة مع بقية الضباط ومضت هي لترسم سيرتها من علی مقعدها العالي ...
وتدفن مفتاح باب سر المدينة في قلب (علي حميدة) الذي جاء إليها دون أن يترك أثر وغادرها دون أن يعقل حالها ...
وفي قلب (حسن البوم) الذي قاطع وردية الهطلی ومضی دون يترك عنوانا لعود الطلح الثقيل الذي يكفي لقتل ثور وما قتل (عبدالكريم).
جاء أذان العصر علی المدينة باردا ... في نفس برودته المعتادة ... وظل يتردد حتی لاحت خيوط المغارب الحمراء ... ولكن خطوات (علي حميدة) و(حسن البوم) كانت تسمع أذانا آخرا ... وعادت (الحال) بمقعدها لمكانه وبدأت تردد صياحها المعتاد ... وعاود زقاق غسل الأواني مهمته الشبقة بمساعدة الطوبتين والإقتراب المتواطيء وأيادي النشوة اللاحقة.

أسامة معاوية الطيب
طهران 8/11/2004م
25رمضان1425هـ[/align]
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 03-06-2009 الساعة 01:36 PM.
أسامة معاوية الطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2009, 09:11 AM   #[36]
لؤي
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية لؤي
 
Unhappy (( سكينة )) و (( جمال ))

[frame="7 80"][align=center](( سكينة )) و (( جمال ))[/align]

[align=right]
رفضت ( سكينة ) كُلّ أفواج العرسان
قرّرت أن تخرج عن المألوف
فصارحت ( جمال ) بمشاعرها نحوهُ
وبرغبتها في أن تقضي بقيّة عمرها زوجةً له
منحته بذلك روحها
سنوات مضت بهما حتّى الآن
ولم يزالا ، هو ( جماد ) وهي ( سجينة )
[/align]
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 03-06-2009 الساعة 01:37 PM.
التوقيع: [align=right]أنا في البعيد مُشتاق لهمسة من الوطن يا نسمة[/align]
لؤي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2009, 12:13 AM   #[37]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

[frame="10 80"][align=right]((كوة ضوء ..!!))


ينتظر بصبر .. عله يشهدها مره أخرى ..
فهو هنا لانتظارها فحسب ..
وعندما يحين الوقت ...تشرق للحظات يعجز فيها عن الرؤية .. فيغلق عينه مجبرا
ويكتفي بذلك الشعور الذي يغمر خلاياه عندما يتسلل وهجها إلى أعمق أعماقه ..
تتساقط منها الأشياء .. قبل ان تختفي مجددا,, ولا تعود إلا بعد زمن آخر من ازمنه الانتظار ,,
ثم يبقى عينيه مغلقتين بعد غيابها محاولا أن يحتفظ بأثر ما أشعلته فيه ...فيغوص في تفاصيله ما استطاع ثم يودعه الذاكرة بحرص شديد كزاد يقتات عليه ريثما تسطع من جديد.
والآن يفتح عينيه ثم يبتسم ساخرا ..فهو لا يحتاج لهاتين العينين إلا في لحظه واحده
تخذلانه فيها ,, لكنه على كل حال يكتفي بالتلذذ بالألم الذي يجتاحهما لحظه إشراقها ,,
وبالسطوع الذي يخترق شفافية الجفون فيغير على الظلمات التي اعتادها ليمنحه بصيص من أمل..!!
يمد يده,, يتحسس الأرض من حوله ,, ثم يعثر على ما تساقط منها .. قد تقع يده على بعض القذارة ...لكنه دائما يجد ما يبحث عنه بعد حضورها الميمون
..
ربما كان حيا ,, وربما مات ,,
لكن ..هل يتناول الأموات الطعام ,, ويرتشفون الماء؟حتى ولو كان بلون وطعم ورائحه ..؟!
هل يغمرهم ذلك الإحساس الذي يجتاحه عندما يحين موعدها فتشع بالدفء والضوء؟
وهل تخرج الفضلات من الاموات؟
ربما .!! فلم يعد أحد من الموت يوما ليخبر الآخرين بما حدث له هناك..!

يبتلع ما عثر عليه .. ثم يحاول ان يقول شيئا فيصدر منه صوت يخيفه شخصيا ,,
لازال قادرا على إصدار الأصوات ,, لكنها تؤلمه كثيرا وتخترق أذنيه كالصاعقة .. لذا فهو يتحاشى إصدارها .. عدا عن بعض الأحيان..
فعندما تتأخر ,, يخشى من اليأس فيلجأ إلى,, إثارة الألم بشتى الطرق ,, ليعرف انه لا يزال موجودا..!!
فأحيانا يطول انتظاره كثيرا ,, دون أن تشرق ودون أن يتساقط عليه ما يسد جوعه وظمأه
لا يعرف كم من الوقت... فلم يعد للوقت معنى ..هو يمضى فحسب ..دون وحدات زمن.. ودون قياس او حساب...

أكثر ما يشعره بالضيق هو ذلك الفراغ الهائل في أعماقه وكأنما سلبت أشياؤه فبقي خاو على عروشه ,,خربا مهجورا وموحشا ,,
أحيانا ,, ينام فيحلم ,,,آه ,, كم يحب ان يحلم ..!!
ففي أحلامه يرى أشياء يتوق لها كثيرا ,, يرى وجوه وأجساد جميلة ,, ويرى أطفالا ,, ينشدون فلا يؤلمون أذنيه.. يضحكون ويبتسمون ,,يرى ألوان بخلاف الأسود ,,وضوء ناعم يغلف الاشياء بهدوء فيستطيع تبينها دون ان يجبر على اغلاق عينيه .. يرى أماكن ساحره وأشجار وأزهار ذات عبير أخاذ ,,وكف غضة مخضبة بالحناء ,,تنام باستكانة على صدره ,, يقرأ نقوشها بطلاقة فيدرك انه قد يعيد النظر بخصوص اعلان كراهيته للون الأسود .. ما أجمل أن يراوده الحلم ...!!
لكن للأسف لا يحدث ذلك إلا نادرا جدا فهو عندما ينام ,, يتعرض لألوان من العذاب الأليم
يهز كيانه ووجدانه,, كوابيس بشعه تجعله يهرب الى الصمت والظلام والوحشة ..
ويدرك ان جحيم نومه يفوق نعيمه بمراحل
ربما لم يكن رجلا صالحا ,, وارتكب الكثير من الاخطاء في حياته
أهكذا يخلد في النار إذا؟
ويذوق من حين إلى آخر رشفه من نعيم الجنه؟

يحك انفه الذي اعتاد على رائحة المكان النتنة فلم يعد يشعر بها ,, لكن عندما تشرق ,, تندفع عبرها بعض الروائح المختلفة ,,لا يهم إن كانت سيئة او حارقة او كريهة المهم انه يشمها ويستمتع بشعوره بها ,, لا شيء يضاهي وقت شروقها ,, حتى الاحلام الجميلة ,, فوحدها تعطي لحواسه معنى ..!! فتمنحه ثقة اكبر بوجوده أي كان.!

