نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > الســــــرد والحكــايـــــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-10-2010, 09:32 PM   #[1]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي الحُلم الأخير ...((قصة))

يطل على وجهها المستدير الممتلئ بلونه القمحي الطازج
من خلف ضباب النوم المنقشع عن عيني تبتسم..
فتبدوا أسنانها بيضاء جميلة
كم أحب إطلالتها التي توحي إلي بوجوه ربما عشقتها يوما
وجوه تحاكي لونها وبشاشتها وفيض الحنان المتدفق من
نظراتها.. تسألني وهي تباشر عملها
_هل حلمت اليوم؟
أحاول الابتسام ثم أغيب قليلا في صراع بين ذاكرتي وأفكاري
_أجل ..
تختفي لوهلة ربما تنحني لتعديل وضع الفراش ثم تظهر مرة أخرى
لا تكف عن الحراك
أفكر قليلا ثم أقول
_لا اذكر تماما ..
تضحك فتنتشر رائحة التبغ المحفوظ في رئتيها وتتسلل إلى انفي
فأفكر أن الوقت لا يزال مبكرا , وقد أخبرتني أنها تدخن مرتين في اليوم
فقط سيجارة بعد الضحى وسيجارة قبل النوم ..
سألتها
_هل بدلت ميعاد سيجارتك؟
تنظر إلى للحظة قبل أن تمسك بكتفي الأيمن وتضع يدها الأخرى
أسفل ظهري ثم تقلبني بخفة على جانبي الأيسر
وتتناول منشفتها المبللة بالماء بعد أن تفك أربطة قميصي
_الماء بارد جدا..
تتسلل رعشة قوية إلى جسدي
وانكمش قدر المستطاع .. لا تبالي وتقول
_لقد عرض علي (توماس) الزواج
أنسى ضيقي من برودة الماء وأحاول استعادة وضعيتي الأولى
لأنظر إلى وجهها لكني لا أقوى.... أقول
_حقا؟! متي؟
_صباح اليوم.. كنت متوجهة إلى الاستراحة لتبديل ثيابي وقد
جئت مبكرة عن العادة ,, أردت الاستمتاع بنسيم الصبح تعرفين كم هي
جميلة الصباحات الخريفية ..
يومض ذهني الواهن ببريق نادر يكشف عن وجه امرأة داكنة الشفتين
وعلى خديها خطوط محفورة بانتظام جميل وفي عينيها حنان الدنيا
أظنها حدثتني يوما ما عن حبها للخريف .. في تلك الأرض البعيدة
التي باتت تشبه السراب في ذاكرتي المريضة
أرسمها حين بأفكاري المرتبكة .. واحلم بها حين آخر جنة أتوق
لرؤيتها وتذكر تفاصيلها
هل أنا حزينة الآن؟ لا اعرف لكن ربما لأنني لم اعد اذكر جمال الصباحات
الخريفية في وطن أصبح مجرد أنشودة طويت كلماتها
ولم يتبقى منه إلا لحن أدندن به كلما اشتد بي الأسى و فاض بي الحنين..
_حدثيني عن الصباحات الخريفية ؟!
_سأحدثك عنها ذات يوم .. أما الآن سأخبرك عن( توماس)
تعيدني إلى وضعيتي الأولى بعد ان تنثر البودرة المعطرة على ظهري وعلى الفراش وتقول
_أوقفني عند البوابة الرئيسية وقدم لي سيجارة .. ثم تقدم بطلبه
لزواج مني ... اه ... هذا الرجل ...
تنهدت بعمق وتوقفت قليلا وكأنها تفكر ربما أو تكابد لتمنع
دموعها من الانهمار
_ماذا قلت له؟
_لاشيء تناولت السيجارة وشكرته
_اعني عندما عرض عليك الزواج؟
_رفضت ..
قالتها فتملكتني الدهشة وقبل ان أدلي بسؤال آخر
قالت بسرعة
_يكفينا ثرثرة لان لدي الكثير لأقوم به
ولملمت أدواتها ودفعت بالعربة الصغيرة التي جاءت بها وقالت
وهي تهم بالخروج
_حاولي أن تتذكري الحلم .. سأعود بعد ساعتين لآتيك بالفطور


****



التعديل الأخير تم بواسطة Mema ; 03-10-2010 الساعة 10:10 PM.
Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-10-2010, 10:06 PM   #[2]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

اعشق هذا الوقت من اليوم .. عندما تتسلل تلك الخيوط الذهبية
من الضوء عبر نافذتي .. لذا كانت (جانيت) تحرص على إزاحة
الستائر البيضاء كلما عرجت علي صباحا .. فلقد أخبرتها عن
مدى ولهي بمنظر ذلك الزائر القادم من مسافات خيالية
والذي تتقرر مواعيد زيارته وفق أحوال الطقس ..
هكذا كنت أملأ أوقاتي بتفاصيل قد تبدو تافهة لأي كان
لكنها قيمة جدا بالنسبة لشخص في مثل وضعي
أليس غريب أن تتبدل قيمة الأشياء عندما تختلف الزاوية التي
نتخذها للرؤية ؟!..
ولا أحد طبيعي قادر على استعادة طعم الدهشة الأولى
بالأشياء زمن الطفولة واكتشاف العالم بكل الحواس
وبما أني أبعد ما يكون عن وصف (طبيعي ) فدهشتي
كانت بطعم الأولى لكنها وللأسف قد تكون الأخيرة
_سيدتي الصغيرة كيف أنت اليوم؟
كذلك كنت أحب وجه (جيمي) النحيل وابتسامته الكبيرة
يلوح في خيالي أحيانا في ثياب مختلفة .. فضفاضة بيضاء
يعتمر طاقية ناصعة يقدم الحلوى المجانية للأطفال ويقف
بائعا في دكان مغبر صغير.. يَتَحَلّق على ضوء مصباحه
الشباب يتسامرون ليلا ويضحكون
_صباح الخير جيمي
_انه وقت التمرين هل أنت مستعدة
_نعم
يقترب يكشف عني الغطاء ثم يخرج من جيب معطفه الأبيض
زجاجة زيت يضع بعض منه على كفيه ,, يفركهما ,, ثم يبدأ في
تدليك ما تبقى من عضلات في ساقيَّ الواهنتين
_جيمي ..؟!
_نعم سيدتي الصغيرة
_هل تعلم إذا حضر احد لزيارتي البارحة؟.. أظن أني غفوت عفوا في وقت الزيارة
يتوقف عن التدليك يرفع بصره ,, ينظر عميقا في عيني .. ثم يقول
_ ربما ..لست متأكدا
ككل مرة أسأله ذات السؤال ويجيب نفس الإجابة
..أبتسم بحزن يتدارك مغيرا مجرى الحديث
_ ما رأيك أن احكي لك قصة
اشعر ببعض الإحباط لكنني أوافق على أي حال فقد كنت اعرف
إجابة سؤالي مسبقا
_حسنا ومن الأفضل أن تكون قصة جيدة
تعود ابتسامته الواسعة لتضيء وجهه ويقول
_بالتأكيد هي قصة جيدة .. أنها قصة (أرنستينا) زوجتي الأولى
حسنا لقد ذكر عنها شيئا يوم ما .. شيء مثير للاهتمام
لكنه أحجم عن إخباري بالقصة كاملة .. يبدو أنني سأعرفها أخيرا
_قلت لي أنها لم تكن امرأة طبيعية
أقول محرضة إياه على مواصله الحديث
_لا لا .. لم تكن كذلك .. لكنني لم أكن اعلم .. وأحببتها حب عظيما
يسرح قليلا وكأنه ينقب في ذكرياته ثم يتابع
_لقد تعرفنا في السنة الأولى في الكلية ثم توجهت هي لدراسة التمريض
واخترت أنا العلاج الفيزيائي.. كانت امرأة ساحرة الجمال
لها عينان.. كنافذتين تطلان على حدائق
يانعة الخضرة ..
ووقع كل من رآها في غرامها
لكنها اختارتني من بين الجميع .. كانت تقول أنها تحب ابتسامتي
.. لا اعرف حقا أن كان ذلك هو السبب لكنها على كل حال
تقدمت بطلب الزواج مني بعد فترة قصيرة من خروجنا سويا
ضحكت قائلة
_هي التي فعلت؟ ..وماذا قلت أنت ؟
_فرحت طبعا .. ولم اصدق .. وتزوجنا
صمت للحظات .. فكرت فيها وأنا انظر إلى وجهه الباسم
أنها لابد محقة بشان ابتسامته ..ربما كانت تريد ان
تستيقظ في ما تبقى من عمرها على ضوء ابتسامة
مشرقة كابتسامة جيمي ..
ضحكت مرة أخرى وأنا أتناول تلك الخاطرة فاتسعت ابتسامته
وقال
_لن تصدقي ماذا اكتشفت بعد ذلك
_جربني
_ارنيستينا الساحرة لم تكن امرأة عادية .. بل لم تكن بشرا
مثلنا
_...
_نعم نعم اعرف انك لن تصدقيني لكنني رأيتها بأم عيني
تخرج ليلا بعد أن تأكدت تماما من أنني نمت
وتتحول إلى بومة بيضاء كبيره تحلق في السماء وتتغذى
على الفئران..!!
أصبت بنوبة من الضحك برغم وهني فشاركني مبتهجا قلت له هازئة
_كان عليك أن تختار شيئا أجمل من البومة .. لقد أفسدت
القصة ..!
_لكنها الحقيقة ..
_حسنا لا بأس .. سأسايرك وأسألك ماذا فعلت بعد ان
اكتشفت حقيقتها
_وماذا تتوقعين..؟! لقد جمعت أغراضي فورا وهربت من البيت
ووكلت محامي بارع ليطلقني منها
_الم تكن تحبها؟؟
_بلى كنت أحبها عندما كنت اعتقد أنها امرأة طبيعيه ..
ومن المنطقي أن اعدل عن ذلك بعد أن اكتشفت أنها بومة.!
هل سمعت برجل واقع في غرام بومة؟
ضحكنا مرة أخرى وكان قد انتهى من تدليك أطرافي
فقال
_علي الذهاب الآن ومن الأفضل أن تعيدي النظر
في مسألة عدم تصديقك لقصتي فهي حقيقية تماما ..
والواقع أن ارنستينا المسكينة لم تتوقف عن حبي
ولا تزال تطاردني ويمكنك رؤيتها ليلا تراقب المكان من فوق غصن
السنديانه من نافذتك



