دانيال كمبوني مدارس التعدد السوداني

أمير الشعراني · 12-10-2008, 04:00 PM

[frame="7 80"]دانيال كمبوني مدارس التعدد السوداني
بقلم: أمير الشعرانى
دعوة الى ساسة بلادي للتأمل في طابور الصباح من داخل كلية كمبوني الثانوية بالخرطوم، تلاميذ من كل السودان، ثقافات مختلفة، اديان متعددة متحدة فى الخير، تتعايش فى سلام ومحبة، قبائل متنوعة اللهجات والاعراق، كل هذا التعدد يجمعه طابور صباح واحد ونشاطات تقوم على المنافسة الشريفة.
مكتب الأساتذة داخل الكلية، سودان آخر نبحث عنه، في المدخل الاستاذة أمل الشايقية توزع ابتسامات الترحيب والوداع، الى يسارها الاستاذ كادلو ثم يوسف وشارلس لابوكا وعلاء الدين وجوزيف واخلاص عبدالحليم ومريم القبطية وخالد..
أليس هذا هو الوطن الذي نبحث عنه؟!
(1)
الاب بول انيس المدير العام لكلية كمبوني القسم الثانوي استضافنا في مكتبه الانيق بسماحة خاطر وغزير معلومات جهلناها ام جهلها تاريخ السودان، عن صاحب المؤسسات التعليمية التي ضمت كل هذا التعدد العرقي والديني والثقافي فى السودان.
وكمبوني الذى ذهبنا نتقصى سيرته، وصفه أحد المؤرخين الافارقة بانه:" كان طويلاً منتصب القامة يتمتع بجسم رياضي وبشرة سمراء وعينين تبدو فيهما الحياة والحنان وشعر اسود وذقن طويلة وجبهة عريضة صافية وصوت قوي ممتليء. كان يتمتع بعزة نفس طوال حياته، وكانت لديه موهبة الكلام بطلاقة، وكانت له روح الطفولة التي لا تعرف الكذب أو النفاق مما جعل البعض يسيء فهمه احياناً، وكان يتحدث الايطالية والفرنسية والالمانية والعربية والاسبانية وعدة لغات افريقية".
(2)
ولد دانيال كمبوني في مارس 1831 في مدينة (ليموني) الايطالية لابوين فقيرين يكسبان قوتهما من عملهما في معصرة ليمون، درس الابتدائي بالقرية الجميلة التي احتضنته ثم ذهب الى فيرونا ليسجل اسمه كتلميذ غير مقيم في المدرسة الانجليزية لان الاقامة تتطلب منه رسوماً مالية اكثر من طاقته، ثم انتقل للدراسة في مدرسة الاب ماذا التي انشأها لتكون ملاذاً للطلاب الفقراء والموهوبين الذين لا يستطيعون تسجيل اقامة داخل مدارس الدولة، بعد تخرجه فيها انضم الى مجمع نشر الايمان الذي كان يعمل على انشاء ما يسمونه (النيابة الرسولية الى وسط افريقيا) كعضو بسيط فى العام 1846م .
(3)
لإحياء الرسالة التبشرية في افريقيا سمح الاب ماذا من مجمع نشر الايمان بارسال خمسة كهنة الى افريقيا وقد كان دانيال كمبوني اصغر افرادها سناً اذ كان عمره لا يتجاوز الـ(26) عاماً.
في العاشر من سبتمبر 1857م ابحر المبشرون الخمسة من (تريست) الى الاسكندرية ومنها (40) يوماً على نهر النيل حتى وادي حلفا و(60) يوماً على ظهور الجمال الى الخرطوم وعبروا النيل الابيض واستقروا في ام درمان.
(4)
استمرت الخدمة الاسقفية لكمبوني في السودان اربعة اعوام وقد مرت بأحداث مأساوية حيث ادى الجفاف الى حدوث المجاعة التي جعلتهم يأكلون الاعشاب الجافة واعقبت اشهر الجفاف امطار غزيرة أدت الى تدمير مساكنهم حيث اضطر سكان ام درمان الى النوم في العراء تحت المطر وكان كمبوني معهم، وبعد مضي سنتين توفى المبشرون الاربعة بالملاريا مما اثر على صحته، فتوفى في اكتوبر 1881م.
(5)
اول مدرسة لكمبوني انشئت في ام درمان بالقرب من السوق في العام 1881م استمرت في تطور وازدهار حتى دخول الانجليز، ثم جاءت فترة المهدية التي كانت وبالاً عليها. ويقول الاب بول انيس: فترة المهدية كانت فترة عصيبة من التاريخ تم فيها هدم مقار الارسالية وقتل واسر الرهبان.