أحيانا ينحسر ذلك الفراغ في اعماقة للحظة خاطفة ,, فيرى نفسه في مواقف شتى
كثيرا ما يرى وكأنه يجلس على مدرجات قاعة كبيره ويصغي لمحاضرة ما
ثم يرى وجها أنثوي جميل ,, ولا أحب له ولا اشد إيلاما من رؤية ذلك الوجه مع انه لا يبقى طويلا ليتفرس ملامحه ويروي ظمأ نفسه منها ,,فقط يبرق في خاطره كما الوميض
فيثير في نفسه تيار يجتاحه فيصعقه لذه ووجعا
قد يرى وجوه أخرى يألفها ,,وأحيانا جنود يوسعونه ضربا ,,
ورجالا يقتلعون أظافره فينتفض عندما يشعر بالألم كما لو أن ذلك يحدث الآن
ويحاول أن يتحسس أظافره فيكتشف أن لا أصابع له ,,,ثم تعاوده صوره الرجال
وهم يقطعون أصابعه..!!
ومرة أخرى تبرق في خاطره صورة تلك الأنثى فيزول الألم ويحل مكانه وجع من نوع آخر ..تتسارع دقات قلبه وهو يكاد يشعر بدفء جسدها بين ذراعيه
فيتساءل
هل تنبض قلوب الموتى أيضا؟
ثم يقرر عدم الاكتراث فما الفراق ان كان حيا او ميتا ,,المهم انه هنا
وشروقها يؤكد له انه لا يزال هنا,,,,,,لكن ..ماذا إن لم تشرق مره أخرى؟
هل يعني ذلك انه لم يعد هناك..؟ أين سيكون إذا؟!
حسنا ربما إن كان حيا فسيكون قد مات..!!
لكن ماذا إن كان ميتا ؟!
لم يزعج نفسه بهذه الاسئله ..؟
هل هذا دليل على انه يهتم؟ ,, أي انه لا يزال حيا؟

تخطر له بعض الأحيان أسماء.. فيرددها دون كلل يحرك بذكرها شفتيه دون ان يصدر
صوتاأسماء كثيرة يستحضر وجوه بعض أصحابها ويجهل البعض الآخر
ويذكر بعض الجمل فيكررها بشكل متواصل
انا لا اعرف احدا
لا اعرف شيئا
اريد ان اعود الى البيت ,,
البيت؟
كيف كان بيته يا ترى ,,؟
للأسف قد لا يسمح للموتى بأخذ ذاكراتهم معهم حيث يذهبون..
الغريب انه يملك بعض ذكريات تتسلل اليه من وقت لاخر
غرفه نومه والفوضى تعمها.. جارتهم التي تحسن صنع القهوه..!!
والدكان القديم حيث كان يجلس مع رفاقه يتسامرون ليلا
مسجد حارتهم ,, وساحه مدرسته الاعدادية ,,وشجرة النيم الضخمة حيث كانو يتأرجحون
على حبل من الليف ييتدلى من احد اغصانها
الكثير من المطارات
والفنادق الرخيصه
والكتب الضخمه
جامعته واجتهاده وتفوقه في دراسته
وزملاءه الذين يتحدثون بلغة يجهلها
يذكر شعور جامحا بالخوف كان يغمره
وحيرة لا حدود لها
يذكر اصنافا من التعذيب تنزل بجسده فتذيقه
الآلام تفوق الوصف ,,
وجوه خشنه وأيد ضخمة تنهال عليه بالصفعات
أسئلة لا يعرف لها جوابا
يذكر صراخ اخرين
وبكاء اخرين
وموت اخرين
وعبارة يقولها احد ما بصوت اجش ,,
(مجرد تشابه أسماء)
وشيء يشبه المطرقة ينهال ضربا على رأسه ثم.. لا شيء سوى الظلام...
اذا كان يمتلك بعض الذكريات حتى وان بدت مشوهة ومبتورة فقد يكون حيا اذا ..!!
ليته يذكر كيف جاء الى هنا ,, فلربما استطاع تحديد وضعه عندها ,, لكنه لا يملك في ذاكرته المعطوبة أي معلومة بهذا الشأن..

يزحف عليه الوقت لزجا هلاميا وكأنه هنا منذ الازل ,,لا يعرف ليلا ولا نهارا
لا يرى شيئا غير الظلام الدامس لا يسمع شيئا سوى صوت انفاسه ولهاثه وسعاله ويخشى ان يتكلم,,,يتألم كثيرا ,,,يعجز عن الحركة ,,,محاط بفضلاته وقيئه ,, واوعيه كانت تحوي ما يسقط عليه منها من طعام وشراب
يمد يديه المبتوره الاصابع الى الجدار فيجده أملس,, رطب ولزج كما كان دائما
وتلك المخلوقات الصغيرة لا تكف عن الدبيب على جسده وعلى الحائط و الأرض
احيانا تشاركه طعامه او تتعذى على دمائه ربما ,,
لكنه لا يبالي,, بل على العكس فهو يرتاح لوجودها على الاقل ,, هناك من يشاركه عزلته
ووحشته تلك,,
ترى أي ذنب اوصله الى ما هو فيه الان؟

يجهل من هو
واين هو
ولم هو هنا
يجهل حتى ان كان حيا او ميتا
لكنه يعلم فقط انه هنا
والفضل في ذلك لشروقها ..
لذا فهو هنا لانتظارها فحسب
وسيظل ينتظرها لانه لا يملك سوى انتظارها