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-10-2010, 10:09 PM   #[3]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

لدي الآن ساعة كاملة علي أن اقضيها وحدي .. قبل
أن تحضر جانيت ومعها طعام الفطور
أفضل أن امضي هذا الوقت في محاولات بائسة لملء الفراغ
المظلم في ذاكرتي .. ذلك المكان الذي تحول في لمح البصر
من خزانة مكتظة بالكنوز الى بقعة سوداء خاوية
تمتص ما تبقى في هذا الجسد المتهالك من طاقة ونور ..
عام كامل وأنا أمارس كل الضغوطات الممكنة لأضيء
فيها نقطة واحدة فقط تساعدني على الانطلاق مجددا لتعرف
على ذاتي وإعادة بناء صورة حياتي الماضية والتي تناثرت
كشظايا الزجاج المحطم وضاعت ذراتها في مهب الريح..
غفوت قليلا .. ورئيت حلم غير واضح المعالم ..
لكنني أظن أنني كنت أحدث رجل يبدو عليه الحزن
وأرجوه بل و أتوسله أن يسدي إلى معروف ما ..
كثيرا ما يتكرر هذا الحلم وأحلام أخرى متفرقة .. لكنني اعجز
عن تذكر أي شيء من تفاصيلها
قد يبدو غريبا أن أجهد نفسي وأبذل كل تلك
المحاولات وأنا أعرف أن طريقي قارب لنهايته
وأنني وبعد بضعة أشهر .. وربما ايام معدودات سأكون في مكان
آخر حيث لا حاجة لي بالذاكرة ولا بالذكريات
لكني أعجز تماما عن احتواء رغبتي العارمة في البحث عن أوقاتي
التي كنت فيها سعيدة وتلك التي كنت فيها حزينة
أوقاتي التي عشتها
حياتي التي قضيتها .. ووصلت الآن إلى خط النهاية
كم أتوق لاستعادة لحظات كنت أسير فيها على ساقي
تحت المطر .. على العشب الندي .. كنت اضحك
ابكي .. اغني .. ارقص .. اود استعادة شعوري بالحب لأول مرة
ارتجافه قلبي مع لمسة يد .. أو همسة عشق ..
إحساسي بالجوع .. مذاق الأشياء .. براعة جمال المشاهد
كل ذلك مررت به يوما .. حدث لي ولكن لم اعد اذكر منه شيئا
ضاع تحت وطئه ورم راح يتفاقم رغم الجراحات العديدة التي
أجريت لي .. حتى افقدني القدرة على الحركة
والنظر بعيني اليمنى افقدني حاسة الذوق والقدرة على ابتلاع الطعام
جعل حديثي متثاقلا وبطيئا ويهدد الآن برحيلي
دون أن أتمكن من استنباط معنى ما كنته في هذا العالم
...
تخيل أن تكون منعزلا عن كل شيء .. حتى ذاتك .. بعيد كل البعد
عن الحقيقة .. لاشعور بالمكان ولا بالزمان .. تنتظر نهاية قريبة
دون أن تعرف لبدايتك معنى
لا وجه ولا اسم ولا عنوان ولا وطن
لا شيء بالمرة .. سوى جسد متهالك معطوب يعجز عن أداء وظائفه
بشكل سليم وبدون إعانات.
دقات خفيفة على باب حجرتي قطعت ذلك السيل المحموم من الأفكار
_تفضل
يطل من خلف الباب بوجهه الصارم ولحيته البيضاء الكثة
يعدل من وضع نظاراته الطبية وتتبعه مجموعته المعهودة
من ذوي المعاطف البيضاء
_صباح الخير سيدتي كيف أنت اليوم
_بخير شكرا لك
_هل تشعرين بأي الم أو صداع أو أمر غير مريح
_لا أنا بخير .. فقط ..
يبدو عليه الاهتمام ويتساءل
_فقط .. ماذا ؟
_ لا أعلم .. أشعر بضيق كبير لأنني اعجز عن تذكر أي شيء
رغم محاولاتي المستميتة
تبدو عليه بعض الخيبة ويقول
_ لقد تحدثنا كثيرا في موضوع ذاكرتك .. عليك ان تتوقفي
عن الضغط على نفسك هذا لن يفيد
_لكنني ضائعة
_أعلم ذلك .. وما من خيار سوى الانتظار والدكتور وليم
سيواصل جلساته العلاجية معك وسيجرب التنويم المغناطيسي
مرة أخرى عندما تتحسن حالتك قليلا بعد
لذا كوني صبورة
تجتاحني رغبة عارمة في البكاء احبسها ثم أحاول أبدل مجرى الحديث
_اشعر برغبة في الرسم
ينظر إلى بدهشة .. وأدهش أنا نفسي من نفسي
_هل تجدين الرسم؟
_لا أعرف ..
نظرت الى يدي الميتتين وتابعت بحزن
_ولن اعرف ابدا
***



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2010, 12:47 PM   #[4]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي


