نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > مكتبات > جمال محمد إبراهيم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-09-2006, 12:26 PM   #[1]
جمال محمدإبراهيم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية جمال محمدإبراهيم
 
افتراضي "باليه الشاعر " : البحث عن خشبة أم عن هوية ؟


[align=center]باليه الشاعر : البحث عن خشبة أم عن هوية ؟
خاطرة في ذكرى محمد عثمان يسن[/align]
قرأته وأنا في الصبا الباكر ، أتحسس طريقي إلى اكتساب معارف جديدة ، و ألهث وراء الكتب ، لأزيد حصيلتي من الأدب ، و لأعرف كيف يكتب الكتاّب و كيف يتناولون القضايا المهمة . كان معلم اللغة العربية في مدرسة النهضة في أم درمان ، هو الأستاذ عمر على أحمد . و للأستاذ عمر طلعة بهية و حضور مفرح و روح مفعمة بحب الأدب العربي . تساقينا منه جل خمر الأدب التي أسكرتنا برحيق من عند العقاد وطه حسين و شوقي و حافظ و محمود سامي البارودي و عبد الله البنا و العباسي . لا أنسى إنشاده لنا قصيدة طاهر الطناحي في سبعينية العقاد . كان وحده الذي دلنا على الكتب التي تهيؤنا لإطلاع مفيد في الأدب ، و بوجه ٍ خاص في الرواية ، يشير علينا بمحفوظ ، و القصص القصيرة ، يدلنا بحزم لنقرأ لمحمود تيمور ، و الشعر أن نقرأ لشوقي و حافظ و البارودي . لم يكن من مناصري الشعر الحديث ، و لكنه كان يغضّ الطرف عن دواوين نزار قباني الصغيرة ، التي كان يأتينا بها خلسة صديقي حمد محمد السيد ، من مكتبة شقيقه الشاعر بعشر ، مدّ الله في أيامهم جميعا .. آخر عهدي بأستاذي الجليل كان في سبعينات القرن الماضي . رأيته محامياً هماماً يحتقب أوراقه بين مكتبه و مكاتب القضاء و المحاكم . لم أفرح له كثيراً ، فقد أحسست أن الأدب لم يكسب عمر علي أحمد ، بل حصره القانون فلم نسمع به أديباً أو كاتباً مرموقا .
لكن من دلني على " باليه الشاعر " ، في تلك الأيام الخوالي ؟ أهو معلمي عمر ، أم صديقي حمد السيد حمد ، أم مامون حامد عبد الرحمن ، صديقي الذي فرقتنا السنوات الطوال ، و لم يك ُ متاحاً بعد سنوات الدراسة ، في ستينات و بداية سبعينات القرن الماضي ، أن نتواصل بما جدّ من وسائل ، مما هو متاح لجيل القرن الحادي و العشرين ، من هواتف جوالة و حوار التراسل الحي المباشر : المسنجر عبر الإنترنت ! و لكن : من دلني على الكتاب ؟
لقد كنت ألتقط الكتب من سوق الكتب القديمة في مكان ٍ يقع خلف مكاتب "بوستة "أم درمان ، في تلك السنوات البعيدة . هي ما يماثل "سور الأزبكية" ، في القاهرة . مصروف الجيب لا يتيح زيارة مجدية لمكتبة كبيرة عريقة مثل "سودان بوكشُب " . عثرت على كتاب "باليه الشاعر" لمؤلفه الدبلوماسي محمد عثمان يسن ، بثمن ٍ بخس ٍ من سوق الكتب القديمة . لا أعرف كيف أصف لك الأثر الذي تركه الكتاب في نفسي ، و لكن مع غرابة الفكرة التي في الكتاب ، فإني ربما لم استوعب المراد من الكتاب . إذ كانت فكرته تدور حول طرح الكاتب لرؤية ثاقبة في بعض نماذج الشعر العربي ، وجد فيها من الصور و الأخيلة ، ما يمكن أن نجسده عملاً راقصاً محسوساً مثل أعمال الباليه التي يعرفها الأوروبيون منذ أزمان ، و لم نقترب منها نحن في العالم العربي أو حتى الإفريقي ، و إن ظللنا نتلقاها بإعجاب و نستذوقها بمتعة لا ننكرها . باليه ؟ لا ..! لم تستهويني الكلمة و لم يكن لها من رنين في الذهن . و قتها كنت دون الخامسة عشر ، فمن أين كنت سأسمع عن الباليه ؟ كلا لم نرَ في السودان عروضاً ترسخ بالذهن ، غير ذكرى بعيدة لفرقة روسية راقصة ، إستقدمها وزير الإستعلامات المرحوم اللواء طلعت فريد ، بمناسبة افتتاح المسرح القومي في أم درمان ، أوائل الستينات من القرن العشرين . أهملت الكتاب و لم أعد إليه ثانية ، بل و ضاع مع الكثير من كتبي التي نهشتها أيدٍ لا أعرفها ، و لكن أسأل الله أن يؤجرني ، إن كانت أفادت من اقتناها " عنوة " مني و لم يعدها لي .
وبعد أن صرت دبلوماسياً ، عرفت وقتها من هو محمد عثمان يسن . الوكيل الدائم لوزارة الخارجية السودانية . إداريٌ و سفير و لكنه أديب مطبوع و عاشق للشعر ، فنان أريب ، قبل أن تعرفه ردهات الدبلوماسية ، مؤسساً لوزارة الخارجية و مهندساً لإداراتها و أقسامها ، و سفيراً باسم السودان في الخارج . ضاع من ذهني كتاب الباليه ، و أنا في تجوالي و تسفاري من موقع دبلوماسي لآخر . و لكن الله أعزّني بصديقة أقدرها ، إسمها أميرة محمد عثمان يسن ، هي كريمة الراحل المقيم مبتدع " باليه الشاعر " . حكت لي عن أمل ٍ راود والدها قبيل رحيله ، في أن يخرج العمل في شكله الفني وعلى خشبة مسرح ، حتى تنمو و تكبر نواة هذا الفن في السودان . كان الأمل أيضاً وقد احتفل السودان بعام الثقافة العربي في عاصمته عام 2005 ، أن تقوم وزارة الثقافة بإخراج العمل . ذلك للأسف لم يقع ، و لم يلتفت أحد لكتاب ٍ صغير ، لا يكاد يلتفت أحد لأهميته الثقافية و الفنية و الإجتماعية . وعن الناحية الإجتماعية سأقول لك عنها في آخر كلامي ، لا تعجب لو أوردتها هنا .
قطار الزمن يمضي ، ولا وقوف له ولا استكانة له في محطة ، ولا رجوع له القهقرى إلى محطة . بيد أني أعود بك لِ " باليه الشاعر " ، و قد عثرت على الكتاب قبل أيام ٍ ، و بعد جهد في البحث مضني ، في مكتبة قديمة قصية . . أين ؟ لن تصدق ! و جدت الكتاب في " أزبكية " أمدرمان ، في ذات الموقع الذي اقتنيت فيه الكتاب بدريهمات من مصروفي ، قبل أكثر من ثلاثين عاماً ! نعم ، وجدته خلف مكاتب "بوستة " أم درمان ، في سوق الكتب المستعملة ، و ليس بعيداً عن مقهى جديد ٍ للإنترنت ، تلمع لافتة براقة في واجهته . وزادت دهشتي ، أن وجدت الكتاب في ذات طبعته الأولى ، وبذات ورقها البيروتي الصقيل ، يزين غلافها رسمٌ جميل ُ ً من ريشة فنان السودان التشكيلي الأول : الصلحي .
تدور الفكرة كما نوّهنا إلى تجسيد وإخراج قصيدة شعرية للأخطل الصغير في رثاء أمير الشعراء أحمد شوقي ، في شكل ٍ مسرحي راقص بما يشبه الباليه . كتب عامر غديرة ، أستاذ الأدب العربي في جامعة الزيتونة بتونس ، تلخيصاً لفكرة يسن ، في مقال نشره في مجلة الفكر التونسية ، وهي مجلة رصينة كان أحد مؤسسيها الأستاذ محمد مزالي رئيس وزراء تونس الأسبق ، و ذلك في عددها رقم 10 لشهر يوليو عام 1963 ، وأورده محمد عثمان يسن في كتابه " باليه الشاعر ":
(( قسم يسن مختاراته إلى خمسة مناظر : يتصور اللوحة الأولى في جنة الخلد عند سدرة المنتهى ، فيظهر فيها الشاعر و من حوله الكواعب الأتراب يرقصن ثم يقصصن شعورهن و يجعلن منها ستائر لمقاصيره . و يتخيل اللوحة الثانية في الدنيا عند هجرة " الحسن " و " الإحسان " من جنة لبنان إلى وادي النيل : و " الحسن " ( فتاة فارعة القوام ، دعجاء العينين ، شهباء الشعر ) ، و الإحسان " ( شاب سمهريّ طويل القامة ، عريض المنكبين مليء بالحياة و الفتوة ) ، يرقصان طويلاً على ضفة الجدول و يتحاوران بالرقص في معنى الفراق و الوصل و يعبران بالرقص عن معنى الترحال و أتعابه ، و عن الوصول إلى وادي النيل الخصب . ثم يتصور اللوحة الثالثة في مناظر الطبيعة و الوحوش وقد أذنت باقتراب الكارثة ، وأحست بأن الشاعر سيموت . ويصور المنظر الرابع أحمد شوقي طريحاً على فراش الموت و من حوله " الحسن " و " الإحسان " ، يرقصان رقص المعالجة و يلتحق بهما الطبيب من حين إلى آخر ، ثم الأحزان في شكل فتيات لابسات السواد فيرقصن رقصة الموت . و يرجع بنا في المنظر الخامس إلى جنة الخلد ، فيرى الخلد في بهائه و جماله ، و يرى الحور و أتراب مريم و رهط جبريل ، ويرى "أبولو" و "كوبيدون " يغنون و تظهر في نهاية المسرح ثريات من النور ، تنير الواحدة تلو الأخرى ، حتى تكون شكل أهرام من النور و يجلس الشاعر على قمته و على يمينه إلهة الشعر و على شماله آلهة النثر ، و يعود جميع الممثلين فتنزل إلهة النثر من أعلى الهرم فتناجي الشاعر راقصة ...))
يبدأ الشاعر اللبناني الكبير بشارة الخوري ( الأخطل الصغير) قصيدته :