هاهي تعود مجددا للشروق
وهو هنا في القاع يستسلم لذلك الإحساس اللذيذ المشبع بالألم والدفء وخليط من روائح شتى وأصوات بعيده ونسمه هواء تتسرب باردة وتثير القشعريرة في جلده..
يتساقط ما بتساقط منها ,,بعضه يصبه والبعض الاخر يرتطم بالارض قريبا
لحظات ينال فيها كل المتعة التي يحلم بها في اوقات الانتظار,,فيقرر انه لابد حي يرزق
فما يخاطب الحواس دون شك هو الشعور بالحياة ,,
ثم لا يلبث ان يعدل عن قراره عندما يخوض جوله اخرى من الانتظار ...فلايخامره شك انه يعذب في قبره عذاب ابدي اليم..!!
[/align]
[/frame]



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-06-2009, 07:00 AM   #[38]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

[frame="1 80"]
الأعزاء والعزيزات..
نحيطكم علماً بأن أخر يوم لتلقي المساهمات هو الخامس عشر من يونيو2009
وعلى الراغبين في المشاركة ، إرسال إسهاماتهم قبيل ذلك التاريخ
حتى يتسنًى للجنة متابعة المهام الموكله لها
ولكم مني الشكر أجزله
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 07-06-2009 الساعة 08:30 AM.
الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-06-2009, 09:37 AM   #[39]
نهى أحمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية نهى أحمد
 
افتراضي

[align=right][frame="7 80"][align=center]في صالة المغادرة[/align]



مئتنان وخمس وعشرون يوماً ولا زالت شفاهي معلقة في زجاج شرفة المغادرة
منذ أن غادر حبيبي
لعيني مطلق الحرية في التلصص على المودعين وإنفعالاتهم الزائفة حيناً والصادقة حيناً آخر
والتلصص كذلك على المغلفات التي تنبادل سريعاً
عبرني الركاب ، والمودعين ، والربان ، والمضيفين ، وعمال المطار
تعرفت على أوجه عدة..
كان يحرص عامل النظافة بشكل يومي على أن يدير رأسي حين يقوم بمسح الزجاج الملتصق بي
ويعيده إلى موضعه ، حتى إستطالت شفتاي
خاطبته بعيناي ذات يوم مشيرة إلى أنني لا أستطيع قراءة اللوحة الإكترونية الخاصة بجدول الرحلات بوضوح
فصنع من ياقتي إنشوطه وعلقني في السماء



























هنالك ..
أوسعوني ضرباً حين إكتشفوا أن ثمرة تفاحة قد إختفت






























و
بعيداً هناك
كان آدم ينضج ببطء
يتباهى بصوته الجهوري وبتفاحة آدم التي إختلسها مني ،
تخرج من حنجرته عشرات السحالي ، والعقارب
التي تتناسل
وتنتشر بسرعة
في صالة المغادرة ،
لتجدني مسجية هناك.
[/frame][/align]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 08-06-2009 الساعة 10:45 AM. سبب آخر: تنسيق
نهى أحمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-06-2009, 03:31 PM   #[40]
أمير الأمين
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي نشوة ....حيرة....!!

[align=right][frame="7 80"]

[align=center]نشوة...حيرة...!![/align]
بداء على محياها القلق و الشرود .. رغم الابتسامة الباهتة التى زينت
بها صفراء ملامحها ..و رهق تماسكها.. لم تصدق ما حدث لها..!!
كيف تجرأ من إتمنته على حياتها..و عفاف سيرتها..
ان يسرق منها اعز ما تملك..!!
استرجعت بتنن.. شديد .. كل لحظة من لحظات هاجسها ..
ادارت شريط الاحداث ببطء مميت.. قلبت جنباته الواحدة تلو الاخرى...
!! لا جديد ..الا حيرة اخرى..!!
ما الذى اوصلهما الى نقطة النهاية تلك..
صدفة الاشياء ام حتمية الاقدار..!!
تذكر جيدا اقترابه منها..فحيح عطر انفاسه على تدرجات جيدها..
عبث اشواقه .. بهدير رغبتها...! اخرجت زفرة طويلة..من ذكرياتها..!!
مدت يدها... كعادتها...حين يساورها قلق الاشياء... اليه
حيث بقى مصوناُ و محفوظاُ ..اعوام وازمة..سحيقة..!!
رجعت يدها خالية ..
دون ان تلامس حبات عقدها ..النفيس ..!!
هدية والدتها اليها قبل وفاتها بقليل
[/frame]
[/align]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 13-06-2009 الساعة 12:40 PM.
أمير الأمين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2009, 06:15 PM   #[41]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

[frame="10 80"]
[align=right]
((لعنة الرجل الأبيض))

كانت ليلة صيفية صاخبة خرجت عن حدود الرتابة في تلك القرية الصغيرة المختبئة في حضن الجبال,وقد كان السهر عنوان عيونها الناعسة,وضجت ملامحها بتفاصيل ذلك الاحتفال الكبير والذي كان على غير العادة جسرا وصل الليل بالنهار,عبره الجميع مسرفين في الشراب والضحك والرقص على أنغام الطبول والأناشيد المحلية المحببة,إلا هو.. فقد اجتازه مسافة من الرهق والحزن العميق وزمن أضافي كئيب تستيقظ فيه كل الجراح النائمة لتبدأ بالنحيب..

على ارتفاع شاهق كان يجلس وحيدا كما اعتاد ان يكون ,, يراقب من خلف ستار دموعه حركاتهم الراقصة ,,وظلالهم التي امتدت وأعلنت عصيانها على إيقاعات أغنياتهم فراحت تتلوى على وقع عبث الريح بلهب المشاعل المزروعة حول الساحة ,, كانت الحيوية التي علقت في الأجواء عنوان فرحتهم و سعادتهم, حتى القمر ...كان حاضرا بكامل استدارته, يكاد يراه
يبتسم لهم تارة ويختلس النظر إليه تارة أخرى ..
بدت له الأشياء في منتهى الصغر من حيث يشاهدها وضجيجهم كان يعبر بأذنيه كالهمس كلما جاءت به الريح ..