هكذا تتشابه الأيام والليالي ولا شيء جديد يطل من بينها
وأنا حيث أنا مقيدة بالأجهزة التي تضمن استمرارية حياتي
أعتمد على مضخة المورفين لأتقي شر ألم يغلق ما تبقى
من فرجات تطل منها روحي على الحياة
عاجزة عن الحراك
عاجزة عن التذكر..
أرى أحيانا يوم جئت منذ عام كامل إلى هذا المكان أراني بنصف وعي وبرفقة
.. رجل ستيني
يرتدي ثوب فضفاض وعمامة كبيرة وامرأة تتلفح ثوب زاهي الألوان
وتتثنى في مشيتها على إيقاع خطو كعب حذائها العالي
على الأرضية الرخامية ..ولا أستطيع تبين ملامحهما أو أي شيء آخر
وكلما تساءلت عن أهلي وأصدقائي وعائلتي
وعن أسباب عدم زيارة احدهم لي يخبروني
أنني جئت برفقة شخصين رجل وامرأة تماما كما في حلمي
قالو أنهم أقارب لي
أودعوني هذا المشفى ورحلوا دون اثر
ويقولون أن هؤلاء الأقارب شرحوا لهم أن لي أب فاحش الثراء
كان عائلتي الوحيدة وأنه توفي في حادث سير
قبل أن يتم رحلة علاجي التي كانت هاجسه الأول والأخير
وقد أوصى بإنفاق معظم ثرواته لإتمام ما بدأه منذ أعوام على أن يكون ذلك
خارج ارض الوطن وفي أفضل المستشفيات الممكنة
قالو أن فاتورة المشفى تسدد في موعدها في كل شهر عن طريق البنك
وان احد من أولئك الأقرباء لم يظهر مجددا او يتصل ليسأل عني او يعرف ما
آل إليه حالي
تركوني هنا وحدي لا أعرف من أين جئت ولا من أنا ولا من هم أسرتي
..أقاوم الموت .. أموت حينا وأحيا .. أمارس حياة
لا تشبه الحياة .. أتوق وأهفو لذكرى تدفئ سرير موتي
وتسهل على وجع الرحيل
كم أشعر بالحزن عندما أفكر أنني لم اعد اذكر وجه أمي
أبي
إخوتي وأخواتي
أصدقائي
حيواني الأليف
لم أعد اعرف شيئا عن ملامح طفولتي وجنون مراهقتي
.. وطني . بيتي .. مدينتي .. حارتي .. وجيراني وليس لي من يعيني على رسم تلك الصور
في مخيلتي ولصقها في أنحاء ذاكرتي التي أصبحت خاوية على عروشها
إلا من ندوب خلفتها مباضع الأطباء وآثار الإبر والتقطيب
ليتهم يأتون يوما .. فقط ليعيدوا لي شيئا من هويتي التي فقدتها
لأكون شخصا ما .. وارحل بعدها بسلام
....



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2010, 01:03 PM   #[5]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي


_هل يمكنني الدخول؟
هكذا تهمس جانيت ربما لأنها ظنت أنني نائمة
اشعر بالفرح لمجيئها .. فقد كنت انحدر بأفكاري نحو هاوية
الاكتئاب التي ما فتئت اسقط فيها فيستخرجوني بجلسات علاج
نفسي تارة وبعقاقير طبية تارة أخرى
_بالتأكيد
تقبل حاملة وجبتي اليومية ..تعدل من وضع سريري لأكون في وضعية
الجلوس تقريبا تخرج طرف الأنبوب الموصل لمعدتي
ثم تفرغ فيها محتويات المادة الغذائية بالتدريج بواسطة محقن كبير
تجلس في الكرسي المقابل للسرير بعد أن تنتهي وتتنهد قائلة
_ماذا تريدين أن أقرأ لك اليوم؟
_لا أعرف .. أي شيء.. ربما لا شيء
_ما الأمر يا صغيرتي ؟ هل أنت بخير
لا أعرف كيف سمحت للحزن بالسيطرة على مزاجي اليوم..!
_لا شيء لا عليك
ثم أفاجأها بسؤال لم تتوقعه أو ربما كانت تخشاه وتتحاشاه
_أنت تحبين توماس كثيرا .. أنا اعرف هذا
لماذا رفضت الزواج منه؟
تصمت طويلا ويبدو الألم في عينيها جليا ثم تقول
_لست اعرف سببا لرفضي .. ربما كنت خائفة
_من ماذا؟
_لا اعرف .. عندما تحبين شخصا لدرجة كبيرة فأنك تتخذين
قرارات مجنونة .. ربما خشيت أن يتبدل حبه لي مع مسؤوليات الزواج
حقا لا اعرف
اصمت مفكرة في عبارتها التي أثرت في بشكل أدهشني
ثم اهمس
_ربما أنت محقة .. لكن تذكري انك ستدفعين ثمن تضحيتك
وحدة وشوق وحنين وليال طوال لا تنتهي من الندم
إضافة إلى انه لن يكون سعيدا أيضا .. فهو يحبك ..
تزفر في مرارة .. ثم تقرر نفض أحزانها وتكرر سؤالها
_ماذا تريدين أن أقرأ لك
خطر لي أن أستمع لبعض الشعر وكل ما أريده كلمات تخرجني
من ما انا فيه
_ربما لو قرأت لي بعض القصائد .. ؟
تبتسم بحنان .. فيصور لي عقلي المجنون خطوط محفورة على
خديها .. وتفوح رائحة القرنفل في المكان
تخرج كتاب وتباشر في القراءة
وأنا أتأرجح على جسر شاهق بين الوهم والحقيقة
بين الحلم والواقع
أرى فيها امرأة أخرى .. تجلس على كرسي خشبي
تنسج طاقية بيضاء من خيوط ارتاحت في حجرها .. تتلحف بثوب ابيض كسحاب الصيف
تبتسم لي .. تمسح على جبيني ..
تقبلني فتغمرني رائحة القرنفل
فناء واسع .. وثوب احمر قصير بلا أكمام .. حذاء جديد وشربات بيضاء نظيفة ..
ربما هذه الطفلة السعيدة هي انا ..
تتمازج الأصوات في مخيلتي مع صوت جانيت القوي النبرة ..
-
You are not wrong, who deem*
That my days have been a dream;
Yet if hope has flown away
In a night, or in a day,
In a vision, or in none,
Is it therefore the less gone?
All that we see or seem
Is but a dream within a dream.
حلم داخل حلم ..
ولا أثر للحقيقه
ثم يمضي الوقت وفي لحظة قاتمة تبقى آثاره ويضيع حصاده
واخسر أيامي التي ولت .. ولا أيام في الغد لي ..
تنهمر دموعي .. تتابع جانيت .. بذات النبرة الواثقة
And I hold within my hand
Grains of the golden sand-
How few! yet how they creep
Through my fingers to the deep,
While I weep- while I weep!
أختنق بدموعي ..بينما تواصل

O God! can I not grasp
Them with a tighter clasp?
O God! can I not save
One from the ....
....
.. أوه يا الهي ما بك عزيزتي ؟ أنا آسفة؟
هكذا تصيح عندما تفاجأ ببكائي الصامت
_لا عليك ..
تقترب وتربت على كفي الميتة وبشكل ما اشعر بشيء من دفئ يديها ..
_لا تستسلمي الآن يا صغيرتي فأنت من أشجع من قابلتهم في حياتي
ولك روح مقاتله لا ترضخ لليأس أبدا .. لا تفسحي المجال
للحزن ليفسد عليك حياتك
بسخرية مريرة اضحك أو ربما ابكي
_عن أي حياة تتحدثين ..
لا جسد لي ولا أمل .. لا حاضر ولا مستقبل ولا ماضي
لا اهل ولا اصدقاء
لاوطن
ولا حبيب
أتناول طعامي بالأنابيب .. أتنفس بالأنابيب ..
أغيب عن الوعي
أيام طويلة ..
لا أملك شيئا من مقومات الحياة
_أنا مستعدة للتنازل عن كل ما تبقى لي من أيام ..
مقابل أن أمضي لحظة واحدة فقط ... استعيد فيها شيء من ما كنته في الماضي
شيء عن أمي وأبي .. عن وطني
____________________________

*المقاطع الشعرية من
قصيدة للشاعر الامريكي Edgar Allan Poe



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2010, 02:15 PM   #[6]
ناصر يوسف
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية ناصر يوسف
 
افتراضي

هل يمكنني الدخول؟


أم بأنّ هناك بعضاً من كِتاباتِ الذُهول كتاباتٌ كما الأفلامُ تجعلك تدلف إلي براحاتها وكأنك تُشاهِدُ المشاهدَ داخل الحروف ...

