الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-07-2011, 08:38 PM   #[1]
أبوبكر عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي الكاتب الخطير

أبدا و الله ما عبد الجليل.

دا أخطر بكتير!
الزول دا جاب لي نفسيات و فركش لي كل خططي الدفاعية في مواجهة الثقافة.

أنا أصلا غير مهتم بالثقافة في عضمها، لكنني كنت دوما مهتمي بيها فقط عشان لما أقعد مع المثقفين، أقدر أشارك في الحوار و أحلل حق نبيذ العشا.
بديتها بالسينما، أركان النقاش في الجامعة، كورال الجبهة الديمقراطية، الإعجاب بمصطفى سيد أحمد، قراية رواية علي الأقل لكل من إشتهر أو رُشح أو فاز بجائزة نوبل، و النصيحة كدا الروايات دي كلها كيفتني و فهمتها و في نفس الوقت مشت لي حالي مع المثقفين ديل، قريت لنجيب محفوظ، و خفة الكائن التي لا تُحتمل، و روايات الحنين و العزلة و الهجرة للشمال، و العطر لباتريك زوسكيند، و بعد ظهرت الاسافير دي ركزت على محسن خالد و حسن موسى و برضو حققت الحد الأدنى بتاع فهم من قولهم.
أها قبل أيام ظهرت رواية جديدة لكاتب جديد، قريت العنوان ما فهمت منو أي حاجة، مشيت لقوقل لقيتو أجهل مني! قريت الجزء الاول منها، فرزت بس البريبوسيشنس (prepositions)!
دي يباصروها كيفن؟ الحمد لله صيف الامارات دي ما فيهو جلسات للمثقفين.



التعديل الأخير تم بواسطة أبوبكر عباس ; 20-07-2011 الساعة 09:22 PM.
أبوبكر عباس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-07-2011, 08:40 PM   #[2]
أبوبكر عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

عنقاء المديح المُنمق
مازن مصطفى
الفصل الاول:

مدائح التمساح، خرائط البيادقة
كما قصّة العفريت وابنة الخيَّاط


يَسُرُّني جَهْلُك، لا أحبُّ الجهلَ الصاخب، بل ذاك الذي يترنَّح من ثِقَل ما يَعْرِف، وهو وَاسِمٌ مثلَ وَشْمٍ، وصَادِمٌ كصفعةٍ في النوايا، وهو حكمة؛ لذا تَجِدُني أستعيذ بك. خُذْ أوهامَك واتْبَعْنِي، فلستُ سوى خُلاصَتِك النقيّة، ولستَ سوى قائدي العابر مِن حيث تَشْتَهِي النوازعُ أوصافَها الميتة، ومن حيث يكتسبُ الوَشَقُ إرادةَ الوشقِ فيه. دَعْني أسألُكَ وأنت المُبَاطِن، أتَعْرِف أين يدفن البَشَرِيّ ظِلَّه وجسدَه وروحَه الفزِعة؟. في مكان الخلائط؟. حسناً، أنا الآن عابرٌ نحوَك بلا وَجَلٍ ولا ريبة، إذْ لأنَّك تقول بأنَّ الأمرَ في كُلِّه دائرةٌ، سآتيك دون تنضيدِ بدايةٍ واهمة.

لستَ التمساح الوحيد الذي يقطن أمعاءَ كائنٍ بشري، ألا تَجِدُ في هذا عزاءً أو تفسيراً؟، بل لا تجده مقبولاً؟. لستَ التمساح الوحيد الذي لا يدري بأنه يقطن أمعاءً؛ أيضاً، لستَ التمساح الوحيد الذي يجهل أنه تمساح. كلّ هذا تجهله، وتحسَب أنّك مثلنا. مثلنا؟، لا، فأنا مجرّد رَاوٍ في آخر الأمر، وذاك ليس لَحْمَاً؛ إنَّ الذي يوجعك حين أمرِّر عليه شفرةً حادةً ليس لَحْمَاً، بل مجرَّد كلمات، ولنبدأ من نقطة صادقة، هذه محض رواية.

تأتيكَ رائحةُ نَعِيْم من الداخل، كلّ تلك العصائر بطموحِ بلوغِ كمالاتِها حولَك فابتهجْ، وتذوَّقْ مرارات قلق القولون، وتشبَّعْ بحبال المصير الملتفَّة بذريعة توصيل النعمة من مدخلها الفموي إلى مخرجها الشرجي، وانتفاخ الهواء الذي يَخْرُج ويَدْخُل كقضيبٍ يُمَالِئ اللذة، كقضيبٍ دون امتلاءٍ بصفته الطالبة اللهوفة؛ كارتخاءٍ لا مُبَالٍ تتحرَّك تلك الرئة، ويجب ألا تفترض في رتابتها الرتابة، فهي مفتاحك المجهول لِهَوَائِك المجهول، وهي عهدك الذي لا يُنْقَض. كُنْ وَفِيَّاً لنهر الصيرورة، وسأكون وَفِيَّاً لنعمائك في تبليغي جهالةَ وحكمةَ ما استطعت. خُذْ حكمةَ الكبد التي تحفظ رائبَ كلِّ شيءٍ وبها المكنون، خُذِ العَصَبَ الحريفَ الممراحَ الثاقبَ الكليمَ المتكلِّمَ الرَّسولَ حَصَّالةَ المعنى، وخُذِ العَضَلَ البريءَ النقيَّ مثلَ خلاءٍ رحيب، وخُذِ المفصلَ المرونةَ، الصَّدْرَ الآمنَ، الظهرَ الغافلَ، الرقبةَ التوجُّسَ، الأظافرَ الرِّدَّةَ، الشَّعْرَ طَلاقَةً، الكُلْيَةَ القُدْرَةَ، البطنَ الهشاشَةَ، والقلبَ ناراً وكوناً، والرأسُ يَأْتَمِر. خُذْ ما أنتَ فيهِ يا تمساحي، فإنْ تَرَكْتَ فيه شيئاً، مِمَّا تَرَكَتْهُ الجحافلُ دونَ حصادٍ، فارْفَعْ للجَحَافلِ عُواءً من هديرِ الجحافلِ فيك. لا تَتْرُك فيك إلا الحربَ، ولا تترُك فيه إلا الحربَ، ولا تَدَعْ خَسَارَةً إلا أَحْصَيْتَها، فهي مَجْدُك.
يتبع...