لكم يكره حقيقة اختلافه عنهم.. !!فبقدر محبته لهم وبقدر رغبته في ان يكون معهم يكره ذاته
وما هو عليه ,,كما يكرهه الجميع..هكذا فكر قبل ان يسمح لدموعه أن تنهمر بسخاء دون
أن يعيق مجراها,,ثم راح ينظر لى كفيه ويقلبهما في حسرة لبرهة انتفض بعدها ثائرا ليقصد مجرى مائي قريب,, أغترف منه وخلط ماءه بالتربة ثم عجن كمية لا بأس بها من الطين ,,
تجرد من كل ثيابه... قطرات من العرق كانت تلمع في جبينه رغم برودة الجو..توقف للحظة بدا فيها مستغرقا في التفكير ,, وارتجف عندما صفعت الريح جسده العاري..ثم انحنى و راح يمسح وجهه وجسده بالطين البارد حتى غطاه تماما من رأسه وحتى أخمص قدميه..
أتاح له حضور القمر متأنقا في تمامه رؤية ظلال خافته لمظهره معكوسا على صفحه الماء
أراد أن يبتسم منتصرا لكنه شعر بقناعه الطيني يعجزه عن رسم تعابيره ويتغلغل فيه ليملأ جوفه وأحشاءه فيثقلها حتى يكاد يهلكه .. بكي بحرارة وتهاوى على ركبتيه ..

يال حظه العاثر ..!! ذلك الذي يرافقه حتى قبل ميلاده ,,
تذكر بعض الروايات عن والده الجسور والذي وفد إلى القرية مع زوجته من مكان بعيد
ولم يلبث ان نال احترام ومحبة الجميع لرفضه المعلن و نضاله ضد الاستعمار وجنوده الذين انتهكوا حرمات بيوتهم واستباحوا نساؤهم وأموالهم ,, فنشروا الجوع والخوف حيث كان
الأمن مسدلا ستاره سنين عددا.. وعندما خرج يوما ولم يعد .. أخبروا زوجته الحبلى
انه قتل جنديا كان يتحرش بفتاة صغيرة,, فحملوه إلى حيث لا يعرف احد طريق للعودة
فأقيمت جنازته غيابيا وبكته نساء القرية أجمعين ,,

ولم يمض الكثير حتى كان ميلاده في ليله غاب فيها القمر في غير مواقيت الغياب
فكان ذلك الخسوف علامة سماوية على كل الأيام السوداء التي تنتظره بعدها ...

نهض متثاقلا ,, واتجه الى حيث لا يشعر بوجودهم ولا بسعادتهم التي تسخر من حزنه.
ويختلي بوحدته عله يجد معها السلوى,, ولا يزال عقله يضج بالتفكير..

لم يكن ميلاده بالحدث السعيد فقد ماتت والدته حتى قبل أن تسمع صرخته الأولى وآثرت
أن تتركه لمصيره على أن تحتمله وغياب والده الأليم ,,,,ولم يكن طفلا عاديا ابدا ,,
وأثار مظهره المختلف الخوف والاشمئزاز و عاصفة من الأقاويل وضجة لم تنتهي حتى بعد شهور من مولده .. فبرغم ملامحه الافريقية كانت بشرته شديده البياض والشحوب بل
هي اقرب إلى الشفافية بحيث تظهر أوردته من تحتها واضحة للعيان ,,ولم يختلف لون
حاجبيه أو أهدابه أو شعر رأسه عن لون بشرته كثيرا واختفت الألوان تماما من عينيه فكانتا كالمرايا تعكسان لون ما ينظر إلية فحسب,,فبدا كشبح صغير بين ذراعي القابلة البنيتين ,,
وبين جميع أهالي المنطقة ذوي البشرة الداكنة المتفاوتة بين الأبنوسي اللامع وحتى القمحي الفاتح والشعر الأسود والعيون البنية ,,
أكد البعض أنها لعنه لحقت به نظرا لقتل والده احد رجال البيض و سترافقه حتى الممات
وقال البعض الأخر أن لغياب ضوء القمر في غير موعد غيابه الأثر الأكبر في عاهته تلك
وعزا البعض مظهره الغريب الى موت والدته لحظه ميلاده فكان مخرج الروح
من ذات سبيل خروجه وكانت ضريبة ذلك اختفاء كل ما يكسوه من الوان
ولم يتورع اخرون عن الهمز واللمز والتشكيك في هوية الوالد ,, ونسبه لجنود الاستعمار..
وبما ان والديه كانا مهاجرين من قرية بعيدة فلم يكن لهم أقارب ليعتنوا به بعدهم
فقررت القابلة التي ساعدت في ولادته أن تضمه إلى طفليها وتربيه معهما وقد رق قلبها لحاله ..

شعر بالطين وقد بدأ يجف على جسده وهو سائر بغير هدى وعندما وقع بصره على تلك النبتة التي يحذر منها الجميع لتأثيرها السام...اقتلعها من جذورها وحملها وتابع المسير برغم
وعورة الطريق

انتهت فترة الاستعمار بعد ميلاده بعام ..فعادت الحياة إلى طبيعتها في القرية ,, عدا عن
حياته هو ..إذ لم يذق طعم الفرحه في طفولته ابدا وترعرع وسط رفض الاخرين له,,
كان يعجز عن الخروج في ظهيرة الصيف فقد كان جلده شديد الرقة والحساسية
وكان يعود بعدد كبير من الحروق التي تتركها أشعه الشمس على وجهه وكفيه
إضافة لصعوبة الرؤية والآلام الحادة في عينية فغزلت ليه القابلة شالا رقيقا من القطن
وتعمدت ان لا تحبك النسيج ليتمكن من رؤية طريقة إذا ما أسدله على وجهة بالنهار ...
وعندما أصيب أهل القرية بوباء الكوليرا توفيت القابلة التي أحبها كأم له ,,
فعزا زوجها ذلك لوجوده كنذير شؤم في منزله وقرر طرده لكن إصرار ابنته الكبرى على
الاحتفاظ به تلبية لرغبة والدتها الراحلة منعه عن تنفيذ ما خطر له ,, فاكتفى بعزله عن
أهل بيته وصنع له حجره من عيدان الخيزران أسقفها بحزم القش والحصير
فانتبذ مكانه القصي في انكسار,,