و ...

هل حَلِمَتِ اليوم؟


أعنيها الراويةُ هُنا هل حلمت وأفاقت من غيبوبةِ الذاكرة ؟؟؟

آلمني حالُ الراويةِ هُنا وفتحَ لي كُواةٍ من التفكير العميق وبعضُ الأسئلة ..

كم مثلها يعيش علي ذاكرة اليوم فقط ؟؟ كم

بيد أنني قد أعجبتن قصةُ طلاق جيمي من ارنستينا تلكم الحمامةُ ذات الهديل




شكراً ميما بحق



التوقيع:
ما بال أمتنا العبوس
قد ضل راعيها الجَلَوس .. الجُلوس
زي الأم ما ظلت تعوس
يدها تفتش عن ملاليم الفلوس
والمال يمشيها الهويني
بين جلباب المجوس من التيوس النجوس
ناصر يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2010, 03:27 PM   #[7]
وهاد ابراهيم محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية وهاد ابراهيم محمد
 
افتراضي

ميما يا مهرتي الحبيبة....

لست هنا لأقول عن الحال الإبداعية الكامنة في القصة... فأنتِ حجزتي مسبقاً مقعداً أمامياً
في صف الأحكام التي ترمي بها حواسي الذواقة...
ولا يفوتني أبداً دقة حياكتك بحيث تخرجي علينا بحبكة تصل الأول بالآخر بخيطٍ مشدود
يحتمل كل أوزان التدقيق والإستمتاع والإستخلاص التي تعبر عليه.

لكني هنا لأن قصتك هذي ضغطت على زرٍ إستدعى جيوشاً من المواجع...
بعضها نلت به شرف (الإحتكاك), وغيره عركني, وقليله وقفت بقدميَّ على صريع قواه...
وشئ هنا... يؤلم جداً كما تنادي الطبيعة بصرخاتٍ باكية ذات موت عصفور بحال يماثل
فقد حياةٍ متكاملة كما عندما أفقدت تسنامي حيوات.




اقتباس:



تخيل ان تكون منعزلا عن كل شئ .. حتى ذاتك .. بعيد كل البعد
عن الحقيقة .. لاشعور بالمكان ولا بالزمان .. تنتظر نهاية قريبة

دون أن تعرف لبدايتك معنى
لا وجه ولا اسم ولا عنوان ولا وطن




تمام اللاشئ...!!!
تمام الموت في حدود دائرة لا تحمل أي اسم يوصفها...
لا وهم...اذ الوهم يحتاج واقعاً ينافيه.. فهل كان من واقع؟
لا حياة... اذ الحياة تحتاج موتاً يمنحها قدسيتها وشرعية الحفاظ عليها... فهل كانت شئ؟
لا موت... فالموت يعني تمام الغياب... فهل تستطيع ان ان تغيِّب نفسها عن جب
الحضور في حياة هي تمام الضياع؟
لا حضور... فالحضور يسحبك الى الآن... فهل يمكنها الإعتقاد في آن؟
لا غياب... فالغياب قطع دابر الحضور... فهل سيمهلها الانتظار؟


حدّقنا الى اللاشئ, بحثاً عن معانيه
فجرَّدنا من اللاشئ شئٌ يشبه اللاشئ

(الدرويش)...



اقتباس:




أليس غريب أن تتبدل قيمة الأشياء عندما تختلف الزاوية التي
نتخذها للرؤية ؟!..




غريبٌ جداً حتى أنه يحيل الدنيا الى غير الدنيا
وانا هنا خارج أسوار حياة كانت لي... أستطيع جداً النظر الى أشياء
لم أكن سأراها على ماهي عليه أبداً... فيبدو لي الكل بحجمه الذي كان عليه
حقيقةً بدون ضغط: الحوجة, الحلم, الوجع, الفرح, التمني, الإنكسار, الجوع,
الإمتلاء, الخوف, القناعة, الغريزة التملكية, النجاح, الفشل, وكثيييييييير كثير غيرها
كانت تقرأ لي او عني... وكنت غائبة بسببها او خلفها.
واليوم من خارج الأسوار تتبدل قيمة الأشياء فعلاً
وكأنها ليست ذات الحياة... وكأننا لسنا ذات الناس.


اقتباس:

هل تعلم إذا حضر احد لزيارتي البارحة؟..


هنا إعتصرتي قلبي يا ميما
التعلق بأهداب أمل هو أوهن من ان يكون..
الصبر على اليوم إنتظاراً للغد... الغد الذي سنصبر عليه إنتظاراً لبعد غد..
بعد غد الذي لاشئ هو الا إمتداد لحشو الروح الفارغة بأمل واهن...
فتصير الأيام مجرد مواقيت تماماً كما (تكة) الثانية في الساعة.. وليس (زمن) الثانية...
وتصير الأيام مجرد معابر في درب الوصول الى الوراء... وهنا ذات تبدُّل القيم يومئ
لنا... فالكل يعيش أياماً تحمله الى الغد... وهذه تعيش أياماً بـ (أمل) ان تحملها الى الأمس..
فهل من قسوة أشد...؟؟؟



اقتباس:




انا مستعدة للتنازل عن كل ماتبقى لي من أيام ..
مقابل أن أمضي لحظة واحدة فقط ... استعيد فيها شيء من ما كنته في الماضي

شيء عن أمي وأبي .. عن وطني




معلّقون نحن على حافات الأشياء, لا سقوط ولا تحليق.. في منزلةٍ بين المنزلتين
خارج الموت والحياة.. داخل الاحتضار البطيء !

(غادة السمان)







حفظك الله يا ميما...
وأدام لنا فيك حلاوة العسل... وشغف الملكة...



وهاد ابراهيم محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2010, 08:35 PM   #[8]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر يوسف
هل يمكنني الدخول؟


أم بأنّ هناك بعضاً من كِتاباتِ الذُهول كتاباتٌ كما الأفلامُ تجعلك تدلف إلي براحاتها وكأنك تُشاهِدُ المشاهدَ داخل الحروف ...

و ...

هل حَلِمَتِ اليوم؟


أعنيها الراويةُ هُنا هل حلمت وأفاقت من غيبوبةِ الذاكرة ؟؟؟

آلمني حالُ الراويةِ هُنا وفتحَ لي كُواةٍ من التفكير العميق وبعضُ الأسئلة ..

كم مثلها يعيش علي ذاكرة اليوم فقط ؟؟ كم

بيد أنني قد أعجبتن قصةُ طلاق جيمي من ارنستينا تلكم الحمامةُ ذات الهديل




شكراً ميما بحق



العزيز ناصر ..
لك تشرع الأبواب .. وتهيأ الطرق لخطواتك
فتكسو وجهها بالورد والريحان


أحيانا تراودنا أفكار متطرفه عن الحياة والوجود
قد تصل الى حدودها القصوى
فيكون الواقع بحد ذاته موضع شك وحيره
لكن لا احد ينكر ان الحلم
والواقع وجهان من بين الالاف الوجوه لحياة واحدة ,,

احببت قراءتك لأرنستينا كثيرا

سأكون سعيدة بك دائما
لذا ارجوا ان تكون بالجوار

مودتي وتقديري



التوقيع:
Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2010, 08:59 PM   #[9]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وهاد ابراهيم محمد
ميما يا مهرتي الحبيبة....


لست هنا لأقول عن الحال الإبداعية الكامنة في القصة... فأنتِ حجزتي مسبقاً مقعداً أمامياً
في صف الأحكام التي ترمي بها حواسي الذواقة...
ولا يفوتني أبداً دقة حياكتك بحيث تخرجي علينا بحبكة تصل الأول بالآخر بخيطٍ مشدود
يحتمل كل أوزان التدقيق والإستمتاع والإستخلاص التي تعبر عليه.