قف في رُبى الخلد ِ واهتف باسم شاعره ِ
فسدرة المنتهىَ أدنى َ منابره ِ
وامسح جبينك بالركن الذي انبلجت ْ
أشعة الوحي ّ شِعراً من منائره ِ
ثم أنظر كيف يستصحب الشاعر رؤى التسامح في مرثيته لشوقي ، فيجسد الباليه الذي يرسمه لنا يسن في صورة بهية لطفلات جميلات من "أتراب مريم" ، يحملن شموعاً (إشارات مسيحية ) ، ثم ترافقهن طفلات في ملابس عربية داكنة و صغار في لبس جزيرة العرب (إشارات إسلامية ) :
أتراب مريم تلهو في خمائله ِ
و رهط جبريل يحبو في مقاصره ِ
و المُلهَمون بنو "هومير" ما تركوا
لما أهل ّ لهم سجعاً لطائره ِ

وأقف معك على نظر ٍ بعيد ، يصوره محمد عثمان يسن في "باليه الشاعر" ، وذلك حين يصور صراع الخير و الشر ، و يجسده في اصطياد فتيان قبيلة "المورلي" ، وهي قبيلة سودانية نيلية ، يتميز فتيانها السود بقوام ٍ فارع ٍ و بروح قتالية و شجاعة ، لأسدٍ متربص فيقضون عليه . يتنزّل المشهد من بيت الأخطل الصغير :
فاطعم الجود ُ من كفي قساوره ِ
واشرب الحسن من عيني جآزره ِ