كان قد ابتعد كثيرا عندما نظر إلى النبتة بين يديه ..كانت في منتهى الجمال..وفكر ..
أيمكن لشيء بهذا الجمال أن يكون قاتلا,,,
وعلى الفور تراءت صورتها في ذهنه وهم يزفونها اليوم إلى شخص آخر ,,ولقد أحبها
كما لم يحب شخص قط و أرادها أكثر من أي شيء آخر في هذا العالم..
انتزع الأوراق من ساق النبتة ولم يفكر كثيرا ..التهمها وراح يلوكها وهو يسترجع تفاصيل
ذلك اليوم عندما كان يجلس وحيدا قرب مجرى الماء فرآها مقبلة بطولها الفارع ووجهها
الجميل ولونها الذهبي المتألق ,,ملأت إناءها ماء وأرادت الانصراف
لكنها تنبهت إليه وهو يحاول جاهدا ان يخفي وجهه عنها في حرج فقالت
_لا تضع ذلك الشال فلونك يعجبني كثيرا ,, لانه لا يشبه الاخرين ..!
ومنذ ذالك الحين وقلبه لا ينبض الا لذكرها وباسمها وهي لا تكف عن الحديث إليه بكلمتها
التي يعشق وبحة صوتها التي تشفيه من كل العلل كلما صادفته بعيدا عن الآخرين,,
لا يمكن ان تكون قد احبته كما احبها ,, فلقد كانت ترق لحاله فقط ,, وتشفق على وحدته وعزلته.

ابتلع ما كان يلوكه من اوراق برغم من سوء مذاقه وامتلأت نفسه بالمرارة وهو يجتر كلماتها
التي أصابته في مقتل عندما جمع كل ما يملك من شجاعة وذهب ليطلعها على مشاعره
فاعتذرت له بأعذار واهية جعلت من رفضها له اشد إيلاما وحرجا..

لكنه لم يعد يهتم , فهو سيرحل الآن وسيتركهم وألوانهم ولن يفتقدوه إلا عندما يسرق احدهم
شيئا ..أو يفسد حقلا ..أو يضرب طفلا فلا يجدون من يتهموه بتلك الأعمال ظلما ..

شعر بدوار خفيف وكان قد وصل إلى منطقة مكشوفة فقرر أن يسلم الروح فيها مغمورا
بالطين عار الا من حزنه ووجعه وحيدا منبوذا ومهجورا ..
تمدد مسددا نظره إلى السماء ..لم يكف القمر عن مراقبته لكنه الآن يبدو حزينا باكيا ..
_هل يعقل ان تكون انت والدي ؟
هكذا قال مخاطبا البدر..
ماذا ان كان والده حقا ,؟! ايعقل ان يمارس بريقه واكتماله وتقوسه واختفاءه دون اكتراث
ويتركه هنا يذوق ما يذوق من الالم دون ان يفعل شيئا؟ شيء ما كان يربطه بالقمر لا يجد
له تفسيرا ربما لانه يشبهه ,, فهو مختلف بين أجرام السماء وبين النجوم والغيوم,, ناصعا
ووحيد مثله,,
_لا يمكن أن يكون هذا صحيحا ..
هكذا قال وهو يراقبه غير مصدق وقد اقترب ودنى منه بشكل لم يسبق له مثيل
وانتابه الخوف الشديد عندما رآه هابط بكل بهاؤه من السماوات العلى ليستقر الى جواره
على العشب الندي ويجهره بضوئه فيعجزه عن النظر إليه
سمعه يتحدث اليه قائلا
_ تمنى. أحقق لك امنياتك
شعر بالخدر يسري في جسده ويثقل لسانه لكنه تجاوز خوفه وقال بصعوبه
_اريد ان اكون مثلهم
حاوره القمر قائلا
_انت كذلك
قال في حزن
_لكنهم لا يروني كذالك,,اريدهم ان يعرفوا نني مثلهم..!!
_لك ما طلبت
هكذا همس له القمر قبل ان يرتقي السماء مجددا
فارتجف ونهض مرتعبا نظر الى جسده فوجد الطين قد جف عليه
اسرع عائدا الى مجرى الماء واغتسل مرارا ليتأكد من انه لم يكن يحلم ويتبين اثار
امنيته على جسده ..لكن الطين لم يزول..!!
انتابته حاله خوف هائلة وهو يحاول إزالته بشتى الطرق ويعجز عن ذلك ولم يجد مفرا
من الاستنجاد بهم فهبط يسابق الريح ويصرخ في جنون وعندما وصل إلى حيث كانوا
يحتفلون ..هاله ما رأى ..
فقد اكتسى الجميع بالطين وتجردوا من ثيابهم مثله تماما وتشابهت ملامحهم وتوحدت
الوانهم كلهم دون استثناء .!!! لم ينفر منه احد ولم تبدو عليهم الدهشه
راح ينظر اليهم في خوف وحيره وهم غارقون في رقصهم
قبل ان تجذبه إحداهن الى حلبة الرقص ثم تتلوى أمامه في جنون,,
شعر بتيار من النار يجتاح خلاياه ويلبسه حالة من النشوة العارمة ووجد نفسه يجاريها بل
وتفوق عليها في رقصة اهتزت فيها كل خلية من خلايا تكوينه,,,استغرق فيها حتى شعر
بغشاء الطين يتشقق عن جسده وبضوء ينبعث بين الشقوق ويشع من حيث تساقط الطين
واصل رقصه المحموم,,والطين يتساقط عنه ,,ودارة الضوء تكتمل حتى احاطته هالة
عظيمة من النور ,,ومن حوله رآهم تماثيل متشابهة من الطين لا فرق بينهم ,,
ولأول مرة في حياته ادرك انه افضل منهم ,,
ثم مالبث ان شعر بوزنه يخف,, وعلا عن الأرض ليحلق دون جهد ,, وقد قرر أخيرا أن
يغادرهم الى حيث توج على عرش السماء ومضى يدور في أفلاكها مجاورا القمر
,,,
عثروا عليه بعد أيام ,,مدد بين الأعشاب دون حراك
وقد جفت طبقة من الطين على جسده العاري فبدا كتمثال اثري قديم
انتزعوا بقايا النبته من بين يديه
وقال احدهم
_ هذه عشبة سامة تسبب الهلوسة
لابد وانه تناول جرعة مفرطة
فأدت إلى موته ..!!