لكني هنا لأن قصتك هذي ضغطت على زرٍ إستدعى جيوشاً من المواجع...
بعضها نلت به شرف (الإحتكاك), وغيره عركني, وقليله وقفت بقدميَّ على صريع قواه...
وشئ هنا... يؤلم جداً كما تنادي الطبيعة بصرخاتٍ باكية ذات موت عصفور بحال يماثل
فقد حياةٍ متكاملة كما عندما أفقدت تسنامي حيوات.




اقتباس:



تخيل ان تكون منعزلا عن كل شئ .. حتى ذاتك .. بعيد كل البعد
عن الحقيقة .. لاشعور بالمكان ولا بالزمان .. تنتظر نهاية قريبة

دون أن تعرف لبدايتك معنى
لا وجه ولا اسم ولا عنوان ولا وطن





تمام اللاشئ...!!!
تمام الموت في حدود دائرة لا تحمل أي اسم يوصفها...
لا وهم...اذ الوهم يحتاج واقعاً ينافيه.. فهل كان من واقع؟
لا حياة... اذ الحياة تحتاج موتاً يمنحها قدسيتها وشرعية الحفاظ عليها... فهل كانت شئ؟
لا موت... فالموت يعني تمام الغياب... فهل تستطيع ان ان تغيِّب نفسها عن جب
الحضور في حياة هي تمام الضياع؟
لا حضور... فالحضور يسحبك الى الآن... فهل يمكنها الإعتقاد في آن؟
لا غياب... فالغياب قطع دابر الحضور... فهل سيمهلها الانتظار؟


حدّقنا الى اللاشئ, بحثاً عن معانيه
فجرَّدنا من اللاشئ شئٌ يشبه اللاشئ

(الدرويش)...


وأي شيء يحمل شرف أن يكون شيئا .. يكون نقيضه الاشيء
لتكتمل حلقة الجود باللاوجود .. وتكتمل صورة الأشياء
باللا اشياء



اقتباس:




أليس غريب أن تتبدل قيمة الأشياء عندما تختلف الزاوية التي
نتخذها للرؤية ؟!..





غريبٌ جداً حتى أنه يحيل الدنيا الى غير الدنيا
وانا هنا خارج أسوار حياة كانت لي... أستطيع جداً النظر الى أشياء
لم أكن سأراها على ماهي عليه أبداً... فيبدو لي الكل بحجمه الذي كان عليه
حقيقةً بدون ضغط: الحوجة, الحلم, الوجع, الفرح, التمني, الإنكسار, الجوع,
الإمتلاء, الخوف, القناعة, الغريزة التملكية, النجاح, الفشل, وكثيييييييير كثير غيرها
كانت تقرأ لي او عني... وكنت غائبة بسببها او خلفها.
واليوم من خارج الأسوار تتبدل قيمة الأشياء فعلاً
وكأنها ليست ذات الحياة... وكأننا لسنا ذات الناس.

وهنا دهشة أخرى عندما تكشف الأشياء الغائبة عنا حجابها
عندما تختلف زاوية ادراكنا .. فنحن دائما نرى ما نريد أن نراه
ونسهو أو نتعمداحيانا صرف اعيننا عن البقية ..

أعتقد أننا نقترب أكثر من الأنصاف عندما نحكم على الأمور
من خارج محيطها .. سواء كان ذلك المحيط ظرف زمان او مكان




اقتباس:

هل تعلم إذا حضر احد لزيارتي البارحة؟..


هنا إعتصرتي قلبي يا ميما
التعلق بأهداب أمل هو أوهن من ان يكون..
الصبر على اليوم إنتظاراً للغد... الغد الذي سنصبر عليه إنتظاراً لبعد غد..
بعد غد الذي لاشئ هو الا إمتداد لحشو الروح الفارغة بأمل واهن...
فتصير الأيام مجرد مواقيت تماماً كما (تكة) الثانية في الساعة.. وليس (زمن) الثانية...
وتصير الأيام مجرد معابر في درب الوصول الى الوراء... وهنا ذات تبدُّل القيم يومئ
لنا... فالكل يعيش أياماً تحمله الى الغد... وهذه تعيش أياماً بـ (أمل) ان تحملها الى الأمس..
فهل من قسوة أشد...؟؟؟



ويكون الأمل هو الدافع لأكمال الطريق الى الغد
ويبقى الخط الزمني الذي نقطعه عمرا ليس الا
خط تقريبي .. يحدثنا بلغة ندركها عن مجمل الحياة
التي نمثلها .. قد يصبح وهما .. وقد يلتف حول ذاته في حلقات
وقد يتحول الى متاهات لا نهاية لها .. وقد يفقد امتداداته
فيتحول الى نقطة بلا معنى .. وبلا اتجاهات .. فنسقط في حيرة المصير

اقتباس:




انا مستعدة للتنازل عن كل ماتبقى لي من أيام ..
مقابل أن أمضي لحظة واحدة فقط ... استعيد فيها شيء من ما كنته في الماضي

شيء عن أمي وأبي .. عن وطني





معلّقون نحن على حافات الأشياء, لا سقوط ولا تحليق.. في منزلةٍ بين المنزلتين
خارج الموت والحياة.. داخل الاحتضار البطيء !

(غادة السمان)







حفظك الله يا ميما...
وأدام لنا فيك حلاوة العسل... وشغف الملكة...

الغالية وهاد ..

وبحضورك يشتد عود كتاباتي .. وتخضر بعد
ارتوائها من شهد هطولك المحبب فيها

كيف لا .. ولقراءتك سحر لا يضاهيه الا سحر حروفك
ولا عجب
فكلاهما ينبع من ذات المصدر الغني
ومن ذات الروح الفريدة



التوقيع:
Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2010, 09:04 PM   #[10]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي


نهر .. يمتد كأفعى أسطورية تتلوى بكامل عظمتها وبهائها بين التضاريس ..
تبرق كما الفضة تحت ضوء الشمس
تمتد طويلا من ابد إلى ابد
ترق حينا وتطغى حينا آخر ..
نهر .. يشق القرية الصغيرة إلى نصفين متساوين في مقدار المحبة ..
تغازله أشجار النخيل الطويلة
وكثير من الناس
يرتدون ثياب بسيطة .. يبتسمون .. وقد تشققت اكفهم .. من التعب
يضحكون .. رجالا ونساء وأطفال حفاة مبتهجين
وفتاة صغيرة تزهو بثوبها الأحمر القاني .. وكفها تعانق كف امرأة
قرنفلية الرائحة .. داكنة الشفتين
مطر غزير
وعطر الأرض الفائح .. مزيج من رائحة العشب والطين والعرق
أغنيات لا تشبه ما سمعته من أغنيات
وبيت من الطوب الأحمر .. يقف شامخا بين عشرات من البيوت الطينية الصغيرة
ابوابه مشرعة دائما
لايخلوا من الوجوه الباسمة والأحاديث الممزوجة بالضحكات
لايخلو من عبق القهوة والقرنفل
مساحات مترامية من الطين الاسود الخصيب
تراوده ادوات الفلاحة القديمة عن نفسه ..
فيصبو طوعا لا كرها
وتتواطأ معها الجداول الصغيرة الممتدة من قلب النهر العظيم
وكأنها شراين الحياة التي تروي جسد الارض الحبلى
ثم لا يلبث أن يحين موعد ميلاد الخضرة
فتعانق العيون نضرتها على امتداد البصر
وأنا الان شابة تشع الحياة من تقاسيمها
اركض كطفلة مشاغبة بين الحقول
الهو بالطين .. وبماء الجدول .. ارقد على العشب
اطالع السماء الصافية واصغي لاصوات ضحكات الاطفال المحببة .. ثم
ينمو ضباب قاتم ... وتغور الأصوات بعيدا ..وجوه لا أتبين ملامحها
وأغصان متشابكة .. تبدو من خلالها بومة بيضاء لها عينين خضراوين ..
ثم يطل وجه نحيل .. وابتسامة عريضة ..
_مرحبا بعودتك سيدتي الصغيرة ..
_جيمي؟
يتلاشى الضباب وأتبين أنني ارقد في العناية الفائقة
_ماذا حدث؟
_لقد عاودتك التشنجات في ذلك اليوم
_ذلك اليوم؟!
لابد واني بقيت خارج نطاق الوعي طويلا إذا
_كم مضى على وجودي هنا؟
_بضعة اسابيع..!!
لم أدهش فلقد اعتدت ذلك ..
_انتم تحسنون العناية بي ..
_انه عملنا
_..
سأتركك تنامين قليلا ..
_نعم فأنا أشعر بالتعب .. وكأنني لم أكن نائمة لاسابيع .