التعديل الأخير تم بواسطة أبوبكر عباس ; 21-07-2011 الساعة 05:30 AM.
أبوبكر عباس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-07-2011, 08:41 PM   #[3]
أبوبكر عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

واحد من أخوانا (في المستوى الثقافي) علق
قال ليهو: يا مازن رفقا
انت قاعد تكتب لي منو؟
رد عليهو:
"هذا السؤال صار مكروراً فرط ما توارد، شفاهة وكتابة؛ وهو السؤال الخطأ. على القاريء الكسول، الذي يطلب لذة دون جهد، ولاسبيل، أن يطلبها حيث السهولات الاستهلاكية الركيكة. على "الأمي" أن يتعلم، وهي مسئولية مؤسسات أخرى غير الكُتاب، وليس العكس: لست مجبراً على مجاراة ذائقة هشة وكسولة لأي سبب.

مسئولية النقد ما تبقى من استغلاق؛ على الناقد أن يعمل على التجسير الضروري. مسئوليتي تنحصر في أن أكتب كتابة جيدة، بالقدر الحتمي من النقص لا أكثر؛ وأن لا أنحدر عمّا عليه الكتابة، وهي مسئولية جليلة لا تحتمل مهاماً تخص كسل الأخرين.

أستخدم دمي كاملاً لفحص دمي كاملاً؛ لا أحترم من يبذل جهداً أقل. الرعاع لا أرغبهم؛ أحتقرهم في حقيقة الأمر. لست معنياً بالتجريد الأبله المسمى بالجمهور، وذاك المسمى بالشعب: هذه كتل فضفاضة ومتغيرة؛ وككل تجريد متعسف، يخدم مصالح متعددة البؤس تمعن عبره في ستر نفسها. لست معنياً ب"المثقف" الذي ربما يعني كل شيء! من هو المثقف؟ بتعريف "الكل المركب" بتاع تايلور كلنا مثقفين، لكن، هل نحن كذلك؟ هذا الكائن الخرافي لا يهمني؛ كلما سمعت اسمه أتحسس جسدي. لست مهتماً بأي قاريء؛ لست ببلاهة أن أرهن جسدي كاملاً بصُدفة وجود الأخرين في العالم، وهي صدفة مؤذية في المقام الأول. أن يجد القاريء لدي ما ينفعه؛ هذا شأن يخصه، أنا مشغول بأن أجد ما ينفعني.

الأمر لا يحتمل الشفقة، أنتزع أسلحتي من كل شيء بأقصى ضراوة ممكنة؛ قافلتي تسير بسرعة أقواها، على الضعيف أن يتقبل أفوله قانعاً أو ينخرط بذات الضراوة. المسألة الخدمية قاعدة مُحركة لمنظمات المجتمع المدني، لكنها مجرد سياج بالنسبة لمغامرة الكاتب.

هذا الأمر صار مضجراً يا محمد لفرط تكرره؛ الرعاع يطلبون أن نكتب "لهم" ما يناسب ذائقتهم فقيرة الدربة، ويتصورون، لا أدري من أي أساس!، أن واجبك الاستماع والتقدير بل التلبية؛ ليكفوا فقط عمّا لا يناسب أجسادهم الهشة، وليكفّوا عنا نقيقهم"
_________________



التعديل الأخير تم بواسطة أبوبكر عباس ; 20-07-2011 الساعة 09:30 PM.
أبوبكر عباس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-07-2011, 08:44 PM   #[4]
أبوبكر عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

عليك الله يا عبد الجليل أعفي لي مرتين
الأولى عشان أنا كنت بفتكرك خطير
و التانية عشان البوست دا أنا نزلتو بالغلط كمداخلات في البوست الخطير بتاعك



أبوبكر عباس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-07-2011, 08:48 PM   #[5]
سمراء
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية سمراء
 
افتراضي

والله انت اجمل واصدق زول قابلنى فى الاسافير دى يابكور يشهد الله ..
الله يخليك لينا ياخ
زول صادق ..بسيط ...واضح ...متواضع ..مريح

ياخ والله مزارع كينيا كلها للشاى شوية عليك

_________
بابكر اعفى لى انت ذاتك عشان نقلته الرد بى جاى برضو



التوقيع:
غيرنا التوقيع عشان النور قال طويل 
اها كدة كيف ؟
<img src=images/smilies/biggrin.gif border=0 alt= title=Big Grin class=inlineimg />
سمراء غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-07-2011, 09:18 PM   #[6]
أبوبكر عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمراء مشاهدة المشاركة
ياخ والله مزارع كينيا كلها للشاى شوية عليك
بابكر اعفى لى انت ذاتك عشان نقلته الرد بى جاى برضو
اقتباس:
"الرعاع يطلبون أن نكتب "لهم" ما يناسب ذائقتهم فقيرة الدربة، ويتصورون، لا أدري من أي أساس!، أن واجبك الاستماع والتقدير بل التلبية؛ ليكفوا فقط عمّا لا يناسب أجسادهم الهشة، وليكفّوا عنا نقيقهم"
مازن مصطفى
العفو بتاعي شن طعمو؟
راس سوط "الرعاع" وصلنا

بعد مازن دا ما ظنيت في زول ود راجل كدا بدوق ليهو كباية شاي مني.

تعبنا بتاع الزمن الفات دا كلو ضاع ساكت!
شئ معارض كتاب!
شئ ندوات!
شئ مسرح!
و الشئ الفاقع مرارتي، معارض الفن التشكيلي!



