حياة الدواخل (2) - بيوت خالد الباشا
"أمانة عليك تَخُت بالك على الجواك
علي الحلم البنينا بيوت"
دعوني أأخذكم في رحلةٍ ثانية عبر أروقة "حياة الدواخل"، حيث بدأت سابقًا برحلة طيور بدري الياس. هذه الحكايات، ليست مجرد سرديات عابرة، بل هي لوحات فنية ترسم العوالم الداخلية، التي تتفوق في غناها وجمالها على العوالم التي نعيشها بشكل يومي.
وفي هذه الرحلة، نغمر أنفسنا في فن العمارة المعنوية لـ "بيوت خالد الباشا". عوالم تم نسجها بين أحضان قصائد الباشا، هي ليست مجرد كلمات تُردد، بل هي أمبراطورية من المشاعر والإحساس، قام الباشا ببنائها، سواء كان ذلك متعمدًا أو من دون قصد.
"آه يا زول اهديتو بيوت
أديتو خيوط شعري الوقَّاد"
ظهر مشروع "بيوت" خالد الباشا بوضوح منذ البداية، من خلال قصيدته "إيديا فوق ايديك"، وهي من أوائل قصائده (1985م):
"ايديّا فوق ايديك
نبنيهو أجمل بيت
تبقيلي فيهو ضراي
وانا أبقى راس الخيت
.
.
نبنيهو طوف فوق طوف
بيت الأساس اخلاص
بي ريد وود مسقوف"
إذن من هنا بدأ الباشا في حفر (ساس) بيوته وتعميق أُسسها:
"يسعدني إنك بت هواي
تبّينا من شُفّع دقااااق
مغروسة في جوّايا ريد
ومحفورة سَاسَاتِك غُراق"
وعقب تثبيت (الساس)، سعى بسرعة لتشييد (بيوت دواخله)، تمامًا كما يفعل الأطفال بالرمل عند هطول المطر، ولكنها لم تصمد طويلاً:
”كِشِتِت كِشِت
برااااااااحة سويت قلبي بيت
.
.
والأغنيات
تتباكى .. بيت حاضنلو بيت
زي عز تسابات البلد
بب تررردرب
إترايمن افراحي بب
زي كني في يوم مابنيت”
وككل بانِ، الباشا لم يستسلم، وواصل في تشييد بيته:
“يا بت بريدك شان بيوت
جوّة الأحاسيس اتبنن”
ولم ينسى الباشا البئر في بيوت دواخله، لتغذّيه بالإحساس، وكأنه هنا يحكي عن معاناة الحفر، حتى بلغ مستوى العيون:
"داسيكِ في نفسي وبرااااي
في قلبي رابطك بي حجر
تتقاسمي انفاسك معاي
كلما حتلنا علي القعر"
فتفجّرت عيون الإحساس:
"لميني في حضنك بلد
دسيني يابت الحنين
في بير احاسيسك أبد
أنا نيل من الاشواق تحت
هيبة عويناتك رقد"
ومن غير الباشا يستطيع أن يلعب (الكَاك) في مساحة بئر؟
"أبيار حِنِّي
.
.
لِعب الكَاك في كِير إحساسـك
هالمحبوب وين طَلَوح منّي ؟
يا أشـواق رُكِّيني أحـبّك
جوّه حنـين رفقاتي وسنـّي
ويا أجراس خصمتك بالله
في صنّاية الذكرى ترنّي"
(يتبع)
https://youtu.be/L0BiQP5ini4?si=_p7TchJILnwEbLS2
..