لمــاذا يَسرِق أطفالك ياخرطوم؟؟

[سماح محمد]

في مساء الخميس
أحد ليالي يونيو الصيفية

مع العائلة وبعض الأصدقاء
وأختي تهم بعبور الطريق
وخلفها كتيبة من إخوتنا وأصدقائنا

(رقشة) تمر بسرعة
يملأها مجموعة من الشباب
تمتد يد أحدهم
لتنتزع من أختي حقيبتها (المطبقة) وهاتفها الجوال
يسقط الهاتف
تصرخ أختي
وتركض المجموعة خلف الركشة..

[سماح محمد]

ينتبه سائق عربة (غريس) لحادثة السرقة
يتخطى ال (رقشة) ويسد عليها الطريق على بعد عدة أمتار

يخرج ثلاث أولاد من الركشة منتشرين في إتجاهات مختلفة
ويراوغ سائقها مكملا طريقه

تتوزع كتيبة الملاحقين
وينضم إليهم معظم من هم في الطريق
وسيارة (كوريلا)..
بالإضافة إلى سيارة العائلة
وتستمر المطاردة

أنا متسمرة في مكاني
أمسك بيد أختي التي ترتجف
ومازلنا نقف في مكاننا...
وفي حالة من الذهول
....

[سماح محمد]

تعود مجموعة من الشباب:
(لقد قبضنا على أحدهم)

هو الآن في العربة
في طريقه إلى قسم الشرطة

يجب أن نلحق بهم
لتُدلي المعتدى عليها بأقوالها

وإلى أقرب (نقطة بوليس) كانت وجهتنا
إقتربنا من المتهم

ملت بوجهي متوجسه
لأسترق النظر
فأنا بإنتظار أن أرى ذلك الوحش (مفصد الوجه)
غائر العينين..

إقتربت أكثر
وفي ركن الغرفة

كان ذلك الطفل!

[سماح محمد]

وجه مستدير
في منتهى الصِغر
يوحي بطفولة صاحبه
صوت لم يتحشرج بعد
عينان بريئتان تماما
مملؤتان بدموع لا تسيل ولا تختفي
قدمان حافيتان
وملابس بسيطة..غير متسخة

قدرت أنه ابن ثلاثة عشر عاما لا أكثر

إنهالت عليه بعض السياط
في أقل من دقيقة
بدأ يصرخ
(ما تدقوني..أنا بوديكم ليهم..
عليكم الله ما تدقوني)

تأخذه سيارة الشرطة
ليأتي بباقي العصابة
فنحن بإنتظار كبيرهم الذي علمهم السحر
....

[سماح محمد]

تغيب العربة لربع ساعة

يعودون وقد إزدادوا نفراً
وبذات التوجس نرقب ترجلهم من (بوكس الشرطة)
يقوده شرطيين
وهو في المنتصف
بتلك الزاوية
لم أستطع رؤيته
تبعته والبقية
وصل إلى الباب
وإلتفت إلينا وحديث يدور بينهم
وناظرا إلى أختي

وبذلك الصوت الذي لم تفارقه الطفولة تماما
(يازولة هووووووي إنتي شفتيني؟؟!)

وكان طفلاً آخر
لم يتجاوز السادسة عشر

كان هو أحد أفراد العصابة
لم يبدو كمتشرد
يقولون أن أسرته تلحق به

ونحن في دهشة
هؤلاء أطفال
(يا أولاد جيبو شنطة أختنا دي
ما فيها غير أوراق رسمية
حتضيعو روحكم)

ولا إستجابه
(ياجماعة هوووووي
دي شنو الشِبك دي
أنا ما عارف حاجة)

ولم يأتي بعد كبيرهم الذي علمهم السحر
أظننا كنا بإنتظار شخص ما كان حاضرا معنا دائما
وبينهم
كان كبيرهم
الذي علمهم السحر
القاسم المشترك الأكبر
كان

الــفــقــــر

[سماح محمد]

رفضوا الإعتراف

إنها الواحدة صباحا
الشرطي يريد أن ينهي هذه الإزعاج:
(ما بقدر أتحفظ عليهم..حنرسلهم الأحداث
أمشوا أفتحوا بلاغ في نيابة الأسرة والطفل)
...
بحوزتنا طفلين
ولا نريد سوى حقيبة صغيرة مهمة
...
ولا حلول
ذهبنا بهم إلى هناك في محاولة للضغط علّهم يعترفون في الطريق
ولا إستجابة..

