تحياتي د. عايد
وشكراً على مقال د. عبد الله علي إبراهيم الذي وثق لمسألة المحاولات المستمرة من السياسة للسيطرة على الإبداع الفني والأدبي، والتي لا تنتهي إلا لتبدأ بصورة من الصور ... فالسياسة لا تستغنى عن الإبداع الفني والأدبي ... والإبداع الأدبي والفني لا يستغنى عن الدعم اللوجستي لمنظومات السياسة لكي يتحرر من سطوة رأس المال اللازم للانتشار ... وذلك في جدلية نحتاج إلى أن تكون نزيهة لفائدة المجتمع كل ككل ... وليس المصالح الضيقة للأحزاب والحركات السياسية.
ومن هنا فرأي الأحزاب في العلاقة بينهم وبين الأدب والفن يجب أن تكون ذات شقين شق خاص بأدباء وفنانين يؤمنون ببرامج وأهداف الحزب ... وشق عام إذا وصل الحزب إلى سدة الحكم ووقوفه على مسافة واحدة من كل مبدعي البلاد.
والشق العام هو الذي فشلت فيه الأحزاب الاشتراكية حين وصلت إلى سدة الحكم كما ذكرت وثيقة د. عبد الله علي إبراهيم حيث قال بالحرف الواحد: " كانت منطقة المبدعين في الدولة الاشتراكية عند السوفيات وغيرهم مجلبة عار لنا لتجهمها بوجه الإبداع حتى تلجمه أو تلعنه". وركز على قوله (عند السوفيات وغيرهم) ... أي أن هذا الأمر هو لصيق بالمنهج الاشتراكي وليس تصرف فردي للدولة السوفياتية.
وبالنسبة للسودان أشار المقال بقوة إلى ضعف أدوات إدارة التنافس ورفع الخلاف في الدولة السودانية، وذلك بسبب مباشر من سيطرة المد اليساري والسلفي عليها زماناً طويلاً، وانعكاس أمراضهم عليها ... الشيء الذي خلق هشاشة عامة سببها هشاشة التيارات المسيطرة والتي لا ترى إلا من خلال منظار حزبي ضيق أثر على كل مكونات المجتمع وكنزه الفني والأدبي.
فالتيار اليساري في السودان ظل متأثراً بالتيار الرئيس لليسار عامة فإذا ضعف الإبداع في التيار الرئيس، فمن المؤكد بأنه سوف يضعف الإبداع في كامل السودان إبان سيطرة اليسار عليه بالقوة الجبرية، وذلك بحسب ما جاء في المقال من أن منطقة المبدعين في الدولة الاشتراكية عند السوفيات وغيرهم مجلبة عار لتجهمها بوجه الإبداع حتى تلجمه أو تلعنه كما أسلفت نقلاً عن مقال د. عبد الله علي إبراهيم.
هذا والسبب في عداء اليسار لساحة الفن والأدب واضح وهو: إصرار معظم أهل اليسار على كسب معاركهم بالسلاح داخل الوطن الواحد ... مما يجعلهم في خوف مستمر من انقلاب ذات السلاح عليهم. وبالتالي هم يخافون من استغلال المعارضة لأي إبداع لا يخدم أجندتهم. فالإبداع هو أساساً تضخيم وتفخيم لمطلب مجتمعي قد يكون ضدهم.
وذلك على عكس التجربة في الغرب الذي طور الصراع السياسي عبر فلاسفته أولاً - ثم سلسلة ضخمة من معاهد الأبحاث - إلى التداول السلمي للسلطة مع احتفاظ السلطة بمقاليد السيطرة الناعمة عبر القوانين والقواعد التي تضبط الإنتاج الفني والأدبي في البلد.
التعديل الأخير تم بواسطة أبو جعفر ; 21-08-2021 الساعة 07:41 PM.
|