[/align]
[/frame]



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-06-2009, 03:50 PM   #[42]
على ماجداب
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

[frame="10 80"][align=center]أصبح قلبي قابلآ لكل صورة[/align]

( لتنتعل فينا الفوضي ملايين الشوارع الرئيسية وتأخذ لها منتجعات من السكون والجهل الهزيل والوجوم المريع .. سبعيني الميلاد
جميل ويتعارك مع الأشياء .. إذ لا زالت المسميات تأخذ أشكالها السبعينية الميلاد ولا تستأذننا النعرات علي ما نناله من ضرر .. في مشاعرنا .. من جوارحنا .. وفي جوانحنا مستغلة فينا احتياجنا للحياة ونستغل في الحياة إنسانيتها )
يتحدث إلينا وبلا ترتيب ..
ولا نفهم ..
وهو إن قيل له ذات الحديث لن يفهم .
الصورة علي الجدار ..
ودعنا لا نؤسس للرزيلة.. كي لانعصي الله عنوة
و.. يجيب نفسه … أن لا سعادة مع إتيان هذا المنكر ويا لشقائك إن كنت تأتيه وأنت من ذوي الدواخل الشفافة .. الجميلة .
يجلس .. ويجلسون .. ولا يؤسس للرزيلة .. يعمهم إحساس بالضآلة صباحآ ..
وما هذا قصد الحديث ..والصورة أمامهم علي الجدار يمارسون الشفاهة .. لا يستطيعون الكتابة لأنها وكما يقول هى حالة تصالح مع الذات .
كنت أعرف أنه ينضح بمحفوظات لإبن عربي رحمه الله .. صاحب المكان لن يكتب إذآ .. فهو لايتصالح مع نفسه حين يعصي الله ..
ولا أحد يتصالح مع نفسه حين يعصي الله .
الحديث .. يتجاذبه أصحابه وهو لا يفكر بل يتحدث ويتحدث .. ليته يتحدث عن الصورة ..
هو يشرب هنا معهم لأكثر من شهر .. إذ هم لا يؤسسون للرزيلة فلا أحد يسأل عن الصورة التي علي الجدار .
وإن سألت أنا .. فالإجابة التي لا أريد هي أنها صورة لفتاه .. جميلة ربما .. جميلة قصتها ..
القصة هي الإجابة التي أريد ولكن صاحب المكان .. هو مالك للإجابة .. وهو الذي يتحدث لنا بما لا نفهم .. وينهكنا ليلآ بشعر محي الدين ابن عربي .
سبعيني الميلاد من حدثه عن ابن عربي ؟ .. من حمله ما لايطاق ؟ أنا أريد السؤال في الصحو .. لأني أريد الإجابة في الصحو .. لأنه ومهما كانوا يفتعلون بما يأتونه ليلآ .. اتقاد في الذاكرة والهاج للتعبير وجراءة تجعل من الأمر كله حفنة تراب يزرونها علي مجلسهم .. هم عنده بضع عاصين .. غير متصالحين مع ذواتهم ..
احتكاك الأجساد مع بعضها البعض في قاعة الدرس العملي تثير فيهم ماهو غير سوي .. وكانت تقف في المقدمة .. الرؤية تتعذر علي قصار القامة ..
واذ لم يكونوا يؤسسوا للرزيلة .. كان أصحابه إذ ذاك يقولون ( الزحمة فيها الرحمة ) .. فهم أخيرآ ما يقصدون .
أراد أن يجرب و.. كانت في المقدمة .. وكانت قصيرة ..
أصرعلي الحديث برغم الصراخ والضحك , فالكل قد فارق إلى منطقته الخاصة ..
كان خجولآ وقحآ في خياله أو هكذا ظن .. مهذب إلا أن خياله فعل ما يفعلون .. وقاعة الدرس العملي .. تضج بسبعينيو الميلاد مثله وقوفآ ..
ما كان الأمر حينها يوزن بأي ميزان .. رغم وفرة الموازين عنده .. ميزان الحلال والحرام .. ميزان الأخلاق .. ميزان الذات الخفي من ممكن وغير ممكن .
الأمر كان غريبآ وكان خجلآ فقط مما يحفظه لشيخنا محي الدين بن عربي .. لا يدري لماذا هو فقط بل أنه كثيرآ ما كان يقول أن أصلح من سيلقننا الدين نحن سبعينيو الميلاد هو ابن عربي هذا ..
ما كان أحد سيعرف له من إبن عربي هذا …
دهشة وسعادة إذ لم يواجه بكف وسط الزحام .. بل ولا حركة جموح أو رفض ..
أصبح يأتي مبكرآ
وكانت قصيرة
وتمادي .. وتمادي
والمدى قد رصف أمامه بشبق مستحيل وزروة ما..
عمرها أياما
أراد ان يري المتعة في ذلك الوجه الوضئ



دموع

من القرف

.. والألم .. والإحباط ..
وأحس أنه نقطة متعفنة في ادني أرضية حذاء لشخص خرج توآ من الحمام
خرجت من قاعة الدرس العملي وغير العملي …
ولم تأت .. إذ ما كان هناك منطق في الدنيا سيقنعها بأن البشر خارج البيت عادة لا يلتصقون بهذا الشكل..بل ولا يمارسون الجنس فى القاعات
ليتها انتظرت ليوضح .. ماذا تنتظر؟ ..
.. إنه فنان .. إنه يحس ..إنه أجمل من ذلك .. خرجت كلماته كثيفه بلا جدوى
يابت العم انا ما كدا .. لكنه كان كدا وزياده
ويقرأ لأبن عربي .. وكيف سيقرأ له بعد الآن ؟
انتصرت لتكوينها السوي .. واهدته الذنب في أعلي إحتمالاته ..
تري كيف الذنب عند سيدي ابن عربي ؟
وأين مني ذلك الرجل ؟
إما هو .. أولا تنسيني ذلك الذنب ألف جلسة فى الوعي الغائب ..
وتتعالي الضحكات .. هكذا يقول ( لا تؤسسوا للرزيلة )
وهكذا قالوا له ( الزحمة فيها الرحمة )
من منكم يستطيع تلحينها .. هاتوا العود
أحسست أنا به ..
ألم تأت؟
حتي الآن ؟
ولن تأتي أبدآ ولم يأت هو إلي ذلك المكان أبدآ
أصبحت لعنته ..
تري من أضاع من ؟
ضاعت معها إنسانيته ..
وضاع تصالحه مع ذاته .. وضاع معها شعرسيدي ابن عربي
تري من حدث سبعيني الميلاد عن ابن عربي ؟
غرق..
كان يريد أن يغرق مثل ابن عربي في أعماق الرحابة والنقاء والفكرة فغرق في ….
أكان يستحق لحية كثة .. ووجوم .. وحديث دون توقف ليلآ ..
إذ لا يعلم أحدآ مابه .. الصورة كانت مكانها .. منذ أن حصل عليها ..كيف ؟..لا أدرى
ولا أحد يعلم ما حدث ولا صوت يقول نعم في قائمة الحضور وتمر السنين ..
لا أحد يسألني عن الصورة .. فقد أضعت ما تريدون من إجابة ولا أحد يسألني عن ابن عربي فقد أضعته .. قبل أن أجده .. هما أكبر هزائمي ولن أعبر ذات النهر مرتين .. وليست كل الطرق دائرية …
ياجماعه الزول سكر شديد ما كفانا بعد دا
يصرخ بنا ..