وإني أقرأ بعين معجبة ، كيف يزاوج يسن في فكرته لباليه الشاعر ، و التي سمّاها الأكاديمي التونسي عامر غديرة : "الباليه الأخطلية " ، بين تنوع العقائد : مسيحية وإسلام و حضارات يونانية ، ثم أيضاً بين التنوع الإثني الذي يتجاوز عقد اللون و تباين السحنات ، بما يحمل رسالة ذكية في التسامح ، لم نتجرأ حتى الآن في أن نرى مسرحاً سودانياً ، ناهيك عن باليه راقص ، يجمع هذه السحنات المتنوعة على خشبة مسرح واحد . كل هذا التزاوج الخلاق يستلهمه يسن من قصيدة الشاعر اللبناني الضخم بشارة الخوري في رثاء شاعر ٍ ضخم هو أمير الشعراء أحمد شوقي . ترى لو قدر لهذا العمل الفريد أن يخرج تجسيداً مسرحياً بكل هذا التنوع و كل هذا التزاوج ، على خشبة مسرح ٍ واحد ، ثم سرنا ممسكين بنهج يسن في عرض آدابنا و فنوننا ، أما كان ممكناً لنا في السودان أن نشكل تلك الثقافة المبدعة التي ستأخذ من الثقافة العربية مثلما تأخذ من الثقافة الأفريقية أنقى فضائلها ، تعلو بها و تسمو ، ثم تهمل في ذات الوقت ، مسالب كلتيهما فنصل في تفاعل خلاب لهوية متناسقة بريئة من شبهة التعالي وظلال الهيمنة ؟ و لا أغالي لو زعمت أن مفارقتنا لروح التنوع الخلاق هذه ، قد تكون مسئولة كامل المسئولية ، عن التردّي الذي دفعنا إليه الإحتراب ، دفعاً مؤذياً للذات ، فوصلنا إلى حواف " مفاصمة " الثقافات ، و استعداء أطرافها بعضها ضد بعض ، بل و بلغ الغلو بالمتربصين أن ألقمونا نظامين أو ربما ثلاث في البلد الواحد !
إن القراءة الموسيقية الراقصة لقصيدة الأخطل الصغير ، هي من القراءات الذكية ، التي رمت ْ إلى أن تسبغ على الشعر العربي بعداً جديداً ، فيكون مرئياً مثلما هو مسموع . و يصف يسن مصيباً ، أنّ الشعر العربي نشأ في منتديات و حضور مسرحي ، كما كان حال الشعراء الفحول قبل الإسلام ، ينشدون في سوق عكاظ . لعل الشعر العربي في بداياته كان الأقرب إلى التجسيد المسرحي بأكثر مما أتيح للشعر الغربي أن يجسد قصة روميو و جولييت و بحيرة البجع كمثالين في البال . و لكن ثمة أسباب تحليلية كثيرة ليس المجال مناسباً للخوض فيها هنا ، قد تفسر تراجع التجسيد المسرحي في إلقاء الشعر ،و جموده في مرحلة الإلقاء و التي لم يبرحها لآفاق أبعد من ذلك .
لكني شغفت أيما شغف ٍ بمقاربة محمد عثمان يسن لقصيدة الأخطل في رثاء سعد زغلول ، بالسيمفونية الخامسة والسادسة لبيتهوفن . إقرأ معي ما كتب يس :
((إن المتأمل في سيمفونية بيتهوفن الخامسة لابد له أن يلاحظ أنها تبدأ بأربع نغمات سميت " القدر يطرق بابك " يليها بيت القصيد leit motiv وأن بيتهوفن استعمل بيت القصيد هذا كاساس لسيمفونيته الخامسة (.... ) و قصيدة بشارة الخوري في رثاء السياسي المصري سعد زغلول تبدأ بمطلع واضح هو بيت القصيد حيث يقول:

قالوا دهت ْ مصر دهياء ٌ فقلت لهم ْ
هل غيّضَ النيل ُ أم هل زلزل الهرم ُ
قالوا أشدّ وأدهى قلت ُ ويحكم ُ
إذن لقد مات سعد ٌ و انطوى العلم ُ ))

ما أعمق نظر السفير الأديب محمد عثمان يسن !
كتب الأديب السوداني الراحل علي المك معلقا ، ذات مقال:
" إن المترجم سفير . سفير هو من طراز آخر . هو مبعوثنا إلى اللغات الأخر . . يعود إلينا بجواهرها و بلآلئها الباهرات . . " . و لقد وقفت طويلاً عند قوله هذا ، فإني أراه يصف محمد عثمان يسن أصدق وصف ، وإن لم يكن ذكره في البال . لقد كان يسن سفيراً و سفيراً مثقفاً ، وأنجز على صعيد سفارتيه إنجازات ناهرة ، و بأفضل مما وصف علي المك . لقد سبرغور الدبلوماسية مثلما سبر غور الشعر ، و استلهم موسيقاه فصانعها و لانت له ، فجاء على يديه أجمل تجسيد لقصيد ٍ عربي ، تحسس جذوره في "عكاظ" ، و سمق به إلى أعالي سيمفونيات بيتهوفن ، ثم سبح به إلى أطراف " بحيرة البجع " . إن عظمة محمد عثمان يسن لهي في تنبيهنا لخيط التناغم الثقافي الذي ينتظم هذه الرقعة الممتدة و المتناهية الأطراف ، عادات و ألوان َ و عقائد و ألسنة و سحنات ، من رُبى َ لبنان و عبق المتوسط و مزج البحرين و ائتلاف الجبل و الصحراء و الغابة . في خاتمة المقال ، نجزم أن لا وجه و لا صلاح ولا اعتدال ، لما هو في الأصل مسخ ٌ و قناع ٌ و سؤ ٌ و منكر ٌ و اعوجاج ٌ و ميل . . ذلك الذي اسمه "الشرق الأوسط الجديد" ، إن أغفل - وظني أنه سيفعل - ما دفع بالراحل محمد عثمان يسن لأن يبتدع هذه الفكرة البهية ، منذ ستينات القرن العشرين ، تكويناً إستلهم التناغم لا الشتات ، الوحدة لا المفاصلة . .


• كاتب و سفير
• الخرطوم سبتمبر 2006
الشكر و التقدير لموقع سودانايل الذي نشر المقال الكترونياً



جمال محمدإبراهيم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-09-2006, 01:33 PM   #[2]
خالد الحاج
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الحاج
 
