نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > الســــــرد والحكــايـــــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-06-2010, 06:09 PM   #[1]
معاوية محمد الحسن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معاوية محمد الحسن
 
افتراضي رجلان في العتمة ...!

[)!!

كان الضوء المتدفق صوب الحائط يصنع نصف دائرة مع الوجه المسجى علي راحة يد هزيلة، الأصابع المعروقة الناحلة بالكاد تغطي العينين و يبدو الوجه علي مساقط الضوء مثل وجه طفل تاه عن والديه في صحراء / غريبا و ممتلئا بالرعب !!
فتحت الباب فدخل أحدهم، كان فارع القامة وله كف ضخمة تشبه كف سائقي الشاحنات/ حالما استدار صوب الحائط بعد أن رفع بصره باتجاه الجالس في منتصف العتمة، أطلق صرخة داوية ثم انتزع تلك الكف المعروقة و أخذ يهذي..أطلق الرجل الغريب بعد ذلك ضحكة هستيرية ثم جثا علي ركبتيه أمام دائرة الضوء و انشأ يهز الجسد المسجى أمامه، لأول وهلة قاومت الأصابع ..ارتعشت بعنف و حاولت الالتصاق أكثر بالوجه الشاحب/بينما الغريب يشدها أكثر محاولا استنهاض ذاك الكائن النائم في العتمة منذ زمان طويل!!
خرج الغريب ثم دخل مرة أخري,لمحت قامته الطويلة تتأرجح مثل سارية سفينة و كفه الضخم مكورا خلف ظهره / بصق في الحائط ثم جلس و رفع يداه و وضعهما علي رأسه كما يفعل من الم به حزن مباغت,حينها لم يكن ذاك المدثر وجهه بكفيه قد توقف عن البكاء,كانت تلك أول مرة يبكي فيها هكذا بعنف منذ أن ألقت به احدي السيارات هنا ثم تركوه وحيدا!!
كانت العربة لاهثة الأنفاس ,لم يمهلوها حتي تلتقط أنفاسها المجهدات تلك,بل داسوا علي مضخات الوقود بقوة ,ثم لفظوا الجسد و غادروا
-واااي/ااااااه
-واااي يا راجل!! تفوووو عليك!
نزل احدهم, اخذ يركله في عنف و يبصق علي وجهه/تلاشي جسد العربة في زحمة الغبار المتصاعد خلفها, كان ذاك أخر ما تسلل لذاكرته من المشهد قبل أن يجد وجهه محاصرا بالعتمة و الفراغ!
لم تكن تلك هي المرة الوحيدة التي يلامس فيها الضوء عينيه هنا/ذات صباح تراءي له خيط فضي من شعاع مستقيم دعاه لأن يفتح عيناه ففعل لكنه لم يعتاد رؤية الوجوه الغريبة مطلقا و بهذا صار يغطي وجهه بكفيه دائما و يركل جبهته الناتئة بكلتا يديه!!
الآن صار الرجل الغريب في مواجهة الباب /أخذ يحاول مرة أخري فض غطاء الكفين لكنه فشل ,دقائق و ترك كل شيء ثم جلس و نهض مرة أخري و رأسه مليئة بالكلام .
"اعرف أنهم يلاحقونني في كل مكان" /"لن أدعهم يفعلون ذلك مرة أخري"
جاءت الكلمات مثل كرة تصطدم بصخرة فترتد خائبة,لمحت الضوء ينحسر شيئا فشيئا عن المكان حتى تبقت منه مجرد شعاعات ضئيلة ظلت معلقة علي كتف الرجل الغريب.
-لكن من أنت؟
........................................
-أأنت من بصق علي الحائط قبل قليل؟
..............................................