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2010, 09:25 PM   #[11]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

كانت الأيام التالية صعبة للغاية ..ترنحت فيها طويلا بين الموت والحياة
وكانت الاحلام تزورني صحوا وفي المنام .. أرى القرية الصغيرة
وبيوت من الطين ...أسرة مصنوعة من الخشب والحبال و
أشجار سامقة .. والكثير من الأبقار والأغنام والعشب النضير
أرى تلك المرأة ذات الخطوط الناعمة على خديها تضمني ..
تقبلني .. تهدهدني في منامي
تحكي لي قصص خرافية جميلة .. تمشط شعري
وتهذب ثيابي ..

قيل لي أنني من بلاد بعيدة قرأت لي جانيت عنها .. عندما طلبت
منها ذلك .. أخبرتني عن تفاصيل مناخها وتضاريسها
لكنها لم تذكر لي أي مما رئيت .. لم تحكي لي
عن أشجار النخيل
والمزارع على ضفاف النهر ورائحة القهوة والقمح الطازج ..ومذاق
الرطب والماء العذب المشبع بالطين
ولما قصصت لها ما أرى في أحلامي .. ابتسمت وقالت
_أود أن أرى مكان كالذي تصفين ..
فما رأيته في حلمك لا يمكن ان يكون سوى الجنة
أمازحها قائلة
_هل تقولين أنني قريبة من الموت لدرجة أني أقوم بزيارات استطلاعية للعالم الآخر؟
تضحك فأضيف
_الحمد لله إذا يبدو أني كنت فتاة صالحة
تقول وهي لا تزال تضحك
_يا صغيرتي .. لكل منا جنته الخاصة على هذه الأرض
قد تكون أماكن نحبها أو أشخاص يعزون علينا .. قد تكون أوقات نعشقها
أو أمور نهوى القيام بها ..
أسرح بخيالي و أفكر قائلة
_يبدو أني أضعت مفتاح جنتي .. ولم يعد بوسعي إلا أن أتسلل إليها
عبر أسوار الحلم ..
..
بعد زمن لم أعده كنت قد نقلت إلى غرفتي وقد تعافيت من الموت
وعدت إلى حيث كنت أقف على حافته الزلقه
كنت اتوق إلى بعض من الطمأنينة التي يبعثها الروتين المتكرر
الرتيب ..
وكل شيء كان يسير كما كان .. عدا أمر واحد هو الأهم التفاصيل بالنسبة
لي .. فقد عدت لأجد ممرضة أخرى .. شقراء نحيلة واسعة العينين
وقد حلت مكان جانيت ..
وعندما سألت جيمي ..
اخبرني ان جانيت تركت العمل لأنها تزوجت من توماس .. ورحلا
سويا الى مدينة اخرى ..!



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2010, 09:30 PM   #[12]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

هكذا وبرغم طمأنينة الروتين الهشة التي تشبثت بها كمن يتشبث
بقشة لتحميه من السقوط او الغرق
كنت أخوض في وحل كآبة مظلمة قاتمة ..
شيء ما ضاع مني بعد رحيلها .. شيء كان يربطني بالحياة .. كانت
جانيت اقرب من عرفتهم الى قلبي المتعب .. لا احد يسكن ذاكرتي في مقام الاحبة سواها
كانت صديقتي وعائلتي وممرضتي وشقيقتي وامي
كيف رحلت دون ان تودعني؟
لم تترك لي خطاب ولا ملاحظة تعلمني فيها بمكانها
لم تخبرني أنها ستأتي لزيارتي عندما تتاح لها الفرصة
اعرف أنها تحب توماس كثيرا .. كان تحكي عنه أحيانا فتمتلئ عينيها
ببريق العشق .. وتبكي أحيانا
ليس حزنا .. بل حنينا ولوعة
كان جدير بي أن اسعد لها .. كان جدير بها ان تخبرني ..
أحتل الحزن كل الفراغات في روحي ..
لم اعد احلم ..
وغاب الضوء عن نافذتي .. انه سبتمبر والشتاء يطبق قبضته
على المدينة ..
انه وقت مناسب للوداع..
كان المطر منهمر بغزارة في ذلك اليوم الكئيب وثمة
بومة بيضاء تقف على السنديانة .. تحدق في بحزن عميق
وكانت قد اعتادت التلصص عبر نوافذ المستشفى
تبحث عن شيء اضاعته يوما او ربما اضاعها
كانت تحدق بي وعينيها الخضراوين ترجوانني ان لا استسلم
اهمس ..
_آسفة أرنستينا . . يمكنك متابعة انتظارك
أما انا فقد تعبت من القتال لأجل لاشيء
سأرتاح الآن .. سأرتاح ..
***



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-10-2010, 10:03 PM   #[13]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

You are not wrong, who deem
That my days have been a dream;

صوت جانيت القوي يتردد بصدى قوي يهز أرجاء المكان
وأنا في نفق مظلم أناديها .. فأكتشف أنني فقدت صوتي أيضا
من سيخرجني من هنا ؟
أرى الضوء ساطع في نهاية النفق .. لكن يستحيل على الحراك
اعجز عن الوصول إليه
تهتز الأرض من تحتي تارة .. وثبت على حالها تارة أخرى
وثمة بومة تحلق فوق رأسي ..
تغني .. بصوت رخيم ..
وصوت جانيت يأتي من بعيد
You are not wrong, who deem
That my days have been a dream;
يضيع أثر كوة الضوء حينا .. ويظهر بوضوح حينا آخر
تستقر البومة إلى جواري .. تغلق عينيها الخضراوين وتنام
أرى رجل يعتمر عمامة بيضاء وامرأة تتثنى في مشيتها
تلملم ثوبها المتساقط عن رأسها وكتفها .. هل كان يبكي؟
وبوضوح اسمع صوت جانيت تتحدث إلى شخص لم أتبين
ملامح نبرته تقول
_أنا آسفة جدا مستر عباس ..
ربما كانت تبكي ..يقول محدثها
_لا اعرف ما أقول .. أشعر بالحزن والارتباك أليس هناك
أدنى احتمال أن تستيقظ
_الأمر يحتاج إلى معجزة كما أخبرك طبيبها المعالج
_....
_تحدث إليها سيدي .. احكي لها عنها وعن أسرتها
.. فهذا يعني لها الكثير .. لقد كان الأمر الوحيد
الذي جعلها تكافح وتعيش لأجله ..
من يدري ربما تعود لها الرغبة في الحياة بعد ان تسمع منك
او .. علها ترحل بسلام كما كانت تتمنى ..
يخفت الصوت شيء فشيء الى ان يختفي تماما
تختفي كوة الضوء
وتحلق البومة بعيدا
واسقط انا .. نحو قاع لا نهاية له ولا قرار
***
برودة تغمر خلاياي .. أو ما تبقى منها ..
اسبح في نهر يمتد من الأبد الى الأبد
الماء بارد وعذب ..
اسمع صوت الأطفال يضحكون على الضفة
_هل تذكريني يا سماح؟ أنا محمد عباس
أراه .. محدثي يقف تحت ظل نخلة ولا أتبين ملامحه ..
يأتيني صوته
_أنا أخوك
اسبح بلهفة الدنيا لأبلغه لكن التيار يجذبني
_هل تسمعيني يا سماح ..
أجاهد التيار علّي أحظى بنظرة واحدة لوجهه
_لقد اعتقدنا انك رحلت .. وأقيم عزائك في منزل (حبوبه )
في القرية كما وصيت قبل سفرك
حبوبه...؟!!
تمر صور سريعة في ذهني تماما كما الدوامة التي تشكلت
حولي وراحت تفقدني سيطرتي وتجذبني بعيدا عن الضفة ونحو القاع
المرأة داكنة الشفتين تنتظرني أمام مدخل بيت فسيح جميل
مبني من الحجارة مزخرف الحوائط ومحاط بالأشجار
وأنا طفلة احمل حقيبتي المدرسية
أعانقها بشوق .. فتصحبني إلى داخل المنزل الدافئ ..
_سماح .. تعرفين كم احبك ..
ثم يبكي .. كطفل صغير ..
أراه بوضوح الآن .. انه طفل صغير يرتدي رداء المدرسة
القصير يبكي بحرقة ويشكو إلى أطفال اكبر منه سنا
كانوا يسرقون فطوره ..
وأذهب أنا إليهم .. ولم أكن أفوقه حجما أو طولا بكثير
أصيح بهم .. اهددهم بأخبار المدير .. يعيدون إلى لفافات الفطور
ويركضون مبتعدين
لا تبكي يا حمودي .. هذا هو فطورك .. وان جاؤوا مرة أخرى خبرني
سأشكوهم للمدير ... أو لحبوبه
ثم ..تخفت صورته .. وكل الأشياء من حولي .. ويطبق الظلام مجددا
***