إلا ان الاب جوزيف اوهور والد احد الناجين القلائل من اهوال السجن عاد للخرطوم وفي العام 1899م وأقام القداس واعيد البناء من جديد لاستمرار رسالة كمبوني.
لتستمر مدارس كمبوني حتى يومنا هذا، منبعاً سودانياً للعلم والمعرفة وبوتقة للتعايش الاديان فى ود ومحبة وسلام.
(6)
الرئيس السابق جعفر نميري يحمد له انه أول مسؤول يفتح أبواب كلية كمبونى _ التى كانت مشرعة للجاليات الاجنبية فقط _ لكل أبناء السودان، فما بعد فترة الخليفة التعايشى وما قبل مايو، كانت كلية كمبوني مهبطاً للطلاب الوافدين من خارج السودان لأكثر من (18) جنسية، أما بعد ذلك فاصبحت سوداناً جديداً فيه كل ابناء الوطن مسلمون ومسيحيون اقباط وجنوبيون وشماليون ومن كل بقاع الوطن بمختلف سحناتهم ولهجاتهم واديانهم، وان كانت النسبة بين المسلمين والمسيحيين تتفاوت بين (50- 52- 53%).
(7)
اشهر من درس فى رحاب هذه الكلية هما السيدان الصادق المهدي امام الانصار وزعيم حزب الامة والدكتور حسن عبدالله الترابي زعيم المؤتمر الشعبي وغيرهما الكثيرون لم تسعف ذاكرة الاب بول استرجاعهم.
(9)
عزيزى القارئ : هل تعرف احد هؤلاء النوابغ؟! إذا كنت واحداً منهم، أو تعرفهم الرجاء الإتصال بـ "حكايات"!
1- احمد فؤاد عبدالسلام
2- الامين محمد الامين
3- انجلو نيكوزي
4- ارام بنوس كالباكيان
5- اتانا سيوس باقولو توس
6- سعد سيد رمضان
7- محمد سعد النور
من عباقرة كلية كمبونى، احتفلت بهم الكلية في العام 1955م بحضور الزعيم إسماعيل الازهري.[/frame]

12-10-2008, 04:00 PM	#[1]
أمير الشعراني :: كــاتب نشــط::	دانيال كمبوني مدارس التعدد السوداني [frame="7 80"]دانيال كمبوني مدارس التعدد السوداني بقلم: أمير الشعرانى دعوة الى ساسة بلادي للتأمل في طابور الصباح من داخل كلية كمبوني الثانوية بالخرطوم، تلاميذ من كل السودان، ثقافات مختلفة، اديان متعددة متحدة فى الخير، تتعايش فى سلام ومحبة، قبائل متنوعة اللهجات والاعراق، كل هذا التعدد يجمعه طابور صباح واحد ونشاطات تقوم على المنافسة الشريفة. مكتب الأساتذة داخل الكلية، سودان آخر نبحث عنه، في المدخل الاستاذة أمل الشايقية توزع ابتسامات الترحيب والوداع، الى يسارها الاستاذ كادلو ثم يوسف وشارلس لابوكا وعلاء الدين وجوزيف واخلاص عبدالحليم ومريم القبطية وخالد.. أليس هذا هو الوطن الذي نبحث عنه؟! (1) الاب بول انيس المدير العام لكلية كمبوني القسم الثانوي استضافنا في مكتبه الانيق بسماحة خاطر وغزير معلومات جهلناها ام جهلها تاريخ السودان، عن صاحب المؤسسات التعليمية التي ضمت كل هذا التعدد العرقي والديني والثقافي فى السودان. وكمبوني الذى ذهبنا نتقصى سيرته، وصفه أحد المؤرخين الافارقة بانه:" كان طويلاً منتصب القامة يتمتع بجسم رياضي وبشرة سمراء وعينين تبدو فيهما الحياة والحنان وشعر اسود وذقن طويلة وجبهة عريضة صافية وصوت قوي ممتليء. كان يتمتع بعزة نفس طوال حياته، وكانت لديه موهبة الكلام بطلاقة، وكانت له روح الطفولة التي لا تعرف الكذب أو النفاق مما جعل البعض يسيء فهمه احياناً، وكان يتحدث الايطالية والفرنسية والالمانية والعربية والاسبانية وعدة لغات افريقية". (2) ولد دانيال كمبوني في مارس 1831 في مدينة (ليموني) الايطالية لابوين فقيرين يكسبان قوتهما من عملهما في معصرة ليمون، درس الابتدائي بالقرية الجميلة التي احتضنته ثم ذهب الى فيرونا ليسجل