(
3)
أصرّت عليّ زوجة أخي بالأفطار وهي تقول:
-(الليلة عاملة لي قراصة بي دمعة)...
لا أكتمكم ...لي (غرام) مع القراصة والدمعة خاصة عندما يكون الجو خريفي يكتنفه شئ من (همبريب)
تناولت افطاري في عجلة ثم هاتفني أخي (خالد) سائلا هل أحتاج الى (العربية) أو يقوم هو بايصالي الى حيث اريد ...
فقلت له دعك أنت في عملك وسأتدبر أنا أموري بأذن الله ...
وبالفعل أوقفت (أمجاد) وذهبت الى حيث صديقي الدوش صاحب (الموريات لتأجير السيارات) الكائنة بجوار نادي الضباط...
لم أجد عنده سوى (سوناتا 6سلندر) موديل العام الماضي ثم لا ندكروزرات ...حيث أفادني بأن بقية السيارات الصغيرة كلها مستأجرة ...
قلت له لابأس ...فقط تأكد لي من عمل (المكيف) أذ هو الأهم عندي...
(ركبت) الشارع وانا بعيد عهد بالتجول في مناحي الخرطوم التي زادت تعقيداتها بالتغييرات الكثيرة في (طرقها) من بعد أن حُدد أتجاه العديد منها وأستحدثت الكثير من الطرق الجانبية والعرضية!...
والحق يقال ...
ان (جل) الطرق مصانة صيانة جيدة ويندر أن تجد فيه (حُفرا) أو تشققات تؤذي سير المركبات...
جعلت نادي الضباط خلفي واتجهت الى شارع افريقيا ثم أنحرفت يسارا فوق نفق (عفراء) الى شارع عبيد ختم ثم يسارا أيضا الى شارع الستين حيث يقع بيتي هناااك في أقصى يساره...
صدقوني خلال عامين تغيرت الكثير من المعالم على شارع الستين ...عمائر كثيرة ومحطات بنزين جديدة و(super markets) فخمة وكبيرة وكذلك مطاعم عديدة ...
هذا وقد تناثر عارضوا الفواكه على يمين ويسار الطريق حيث يبين التفاح والعنب والخوخ في الواجهات!...
جعلت محطة (بشاير) للمحروقات على يساري وسرت على (الظلط) الداخل الى المعمورة حيث يفضي بي (عادة) الى بيتي (قيد التشطيب)...
فوجئت في البدء بالتغييرات يمينا ويسارا ووجدت نفسي اسير على غير هدى فشككت في أمر محطة المحروقات أهي بشاير أم غيرها؟
عدت أدراجي للتأكد وبالفعل وجدتها هي (لكن بيتي دة وينو)؟...
واصلت المسير الى داخل الحي وأنا أسأل عن المربع الذي يحوي بيتي فيفاجئني كل الناس بأنهم لايعلمون !
فأجوس خلال الطرق الداخلية وأنا (مصنقع) في العمارات والفلل الكثيرة دون جدوى...
ارتأيت بان أغير أتجاهي وأدخل الىى المرب عن طريق شارع مدني حيث سبق لاخي أن أوصلني عن طريق تلك الجهة في أحدى المرات...
وبالفعل عدت الى محطة بشاير وواصلت المسير حتى (لفة) دال ثم أتجهت يسارا وقبيل مبني كلية الخرطوم للعلوم الطبية الجديد وجدت طريقا ترابيا أتجهت منه غربا لأتوه مرة أخرى وسط المباني الكثيرة دون جدوى...
أوقفت سيارتي على جانب الطريق وأتصلت بأخي خالد ليدلني على اي معلم فأذا بهاتفه لايمكن الوصول اليه ...
نظرت الى الساعة فوجدتها تشير الى الثانية ظهرا ...
ولكن اذا بي ب(رقشة) تأتي مسرعة من الخلف فخرجت وأشرت اليها فوجدته صبيا يافعا (لا يزيد عمره عن الأثني عشر عاما)! ونظرت في مقدمة الركشة فلم أجد عليها لوحة !...
بادرني الشاب قائلا
-أيوة ياخال أي خدمة؟
ذكرت له رقم المربع ووصف مايحيط بالبيت فاعاد سؤالي:
-بتعرف بيتك دا ياخال؟
- أيوة بعرفو لو صلتو
وأعلمني الشاب بأنني قد تركت المربع المذكور على يميني ويمكنه أن يوصلني اليه ولكنه مشغول ...
بدا لي بأنه يستحي أن يطلب مني أجرا فقلت له :
-ماعليك حأديك 5 ألف -بالقديم ياجماعة-وتمشي قدامي لغاية ماتوصلني ...
فتهللت اساريره وتحرك أمامي وأنا خلفه...
بعد دقائق اشار لي بيساره بأن هذا هو المربع...
وقفت بأزائه و(أنزلت القزا)...
وبادرني سائق الركشة قائلا:
- أها ياخال كدا تقدر تعرف بيتك ؟
فالتفتُّ يمينا ويسارا ثم قلت له:
-كدي ياولدي أمشي لسة لي قدام لغاية ماأعرف المعالم كويس؟
وتحركنا ...
صدقوني كانت (يميني شمال وشمالي يمين) وفي كل مرة يتوقف الشاب ويسالني
- اها ياخال عرفت بيتك؟
فأجيبه بالنفي ونتحرك ثانية...
وفجأة توقف الشاب ونزل ووقف على يمين سيارتي وبادرني قائلا ...
-ياخال أنت مامتذكر أي حاجة واضحة جمب بيتك دة؟
فقلت:
- أنا متذكر أنو في عمارة بيضا من كم طابق وبيت تاني كان بيبنوا فوقو...
-الكلام دة كان متين ياخال؟
-قبل سنتين كدة...
فقال وأمارات الضيق بادية عليه:
- ياخال سنتين دي زمن طويييييل خلاص...ياخي أنت رقم بيتك دة كم؟
فاخبرته بالرقم ثم اتجهنا سويا الى (فرن آلي) كان بجوارنا وسألناهم فاكتشفنا بأنهم لايعرفون ارقاما للمنازل و(قطع الاراضي) في تلك المنطقة ...
فسالتهم عن بيت أحد أفراد اللجنة الشعبية فلم يدروا أيضا!...
قال لي الشاب غاضبا :
-ياخال أنت متأكد أنك عندك بيت هنا في الحتة دي؟!
وأضاف معليش ياخال ممكن تديني حقي وأتخارج أنا...
فما كان مني ألاّ أن ناولته الخمسة آلاف (خمسة جنيهات) وذهب...
حاولت الأتصال مرة أخرى بأخي خالد دون جدوى فقررت العودة الى الديم...
...
درت حول المخبز من الجهة الأخرى لأتجه الى ال(ظلط) فاذا بي أجد بيتي ملاصقا للمخبز من الجهة التي تطل على الميدان...