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-10-2010, 10:25 PM   #[14]
Mema
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Mema
 
افتراضي

***
وخز مؤلم في ذارعي ..
أسير الآن في غابة النخيل قرب الضفة .. صوت الماء المحموم
يتناهى إلى مسمعي
والريح تعبث بجريد النخل .. توخزني أطرافه الحادة
لكنني لا أبالي .. بين يدي الكثير من الرطب
أسمع أصوات تتهامس من بعيد
_علاج جديد .. يحتاج إلى موافقتك لأنه في طور التجربة ..
الكثير من الطيور من حولي طيور مختلفة الأحجام والألوان
ولأصوات لا تخبو
_لكن .. هل انتم متأكدين من فعاليته .. أعني هل من الممكن
ان يزيد حالها سوء ؟
_لا احد يعرف لكنه قد يثمر .. وفي أسوء الحالات لن يبدل
من وضعها كثيرا .. أنت تعلم أنها في غيبوبة غير مرجح
أن تستفيق منها مرة أخرى
تزداد غابة النخيل كثافة واره يقف على بعد أمتار قليلة
فيرقص قلبي طربا واضطرابا
يرتدي جلباب ناصع البياض كالعادة ..
لطالما تساءلت كيف يبقيه نظيفا في بيئة كهذه ..
يضع نظارات داكنة لتقي عينية شر الشمس الساطعة ..
ويعتمر طاقية مذهبة .. كان ككل مرة رأيته فيها
أنيق نظيف ووسيم
أردت أن ألقى عليه التحية .. لكن أقدامي تجمدت عندما سمعت همسها
حبست أنفاسي وقلبي لا يكف عن الخفقان
حتى خشيت أن يسمعا ضجيجه المفزع
_يجب أن أعود الآن ستفقدني أمي .. وأخشى أن ترسل أحدا للبحث عني... تقول
_سأشتاق إليك كثيرا ..
_وأنا كذلك .. متى يأتي الوقت الذي لن نحتاج فيه للاختباء لنلتقي
يزداد قرع الطبول في صدري عنفا عندما اراه يمد كفه
ويمس وجهها بحنو .. ربما كان يمسح دمعة هاربة على خدها
_قريب جدا يا حبيبتي .. سأعود في اجازتي القادمة لأطلبك من والدك
وستكونين بعدها حبيبتي و زوجتي
لم استطع كتمان شهقتي ..و تحطم قلبي الصغير وتناثرت شظاياه لتدمي دواخلي
ينتبهان لوجودي فتجفل هي بينما يتقدم هو قائلا
_مرحبا .. من هناك .. من هناك
ينزع منظاره الشمسي فتلتقي عيني بعينيه ربما للمرة الاولى يبستم ويلتفت اليها ليطمئنها قائلا
_لا تقلقي إنها مجرد طفلة .. أظنها ابنة عباس ..
لم اعي بشيء بعدها الا وقد كنت في حضن جدتي التي ضمتني في خوف ولهفة وراحت تسألني عن ما اصابني
اذ امتلأ جسدي الغض بالجروح وتمزق ثوبي في عدة مواضع ..
فقد قطعت غابة النخيل ركضا ..دون أن أنظر الى الوراء .. غير ابهة بكثافة الشوك ولا بوعورة الطريق
_سيتزوج يا حبوبه
_من هو؟اخبريني يا حبيبتي هل اذك احدهم
انكمش في حضنها وابكي في مرارة وأقول
_أمجد
_تقصدين المهندس امجد؟ ماذا فعل معك ؟
_لا شيء .. لقد سمعته يتحدث مع آمنه وقال انه سيتزوجها
تصمت فلا أستطيع تخمين ما تفكر به اذ كنت ادفن وجهي في حضنها
وأعجز عن النظر إلى تعابيرها
_انا لست طفلة .. عمري خمسة عشر عاما
لاتجيب بل تربت على ظهري في حنان
ارفع رأسي أخيرا وانظر إليها .. كانت تبتسم
يمتزج الحرج في أعماقي بالغضب والمرارة
_هل تضحكين علي؟
_لا يا حبيبتي انا فقط أفكر انك كبرت دون ان ننتبه لذلك وصحيح انت لم تعودي طفله الان
ارتبك فتنظر عميقا في عيني قائلة
_أمجد رجل طيب .. لكنه يكبرك بعشرين عاما او يزيد
احمر خجلا .. وقد شعرت بأنه ما كان علي أن افضح سري الصغير
لكن يبدو انها لم تكن متفاجئة وكأنها كانت تعلم بعشقي الصامت
له طوال العام المنصرم ..
وكأنها كانت تعي اهتمامي بمظهري وحرصي على المرور بشارع بيتهم عندما
يكون في زيارة للقرية ويصدف وجودنا انا وأخي هناك ..
_لكن...
_لا تحزني ياصغيرتي .. الحياة طويلة امامك .. وحتما ستجدين من يناسبك
ويسعدك تماما كآمنه
وكأن وعي بالاشياء بدأ يتلاشى .. وضاعت صورة وجهها الحنون
ليطل علي وجه نحيل بابتسامة كبيرة وصوته كان بعيدا جدا وكأنه
يحدثني من عالم آخر كان جيمي
_سيدتي الصغيرة .. كيف حالك اليوم.. تشجعي قليلا بعد .. أنا
واثق من انك قادرة على ذلك .. كلنا نفتقد ابتسامتك
احزري من أيضا ,, ارنيستينا ...الآن ومن على غصن السنديان
تفتقدك كذلك
ترفرف بومة بيضاء كبيرة ثم تحط على كتفي
تحدق في وجه جيمي بعينين خضراوين جميلتين
ثم يغمرني الظلام مجددا



Mema غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-10-2010, 10:13 AM   #[15]
ناصر يوسف
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية ناصر يوسف
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mema
You are not wrong, who deem
That my days have been a dream;