وصلنا بهم إلى هناك في معية الشرطة
وكانت ردة فعل الضابط هناك:
(يازول إنت تااااااااااني
أنا مش قلت ليك ماداير أشوفك هنا تاني)..
والطفل:
(ياجانبو ديك كانت شكلة في الحلة ساي)

تحفظوا عليهم
وطلبوا منا الذهاب لوكيل النيابة لفتح البلاغ

وتوقفنا في الطريق حائرين
ماذا سنستفيد ونحن نؤذي هؤلاء الأطفال
أي ضرر سيلحق بهم؟!
هم لا يدركون ماذا يفعلون بأنفسهم..
ونحن ندرك أنه كبيرهم

الظلام دامس
خمسة شباب وأنا وأختي
عبرة وصمت

قررنا ألا نفعلها..
في الطريق عودة إلى العربة..رن جرس الهاتف
أحدهم من القسم (بصورة غير رسمية)..
لقد أتى أهل الطفل بالحقيبة..
سنرسلها لكم
تأكدوا من محتوياتها
فقط
تأكدو من أن يأتي الطفل (أ) ذو الستة عشر عاما معكم
فأمه وجدته هنا تبكيان
(لاحظوا ..لا أحد يهتم للطفل الأول
ذو الثلاثة عشر عاما..ربما لأنه كان بلا أهل)..

[سماح محمد]

وكان أن عادت إلينا المسروقات
...
وبدأنا حديثنا من أجل إطلاق صراح الطفلين

(ديل شفع..خلاص فكوهم..الحاجات ورجعت)
أصروا على أن يبيتوا الليلة في الحجز
لينظفوا المكان في الصباح
ويعودوا إلى بيوتهم

عدنا معتذرين إلى ذلك المسئول
أخبرنا أن (إ) من عائلة كريمة
يعمل راعيها بعيدا ولا يهتم لأبنائه
إخوته مشغولين عنه ب(أكل العيش)
والشارع سئ
لم يجد من يحتويه سوى أصدقاء السوء
هنالك تعلم لغة ال(بلطجة)
أمه تبكي ليل نهار
وتصر على أن لا تخبر أبيه لكي لا تزيد همومه
والولد يضيع
(كما يضيع الكثيرون في هذا الوطن جراء ضنك العيش)
والآخر هو لأسرة مفككة
فقيرة جدا
يعيش على هامش الحياة
فتح عينيه على هؤلاء الأوباش
يوما ما سيصبح محترفا مثلهم..

وسنظل نتساءل
لماذا يلد الوطن كل هؤلاء اللصوص؟؟

هاهم أطفالك ياخرطوم يسرقوننا..ويضيعون أحلامهم
تتناثر سنوات صباهم على رصيفك
وأنت لا تحركين ساكنا..
ولا تجيبين عن أبسط الأسئلة


لماذا يسرق أطفالك ياخرطوم؟؟

[الرشيد اسماعيل محمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سماح محمد

لماذا يسرق أطفالك ياخرطوم؟؟

أو لماذا لا يسرقون..؟
بجيك يا سماح..

[Sahar]

لأن حُكام الخرطوم
ان سرق شريفها (بعضهم) تركوه.... لا بل ... وكافأوه
وان سرق ضعيفها (غالبية الشعب) اقامو عليه الحد

[قيقراوي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سماح محمد

وكان أن عادت إلينا المسروقات
...
وبدأنا حديثنا من أجل إطلاق صراح الطفلين

(ديل شفع..خلاص فكوهم..الحاجات ورجعت)
أصروا على أن يبيتوا الليلة في الحجز
لينظفوا المكان في الصباح
ويعودوا إلى بيوتهم

عدنا معتذرين إلى ذلك المسئول
أخبرنا أن (إ) من عائلة كريمة
يعمل راعيها بعيدا ولا يهتم لأبنائه
إخوته مشغولين عنه ب(أكل العيش)
والشارع سئ
لم يجد من يحتويه سوى أصدقاء السوء
هنالك تعلم لغة ال(بلطجة)
أمه تبكي ليل نهار
وتصر على أن لا تخبر أبيه لكي لا تزيد همومه
والولد يضيع
(كما يضيع الكثيرون في هذا الوطن جراء ضنك العيش)
والآخر هو لأسرة مفككة
فقيرة جدا
يعيش على هامش الحياة
فتح عينيه على هؤلاء الأوباش
يوما ما سيصبح محترفا مثلهم..

وسنظل نتساءل
لماذا يلد الوطن كل هؤلاء اللصوص؟؟

هاهم أطفالك ياخرطوم يسرقوننا..ويضيعون أحلامهم
تتناثر سنوات صباهم على رصيفك
وأنت لا تحركين ساكنا..
ولا تجيبين عن أبسط الأسئلة


لماذا يسرق أطفالك ياخرطوم؟؟

حليك و انت بسترق سفنجة و ملاية ..
و غيرك بسرق خروف السماية
تصدق في واحد بسرق ولاية!!؟

احييييي يا فؤادي الجبتك معاي!!