اسمه كتلميذ غير مقيم في المدرسة الانجليزية لان الاقامة تتطلب منه رسوماً مالية اكثر من طاقته، ثم انتقل للدراسة في مدرسة الاب ماذا التي انشأها لتكون ملاذاً للطلاب الفقراء والموهوبين الذين لا يستطيعون تسجيل اقامة داخل مدارس الدولة، بعد تخرجه فيها انضم الى مجمع نشر الايمان الذي كان يعمل على انشاء ما يسمونه (النيابة الرسولية الى وسط افريقيا) كعضو بسيط فى العام 1846م . (3) لإحياء الرسالة التبشرية في افريقيا سمح الاب ماذا من مجمع نشر الايمان بارسال خمسة كهنة الى افريقيا وقد كان دانيال كمبوني اصغر افرادها سناً اذ كان عمره لا يتجاوز الـ(26) عاماً. في العاشر من سبتمبر 1857م ابحر المبشرون الخمسة من (تريست) الى الاسكندرية ومنها (40) يوماً على نهر النيل حتى وادي حلفا و(60) يوماً على ظهور الجمال الى الخرطوم وعبروا النيل الابيض واستقروا في ام درمان. (4) استمرت الخدمة الاسقفية لكمبوني في السودان اربعة اعوام وقد مرت بأحداث مأساوية حيث ادى الجفاف الى حدوث المجاعة التي جعلتهم يأكلون الاعشاب الجافة واعقبت اشهر الجفاف امطار غزيرة أدت الى تدمير مساكنهم حيث اضطر سكان ام درمان الى النوم في العراء تحت المطر وكان كمبوني معهم، وبعد مضي سنتين توفى المبشرون الاربعة بالملاريا مما اثر على صحته، فتوفى في اكتوبر 1881م. (5) اول مدرسة لكمبوني انشئت في ام درمان بالقرب من السوق في العام 1881م استمرت في تطور وازدهار حتى دخول الانجليز، ثم جاءت فترة المهدية التي كانت وبالاً عليها. ويقول الاب بول انيس: فترة المهدية كانت فترة عصيبة من التاريخ تم فيها هدم مقار الارسالية وقتل واسر الرهبان. إلا ان الاب جوزيف اوهور والد احد الناجين القلائل من اهوال السجن عاد للخرطوم وفي العام 1899م وأقام القداس واعيد البناء من جديد لاستمرار رسالة كمبوني. لتستمر مدارس كمبوني حتى يومنا هذا، منبعاً سودانياً للعلم والمعرفة وبوتقة للتعايش الاديان فى ود ومحبة وسلام. (6) الرئيس السابق جعفر نميري يحمد له انه أول مسؤول يفتح أبواب كلية كمبونى _ التى كانت مشرعة للجاليات الاجنبية فقط _ لكل أبناء السودان، فما بعد فترة الخليفة التعايشى وما قبل مايو، كانت كلية كمبوني مهبطاً للطلاب الوافدين من خارج السودان لأكثر من (18) جنسية، أما بعد ذلك فاصبحت سوداناً جديداً فيه كل ابناء الوطن مسلمون ومسيحيون اقباط وجنوبيون وشماليون ومن كل بقاع الوطن بمختلف سحناتهم ولهجاتهم واديانهم، وان كانت النسبة بين المسلمين والمسيحيين تتفاوت بين (50- 52- 53%). (7) اشهر من درس فى رحاب هذه الكلية هما السيدان الصادق المهدي امام الانصار وزعيم حزب الامة والدكتور حسن عبدالله الترابي زعيم المؤتمر الشعبي وغيرهما الكثيرون لم تسعف ذاكرة الاب بول استرجاعهم. (9) عزيزى القارئ : هل تعرف احد هؤلاء النوابغ؟! إذا كنت واحداً منهم، أو تعرفهم الرجاء الإتصال بـ "حكايات"! 1- احمد فؤاد عبدالسلام 2- الامين محمد الامين 3- انجلو نيكوزي 4- ارام بنوس كالباكيان 5- اتانا سيوس باقولو توس 6- سعد سيد رمضان 7- محمد سعد النور من عباقرة كلية كمبونى، احتفلت بهم الكلية في العام 1955م بحضور الزعيم إسماعيل الازهري.[/frame]
أمير الشعراني :: كــاتب نشــط::	التوقيع: [frame="7 80"]أنت رحوم إذا أعطيت .. لكن لا تنسى وأنت تعطي أن تدير وجهك عن الذي تعطيه فلا ترى حياءه عارياً أمام عينيك[/frame]