لم يفعل شيئا,فقط همدت حركاته قليلا و ظل ممسكا بتلابيب الصمت/يبدو انه اصيب بالهزيمة,هذا واضح من عينيه اللتين خبأ فيهما البريق لكنه بعد برهة رفع جلبابه المتسخ فكشف عن بطنه ,ظهرت فيها أثار جروح و طعنات قديمة و كان احد هذه الجروح متقيحا و تفوح منه رائحة كريهة تشبه رائحة الديدان الميتة,امتعضت قليلا و أنا أناوله إناءا ممتلئا بالماء,افرغ نصفه في جوفه و سكب الباقي علي جرحه محاولا تنظيفه ,بعدها هرعت صوب الباب حتي أتمكن من الهرب في لحظة إذا ما داهمني فعل غير متوقع من قبل هذا الرجل الغريب ذي الدمامل و الجروح المتقيحة لكن لم تبدر منه أية شارة سوء علي العكس تماما أخذ وجهه يبدو أكثر طيبة و إشراقا وإنا ابتعد عنه,لم يجد شيئا يسكت به ألمه سوي أن يلتقط حصاة صغيرة و يضعها تحت أسنانه ثم يعصر جرحه بيديه و هو يصرخ
-ألم..ألم فظيع!
اخذ بيد الجالس قرب الجدار و امسك بها و هو يحدق في وجهه جيدا ثم يقول:
-لكن كيف جاءوا بك إلي هنا؟..هذا مكان بعيد جدا
لم ينم صوته عن أي شيء أخر خلاف الشفقة و الرأفة و اخرج من جيب جلبابه تميمة علقها حول رقبة الرجل بصعوبة و هو يقول:
-تذكر أن أمك كانت دائما توصيك بهذه..لقد جاءت بها من بلاد بعيدة!
في تلك اللحظة رفع الشخص الماكث في الظلمة منذ أمد بعيد رأسه و حدق في وجه الرجل الغريب ثم أرسل بصره باتجاه التميمة المعلقة بعنقه و بدا كما لو انه يحاول أن يتذكر أمورا كثيرة بعدها حكي عن أولئك الرجال الذين القوا به هنا في هذه الخرابة(جاءوا بي إلي هنا بعد أن انتزعوني من الشارع العام و وضعوني في غرفة المحققين أتذكر رجل أصلع لطمني و قال:
-قل!
-ماذا؟
-كل ما تعرفه
-عن ماذا؟
- عن أولئك الأوغاد..تعرفهم)
سمعت نحيب كائن خرافي يعوى في سكون الفضاء إذ يتحدث هذا الرجل و يبكي الأخر بحرقة,حاولت أن أركز حاسة البصر أكثر حتي أتمكن من رؤية وجه من يحكي اهو الشخص الغريب طويل القامة أم الجالس قرب الجدار يلعق دموعه بطرف لسانه لكن الظلام كان اقوي من احتمال الرؤيا,تزحزح احدهما قليلا عن مكانه ,احدث صوت جسده جلبة كانت عظيمة بمقاييس ذاك الصمت و قال:
-كنت معك في زنزانة واحدة/أظنك تذكر؟
لا احد يجيب.
ينطلق الصوت مرة ثانية:
-أتذكر انك كنت مضربا عن الطعام و الشراب
رفع يديه و امسك بهما وجه الرجل و هو يحاول أن يريه الجرح المتقيح أسفل بطنه لكنه أشاح بوجهه بعيدا و اخذ يبكي و ينتحب.
عندما تلاشي مستوي الرؤية تماما بفعل هبوط ظلام الليل كنت اسمع صدي صوتيهما فقط و أخمن ما يفعلان,قال احدهما للأخر انه ظل يبحث عنه منذ سنوات بعيدة و يحمل معه هذه التميمة التي تركتها له أمه كيما يعلقها علي عنقه ,ماتت و هي توصيه بهذا و ظل يبحث عنه و هو الآن جائع جدا و جرحه يعوي مثل ذئب!
-هل الطريق الي البلدة بعيد؟
- لا أعرف و لكنا سنمشي.
لم افهم شيئا لكن الرجل الأخر امسك بالتميمة و وضعها حول عنقه و تناول كف ذاك الرجل الغريب الذي جاء من مكان بعيد يبحث عنه و طلب منه أن يساعده علي النهوض ثم انحني و اخذ إناء الماء الملقي علي الأرض ,رفعه إلي فمه لكن عندما وجده فارغا قذفه في ناحية ما من المكان و طوق خاصرة الغريب و هما يذهبان للخارج!!
خرجا بعد أن تركا روائح جسديهما تنبعث من كل مكان و تتصاعد في الأعالي مثل خيط من الدخان!
انتهت



معاوية محمد الحسن غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 09:24 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.