مؤلم الانحنا فيو ا من تمجيد للسرقة

زي ما قال ليك الرشي : ما يسرقوا ليه يا سماح؟
الخيار منذها .. تاريخ السرقة الكبرى الاتعرضت ليها البلد و اخلاقها :
يا كنا نبيعك يا نسرق
اها الخيار بكل الاحول النار الضلها بحرق!



------

قبل فترة نشرت قصة ام تم محاكمتها لانها باعت اولادها لاسر غنية .. و دلت عليها المحكمة
تخيلي ليه يا صديقة؟
ما لانها مجرمة بالعكس تماماً لانها اوزة تربي اخوانهم .. بس ( بفتح الباء )
لانو ابوهم عاجز .. و هي غلبتا الحيلة!!
تاني فيكم عاقل بجيب فؤادو معاو هنا؟

[سماح محمد]

أصدقائي
الرشيد
سحر
قيقراوي

شكرا لحضوركم حيث هذه الغصة

الواقع أكثر إيلاما من الحكي..
عندما يتحدث الجوع..تصمت كل الأقلام خِزياً
هذه المدينة التي نحبها وتجافينا
ننتظر منها الكثير من الأجوبة
أن تتحرك..
تتحرك..
ت
ت
ح
ر
ك..

[AMAL]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سماح محمد

لماذا يسرق أطفالك ياخرطوم؟؟

وهل هم مازالوا اطفال ياسماح ؟
اين طفولتهم ومن سرقها ؟
من سرق هذا الشعب وبدد احلامه في جيل كامل
يحمل هذه البلد


ثلاثة وعشرون عاما منا لتخريب المتعمد
والسطو الممنهج
لطفولة اطفال الخرطوم

[سماح محمد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة AMAL

وهل هم مازالوا اطفال ياسماح ؟
اين طفولتهم ومن سرقها ؟
من سرق هذا الشعب وبدد احلامه في جيل كامل
يحمل هذه البلد


ثلاثة وعشرون عاما منا لتخريب المتعمد
والسطو الممنهج
لطفولة اطفال الخرطوم

عندما نفقد أطفالنا..فنحن نفقد مستقبلنا
فهذه هزيمة لأحلامنا..
ليس غريبا أن نرى الجُرم في الحياة
ولكن الغرابة أن نراه في وجوه أطفال
أشاحت السعادة وجهها بعيدا عنهم
وفقدوا طفولتهم..لأن مهنة الجميع صارت محاولة العيش

حينها لا نعرف مَن فينا الضحية
كلانا مجنيٌ عليه!!

[سماح محمد]

وياخ معليش يا آمال..
نسيت أن ألقي التحية
كل من مر من هنا لم يلق بالاً للسلام
غاب في خِضِم إنفعالاتنا

تحياتي
وشاكرة حضورك

[مي هاشم]

الحبيبة سماح..
سلام من الله تعالى ورحمة وبركات..
الخطأ لا عذر لفاعله ولا مبرر..
فكما يسرق أحدهم من الفقر يغني البعض أنفسهم به..
الأسرة المفككة تشرّد البعض وآخرين مشردين وسط اهلهم..
الشارع مليء بالخير كما هو مليء بالشر..والصحبة السيئة نموذج كما الحسنة..
الأمر شائك ومعقد..ليس الفقر وحده..ولا الأسرة المفككة..ولا حتى اجتماع جميع أسباب الألم والضياع..

الوضع في السودان أصبح لا يطاق..مفاهيم الناس تغيرت بشكل كبير جداً..
في الماضي - ليس البعيد - كانت الأخلاق الحميدة، الشهامة، المروءة، الإخلاص والصدق وغيرها من مرتكزات الإنسان السوداني التي يورثها لأطفاله مع لون البشرة والجينات، واليوم باتت مصطلحات بائدة لا وجود لها إلا في دواخل البلداء البلهاء !!

زمان - ليس البعيد أيضاً - كان (شُفّع الحلّة) يلعبون في الشارع، لا يهِم الأهل (فطروا وين أو أكلوا شنو؟؟)..وكانت الأم تنادي ( يا شفّع تعالوا الفطور) دون أن تفرز طفلها عن المجموعة...
راجل الجيران يمكنه أن (يكفّت) أو (يجضّم) أي طفل يخطئ..فلا يغضب والد الطفل ولا حتى الطفل يشكو!!
كل تلك المعاملات البسيطة كانت تغرس (دون تعمّد) في الأطفال قيماً ومفاهيمَ عميقة نفتقدها اليوم أو ربما تبدّلت وتبلّدت!!




ياخ وجعتي قلبي شديد..