اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وهاد ابراهيم محمد
زقاق ملتوي
|
شكراً يا وهاد،،
النص دة جميل جدّاً وفيهو شغل ممتاز، بيستند أساساً علي فكرة الـ "إلتفاتة"، الالتفاتة لحدث موجود أصلا وبشكل يومي ومتكرِّر، محاور الابداع تكمن هنا، البعض يخلق الحدث وآخر يلتفت للحدث، وفرق كبير بين الاثنين.
الجزولي هنا لم يفعل شيئاً سوي إلتفاته لحدث صغير يومي، ولكنه فعل كل شئ.
الجزولي يمتلك قدرة كبيرة علي الانتقال من منطقة إلي أخري دون الالتزام بأسلوب محدّد في النص وفي نفس الوقت دون الاخلال بتماسك النص، ينتقل من منطقة سردية لأخري ولا يعطي الفرصة لناقد ما تتبّع أسلوب معين لرسم إطار يحتوي أسلوبه، لذلك في رأيي فإن منعم الجزولي له طريقته الخاصة في الكتابة السردية عصية علي التأطير.
النص قائم بشكل ما علي عنصر المفارقة، والمفارقة هي العمود الفقري للنكتة أو الحدث المضحك، للمطالع من قريب أو بعيد، لذلك حفل النص بجزئيات فكاهية رغم حقيقتها وواقعيتها نوعاً ما.
النص أيضاً من زاوية أخري يشير ربّما لملاحقة العنصر البدوي في داخل السوداني له وعدم القدرة علي التآلف مع الحمامات كوسيلة للممارسات البيولوجية الوظيفية بشكل أكثر إنسانية وخصوصية. والتعود علي فكرة "طلوع الخلا" التي نشأ عليها غالبية السودانيين، تلك التي توفر متعة لا توفرها الأماكن المغلقة.
ولكن الراجح هو عدم وجود حمامات مجاورة، فمن سير الحدث واضح أنه ينتمي لمرحلة متقدمة من تاريخ السودان لم يرد الكاتب تحديد زمان النص، ولكنه أيضاً لم يترك للقارئ استحداث زمانه الخاص حين مطالعة النص،
إذا ما قمنا بالربط بين السطرين:
اقتباس:
(عمر البطل) كان يشكِّل فى أوائل الستينات فريقاً غنائياً مع (دفع الله ودبتول)
كان (قسم السيد) شرطيًا سرياً، والجلباب الابيض مكون أساسى لزيه الرسمى.
|
فــ:
- السطر الأوّل يقطع بأن الزمان ينتمي لما بعد الستينات
- السطر الثاني يعود بالزمن لما قبل ذلك (مع استبعاد الفنتازيا عن النص تماماً)
وهذا اللبس لا يفكه سوي معرفة الحقبة التي كان الجلباب الابيض هو المكون الاساسي لزيّ الشرطة السرية، ولكن ما هي الشرطة السرية؟؟، الأمن؟ المباحث؟ وفي أيّ وقت كان الاسم ومتي تغيّر يا جنابو النور؟!
الاسئلة في رأيي مهمّة، لأنّ مثل هذه النصوص لا تقتصر مطالعتها علي المتعة والفرجة فقط، بل حتي في توثيق مراحل مختلفة في تاريخ المجتمعات، لنعرف منها كيف كان المجتمع وكيف تطوّر أو تراجع أو.. إلخ.
مشاركة حتي المدير (بالسكة حديد) وابنعوف الذي يقال بأنه تاجر زئبق أحمر للآخرين التبوّل في العراء، جعل من الحدث الملتفت إليه حدثاً مُشاعاً تشترك فيه كل الطبقات الإجتماعية دون فرز، الرأسمالية، الطبقة الوسطي، والعاملة، وفي رأيي هذه إشارة ذكية من الكاتب.
المهم:
نص يتوفر فيه عنصر المفارقة وبالتالي الفرجة والمتعة التي توفرها النصوص القصصية أكثر ما يمكن الحصول عليه هنا، إضافة للإشارات التي يطلقها الكاتب من سطر لآخر، كل قارئ يفسرها حسب ظنه وأسلوبه في القراءة.