اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عكــود
[align=justify][align=center]القمرية رغم النبلة ، صوت الطلقة والحاحاي
مالي غُناها عصريّاتنا يوم ما خلّت القوقاي[/align]
في البدء لا بد من وصف مدينة الزهور أو المدينة الحديقة كما يسمّيها الرومان. "تمشوارا" تلك المدينة التي أحببت والتّي قضيت فيها أجمل أيّام حياتي على الإطلاق. مجمّع السكن الجامعي يبعد حديقتان ونهر من وسط المدينة، فالمسافات في تمشوارا تقاس بالحدائق والأنهر لا بالكيلومترات، أمّا الجامعة فتبعد حديقة وشارع رئيسي. لذا كان يصدف أن يمر الشهر والشهران دون أن نستغل وسيلة مواصلات، رغم توفّرها ورخص ثمنها.
ذات عصرية في أولى أيّامنا، وأنا أستكشف المدينة، متوجّهاً إلى وسط المدينة وبعد عبوري جسر نهر "البيقا" بدأت في المشي قاطعاً الحديقة الأولى وحولي كل الجمال من خضرة وماء و وجه حسن. أطفال يلعبون في المراجيح، عشّاق شغلوا معظم الكنبات المطلّة مباشرة على النهر وكل زول مشغول بزولو في نقّة محبّبة يتخلّلها عناق حميم، حيث لا تكون فقط "شفاه لشفاه مقاربة" بل تجدها في أشد حالات الإلتحام.
الأشجار عالية شديدة الخضرة كثيفة الظل، شجيرات الورود مصفوفة بتنسيق بديع وكأنّها قد رُسمت بريشة فنّان، الهواء عليل والشهر أبريل.
هذا عن جانب الطبيعة، أمّا عن الجانب الذي يخصّني، فلم أكن قد تشافيت بعد من أعراض الغربة ولم أكن قد تكيّفت على الوضع الجديد تماماً. ما زلت أذكر سفرتنا الأولى، وكيف كانت، القرير – الخرطوم – أثينا – بوخارست – تمشوارا. زميلنا ونحن في القطار إلى تمشوارا كان تعليقه (ياخوانّا نحن ما أتوكّرنا تِوِكِّرة كعبة بالحيل، عليكم الله شوفو القطر ده . . الشمس مرّة تجيك من هنا، ومرّة من الجهة التانية ولسّع ما وصلنا!!).
نعود إلى الحديقة، وأنا في هذه الحال وسارح بالخيال، أسمع، لأوّل مرّة في تمشوارا، صوت قمريّة تقوقي ! لم أصدّق في بادئ الأمر، إلى أن قوقت وقوقت وقوقت. يا الله ويا سلاااااام، بسرعة لقيت نفسي ماشي من القرير لجزيرة مسّاوي، في الطريق مشيت بجزيرة "أم حوتي" حيث يجف الماء عنها في الشتاء وتصبح "مخاضة"، الدرِب محدّر عند ساقية "التراتير" يشق مزارع الجزيرة الشتوية من طماطم ولوبيا وعيش الريف وبامية وبطيخ وشمّام و و و . . ،
والقماري تقوقي . .
البنات عاملات وقاية الرأس بطرف التوب وشايلات صفايح الموية بعد أن وَرَدَن. طرف التوب متدلّي إلى أن يصل نصف الساق من الخلف، إهتزاز مشيهِن تصاحبه، في تناغم تام مع مساعدة إهتزاز الكفل، قطرات تنزل من أعلى الصفيحة وتسلك طرف التوب المتدلّي إن أن تصل نصف الساق الخلفي فتغسل منه جزء، فيلصِف من بين فتحات التوب المتدلّي، ثمّ تواصل الإنسياب لتصل حتى السفنجة فتختلط بالتراب ليكون باطن السفنجة نصفه أسود، بفعل الطين، والنصف الآخر أبيض بفعل مصنع "الوزّتين" الصيني.
والقماري تقوقي . .
لم أكمل المشوار فجلست تحت شجرة القمرية ولساني يردّد أغنية:
قوقي يا قمريّة ردّدي لي غناكيّ
قلبي لمّ حِبَيْبو صُدِّي علي جناكي
وأين أنا من الحبايب اليوم بعد هذه التِوِكِّرة؟[/align]
|
البنج عكود..
صديق الطيور


لا أدري لماذا حين طالعت سير رحلتك : القرير- الخرطوم- أثينا- بوخارست- تمشوارا تناهى إلى أنك تستقل سفريات التوحيد ،
بل أنه حتى وأنت هنالك لم يرق لك اللحم الأبيض المتوسط فذهبت مخيلتك جيهة الساقية والبنوت.
هل لازلت مورًطاً بالشمالية!
إنك مسكون بالجمال والصدق.
أنيق هو قلمك..
متابعين