افتراضي

اقتباس:
رئيس وزراء تونس الأسبق ، و ذلك في عددها رقم 10 لشهر يوليو عام 1963 ، وأورده محمد عثمان يسن في كتابه " باليه الشاعر ":
(( قسم يسن مختاراته إلى خمسة مناظر : يتصور اللوحة الأولى في جنة الخلد عند سدرة المنتهى ، فيظهر فيها الشاعر و من حوله الكواعب الأتراب يرقصن ثم يقصصن شعورهن و يجعلن منها ستائر لمقاصيره . و يتخيل اللوحة الثانية في الدنيا عند هجرة " الحسن " و " الإحسان " من جنة لبنان إلى وادي النيل : و " الحسن " ( فتاة فارعة القوام ، دعجاء العينين ، شهباء الشعر ) ، و الإحسان " ( شاب سمهريّ طويل القامة ، عريض المنكبين مليء بالحياة و الفتوة ) ، يرقصان طويلاً على ضفة الجدول و يتحاوران بالرقص في معنى الفراق و الوصل و يعبران بالرقص عن معنى الترحال و أتعابه ، و عن الوصول إلى وادي النيل الخصب . ثم يتصور اللوحة الثالثة في مناظر الطبيعة و الوحوش وقد أذنت باقتراب الكارثة ، وأحست بأن الشاعر سيموت . ويصور المنظر الرابع أحمد شوقي طريحاً على فراش الموت و من حوله " الحسن " و " الإحسان " ، يرقصان رقص المعالجة و يلتحق بهما الطبيب من حين إلى آخر ، ثم الأحزان في شكل فتيات لابسات السواد فيرقصن رقصة الموت . و يرجع بنا في المنظر الخامس إلى جنة الخلد ، فيرى الخلد في بهائه و جماله ، و يرى الحور و أتراب مريم و رهط جبريل ، ويرى "أبولو" و "كوبيدون " يغنون و تظهر في نهاية المسرح ثريات من النور ، تنير الواحدة تلو الأخرى ، حتى تكون شكل أهرام من النور و يجلس الشاعر على قمته و على يمينه إلهة الشعر و على شماله آلهة النثر ، و يعود جميع الممثلين فتنزل إلهة النثر من أعلى الهرم فتناجي الشاعر راقصة ...))
شدني المقال أخي السفير جمال فهو لوحة من الجمال
وقفت فيما اقتبسته أعلاه وقد تملكني تساؤل هل نحن نسير إلي الخلف؟
أزعم أنه سبب وجيه لعدم عرض العمل في أيام (الخرطوم عاصمة الثقافة العربية) . فكيف بالله عليك
بعرض للباليه الممثلون فيه يرتدون الحجاب؟؟ أو يجسدون مشهد للجنة وسدرة المنتهى؟؟
رحم الله يسن فقد انتقل إلي رحمة الله في زمن جميل معافى فلو عاش حتى الآن ربما انتهي به الأمر مذبوحا وموضوعا رأسه علي ظهره.



التوقيع: [align=center]هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها،
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا من رجْسِها،
حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

(عالم عباس)
[/align]
خالد الحاج غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-09-2006, 03:11 PM   #[3]
محمد ابراهيم قرض
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

سعادة السفير ...
كنت محتار :
من تفوق على الآخر في الأدب و الإبداع ، جمال أم عبد الله ؟؟؟
و قلت في سري الكبير فيهم يآخد الكاس ...
و جيتك في مكتبك في الخارجية .. بل جناحكم الخاص .. هناااك على شارع النيل
مع الهمبريب ... ..
و للحظ العاثر لم أجدك ، رغما من أنك كنت حينها متواجد
بمبنى الخارجية ...
ده كله عشان أعرف الكبير منو فيكم ...
المرة الجاية خليك في المكتب ...



محمد ابراهيم قرض غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-09-2006, 03:08 AM   #[4]
عبدالله الشقليني
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي


حبيبنا الذي يكتُب من سماء الوطن
محمد إبراهيم قرض
تحية لك

يقولون خير البرامِج الشيقة ( خليك بالبيت ) ،
على مائدة تصُب لكَ ركوة القهوة من نفسها كأساً ،
مزاجها رنين قُرط تشققت فصوصه .
لربما ( خليكَ بالمَكتب ) لو صبرت لنِلت .

أحببت أن أكون معك بقلبي ،
فخلال أكثر من عشر سنوات لم ألتقِ السفير إلا ثلاثة ساعات ،
قدم هو إلى وطن ثانٍ عابراً ، ليُستقل طائرة تُكسِر
( سفر الجَفَا ) .

في الدُنيا أيامها حُزن فُراق أحد الأقرباء ،
فاختلط فرح قدومه بحُزنٍ نازف ،
فبقيت أتأمله تأمُل الفَرِح بلا نُطق !!.

أما كأس ( جمال ) .. فلها موعد آخر ،
نتطوَّف ثم نستطعِم الصبوح وفِتنة الروح ......



التوقيع: من هُنا يبدأ العالم الجميل
عبدالله الشقليني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-09-2006, 05:14 AM   #[5]
محمد ابراهيم قرض
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
على مائدة تصُب لكَ ركوة القهوة من نفسها كأساً ،
مزاجها رنين قُرط تشققت فصوصه .
لربما ( خليكَ بالمَكتب ) لو صبرت لنِلت .
ده كلام عجيب يا عبد الله ..
كأن مزاجها من تسنيم ...
لكن (القرض) الإتشققت فصوصه ده لميتوا فوقوا
ولا لسع ؟؟؟

اقتباس:
أحببت أن أكون معك بقلبي ،
فخلال أكثر من عشر سنوات لم ألتقِ السفير إلا ثلاثة ساعات ،
قدم هو إلى وطن ثانٍ عابراً ، ليُستقل طائرة تُكسِر
( سفر الجَفَا ) .
يا لقساوة الأشياء يا عبد الله ..
قلبي يتقطع لفراق الأحبة و من يعوضنا
تفاصيل التفاصيل بفراقهم ...
أتمنى أن يتلم الشمل قريبا يا عبده ...

اقتباس:
في الدُنيا أيامها حُزن فُراق أحد الأقرباء ،
فاختلط فرح قدومه بحُزنٍ نازف ،
فبقيت أتأمله تأمُل الفَرِح بلا نُطق !!.
روعة في التصوير و كثافة المشهد
تغني عن التعبير ... رحم الله أموات الجميع ...



التعديل الأخير تم بواسطة محمد ابراهيم قرض ; 16-09-2006 الساعة 05:19 AM. سبب آخر: تعديل خطأ
محمد ابراهيم قرض غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-09-2006, 11:33 AM   #[6]
ريما نوفل
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

سعادة السفير جمال،

ما أشبهك بمنقّب عن الكنز، وأنت في رحلتك التنقيبية الأدبية الفنية هذه.
أراك تعثر على ذلك الكتاب في مخبأه، تأخذك بيدك نافضاً عنه الغبار.. انت تعرف قيمته الغالية فانت الخبير في الجواهر الثمينة.
واسمح لي أن أعبر عن زهوي أنا تحديداً بقراءة "الاخطل الصغير" في هذه التحفة.
معالجتك عميقة، وأمكننا التنقل داخل صفحاته على الرغم انه ليس بين أيدينا..
تحفة فنية ثمينة، أرجو ان تحملها معك الى بيروت قريباً.