التعديل الأخير تم بواسطة أبوبكر عباس ; 21-07-2011 الساعة 05:52 AM.
أبوبكر عباس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-07-2011, 09:32 PM   #[7]
فتحي مسعد حنفي
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية فتحي مسعد حنفي
 
افتراضي

ياجماعة بابكر دا أعذروهو عشان في فترة الاستراحة الخصصا أشتر للدعاء بابكر ما عارف الخلاهو في الصحراء القاعد فيها دي يقوم يطلق ليهو بخور ويقعد يدعي بي صوت عالي لغاية ما اتلمو الجن الفي المنطقة كلهم حواليهو وطبعا الامارات دي مشهورة بالجن..المهم أخونا الرويعي أظنو اتهبش من الجن ومخو لسع وبقي يهترش وهسة في احتمال ينقلوهو مستشفي الأمل في دبي..بس ياريت دكتور الزين عمارة يكون لسة شغال هناك عشان ياخد بالو منو..
معليش يابابكر شدة وتزول وأوعك تاني تكررا.



التوقيع: شيخ البلد خلف ولد..
سماهو قال عبد الصمد..
كبر الولد ولامن كبر نهب البلد..
ما خلي زول ما قشطو..
وآخر المطاف بقي شيخ بلد..
عجبي..
فتحي..
فتحي مسعد حنفي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-07-2011, 09:41 PM   #[8]
سماح محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية سماح محمد
 
افتراضي

اقتباس:
أن يجد القاريء لدي ما ينفعه؛ هذا شأن يخصه، أنا مشغول بأن أجد ما ينفعني
نان الكاتبلها شنو؟!!
ما يسكت يقرأ ساااااااااي..!!

ليس كل من يكتب يُدعى كاتباً..فالكتابة التي لا تُعنى مباشرة بملامسة الجمهور
(أكبر قدر منهم) سعياً للتغيير..فهي قطعاً ليست سوى (شخابيط) يرسمها أحدهم
وينام فوقها مزهواً ب (أناه) التي تحجب عنه ضوء الحقيقة...

ولا يهمك يابابكر...
كامل تعاطفي مع ردة فعلك



التوقيع: دنيـــا لا يملكها من يملكها..
أغنى أهليها سادتها الفقراء..
الخاسر من لم يأخذ منها ما تعطيه على إستحياء..
والغافل من ظن الأشياء هي الأشياء...
الفيتوري
سماح محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-07-2011, 05:39 AM   #[9]
أبوبكر عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

متابعة لما نُشر إسفريا من
عنقاء المديح المُنمق:
"ذلك المكانُ من جَسَدِ نَعيم نسمِّيهِ بَيْدَق، حيث يقيم التمساح، على ضفَّة وخِضَمّ نهر الصيرورة، في مكانِ التراوُح بين الكفاية والكَفّ، وحيث يُنْبِئُنِي ما استطاع من الطِّلَّسْم. بَيْدَق تتكوَّن من ثلاثة عوالم مألوفة، ومن سبعة متغيِّرة، ومن حشائش كثيفة، وصخرة فجوات، ونهرين؛ نهر الصيرورة ونهر العدم. وبها ثلاثة جبالٍ تتبارى في وَصْل الأرضِ بأُخْتِها الأرض؛ جبل المرارة وجبل الحيرة وجبل القلق، حيث يُحْكَى، كما يَرِدُ في الصحائف، ضمن قصة العفريت وابنة الخيَّاط، أنَّ بينها سجن الحياكة الأشهر، حيث يواصل العفريت تعلُّم الحياكة من ابنة الخيَّاط طيلة الدهر، آمِلاً في حياكة بَيْدَق كلّها بعضاً ببعض، في نسيجٍ يرتكز على الجبال الثلاثة، شاملاً كلَّ أفانين تلك العناصر المخيفة المتعدِّدة، عناصر بَيْدَق؛ عناصر الضجيج المُحْكَم من ضرباتِ نَرْدٍ صفيحيٍّ عملاقٍ على طبول الخلائط.

- تِلْكَ حياكةٌ لا تكون .
كذا قالت ابنة الخيَّاط لخاطِفِها الطَّمُوح، الذي لم يكن ليعبأ، بنظرته الراغبة وجسده الجوع، بأيِّ تبرير:
- أمامنا اللانهاية نفسها لترويض اللانهاية، لنبدأ الآن .

توسَّلَت بالطبع، بَكَتْ له كثيراً، وجَثَتْ أمامه هلعةً، لديها أصدقاء بَرَرَة، لديها أقارب وُدَعَاء، لديها ما تغزله من قُطن التفاهة للتسلية، وهي تَقْنَع بذلك. لم يستجب العفريت المصْمَت إلا مِن فِعْلِ الجِبال فيه. وخشيةً من جفلتها، بَنَى سجن الحياكة، بَنَاهُ بلحم ملايين الإبَر ببعضها، ملايين لانهائية يستلُّ منها إبرةً في كلِّ درس، وأَخْبَرَها:
- حين ينتهي زادُنا من الإبَر نتحرَّر، أنا وأنتِ، من ربقةِ سجني وننجو .

