حادث ... واشتياق
حادثٌ واشتياق (3)
إلى "نجمة" : ذهبت لتضئ سمواتٍ أخر
وقفت عصافيرها
تنقّر حلق الذاكرة
وخرقة الليل لا تكاد تستر
وجه أشواقنا
وأحاديث أعيننا الماطرة
تترنح على أصدافها البحار
تدخل بين أظافر الغناء
وتتدحرج حين سكونٍ عميق
غيوماً من اللهفة الحائرة و ( الكلام الدُقاق )!
كانت عينيها طريقاً
خضراء تشقّ حقول الوريد
تنشغل ورودها عن الندى
- الندى يعبر شارع القلب وحيداً
في ليل ثورته ليكتب على جدرانه النشيد -
تعدل طرحة الحياء
برشة كحلٍ وهمسةٍ عابرة
عندما تبتسم
تقعد اللحظة على ركبتيها
تشهق ألوان العناق
علمتنا كيف
نرسم الشعر على
وجوهنا
فأرهقتنا الوسامة
نبضةٌ تتخثر في مشوارها
تحترف التكوّر على ناصية الجرح
ترسم ريشها
يا …
إلهي
كيف تعرف أن رمل لهفتنا
يطفئه مطر غيابها فتجيء ؟
كيف ترسم بريشتها
لوحة السكوت العظيم
حين هذا المجيء ؟
من علّم هذه الساحرة
أن ترشّ
في الحضور رذاذ الفراق ؟
( رعشة إيدك يوم تسالم
رشة المطر الصحاري
وراحة إيدك ضيّ دريبي
وهمسة النيل للقماري
وراجي منّك نيل بسيمتك
لو يبل حلق انتظاري
وياما فوق دربك متيّم
وانتي بالبي ماكي داري )(*)
عصافيرها
تلبس ريش أغنياتنا
وتعرّي المسام
على يديها
تنبت حدائق الرعشةِ
حين يخذلنا الكفُّ
في ( عملية السلام )
ناعماً
ناعماً
يتساقط الهمس من عينيها
تغتسل المقاعد بخدرِ الوقت
وتداعب الأصابع خيوط الهيام
تغني
( فيك صور المحاسن ظهرت ليّ عيان
موسيقى حديثك مع سحر البيان
وإذا مال قوامك يا زين الحسان
روحي تسيل عواطف وقلبي يذوب حنان )(**)
تسقط نخلةٌ على شاطئ احتمالي
ويستفيض الغرام
- الرعشة بين أيدينا
تتسرّب لمواطن أخرى –
وأنا عازفٌ ماهرٌ
على أوتار لهفتها
والكمنجات احتراق !!
الآن تنقّر
صورتها صفحة الصبر
تأكلها
تترك إطارها – فقط -
معلقاً على كعبة الشعر
من يناديني …
والقلب شارعٌ تزرعه الحسرة
وهدير هجرتها على عصبي
إذا حلقّ طير الدمع في سماء الذاكرة
فالمناديل كتاب
( طلع البدر علينا ………. )
ثم غاب
يفجأنا بدرها دائماً
بليالي المحاق
أُوسع
قميص الأماني المسافرة
توسعني ضيقاً
وتقتلني البارحة
يا لذاكرتي الماكرة
شوارعها
حين مطاردة العشق تسلمني
إلى ظلام الزقاق !!
كيف كانت تضحك بعينيها
لمطرٍ ينزف برقه ويرحل؟
ولماذا يتسرّب رملٌ
من حديثها إلى ضفاف القوافي ؟
( هسة خايف من فراقك
لما يحصل ببقى كيف
زي ورد في عز نداهو
خوفو بكرة يزورو صيف )(***)
في ليلة الإسراء
يبرق على جبين الغيم
وترٌ يكحل أجفاننا بناعم السهاد
منذ خصلتين
فارقتا الموكب
واستقرتا في الفؤاد
أخلص النسيم لعطرها
يغبّر أغنياتي
تلبس الأسى والحداد
يا …
كيف تعرفين أن الصبر
قد أثمر الدمع
فتقطفين من مراقدي
نوم القصيدةِ
ونعاس الوداد ؟
في ليلة الإسراء
قمري
وقصائدي
وجراح القلب
وأسمك
والمداد
كلهم جاءوا
فقط تأخروا قليلاً
وما تأنى البراق !!!
إذن خبري العصافيرَ
حين هجرتها
ألاّ تمرّ على غدير الليالي البعيدة
خبريها
من أغلق الوقت
سيفتح كل لحظةٍ
جدار ذاكرته
ليشيد القصيدة
ما عادت تتساقط بين أوراقي
الحروف جرحى
والأغاني شهيدة !
خبريها
تلملم من فضاء هجرتها
ريش أحلامي
وتسقف بالخوفِ
رعشتها الجديدة
وتدمن في ليل ذكراها
نسيان
ما تبقى على ضفاف
دمعةٍ وحيدة !
خبريها
أن تشتاق – فقط –
حين تذكرني
فالهوى
حادثٌ واشتياق !!!
31/8/02 الشارقة
|