ريما نوفل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-09-2006, 03:32 PM   #[7]
جمال محمدإبراهيم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية جمال محمدإبراهيم
 
افتراضي

[align=justify]أفصح خالد عما تجنبت أنا الإشارة إليه في موضوع الباليه . و لكن الزمن الذي عاشه محمد عثمان يسن مؤلف الكتاب ، هو عصر ستينات القرن العشرين ، و تلك لعمرى لا تشبه أي فترة أخرى في تاريخ البشرية ، لو أبحت لنفسي أن أجامل جيلاً شهدت في طفولتي و يفاعي ، بعض انتصاراته . لم يكن العصر كله وردياً ، و لم يكن خلواً من المنغصات على صعيد السياسة و الإقتصاد . كانت الحرب الباردة في أوج اشتعالها . التجسس سمة العصر ، لأنه زمن الغزو الحربي البارد ، ربما على مستوى الفرد . . المعارك التي نسمع عنها ، هي معارك من صنف مغامرات جيمس بوند ، و الأمريكي القبيح . حروب جنوب شرق آسيا كانت مادة لأفلام أعدت لترويع شعوب العالم الثالث ، لكنه مع مآسيه ، كان ذلك العصر هو عصر الفيس بريسلي و مارلين مونرو . كان عصر فوكنر و هيمنجواي و آرثر ميلر و جان بول سارتر و ساغان و ريدرز دايجست . كنا نسمع - من فورة الثقافة في مصر و في بيروت - عن الموسيقى الكلاسيكية و الأوبرا و عروض الباليه . وكان مجرد سماع ، و لا مجال لتخيل مثل هذه الثقافة التي كانت في عداد أحلام تعشعش في رؤوس فتيان القرن العشرين . محمد عثمان يسن . . كان من حالمي القرن العشرين عندنا . على أيامه بدأت حركة فكرية مثيرة في الخرطوم ، سماها النقاد مدرسة الغابة و الصحراء ، و لقد لاحظت إشارتي و لمسي في المقال إليها لمساً خفيفاَ . كان هاجس المثقفين وقتها البحث عن مكونات هوية ما هو ((سوداني)) ، تجاوزاً لإشارة اللون العنصرية التي لا تعني شيئا . و الأغرب أن أصحاب اللون الأسود الحقيقي تخلصوا من الإسم و الصفة . القليلون يعرفون الآن أن السودان الفرنسي كان يشمل تشاد و بعض أطراف تصل إلى النيجر و مالي و داهومي ( وأظنها الآن صار اسمها بوركينا فاسو .. ذلك الإسم الذي أصبح مدعاة لهزء عادل إمام بهم ّ!) و احتفظنا نحن – الخلاسيين من عرب و أفارقة – بهذا الإسم الذي يشي بلون واحد يناقض كل الألوان الأخرى . و ربما لأن الإسم جاءهم من خارج محيطهم الإفريقي ، بل ومن خارج لغتهم و لسانهم ، فاستبقيناه نحن في وادي النيل ، إسماً ووصفاً لشتاتنا المتنافر ، و حولناه ليكون مدلولا ثقافياً ، و حملناه رموزاً من غابة ومن صحراء .. وأرجح أنا أن الرجل أصغى ملياً لمدرسة الغابة و الصحراء ، و لمقابلها في الرسم التشكيلي "مدرسة الخرطوم " ، و كان عماد حركة الرسم التشكيلي في السودان عمنا إبراهيم الصلحي ، أمد الله في عمره ، و يعيش في لندن الآن ، من أهم مؤسسيها . لعلك لاحظت أيضا إشارتي له إذ هو صاحب الرسوم التوضيحية البديعة لباليه الشاعر . و لعلي أقول مستيقتاً أن الرجل كان يحلم بأن يكون للقارة الأفريقية سهماً في حركة الفنون الراقية . و أن علينا في العالم الثالث ،و في قارتنا الأفريقية ، التي دمغوها بالجهل و المرض و التخلف ، بل و التخلف العقلي ، مما تواتر إلينا من بعض دعييّ علم الأنثروبولوجيا ومن علماء الأجناس القدماء ، علينا بكل الصدق أن نقدم للبشرية بعض ما يلينا في كتاب الثقافات الإنسانية ، و بما يليق بنا كأناس نحيا في عصر نفضنا فيه عن بلداننا أقمصة الإستعمار و جلابيب التبعية و أيادي التسول . . كان محمد عثمان يسن حصيفاً وهو يقرأ صحيفة العصر . لو فتحنا أعيننا وأذهاننا في السودان لكان الباليه الذي صاغه وأبدعه الرجل من قصيدة الأخطل الصغير ، اللبنة الأولى و الثابتة نحو إسهام يعطي الندية في تعاطي الثقافات بعضها مع بعض ، و في تفاعل مكوناتها و إسهاماتها ، فقد تساوت الأكتاف بعد إنهاء الإستعمار في سنوات منتصف القرن العشرين .
الذي أود أن أقوله باختصار أن سنوات الحرب الباردة لم تكن كلها سالبة ، بل كانت تنطوي على تحفيز ثقافي ، و سباق خفيّ لإثبات الذات ، برغم الحروب الإقليمية و التوتر الناجم من إمكانية دمار كوني محتمل بعد اكتشاف انفلاق الذرة و النواة ! . مجيء أفكار ٍ نيرة مثل التي جاءت من يسن ، كان أمراً طبيعياً . لكن الآن ، و نحن قد ودعنا سنوات الحرب الباردة ، فقد استولى على العالم أو جله الأعظم ، زعماء بلا مقدرات ، فعاثوا إفسادا سياسيا و بلطجة غبية ، خرجت بنا من سمو الدبلوماسية الذي عهدناه في العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين ، إلى انهيار في السياسة الدولية ، انقلبت فيه الموازين و تعالت نبراتها المزدوجة ، و التحاكم إلى العنف سبيلاً لتأديب الشعوب . ثم إني أرى التطرف يستشري ، سواءاً في هذا المعسكر أو ذاك ، إستشراءاً لا رادّ له ، ولا كابح .
أليس طبيعياً أن تكون دعوة محمد عثمان يسن لباليه أفريقي عربي ، متسقة تمام الإتساق مع المناخ الثقافي و السياسي الذي ولدت فيه . . ؟
ثم أليس طبيعياً أن يطوي النسيان دعوة مثل دعوته في سنوات القرن الواحد و العشرين ، و نحن نلون سنواته بألون الدم و التصادم العنيف بين الحضارات ، من طرف أناس من عينة رؤساء في البيت الأبيض أو الوردي أو القرمزي ، و عينة متطرفين يختبئون في الكهوف الدينية في أفغانستان ، أو الدهاليز الكنسية في روما أو الفاتيكان ؟
لك محبتي يا خالد الحاج ..
أما قرض ، فماذا أقول لحظي العاثر إذ غيبني عنه ؟
[/align]