وتَحْكِي الصحائفُ أنَّ الإبَرَ تتوالَدُ خلسةً في الظلام، مما يُفْزِع الحائكةَ كلّ صباح، بل وأصبح مفزعاً للعفريت نفسه منذ ما يقارب خمسين قرناً، لم ينجح خلالها سوى في انتمائه للعهد؛ عهد قِصَاصِه من الاستعصاء. إلا أنَّ تقارُباً نشأ بينهما، خلال تلك الأعوام الطوال، بحيث صارت انحناءات الإبرة في الحَوْك ترسم بينهما غزلاناً شاردةً ونموراً طليقةً وأفراساً تتغازل؛ ثم صارا إلى نَسْجِ أوضاعٍ شبقةٍ لأجسادٍ تتلوَّى بقدْرِ المرونة؛ إيماءات، ثم تعلَّما سوية كيف يُنْسَج اللطف نفسه، فنسجاه طرائقَ وخرائطَ وودياناً وأخاديدَ يصنع منها الهواءُ صفيرَهُ، نسجا طرائفَ اللطفِ حين يمرح، نسجا شهوةَ المرغوب للمرغوب، وأبلغا رسائلَ النسيج إلى النسيج؛ رسائل نسيجية خالصة كهِجَاءِ اليقينِ للرَّغبة، وتعلَّما كيف تقودُ المحبَّاتُ؛ عصا الضريرِ، الإرادةَ من خيطٍ لآخَر: عَرِفَا ما للجشع في نفس المحبَّة، ما للنحيب، ما للقسوة الخالصة وذِرَاع الجوع. عَرِفَا أنْ لن يُشْفَيَا، فصار نسيجُهما محضَ حجَّةٍ، محضَ ذريعةٍ للتسرِّي؛ ولَمْ يَعُودا يُبْصِرَان السجن، مَن الأبْلَهُ حَدَّ يُبْصِرُ سجناً خارجه؟.

كانت ابنة الخيَّاط تصحو كلَّ يومٍ على أصوات النوايا حين تعلو ببَيْدَق، تتمطَّى في فراشها، الفراش المدلَّل بحشية من الوَبَر، وتتعلَّق لَهُوْفَةً ببقايا نومٍ تملَّصَت من عينيها، وهلةً ثم تصبح قانعةً من النوم بهناءةِ التمدُّد دون حركة، تحاول ترتيب ما يُمكن من نواياها التي تختلط صباحاً بضجيج النوايا المحيطة. على العكس منّا، لم تكن ابنة الخيَّاط تصحو بذلك القنوط المرافق للصحو، وذلك الندم الذي يصيب المرء كأنما يلوم نفسه على خلق العالم. كانت ابنة الخيَّاط تتمطَّى لترمي عن العضلات بقايا النُّعاس المهزوم. وحين تنهض، تمسِّد جناحيها بلطف ورَوِيَّة، تشرب من مياه نهر الصيرورة، لكنها، بالطبع، لا تغتسل بها. لا أحد يغتسل من مياه نهر الصيرورة إلا المواليد والخطأ. تطير ابنة الخيَّاط مثل الجميع لتملأ جرَّتَها من السماء؛ حيث المياه قبل هبوطِها إلى الأرض، تلك التي لم تَنْتَمِ بَعْدُ لنهر معلوم، فلم تُسَمّ لها خصيصةٌ سوى التنظيف. كانت عقب استحمامها كلَّ صباحٍ تغنِّي أغنياتٍ تُبَارِك بها نفسها، دون كلمات، دون ألحان، محض مباركةٍ بلا توسُّل لصوت؛ ثم تُمْسِك بيدها الإبرة لتُوْصِد أخطاء الحياكة بوجه المُحَاك، تصنع جلابيب ملوَّنَةً للأطفال، وصدرياتٍ من ناعم القطن بحجوم أثداء الصديقات، تصنع أوشحةً عليها طُرُزٌ تصوِّرُ معاركَ الإلَهَين في عليائهما؛ أوشحةً من تلك التي تُعَلَّقُ على الأجنحة، وحواملَ كتَّانيةً رقيقةً لاحتواء القضبان والخُصَى، متذرِّعةً في الحجوم بخَبْطِ المصادفات، وأخرى لحماية الرُّكبة حين الهبوط عليها، وأخرى لربط الرأس تمييزاً حين الإثقال في الشرب. كانت تحوك مصائرَ البيادقة، لذا أَعْجَبَت عفريتنا التائه، وقرَّر، في صباحٍ مُرْهَقٍ من ثِقَلِ الليل عليه، اختطافَها. هكذا ظلَّت بَيْدَق لا ترتدي جلابيب الأطفال والصدائر والأربطة؛ أصبحت بلا مصائر معروفة بِحُكْم حياكتها. كانت ابنة الخيَّاط طفلةً لا تزال، لَمْ تختبر مسافدةً، ولم يجفِّفْ رِيْقَها حنين، حين اتَّخَذَت مُرْغَمَةً من ما بين الجِبَالِ مسكناً لها، تشتهي النهايةَ، والكونُ أبدٌ يَلِيهِ أبد.

- لِيَكُنْ نَسْجَاً كمتاهة الأقبية .
تُخْبِر العفريت، متفحِّصةً دقائق نَوْلِها.
- لِيَكُنْ صفعةً تليق بتقرير .
- لِيَكُنْ وحشاً .
- نعم، لِيَكُنْ كالذي يلتهمُ أمعاءَنا، لِيَكُنْ كمملوكٍ شاردٍ من قُمقم الفجوات .
- كَمَسَالِك المجذوب، كالقسوة في الحليب .

