كم من أمكنة تفتأ تذكي في الوجدان بوحا واختلاجات...
(سنار) في خيالي صبية شقية ...
تنبري بعنفوان عمرها للمطر ...
تفرد ذراعيها فترقص التانقو وفي قبضة يديها النسيم العليل...
يبتل ثوبها فيشي بمواطن جمال فيها...
تحسبه الفراشات ورودا فتأتي سراعا...
الشمس تشرق من هناك...
والقمر يأتي من بعدها ليجهد وصلا لليلها بضياء
ضوء بالنهار وفي الليل ضياء
فالأمكنة كالأزمنة لها عذاباتها وأوجاعها...
وصدق الشاعر حين قال:
لك يامنازل في القلوب منازل أقفرت أنت وهن منك أواهل
تلك (المدينة)...
بها اختلج الفؤاد لأول مرة...
وما أحلى اختلاجات القلب الأولى!
وتبقى الشخوص وذكرى المواقف مرتهنة بصور المدينة على اتساعها...
باحات الثانوي العالي التي افترشت لها في الوجدان (بروشا) من حنين...
سور نادي السكة الحديد الذي كان ولم يظل أخضرا بأشجاره ومزهرا بألوان من ورود...
عنابر مستشفى سنار التي تفوح منها رائحة البنسلين...
أبراج محالج القطن التي تحط عليها طيور البقر البيضاء بصوتها الأجش...
خزان مكوار الذي يلف ذراع النيل كسوار جميل...
قبة الشيخ فرح ود تكتوك التي تناديك من بعيد...
والدُنا في سنار دوما مطيرة...
مطر...
يعقبه مطر!...
قالت لي دواخلي يوما...
الذكريات التي يشوبها المطر تبقى حية على الدوام!
لعلي أحكيها لكم يوما
...
..
.