جمال محمدإبراهيم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-09-2006, 06:55 AM   #[8]
نزار حسن علي
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

سعادة/ السفير

تحياتي لك يا سيدي لماذا نحن نذهب للوراء بهذة السرعة
مع مودتي



نزار حسن علي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-09-2006, 08:36 PM   #[9]
معتصم الطاهر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معتصم الطاهر
 
افتراضي

عن من/ماذا .. يبحث الكاتب ( جمال + يس)؟

جمال .. عن جريء ينفِّذ .. وقارئ باحث

ويس .. عن سبق .. وهوية .. ( وما زلنا)

ولكنه وجدها ..

وضعنا نحن بعدها ..

و كلاهما سابق لزمنه

فعمن و ماذا نبحث نحن!!

المعرفة منهما ...



التوقيع:
أنــــا صف الحبايب فيك ..
و كـــــــــــل العاشقين خلفي
معتصم الطاهر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-10-2006, 06:24 AM   #[10]
خالد الأيوبي
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

عزيزي الأســتاذ جمال

قرأت هذا المقال في حينه قبل عدة أسابيع و أعجبني جداً و شــدتني إليه تلك الصور الرائعة التي زخر بها و المضامين التي إحتشــدت بداخله و لكني لم أجد الفرصة حينها للتعليق عليه.
فقد ســقتنا أستاذ جمال في رحلة شــيقة إلي زمان جميل من أزمان سوداننا حيث كان للتعليم رونقاً وهيبة ووقار . وحيث كان المعلمون العلماء يأخدون الرســالة بحقها مســــلحين لها بالإيمان و الإخلاص و المعرفة ..
كانوا حقاً ورثة الأنبياء
و ســـقت لنا من ســيرتك مثالاً لما كان يحصل عليه التلاميذ من هؤلاء الأساتذة الأجلاء و ما كانوا يجدونه منهم من تنوير و إرشــاد لا من حيث التحصيل الأكاديمي فقط بل و من حيث التوجيه الصحيح نحو ســبل النجاح و كسب المعرفة. كان الواحد منهم يخضع نفســه بكل صرامة إلي تطبيق ما يدعو إليه حتي يكون قدوة لتلاميذه .. و حتي تكون حجتهم أمام تلاميذهم حينما يدعونهم إلي مســالك العلم و المعرفة والأخلاق الحميدة .. أكثر قوة و أكبر أثراً.
وأتيتنا أستاذ جمال في مقالك الدســم بصور فيها من تاريخنا و معالم بلادنا .. .. فقلت:

اقتباس:
سوق الكتب القديمة في مكان ٍ يقع خلف مكاتب "بوستة "أم درمان ، في تلك السنوات البعيدة . هي ما يماثل "سور الأزبكية" ، في القاهرة . مصروف الجيب لا يتيح زيارة مجدية لمكتبة كبيرة عريقة مثل "سودان بوكشُب "
و دعوتنا عدة مرات لوقفــات للتأمل و الثفكير في بعض المفارقات التي لا تخلو من طرافــة
اقتباس:
و قد عثرت على الكتاب قبل أيام ٍ ، و بعد جهد في البحث مضني ، في مكتبة قديمة قصية . . أين ؟ لن تصدق ! و جدت الكتاب في " أزبكية " أمدرمان ، في ذات الموقع الذي اقتنيت فيه الكتاب بدريهمات من مصروفي ، قبل أكثر من ثلاثين عاماً

فهل يا تري كنت تلفت إنتباهنا إلي عظمة و خصوصية "سوق الأزبكية" الأمدرماني الذي صمد بشكله القديم و روحه القديمة أمام كل ذلك التطور الذي يحيط به من كل جانب؟
أم أنك تريد أن تشـــكو و تبث حزنك علي فشـــل الأجيال في التواصل و التلاحم بالشــكل المطلوب لبناء نهضة ثقافية حقيقية تســتشــرف المسـتقبل و تســتصحب الماضي بإرثه التليد و بكل جبروته و قوته و إبداع أبنائه؟
أم هل تحذرنا من يوم قد يأتي يندثر فيه سوق الكتب المفروشــة تحت أقدام حركة التطور و التحديث و تندثر معه كنوز و درر من المعرفة و الإبداع ؟
أكاد أجزم أنك وجل و خائف من حدوث ذلك، ولكنك تتثبث بالأمل في أن يبقي ذلك القديم بروعته متاحاً للأجيال الجديدة لينهلوا منه الفائدة و المعرفة.
وما تناولك لهذا الكتاب بالدراســة و التحليل إلا إســهاماً منك في ربط جيل الشباب بماضيهم و تعريفهم بإرثهم الثقافي الغني
و ما ملاحظتك اللماحة الذكية بصمود سوق الكتب القديمة المفروشــة متحديـاً مقاهي الإنترنت بلافتاتها البراقة ( عينه في عينهــا) إلا دليل علي تفاؤلك و تعلقك بالأمل

اقتباس:
نعم ، وجدته خلف مكاتب "بوستة " أم درمان ، في سوق الكتب المستعملة ، و ليس بعيداً عن مقهى جديد ٍ للإنترنت ، تلمع لافتة براقة في واجهته.
في مقالك الثر حدثتنا بســلاســة الأدباء و بســـاطة العلماء عن أستاذك و أستاذ الأجيال محمد عثمان يس فكان تعريفك لنا به شاف ومؤثر
اقتباس:
محمد عثمان يسن . الوكيل الدائم لوزارة الخارجية السودانية . إداريٌ و سفير و لكنه أديب مطبوع و عاشق للشعر ، فنان أريب ، قبل أن تعرفه ردهات الدبلوماسية ، مؤسساً لوزارة الخارجية و مهندساً لإداراتها و أقسامها ، و سفيراً باسم السودان في الخارج.