نديمي غير محمول علي شئ من الحيف
دعاني ثم حياني كفعل الضيف للضيف
فلما دارت الكأس دعا بالنطع والسيف
كذا من يشرب الراح مع التنين في الصيف

تركناه .. وهو لا يتصالح مع ذاته ..دائمآ
ويصرخ .. أخرجوا جميعآ
لا تؤسسوا للرزيلة
كان الحديث يعلو
وهو يعصي الله خجلا .. وطلبآ لعفوه
وكنت أريد الإجابة في الصحو ..
هو لا يتحدث في الصحو ..
وما بحث عنها لتغفر له ..
وما ذا يعنى الغفران هنا ياترى ؟
ولن يفعل ..
يريد أن يبحث عن ذاته ليتصالح معها ..كانوا جليلي الذنوب .. وكان ..
قال ذات صفاء ( إن الرذائل تحتاج لقلب قاس لتقترف ونحن لا نقوي عليها .. سيدي ابن عربي قال ...)
تركته مسرعآ .. وما كنت لأحتمل أكثرمن ذلك .. وما بي قوة لسماع شعر ابن عربي .. أعطيته ظهري وسمعته ينشد :

أدين بدين الحب أني توجهت
ركائبه فالحب ديني وايماني



حاشية :

1/ نديمي غير محمول علي شئ من الحيف
الحلاج
2/ أدين بدين الحب أني توجهت
الشيخ محي الدين ابن عربي
[/frame]



على ماجداب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-06-2009, 06:38 PM   #[43]
حسين عبدالجليل
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي ِمتل التقول رامي الجمل

[frame="1 80"]ِمتل التقول رامي الجمل
حسين عبدالجليل



[align=right]فتحت عيني بصعوبة , ساعة حائطية أمام السرير الذي أرقد عليه تشير عقاربها الي الثالثة والنصف – صباحا أم مساء لاأدري !
"سيدي – سيدي هل تدري أين أنت؟"
نظرت تلقاء مصدر الصوت فرايت شابة شقراء ترتدي معطفا أبيضا وحول صدرها سماعة سوداء .رغم اني قد أجهدت ذاكرتي لاتذكر أين أنا فقد فشلت تماما . أناس يدخلون ويخرجون مسرعين من حولي . جلبة و ضوضاء لاأعرف مصدرها.


" هل تدري مااسمك ياسيدي؟ "
ونحن صغار كانت فاطمة أختي تناديني ب " علي الكرار" عندما تكون راضية عني , أما في معظم الاوقات فقد كانت تناديني ب
"علي اب عِلة
كلب الحلة
جرينا وراهو
لقينا خراهو "
"هل تدري اي شهر نحن فيه حاليا؟"
"لا"
"هل تدري اي فصل من فصول السنة الآن ؟ "
من شباك النافذة أمامي كنت أري الجليد ينهمر بكثافة – إذن فهذا فصل الشتاء.
"لقد أصبت في حادث حركة وتعرض رأسك لضربة قوية – وأنت الآن في المستشفي ونخشي أن تكون قد أصبت بنزيف في المخ أو بفقدان الذاكرة"
تحسست أطرافي فوجدتها سليمة ولكن رأسي الملفوف بشئ ما – لاأدري ماهو - يكاد ينفجر من ألالم.


"من هم أقرب الاقربين اليك في هذه البلاد حتي نتصل بهم هاتفيا ؟ "
فجاءة يظهر والدي ويخبرها بأنه ولي أمري – شعرت بسعادة عميقة فقد كنت أظنه قد مات منذ زمن طويل . مازلت رغم بعد المكان و الزمان أذكر ذلك اليوم بمدرسة المايقوما الابتدائية , كنت آنذاك في الصف الثاني عندما طلب مني أستاذ محمود الحضور لمكتبه , أستغربت بعض الشيئ لانه لم يكتب لي "قابلني " في كراستي ولم أكن في ذلك اليوم من المشاغبين الذين كتب ألالفة أسمائهم علي السبورة . كان أستاذ محمود لطيفا معي - كغير عادته . طلب مني الجلوس علي الكرسي أمامه و أحضر لي كوبا من الشاي , ثم حدثي عن القضاء و القدر حديثا لم أفهمه .


لقد أستجدت أشياء كثيرة في غيابك ياأبي ساحدثك عنها . عندما نخرج من هذا المكان سآخذك الي شقتي و سأعرفك علي أصدقائي و صديقاتي . سترقد في سريري أما أنا فسانام علي الارض حتي ندبر سكنا اكبر .