وما الذي في مُستطاعِنَا قولُهُ عن لانهايةِ الحَوْكِ سوى أنها بلا زيادة ولا نقصان؟. بذا، يخبرنا التمساح. يظلّ صوت النسج متردِّداً خلف كلِّ سيرورةٍ وصيرورةٍ ببَيْدَق، بينما يحتال جهال البيادقة على الأمر باجتناب الجبال. الجبال العالية المهيبة، بصخرها الرخام والصوان، وكهوفها المتشابكة المتداخلة، كهوف الأقدار المطهوّة جيداً بالرعب، وخباياها الزلقة، حيث تستجيب الريحُ لنزعة النَّاي فيها؛ رثاءُ كليمٍ يَعْقُبْه رثاء كليم. حيث يقيم الذئب، وكُلّ الذئاب، كما نعلم، هي الذئب وقد تكاثر؛ بوقفته الصلبة كأنّما شِيْد من لحمة الجبال ذاتها. الجبال الثلاثة والصحاري، تُعَلِّمُنا جولةٌ خاطفةٌ ببَيْدَق، أنجبَت الذئبَ؛ تكثَّفَ رملُها وصخرُها، كَفَّ عن تجنُّبِ جلافته البريئة النائحة، أخْرَجَ صلوات مادَّتِهِ فتشكَّلَت ذئباً، حزينٌ حَدَّ يبكي وهو يفترس، ونَزِيهٌ حَدَّ لا يُرَاوِغُ في الغريزة، وهادئٌ حَدَّ لا يَبْلُغ لهاثُه و لعابُه ما للضبع. الجبال الثلاثة ببَيْدَق، تعقبها صحاري الشرائع؛ تلك الصحاري التي تمتدَّ إلى حدودِ عجيزة الرَّصْد نفسه، بل تمتدُّ إلى ما يُجَاوِزُه؛ هذه الأماكن قَفْرُ الخارطة، حيث يليق بنا الابتداء، إنْ كان ثَمّة بداية، وحيثُ لا سبيلَ لبالغِها سوى العواء.

الجبالُ والصحاري جافَّةٌ ببَيْدَق، كأنما تشترط على جلافتها الجفاف، وإنْ لَمْ تَخْلُ من مياهٍ مالحةٍ كخداع، ومن بِضْعِ واحاتٍ، نالت عذوبتَها بتقطيرِ ثمارِ المخاوف مَرّةً بعدَ مَرّة. مكانُ المخاوفِ مرصودٌ أيضاً ببَيْدَق، كي لا يَظُنَّ بنا غفلةً، إلا أنَّه ممنوعٌ علينا بطبيعة لحمته. ناوَشَهُ البعضُ، بحذَرٍ غير مسبوق، والتَمَسَ منه البعضُ الذرائع؛ كذا أخْبَرَتْنَا المراصد، إلا أنَّه كان دائماً مستعصياً على الإقامة، إذْ يُذيب القلبَ؛ أترغب في ما يذيب القلبَ، ويخبرُ الرعبَ عن رعبه؟ ذاك مكان المخاوف.

بَيْدَق لَهْوٌ في الاتجاهات. تتبدَّلُ حَدَّ أنَّها غير مُسَمَّاة. تتغيَّر كلَّ أمسيةٍ، حَدَّ ليست بَيْدَق إلا الآن، في هذه اللحظة التي يتثاءب خلالها التمساح فجراً، وتُكْتَب فيها هذه الرواية؛ ما الذي كَانَتْه؟، ما الذي ستكونه في ما سَيُكْتَب وفي ما سيُطْمَس؟، لايَهُمّ؛ بَيْدَق لا تعنينا كثيراً، فهي ليست، في آخر الأمر، سوى حيلةٍ يحتالها الزمن على نفسه، وهي ليست سوى مكرِ البشريِّ بنفسه. تعنينا إجادةُ نَصْبِ المصائد للزمن، لنترُكه مترنِّحَاً بين فَكَّيْ تمساحنا، حائراً في التقاويم، مشغولاً بنَفْيِ تفاهته التي بصقةٌ مُبَلْغَمَة؛ ننصبُ للزمن المصائد، آمِلِين أن ينجو منها، فلِمَ ستُنْصَب المصائدُ عقب انهيار الطريدة؟.
ليسَ تَبَدُّل بَيْدَق ما يُعِيقُنا عن ذِكْر حقيقةٍ ما؛ بل لأنَّ بَيْدَق كلَّها شِيْدَت بالتعاون المُضْنِي بين كذبتين، تتحوَّر إحداهما لتصبح شيئاً، بينما تظلُّ الأخرى، ككذبة، في لِبْدَة الشيء، هكذا صار لدينا التمساح وكذبة، ابنة الخيَّاط وكذبة، النَّوْل وكذبة، العفريت وكذبة، الأقبية وكذبة، نعيم نفسه يتكوَّن من كذبةٍ وأعضاء أخرى هي كذبات أخرى تلتصق بكذبات. باطنُ نعيم كذبةٌ مثل ظاهرِه، كلُّنا، أنا والتمساح ومغدور النوايا بِتْنَا نَعْلَم؛ وإنْ لَمْ يَغْشُشْنَا حزنٌ، إذْ بعدَ تمامِ اليأس لا يكتملُ لحزنٍ نِصَابُه.

الكذبةُ عنصرُ اللامتبدِّل، كانت تَدَّعِي تَوَارِيَاً خلف ستارة هذا العَرْض، بتواضعٍ ذميمٍ بيننا على التكتُّم؛ لكنّني مجبولٌ على الخيانة، تلتمعُ داخلي في أوانها كأسنان التمساح راصدةً مثل عيناه، لذا أُزِيلُ الستارة. حين تَظْهَر، تبدو الكذبةُ بَلْهَاءَ في ثوبها القصير الملطَّخ بالحبر، بَلْهَاء؟، لا تصدِّقها يا تمساحي، إنها تكذب. تصفيق، وينهضُ الجميلُ نفسُه لاستقبالها، وينهض الجليلُ نفسُه، تنهض القداسةُ بثيابها المسْدَلَة، يتوارَى الخطأُ بجناحيه، تتطاوَل الرغبةُ من وراء الأكتاف العالية للمعروف، طامحةً في ابتسامةٍ تسهِّل لها يومَها، ونبتئسُ نحنُ بتأثيرِ كلِّ رَوَاكِضِ الأزلِ فينا، لكنَّنا نصفِّق، الكونُ كلُّه يصفِّق للكذبة، وهي تمنحُهُ ابتسامةً تتجاهلُ الكذبةَ فيه؛ أيْ تُكَذِّبها.