صوت جانيت القوي يتردد بصدى قوي يهز أرجاء المكان
وأنا في نفق مظلم أناديها .. فأكتشف أنني فقدت صوتي أيضا
من سيخرجني من هنا ؟
أرى الضوء ساطع في نهاية النفق .. لكن يستحيل على الحراك
اعجز عن الوصول إليه
تهتز الأرض من تحتي تارة .. وثبت على حالها تارة أخرى
وثمة بومة تحلق فوق رأسي ..
تغني .. بصوت رخيم ..
وصوت جانيت يأتي من بعيد
You are not wrong, who deem
That my days have been a dream;
يضيع أثر كوة الضوء حينا .. ويظهر بوضوح حينا آخر
تستقر البومة إلى جواري .. تغلق عينيها الخضراوين وتنام
أرى رجل يعتمر عمامة بيضاء وامرأة تتثنى في مشيتها
تلملم ثوبها المتساقط عن رأسها وكتفها .. هل كان يبكي؟
وبوضوح اسمع صوت جانيت تتحدث إلى شخص لم أتبين
ملامح نبرته تقول
_أنا آسفة جدا مستر عباس ..
ربما كانت تبكي ..يقول محدثها
_لا اعرف ما أقول .. أشعر بالحزن والارتباك أليس هناك
أدنى احتمال أن تستيقظ
_الأمر يحتاج إلى معجزة كما أخبرك طبيبها المعالج
_....
_تحدث إليها سيدي .. احكي لها عنها وعن أسرتها
.. فهذا يعني لها الكثير .. لقد كان الأمر الوحيد
الذي جعلها تكافح وتعيش لأجله ..
من يدري ربما تعود لها الرغبة في الحياة بعد ان تسمع منك
او .. علها ترحل بسلام كما كانت تتمنى ..
يخفت الصوت شيء فشيء الى ان يختفي تماما




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

وتكورت في مكانها وتنهدت عميقاً
ومستر عباس يحاول جاهداً بإقناعها بالفكرة
نعم سيدتي فهذا الرجل وكما ذكرتُ لكي قد وهبه الله إبان ليلة القدر بمواهبَ قَلّ أن توجد لدي عمومِ أطباء الدنيا
إمتلأ المكان بأنماطٍ من البشر وقد إختلفوا في سحناتهم كلٍ أتي من مكان قصي
من كل بقاع الدنيا توافدوا لأجل الإستشفاء من أمراضٍ الدنيا المستعصية
فقد ذاعت سيرة الرجل كل أصقاع الدنيا
وهناك بعضاً من مُريديه وقد تزركشت ثيابهم بالألوان أخضرها الزرعي وأحمرها القاني وبين بين
وطواقيهم الخضراء والحمراء والبيضاء .. يااااا لهذا المُرقعُ الصوفي الحميم ..
وصوت إيقاعات النوبة يهز المكان وكذا ضربات قلبها تواصلُ البكاء الغريب .. بكاءاً بطعمٍ سماوي
البخور يملأ المكان ورائحته تُضفي للمكان بعداً آخر ..
نِساءٌ يحملن في ( صُرات ) أثوابهنَ بعض الأشياء إهداءاً للمسيد
ورجالٌ بالكاد يسيرونَ وقد أصابهم الوهن من المرضِ اللعين بيد أنّ أصابعهم ما زالت قادرةً علي حمل المسابح إذ تُسبح بإسم الله الكبير وتصلي علي النبي المختار
وبعضاً منهم يبدو أنه قد جاء من خارج هذه البلاد وقد بدت سحناتهم في خلافها عن سائرِ الناس بأنهم كما الخوجةِ أو كما يسميهم أهل المنطقةِ بالخواجات.
وقفت هي ... مشدوهةً تُعاينهم بشفقةٍ بائنة .. واندهاشٍ أعمق ..
حتي أنها نسيت تماماً حالتها الغرائبية ولِمَ هي هنا الآن.
ثمةَ صوتُ هديلٍ أعلي أذنها اليسري ينده بإسمها ..
إلتفتت تجاه الصوت وإذا بها أرنستينيا ...
يااااااااااه .. أرنستينيا .. ما الذي جاء بكي إلي هُنا ..
ودمعةً سخينةً قد تهادت في السقوط علي كتفها
أشارت لها علي ناصية ما هناك ..
وتعاظمت إندهاشتها بعمق سحر المكان
جيمي ؟؟؟ !!!
يا لها من أقدار
قطع عليها التأمل صوتَ أحد مريدي الشيخ :
أختي .. جاء دورك ودور من معك .. الشيخ بإنتظاركم ...
معي حمامتي أرنيستينيا وجيمي ..
شابٌ في مقتبل العُمرِ وقد لبسَ من اللُباسِ أبيضُهُ .. قماشاً قطنياً خفيفاً ... وهالةٌ من نور تُطوقُ وجهه وكأنه نبيٌ من زمن غابر ..
يجلسُ علي فروةٍ من جِلدِ ذات فروٍ جميل ..
يحملُ علي يدهِ اليُمني مِسبحةً أسماها أهلها بالألفية .. سبحةً من ثمر اللالوب بها ألف حبةِ وقيل نيف
ومن خلفهِ بعضاً من مُعاونيه من أحبابهِ ومُريديه
وعلي يمينه كانت تجلسُ إمرأةً همت بالوقوف وهي تُثني علي الشيخِ الشاب الوقور
بارك الله فيك يا شيخنا .. بارك الله فيك ... الله يقويك ويزيد من عمرك ويدخلك الجَنَة يااا بركة سيدي النبي ...
وقد كان نبيٌ فعلاً بأفعاله تلك ...
الشيخُ الشاب أضحي يُعالجُ كل الأمراضِ المستعصية
(الأيدز ، السرطانات ، السًكَر ، ضغط الدم ، كسور العظام وحتي شلل الأطفال والعقم وأمراض النساء والتوليد وإضمرار فحولة الرجال و ... وكل مرضِ عجز عنه الأطباء وأمراض الدنيا قاطبةً )
شن سموك يا البنية ؟؟
هكذا جاءها صوتُ الشيخ كما الهمس الذي يدخلُ بين مسام الروح ...
أنا ؟؟؟ لا أدري ...
نعم يا أختي ومين من أحباب الله معاك ؟؟
أشارت إلي حيثُ الحمامة البيضاء ... هذه أرنيستينا وهذا جيمي ..
نعم أعرف أرنستينيا جيداً ...
أغمضوا أعينكم .. أو هكذا طلب منهم الشيخ بأن يُوَلوا وجوههم شطر القلبة الحرام للذي بِبَكةَ وأن يغمضوا أعينهم وأن يُسموا الله ويُعلنوا النيةِ في الخلاص من أمراضهم التي حَلَت بأجسادهم وأرواحهم ... وقد فعلت بيد أنّ جيمي وحمامته قد توقفوا رويا ..
عارفكم ما مسلمين .. لكن ليتكم تفعلوها الآن .. فقط قولوا بسم الله .. وقولوا أللهم أشفنا من أمراض أجسادنا وأرواحنا التي ألمت بنا ..
تنهدت الحمامة أرنستينيا عمييييييييييقاً وعاينت صوب صديقتها تارةً وصوب حبيب قلبها جيمي تارةً أخري وصوب الشيخ الوقور وقالت .. بسم الله الرحمن الرحيم وإذا بالجميعِ وقد تعاظمت إندهاشتهم حين تحول الحمامة إلي فتاةٍ ذات جمالٍ أخاذ ..
فتنهدَ جيمي وقالها أيضاً بسم الله .. وقد أغمضوا أعينهم وطلبوا من الله أن يتمّ علاجهم من أمراضهم جميعاً ..
أفاقت هي في دارها وتلفتت يُمنةً ويًسرة .. ورأت أمامها ومن حولها كل أسرتها .. والدتها والدها أخواتها أخوانها وأعمامها وخالاتها والكُلُ في سعادةٍ لإفاقتها من غيبوبتها التي طالَ وقتها ... وبعضُ الزغاريد قد إنطلقت وخرافٌ بخارج الدار قد ذُبحت وناقة بيضاء قد نُحرت .. أين أنا ؟؟ وأين أرنستينيا وجيمي ؟؟ أين جانيت ألم تأتي بعد ؟؟؟



التوقيع:
ما بال أمتنا العبوس
قد ضل راعيها الجَلَوس .. الجُلوس
زي الأم ما ظلت تعوس
يدها تفتش عن ملاليم الفلوس
والمال يمشيها الهويني
بين جلباب المجوس من التيوس النجوس
ناصر يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 05:17 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.