"من هم أقرب الاقربين لك؟"
لماذا تكرر عليّ هذا السؤال الممل الذي جاوبه والدي . نظرت حولي ولم أجده
"أين أبي ؟ "
"لم يحضر اي شخص لزيارتك منذ الحادث "
"أبي كان هنا الآن "
" أنت لاشك تهلوس – لقد أصبت في راسك بضربة قوية. أنا آسفة ياسيدي . "


أغمضت عيني وأستسلمت لاسترخاء ممتع . فتحت عيني لاجد نفسي جالسا في باحة قصر كبير ، معمار القصر يوحي بانه قصر إنجليزي – ربما يكون قصر ويندسور الملكي . ماالذي أتي بي الي هنا؟ أسمع صيحات " الله أكبر ولله الحمد " تأتي من يمين الباحة ومن شمالها أسمع نداء "God Bless the Queen " - سألت رجلا إنجليزيا يجلس أمامي عن المناسبة فاخبرني بأن الليلة هي ليلة زفاف ألامير يونس ود دكيم علي الملكة فكتوريا . فجاءة تدخل نسوة سودانيات وهن يضربن الدفوف ويغنين:
الحر دِفا
الحر دِفا
ياناس دِفا
و المهدي جاء من ضنقلا
قال الفتاة بفد ريال
والعزباء بالفاتحة!


كان المكان يعج بجموع الانصار بجببهم المرقعة وحرابهم وحولهم بعض النبلاء الانجليز . كان الندلاء يتجولون وسط المدعوين يعطون كاسات الويسكي الاسكوتش للانجليز وكواري الدّكاي وبعضا من التمر للانصار. حاولت أن أتعرف علي بعض الحضور فارسلت بصري يمنة و يسرة – هنالك يقف ألامام المهدي عليه السلام يحيط به بعض رجال الامن الانصار الذين يرتدون نظارات شمسية سوداء و تتدلي سماعات صغيرة من آذانهم وبعضهم يتحدث في الووكي توكي .


العريس يونس ود دكيم يتحدث بغضب مع بعض أمراء التعائشة تقدمت نحوهم لاعرف ماذا يجري . صافحت العريس وباركت له وتمنيت له بيت مال و عيال – الا أنه أمسك بيدي وسألني إن كنت أجيد اللغة الانجليزية وعندما أجبته بالايجاب شرح لي بأن أهل العروس يريدون أن يحيوا ليلة الزفاف بالفنان مايكل جاكسون وهو يطلب مني إبلاغهم بانه لايريد ذلك او كما قال لي:
"علي بالطلاق الولد اللويطي دا مايغني في عرسي " .


حاولت أن أشرح له بأن قوانين الاتحاد ألاوربي تحرم التفرقة ضد المخنثين وأن ماقاله مخالف للقانون الاوربي لكونه "حض علي الكراهية" وربما تتسبب آراؤه هذه في طرده من إنجلترا قبل حصوله علي جواز السفر البريطاني . لم يفهم كل ماقلته الا أنني اقنعته في النهاية بأن مايكل جاكسون ربما يعلن إسلامه قريبا ويلبس الجبة المرقوعة و يحمل الحربة المركوزة. .


تقدمت نحو الامام المهدي الذي سمح لي رجال أمنه من الاقتراب اليه بعد أن قاموا بتفتيشي تفتيشا دقيقا . سألني أحدهم إن كنت قد بايعت الامام "علي المنشط و المكره " فأجبته بالايجاب . كنت أريد أن أسأل المهدي عن مدي تأثره بفكر محي الدين أبن عربي خاصة نظرية "النور المحمدي " التي صاغها ابن عربي ويظهر تأثيرها جليا في كتابات المهدي وراتبه . فجاْة تظهر مذيعة تلفزيون الاي آر تي – نعم تلك المذيعة السمجة التي تغطي وجهها بكمية هائلة من المساحيق تكفي لتلوين لوحة سريالية لسلفادور دالي . تقدمت نحو الإمام المهدي حاملة مايكرفونا و خلفها رجل الكاميرا .
"البرنامج بيرحب بكم – تحبوا تسمعوا ايه ؟ عب حليم ولا أم كلثوم "
يالهي من أين أتت هذه الكارثة؟ و كيف إستطاعت تخطي الحاجز ألامني للإمام ! أبدي المهدي إمتعاصه منها و أشار بطرف خفي للامير أبي قرجة الذي فهم إشارة مولاه.


نصب ابوقرجة قائد سلاح المدفعيه مدفعا أمام المذيعة و أطلق منه قذيفة واحدة أطاحت بها و بمصورها خارج قصر ويندسور. هكذا كان يحسم ألامور لذا كان للانصار مثلا يقول :
"يجي ابقرجة و تقيف الهرجة "
سأل احدهم إن كان مافعله ابوقرجة يعتبر "عنفا ضد المرأة" حسب قانون ألاتحاد الاوربي – الا أنه لم يجد إجابة شافية علي سؤاله.


واصلت حواري مع المهدي ثم قلت له :
" الا تعلم ياسيدي بان جيش كتشنر عندما غزا امدرمان قاموا بهدم قبة المهدي و بنبش قبرك وإحراق جثتك و رميها في النيل – يعني القبة ماتحتها فكي !"
ماكدت أكمل ماقلته حتي إنهالت عليّ الصفعات من رجال ألامن المحيطين بالامام . صرخت الما باعلي صوتي:
"آه – آه "
أفتح عيني لأجد الممرضة البيضاء تسألني:
"هل أحضر لك حبوب مسكنة للألم – ياسيدي "
"نعم – من فضلك"[/align].
[/frame]



حسين عبدالجليل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-06-2009, 06:55 AM   #[44]
فيصل سعد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية فيصل سعد
 
افتراضي

السلام و الاحترام لكل الاحباب هنا :

نفيدكم علما بان الاخ شليل مشرف منتدى نوافذ
و منسق هذه المسابقة المت به وعكة طارئة ،
و سيعود للمتابعة بعد زوالها و الاستشفاء
منها بعون الله و عنايته، و ندعوا له بتمام الصحة و العافية ..

اطيب التحايا ..



التوقيع: اللهم اغفر لعبدك خالد الحاج و
تغمده بواسع رحمتك..

سيبقى رغم سجن الموت
غير محدود الاقامة
فيصل سعد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-06-2009, 10:44 AM   #[45]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيصل سعد مشاهدة المشاركة
السلام و الاحترام لكل الاحباب هنا :

نفيدكم علما بان الاخ شليل مشرف منتدى نوافذ
و منسق هذه المسابقة المت به وعكة طارئة ،
و سيعود للمتابعة بعد زوالها و الاستشفاء
منها بعون الله و عنايته، و ندعوا له بتمام الصحة و العافية ..

اطيب التحايا ..
نسأل الله له كمال الشفاء وتمام العافية أخي فيصل



التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 01:58 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.