كل ذلك ســــيدي كان توابلاً و بهاراً نثرته بحذق و مهــارة .. فجاء تحليلك و عرضك للكتاب (موضــوع المقـال الرئيسي)طاعمــاً و شــيقاً و دســـماً، حتي قلنا ليتك لا تســـكت:


اقتباس:
تدور الفكرة كما نوّهنا إلى تجسيد وإخراج قصيدة شعرية للأخطل الصغير في رثاء أمير الشعراء أحمد شوقي ، في شكل ٍ مسرحي راقص بما يشبه الباليه .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ........................................
لك عميق الود ووافر الشـــكر علي هذا الإبداع




خالد الأيوبي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-10-2006, 09:52 AM   #[11]
خالد الحاج
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الحاج
 
افتراضي

أخي خالد الأيوبي
سلامات
هنا مقالة سفيرنا جمال إبراهيم التي أشارت لها الأستاذة ريما نوفل نقلا عن (sudanile) وقد أهداني إياها في صورة رسالة فله الود المقيم...
أهديكم لها بدوري مع محبتي لكم ولسفيرنا الجميل جمال.


*

أوبة إلى صاحب "باليه الشاعر ". .
رسالة إلى الصديق/ خالد الحاج



jjamalim@hotmail.com

أفصح الأستاذ خالد الحاج المقيم في هولندا ، في مداخلة ذكية عما لم أتطرق إليه أنا في موضوع "باليه الشاعر " ، كون دعوة ثقافية مثل التي جاء بها يسن ، كان من الممكن أن تفضي بصاحبها في هذا الزمن الصعب ، إلى مصير يقارب مصير الصحفي المغتال . و لعلي أنبه هنا أن الزمن الذي عاش فيه محمد عثمان يسن مؤلف الكتاب مفكراً فاعلاً ، هو عصر ستينات القرن العشرين ، و تلك لعمرى فترة لا تشبه أي فترة أخرى في تاريخ البشرية ، لو أبحت لنفسي أن أجامل جيلاً شهدت في طفولتي و يفاعي ، بعض انتصاراته . لم يكن العصر كله وردياً ، كما لم يكن خلواً من المنغصات ، على صعيد السياسة و الإقتصاد والثقافة والإجتماع .
كانت الحرب الباردة في أوج اشتعالها . التجسس سمة العصر ، لأنه زمن الغزو الحربي البارد . ربما على مستوى الفرد . . المعارك التي سمعنا عنها ، هي معارك من صنف مغامرات جيمس بوند ، و الأمريكي القبيح . حروب جنوب شرق آسيا ، كانت مادة لأفلام أعدت لترويع شعوب العالم الثالث ، لكنه مع مآسيه ، كان ذلك العصر هو عصر الفيس بريسلي و مارلين مونرو . كان عصر فوكنر و هيمنجواي وشتاينبك و آرثر ميلر و جان بول سارتر و ساغان و ريدرز دايجست ! كنا نسمع - من فورة الثقافة في مصر و في بيروت - عن الموسيقى الكلاسيكية و الأوبرا و عروض الباليه . وكان مجرد سماع ، و لا مجال لتخيل مثل هذه الثقافة التي كانت في عداد أحلام تعشعش في رؤوس فتيان القرن العشرين . محمد عثمان يسن . . كان من حالمي القرن العشرين عندنا .
على أيامه بدأت حركة فكرية مثيرة في الخرطوم ، سماها النقاد مدرسة الغابة و الصحراء ، و لقد لاحظت إشارتي و لمسي في المقال إليها لمساً خفيفاَ . كان هاجس المثقفين وقتها البحث عن مكونات هوية ما هو ((سوداني)) ، تجاوزاً لإشارة اللون العنصرية السالبة التي لا تعني شيئا ، و الهوية بعد ، ليست لوناً تدركه العين ، بل هو إدراك متاح لسائر الحواس وفق التعريف الأنثروبولجي . و الأغرب أن أصحاب اللون الأسود الحقيقي برغم ضعف مدلوله ، تخلصوا من الإسم و الصفة . القليلون يعرفون الآن ، أن السودان الفرنسي كان يشمل تشاد و بعض أطراف تصل إلى النيجر و مالي و داهومي ( وأظنها الآن صار اسمها بوركينا فاسو .. ذلك الإسم الذي أصبح مدعاة لهزء عادل إمام بهم في إحدى مسرحياته ّ!) و احتفظنا - نحن الخلاسيين من عرب و أفارقة – بهذا الإسم الذي يشي بلون واحد يناقض كل الألوان الأخرى . و ربما لأن الإسم جاءهم من خارج محيطهم الإفريقي ، بل ومن خارج لغتهم و لسانهم ، فاستبقيناه نحن في وادي النيل ، إسماً ووصفاً لشتاتنا المتنافر ، و حولناه ليكون مدلولا ثقافياً ، و حملناه رموزاً من غابة ومن صحراء .. وأرجح أنا أن الرجل أصغى ملياً لمدرسة الغابة و الصحراء ، و لمقابلها في الرسم التشكيلي "مدرسة الخرطوم " ، و كان عماد حركة الرسم التشكيلي في السودان عمنا إبراهيم الصلحي ، أمد الله في عمره ، و يعيش في لندن الآن ، من أهم مؤسسيها . لعلك لاحظت أيضا إشارتي له ، إذ هو صاحب الرسوم التوضيحية البديعة لكتاب "باليه الشاعر" . و لعلي أقول مستيقناً ، أن الرجل ومعه الصلحي حملا رؤية كانت تأمل أن يكون للقارة الأفريقية سهماً في حركة الفنون الراقية . و بات علينا في العالم الثالث ، و في قارتنا الأفريقية ، التي دمغوها بالجهل و المرض و التخلف ، بل و التخلف العقلي ، مما تواتر إلينا من بعض دعييّ علم الأنثروبولوجيا ومن علماء الأجناس القدماء ، بات علينا بكل الصدق ، أن نقدم للبشرية بعض ما يلينا في كتاب الثقافات الإنسانية ، من إسهام يليق بنا كأناس نعيش في عصر ٍ نفضنا فيه عن بلداننا أقمصة الإستعمار و جلابيب التبعية و أيادي التسول . .
كان محمد عثمان يسن حصيفاً وهو يقرأ صحيفة العصر . لو فتحنا أعيننا و أذهاننا في السودان ، لكان "باليه الشاعر" الذي صاغه وأبدعه الرجل ، من قصيدة الأخطل الصغير في رثاء أمير الشعراء أحمد شوقي ، اللبنة الأولى و الثابتة نحو إسهام يعطي الندية في تعاطي الثقافات تلاقي أو تلاقح بعضها بعضا . في تفاعل مكوناتها و إسهاماتها ، تساوت الأكتاف بعد إنهاء الإستعمار في سنوات منتصف القرن العشرين ، و استفتحنا عصراً مشوباً بندية ثقافية بائنة . يكفي دليلا على قولي جائزة نوبل للآداب التي تداولت في القرن العشرين ، بين رموز كبيرة مثل ماركيز و نجيب محفوظ وأضرابهما من أدباء العالم الثالث .
الذي أود أن أقوله باختصار أن سنوات الحرب الباردة لم تكن كلها سالبة ، بل كانت تنطوي على تحفيز ثقافي ، و سباق خفيّ لإثبات الذات ، برغم الحروب الإقليمية و التوتر الناجم من إمكانية دمار كوني محتمل بعد اكتشاف انفلاق الذرة و النواة ! . مجيء أفكار ٍ نيرة مثل التي جاءت من محمد عثمان يسن ، كان أمراً طبيعياً . لكن الآن ، و نحن قد ودعنا سنوات الحرب الباردة ، فقد استولى على العالم أو جله الأعظم ، زعماء بلا مقدرات ، فعاثوا إفسادا سياسيا و بلطجة غبية ، خرجت بنا من سمو الدبلوماسية الذي عهدناه في العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين ، إلى ما هوالآن انهيار في السياسة الدولية ، انقلبت فيه الموازين و تعالت نبراتها المزدوجة ، و التحاكم إلى العنف سبيلاً لتأديب الشعوب . ثم إني أرى التطرف يستشري ، سواءاً في هذا المعسكر أو ذاك ، إستشراءاً لا رادّ له ، ولا كابح . لا يغيب عن البال الدبلوماسية الكيسنجرية الراقية في السبعينات من القرن الماضي ، برغم مثالبها ، تقارن بدبلوماسية التأديب و الجلد التي تمارس هذه الآونة !
أليس طبيعياً أن تكون دعوة محمد عثمان يسن لباليه أفريقي عربي ، متسقة تمام الإتساق مع المناخ الثقافي و السياسي الذي ولدت فيه . . ؟
ثم أليس طبيعياً أن يطوي النسيان دعوة مثل دعوته في سنوات القرن الواحد و العشرين ، و نحن نلون سنواته بألون الدم و التصادم العنيف بين الحضارات ، من طرف أناس من عينة رؤساء في البيوت الملونة بالأبيض أو الوردي أو القرمزي ، أومن طرف عينة من متطرفين يختبئون في الكهوف الدينية في أفغانستان ، أو الدهاليز الكنسية في روما أو الفاتيكان ؟
* سفير وكاتب
سبتمبر 2006