سوى الجبال الثلاثة وما ذَكَرْنَا، بَيْدَق غاباتٌ هي شَعْرٌ كثيفٌ بعَانَةِ الخارطة، تمتدُّ من آخِر البطن إلى عروق الصَّفَن، وهي أيضاً غاباتُ المَصَارِين، لا تعبُرها دون ضياع، دون أن يَسْقُطَ منك شيءٌ، دونَ أنْ تفقِدَ أحَدَك وتستبدله بآخَر؛ وهي صورةُ الالتباسِ كَمَا تَحَقَّق، زيت الاختلافات. ثَمَّةَ قولان، أحدُهُما يقرِّر أنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ غابةٌ ببَيْدَق، كان مكانُ الغاباتِ فجوةً تمتلئُ فراغاً، وبذريعتها كانت بَيْدَق مسطَّحَةً ومحدَّدَةَ الحَوَاف، كانت هناك ساحةُ الأمنياتِ، وصخرةُ الفجواتِ، ومنازلُ جوف نعيم، بسكَّانِها البَيَادِقَة؛ كما كانت الجِبَالُ تستندُ على الصحاري وَحْدَها، لذا لَمْ تَكُن تتجاوزُ تلالاً كفِيَلَةٍ بيضاء، ولَمْ تكن هناك حفرةُ الارتباك. القول الثاني ينصُّ على أنَّ الغاباتِ كانت دوماً هناك، فقط نحن؛ نحن الذين أغلق الحذرُ أبصارنا، لَمْ نكن نَقْدِرُ على إدراكها. أيُّهما صحيح؟. ألم نتَّفِقْ على شأن الصحّة في الأسطر الماضية؟.

أوراقُ الشَّجَرِ كثافاتٌ مِن شَعْرٍ أَكْرَت، تمتدُّ طبقاتٍ متداخلةً، وتَعْلُو بعضُها البعض، محيطةً ببعضها كما يحيطُ قلقٌ بآخَر، فإنْ كنتَ أسفلَها، أيْ مُجاوراً لحدائق السِّيقان؛ صَلاة الخشب، لن تُبْصِرَ من الشمس إلا رطوبةَ انعدامها، ونباتاتِ الظلِّ الهشَّةِ المحصورة الطموح، المكتفية بهدايا الضوء، سرخسياتٌ ونباتاتٌ عُصَارِيَّةٌ ومتسلِّقةٌ كزهرةِ الشَّمع، والطحالب المتسوِّلة، تلك الفريدة في لمعانها مثل أكوانٍ من الكسب الملحاح للامُبَالاة. بين تلك السيقان، تلك التي لا يُفيدها الحصر ولا تُفيده، توجد مضائق سين؛ في المجهولِ لدينا من غابةٍ يمكنك أن تمضي خلالها مئة عام لتَبلُغ مكانك، توجد تلك المضائق المريبة. حنانُ التكوين وحدَه، لا سبب آخر، جعل إحدى منافذ الأقبية مفتوحاً على تلك البقعة، حيث يتمّ إنجاب الأجنّة الذين نعدّهم مجهضين، وأولئك الذين نحسَبهم لَمْ يُوْلَدُوا قَطّ، مثل الجنين الناتج عن مصافحة محبّين، أو ذاك الناتج عن تبادُل نظرةٍ شبِقة. هذا عالَمٌ آخَر، عالَم دونَه حِجَابُنا؛ حِجَاب التراكم، لذا هو مُغْلَق بمتاريس الحروف الثمانية والعشرين؛ متراسٌ تلو أخيهِ من معدن الحرف الذي لا يصدأ، المتاريس التي كانت أبواباً ولم يبق منها سوى الأقفال، تحجب عنّا كل الرَّحابة التي جهلاً سَمَّيْنَاها مضيقاً. تُفْتَح مضائق سين وهلةَ استقبالِ وافدٍ من قاطنيه الجدد، أجنَّة الاستحقاق؛ حيث ينتابُكَ حينَها الإحساسُ بما يُسْعِدُ في العالم، بل الإحساس بالعالم كما يَسْعَد بنفسه، وتلك لحظةٌ نادرة.

كان يَعْلَم، الكونُ كُلُّه كانَ يَعْلَم، بثلاثة دلائل سينيّةٍ قاطعة، أيْ بناتي الثلاث النبيَّات، أنَّ في مضائق سين، رغم ضيق ذات السين، نفَّاج السَّعَادات الطَّرُوب لهذا العالم. إلا أنَّ السين متعذِّرٌ بلوغه، إذْ يَطْلُب منك إبراز اللُّغة في أوَّلِ بوَّاباته، فإنْ قَدَّمْتَ لخفراءِ السين هذه اللُّغة التي تَحْمِلُها مُنَجَّسَاً برائحة عفونتها، أيْ عبق ملايين الفطائس اللُّغويّة، سَخِرُوا منك وحَجَبُوا دخولك إلى مأوى السلالة؛ فإنْ أصْرَرْتَ وأخبرْتَهُم أنْ نَادُوا لَيْ كَافْكَا مِنْ جُوّة، نظروا إلى بعضهم مُجْفَلِين، وأزاحُوا عِصِيَّهُم الذائقيةَ مِنْ المدخل بأيْدٍ معروقةِ الجَمَال، صلبةٍ مثل ريبة. أتَدْخُل؟، لا، إذْ، رغم انفتاح الطرائق، لَكَ مِنْ سَعْيِكَ سياجٌ، ولَكَ مِنْ زوائد على كعبيك ثِقَل، وأعاقت حنجرتَك الحواشي، وكَثَّفَ جناحيك الضلالُ فصارا جَنَاحَي حَجَرٍ مُعَبَّأٍ بالفلز. مضيقُ سين مُغْلَقٌ كقولِكَ أنا. تُدْرِك، وأنت واقفٌ على أعتابه. يعْبُرُك الأبدُ ذرَّةً ذرَّةً ولا تُبْصره. وتَجْلُوكَ المسافةُ بأبصارها، فتغدو أَلْيَسْاً كورقة لعب، لا خيارَ سوى أنْ ترجع حاملاً تحت إبطك بطّيخةً وصحيفةً أَنْتَنَها عَرَقُك؛ مشهدٌ مكرورٌ مِن دارِ عرضٍ أُعِدَّت بَكَرَاتُها للتقيُّوء. تَعْلَمُ جيّداً، كما يَعْلَمُ الأَبْلَهُ فيك أيضاً، أنَّك ستعاود الكَرَّةَ غداً.

المضائقُ، إذْ لا دخولَ، نادلٌ للمَرَارَة. أنْ تُحِيطَ كمالَها بخيالك، وأنْ تُدْرِكَ الاستعصاء بعَقْلِ قَدَمِكَ اللَّهُوف، وأنْ تُرَاوِغَ، تَتَحَرَّى، تنسج حجَّةً بدُبُرِ حجَّة، حيلة تتوسَّل بحيلة، ولا تَبْلُغ. أنْ تتراوحَ درجاتٍ في البُعْد، وأنْ يَصِلَ اليأسُ حَدَّ اعتبارِ الوصولِ درجةً في الضلال، وأنْ لا تَكْتَرِثَ لفَرْطِ ما اكْتَرَثْت. بوابةُ نزاهةٍ تقف هناك، أمام حُرَّاسِها زَبَانِيَةِ المضائق وزَبَانِيَةِ العالَم لازدِواجِ وظيفتهم، فذاتُ البابِ مخرجٌ ومدخل، وذاتُ البابِ يأسٌ وعَشَم؛ وذاتُ البابِ لَيْسَ ذاتَ الباب، بل البابُ بصيرةُ الرَّائي.

في الأصلِ الافتراضيِّ المعلومِ مِن آيات بَيْدَق، لَمْ يَكُن حُرَّاسُ السِّين الملثَّمُون بالمعرفةِ سوى فصيل، محض فصيلٍ، من حُرَّاس المدائح الخلفاء في وادي السّجوع. قومٌ غِلاظُ الألَم، بأفئدةٍ رنَّانةٍ بالهَوَايِل، عليهم عباءاتٌ وأَوْصِدَة، وعلى أعيُنِهم، أيْ ما يبدو لنا من وجوهم الملتفَّةِ بالقماش المطرَّز، كُحْلٌ مِن منقوعِ فاجعة. حُرَّاسُ المدائحِ جَوَّالةٌ في بَوَادِي الرَّمل ببَيْدَق، جَوَّالَةٌ يَهْدِمُون اليومَ ما شَادَوْه بالأمس، وعَمَلُهم ليسَ سِوَى المطاردة. يُطَارِدُون المديح؛ ما إنْ يُبْصِر أحدُهُم مديحاً حتّى يَزُمَّ يدَه على فَمِه، مُطْلِقَاً صوتَ كلبةٍ في المخاض، ليلتفَّ الفصيلُ بأكملِه حول المديح المنمَّق المسكين. يأتُون من كلِّ بقاع بَيْدَق، بالأجنحة والأقدام وعلى أكُفِّ العفاريت، رَامِينَ الحفاظَ على أصلِ المديح كطريدةٍ وفَخّ، متكالبين عليه بالأقواس؛ قوسِ الكفايةِ وقوس الكَفّ، حرفة الصنائع كلها، مَرْدُود وادي السجوع.

يَدَّعِي المديحُ نَسَبَاً في الحنان، يَدَّعِي صِلَةً بالعطش الذي في حلقي، صِيغة الحادب، إشارات الموَدَّة؛ للمديح ترسيمةٌ في الطَّيْش، خلاصةٌ في الرُّعونة، وللمديح النقص: كلُّ مديحٍ ناقصٌ، لا مديحَ يكتمل؛ كذا لا كمالَ يُمْتَدَح. وهذا يستنِدُ على وثائق من صحيفةِ المواضعاتِ تزعمُ أنَّ بَيْدَق ستشهدُ كمالاً واحداً، مَرَّةً واحدةً تَثْقُب، وكُتِبَ أنَّه حينَ يَحْدُث تَمْدَحُ بَيْدَق كُلُّها إلى أنْ تُفَجِّرَها قسوةُ الكمالِ الفَاشِيَةِ الماحقة، ويبقى التمساحُ وحدَه لأنَّه لن يُخْدَع؛ إلا أنّه سيُصاب بالضجر، ولن يتبقَّى له سوى أن يَستمْنِي طيلة الدهر في استمناءةٍ طويلةٍ لا تَنْفَد؛ تصبحُ تاريخَ بَيْدَق."



أبوبكر عباس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-07-2011, 05:43 AM   #[10]
أبوبكر عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

ما فهمت مداخلتك يا فتحي!
عليك الله ما تقول لي: أمشي فتش ليك ناقد خليهو يفهمك



أبوبكر عباس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-07-2011, 05:51 AM   #[11]
أبوبكر عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سماح محمد مشاهدة المشاركة
ولا يهمك يابابكر...
كامل تعاطفي مع ردة فعلك
صباح الخير سماح
أرفض التعاطف يا سماح.
يا أخي أنا معول عليك انتي بالذات تترجمي لينا الرواية دي أو يا عملات مازن مصطفى، تجسريها لينا!
اقتباس:
مسئولية النقد ما تبقى من استغلاق؛ على الناقد أن يعمل على التجسير الضروري. مسئوليتي تنحصر في أن أكتب كتابة جيدة، بالقدر الحتمي من النقص لا أكثر؛ وأن لا أنحدر عمّا عليه الكتابة، وهي مسئولية جليلة لا تحتمل مهاماً تخص كسل الأخرين.
مازن مصطفى



أبوبكر عباس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-07-2011, 07:58 AM   #[12]
بله محمد الفاضل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بله محمد الفاضل
 
افتراضي

مازن مصطفى
كاتب نابه
لا غبار عليه
غير أن أناه عالية
وهو أمر لا يحمد له
إن قعد في مرمى نظره