التوقيع: [align=center]هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها،
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا من رجْسِها،
حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

(عالم عباس)
[/align]
خالد الحاج غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-11-2006, 01:54 PM   #[12]
جمال محمدإبراهيم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية جمال محمدإبراهيم
 
افتراضي

يااااااااااااااااا÷
كم فاتني هذا الكلام الجميل الممتع إذ شغلتني ترتيبات سشفري لبيروت عن الرد بما يليق بمثل هذه المساهعمات الثرة من الأخ الأيوبي و الأخ خالد ..
لقد تنبهت من عمق نظرك في كتابتي كيف خالطتها بإشارات هامة لوتيرة الحياة و إيقاعها الجميل في الستينات .. من القرن الماضي ( و لكم تخيفني الإشارة إليه على هذا النحو !)..
أعجبتني ملاحظات الأخ الأيوبي أيما إعجاب ، و ليتنا نتنبه مثلما فعل هو للأمور الصغيرة التي عشناها في أوانها و لكن لو نظرنا إليها بعين اليوم المعاصرة سنجد وزنها ذهبا !
أظنني يا خالد و يا خالد مدين لكما بتعليق أكثر وسعا و أعمق تحليلا ..
أعذرا غيابي الطويل عما ورد منكما في هذا الموضوع ...
ولا أنهي حديثي دون أن أعيدكما إلى رسالة من الأستاذ عمر السوري، حكى فيها عن عبق الستينات ... هل رأيتماها ؟؟؟



جمال محمدإبراهيم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-11-2006, 02:05 PM   #[13]
خالد الحاج
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الحاج
 
افتراضي

سفيرنا الجميل
سعيد أولا بعودتك
أخذت تلفونك من دكتور سيد وسأتصل بك إن شاء الله.
لم تغب عن ونساتنا والله سيرتك وندعوا لك بالتوفيق.

قرأت رسالة الأستاذ عمر وهي بحق رسالة ممتعة
لم أحتفظ بها للأسف.

الحديث عن الماضي أحيانا (يغبشه) الحنين ، ونحن أمة جبلت علي الحنين إلي الماضي
نشتكي دوما من حاضرنا وننظر إليه في الغد بعين الرضي والمحنة.
لكن والحق يقال قسوة الحاضر لا تترك لنا خيارات كثيرة.
أنتظر عودتك.



التوقيع: [align=center]هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها،
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا من رجْسِها،
حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

(عالم عباس)
[/align]
خالد الحاج غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22-11-2006, 04:50 AM   #[14]
خالد الأيوبي
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي


أستاذنا جمال
لســــت مديناً لنا بشئ، فما أســهمنا به هنا أقل بكثير مما يستحقه مقالك الثر من تفاعل و تجاوب. أما عودتك فهي ما ننتظره و نتمناه، فأنت لا تعود إلا بالجميل.

ثمة ســــؤال قفز إلي ذهني: هل فعلاً (نحن أمة جبلت علي الحنين إلي الماضي) كما قال خالد الحاج أم أن التطور و التقدم العلمي الذي شهدته الحياة في العقود المنصرمة قد أثر ســــلباً علي الروح الإبداعية لدي البني آدميين خاصة في المجالات الإنسانية و الفنية و الأدبية ؟
هل التطور في وسائل الإتصالات من تلفزيونات و فضائيات وإنترنت قد حد من القدرة علي التأمل و التفكر ؟

أري أن ذلك موضوع يفتح الباب علي مصراعيه للنقاش و الحوار فهل من مشـــــــــارك؟



خالد الأيوبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 05:03 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.