والكتابة ليست بالضرورة (يا سماح)
في متناول يد كل قارئ
إذ لا يمكن استحضار القراء إبانها
وبالتالي فإنه تستغلق على البعض
وتفهم لدى الآخر
وحتى بين من تفهم لهم تتباين الآراء حول المعنى
ولن يتفق على كتابة ما أحد

الكتابة بالضرورة هي ما تثير التساؤلات
وأعني الكتابة الإبداعية
.
.
.
سلمت بابكر
ولك التحايا والمحبات
ولزوارك الكرام



التوقيع: [align=center]الراجِلُ في غمامةٍ هارِبةْ[/align]
بله محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-07-2011, 08:12 AM   #[13]
أبوبكر عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بله محمد الفاضل مشاهدة المشاركة
والكتابة ليست بالضرورة (يا سماح)
في متناول يد كل قارئ
إذ لا يمكن استحضار القراء إبانها
سلامات بله
لكن يا بله حتى في فن الرواية!
عرفنا الفن التشكيلي و الشعر.
عموما أنا معندي مشكلة في انو المعنى أستعصى عليّ،
لكن كمان تصنيفو لينا بالرعاع صعبة شوية



أبوبكر عباس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-07-2011, 08:19 AM   #[14]
فتحي مسعد حنفي
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية فتحي مسعد حنفي
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بابكر عباس مشاهدة المشاركة
ما فهمت مداخلتك يا فتحي!
عليك الله ما تقول لي: أمشي فتش ليك ناقد خليهو يفهمك


أنا قصدت أقول بابكر اتلبس وجاب لينا كلام الطير في الباقير..
أسمع ياخوي كان كلام مازن دا ياهو الشي البسموهو أدب أنا من هسة داير أبقي قليل أدب.
أوعي دي تكون من بواقي محاولاتك الجامعية لمواكبة الأدب والأدباء؟
أريتك كان بقيت علي السينما والكورة وبقيت قليل أدب..غايتو ذكرتني أخونا كمال شانتير الجاتو نوبة فلسفة وبقي يكتب حاجات غريبة زي ذهبنا الي الخرطوم منتعلين تاكسيا أصفر فتكلزمنا(يعني دخلوا سينما كولزيوم) وتسلسلنا بحبات من ألقرع الأبيض ثم تقزقزنا بجرم أسمر.. مش ياهو دا ذاتو..
انت بالمناسبة محمد منصور درسك في الجامعة



التوقيع: شيخ البلد خلف ولد..
سماهو قال عبد الصمد..
كبر الولد ولامن كبر نهب البلد..
ما خلي زول ما قشطو..
وآخر المطاف بقي شيخ بلد..
عجبي..
فتحي..
فتحي مسعد حنفي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-07-2011, 08:33 AM   #[15]
الرشيد اسماعيل محمود
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الرشيد اسماعيل محمود
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بابكر عباس مشاهدة المشاركة
أستخدم دمي كاملاً لفحص دمي كاملاً؛ لا أحترم من يبذل جهداً أقل. الرعاع لا أرغبهم؛ أحتقرهم في حقيقة الأمر. لست معنياً بالتجريد الأبله المسمى بالجمهور، وذاك المسمى بالشعب: هذه كتل فضفاضة ومتغيرة؛ وككل تجريد متعسف، يخدم مصالح متعددة البؤس تمعن عبره في ستر نفسها. لست معنياً ب"المثقف" الذي ربما يعني كل شيء! من هو المثقف؟ بتعريف "الكل المركب" بتاع تايلور كلنا مثقفين، لكن، هل نحن كذلك؟ هذا الكائن الخرافي لا يهمني؛ كلما سمعت اسمه أتحسس جسدي. لست مهتماً بأي قاريء؛
يا بابكر مازن دة كلامو كلام زعل بس.. يبدو إنّو كان محتقن من السائل لأسباب يعلمها أو لا يعلمها الناس.. لكن لو قعد براهو وراجع نفسو حيلقي إنّو قال كلام فادح الخطل..
مازن زول كتّاب وله أسلوب ممتع جدّاً.. واثق في نفسو.. وبه غرور ظاهر.. لكن في الحاجات البتتعلّق بالمتلقي لكتابتك.. يلزمك تمرق من قوقعة غرورك وثقتك دي شويّة..
طيّب إنت ليه نشرت الرواية من الأساس.. عشان القاريء طبعاً.. طيّب كيف تجي تقول:
اقتباس:
لست مهتماً بأي قاريء؛
والله مهتمِّ بيهو جنس إهتمام.. الموضوع ما موضوع رأي الكاتب الشخصي.. بل بما أمامنا.. يعني مجرّد ما تنشر كتابتك.. ما بيكون عندك الحق تاني في تقرير كل ما يختص بالقاريء.. دي جزئية مرقت من يد الكاتب.. إنت خلاص.. سلطاتك وصلاحياتك مرقت من يدّك.. بقي في إنفراد بالسُلطة من جانب القاريء..
وحكاية الأمّي وما عارف ليك دي جزئية فيها خلط ولبس كبير.. اذا اعتمدنا علي من هو الأمّي.. ياخي الموضوع متعلق بالذائقة.. وما عندو أيّ علاقة في مستواه المتناقش عليه بالأميّة.. يعني بما إنّو الموضوع متعلٌّق بقراءة كتابة ما.. يبقي بالضرورة مرق من حتّة إنّو المتلقي أمّي من الأساس..
لكن شكلو مازن داير ينفخ ويظهر عضلاتو واحتمال يهرش السائل.. ودة إسمو خم بتاع زول متضخّم الأنا.. زي ما قالت سماح..
المهم:
مازن كاتب جيّد جدّا.. لكن شكلو كان زعلان..
لكن عليك الله يا بابكر.. يعني فحص الدم داك قاصد بيهو شنو هنا..؟



الرشيد اسماعيل محمود غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 01:13 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.