فى قمة شعوري !!! النور يوسف

Camera .. ZOOM !!! معتصم الطاهر

حِينَ يُبْهِجُك الآخَرُون وَتُغْرِيكَ الكِتَابَة !!! عبد الله جعفر

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-09-2009, 12:59 PM   #[1]
دفع الله حماد حسين
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي أوراق من ذكريات السراية (114 ) وادمدنى صيف/خريف 1994

[align=center]أوراق من ذكريات السراية ( 114 )
وادمدنى صيف/خريف 1994
( 1 )
السراية 114
بعد إنشاء خزان سنار لرى أراضى مشروع الجزيرة بوسط السودان لزراعة القطن طويل التيلة وتصديره إلى إنجلترا لتصنيع الملابس القطنية فى لانكشير ببريطانيا شرع المستعمر فى ذلك الوقت فى إنشاء مساكن لمفتشى الغيط من البريطانيين فى مختلف أقسام المشروعوعمل المستعمر على إسعاد العاملين من البريطانيين وتوفير سبل الراحة وكان ان قام ببناء مساكن على مساحات شاسعة تحيط بها الأشجار حتى تقى العاملين من البريطانيين حر الصيف الللافح. وداخل أسوارها يمكن للساكن ان يستزرع مساحات لزراعة الخضر والفاكهة وتربية الدواجن والأغنام والابقار.
أصبحت تلك المساكن التى توزعت على مشروع الجزيرة من أدناه إلى أقصاه أصبحت تعرف بالسرايات وغالبا ما تكون بالقرب منها مكاتب ي}مها المزارعون لإستلام البذور وصرف المستحقات....الخ.
من بين تلك السرايات التى أنتظمت مشروع الجزيرة توجد سراية فى قلب المدينة بالقرب من آليات الرى التابع لمشروع الجزيرة والتى تقوم بأعمال الحفريات وشق الترع التى تروى المشروع وكل ما تتطلبه العمليات الزراعية.
مؤخرا تم تحويل تلك السراية إلى مكاتب لجهاز الأمن وتم بناء حراسات فى داخلها لإعتقال المناوئين وايضا تستقبل كل من يعتقله جهاز الأمن لأسباب أخرى لاعلاقة لها بالأنشطة السياسية المعادية.

( 2 )

طلاب( كلية ابو حراز الزراعية ) يغادرون بعد إنتهاء عام دراسى تخللته أحداث تعدى طلاب الإتحاد السابق مسنودين ومزودين ب ( قاشات العسكر وهراوات ومدى ) على طلاب الإتحاد الجديد الذين كنانوا داخل مبنى الإتحاد يترقبون عملية التسليم والتسلم وبينما هم داخل القاعة هجم عليهم طلاب ملثمون يحملون مدى وهراوات وقاشات و بدلا عن أوراق التسليم والتسلم. إنهالوا عليهم طعنا وضربا وبعد قليل وصلت قوات الأمن والتى يبدو انها كانت تنتظر الحدث وترابض فى الجوار.
تم حمل الجرحى إلى المستشفى وجلهم من طلاب الإتحاد الجديد وتم تسجيل الحادثة بإعتبار انها مشاجرة حسب البلاغ المقدم من عميد الكلية ومن تتحسن حالته من طلاب الإتحاد الجديد تتم حلاقة شعر الرأس ومن ثم تتم إحالته للحراسة. ذهبت مع أحد الأساتذة- بحكم عملى فى دائرة شئون الطلاب- لمكاتب الشرطة وقمنا ب(ضمان) الطلاب المحتجزين والذين تم إعتقال البعض منهم بعد إنتهاء العام الدراسى مرة أخرى حيث تم التقاطهم من بوابة الخروج حيث كان يعسكر رجال الأمن منذ الصباح الباكر.
وبعد إنتهاء ذلك اليوم وجدت بعض الأشخاص ينتظروننى أمام منزلى وعرفونى بأنهم يعملون فى الأمن ويودون تفتيش المنزل وكان التركيز على المكتبة وبالطبع لم يخرجوا منها بغير خطابات شخصية حملوها معهم وطلبوا منى الذهاب إلى مكاتب الأمن ووجدت نفسى فى السراية 114 وفى اليوم التالى تمت إعادة الخطابات لى ويبدو أنهم لم يعثروا على دليل إدانة ورغم ذلك بقيت فى الإعتقال اربعين يوما.
وعند الغروب طلبوا منى التوجه إلى أحدى الزنزين (مترتن فى مترين ) حيث وجدت ستة اشخاص وعند الغروب أحضروا لنا سندوتشات فول مغلفة بورق الصحف الرياضة وتكررت الحكاية صباح اليوم التالى وعلمت ان سندوتشات الفول تقدم فى الصباح والمساء مغلفة بورق الصحف الرياضية حتى يتم عزلنا عما يدور فى الخارج وكان يتم فتح ابواب كل زنزنانة على حدة حتى لايتبادل المقبوض عليهم الحديث . فتح الزنازين يتم صباح مساء فقط وكنا نتزود بالماء من الحمام المجاور ولما كان الوقت خريفا كان البعوض يسلمنا إلى الذباب والذباب يسلمنا للبعوض وكنا نتناوب نش البعوض عند المساء بما لدينا من ملابس زائدة ولحسن الحظ كنت أرتدى حذاءا توسدته حيث كانت تتم مصادرة الملاءات والبطاطين وبعد أربعين يوما بالتمام طلبوا منى حمل أمتعتى والتوجه مع احد الحراس لمقابلة عميد الكلية السابق والذى اصبح نائبا لمدير الجامعة وكان ان تم إطلاق سراحى وكلاهما لم يكن بمنأى عن نشاط جهاز الأمن.



( 3 )
صبرى
عاد صبرى من ليبيا حيث كان يعل موظفا بأحدى الشركات وفى مساء أحد الأيام داهمت مجموعة من رجال الأمن منزلهم الكائن فى قشلاق البوليس حيث يعمل والده ضمن الشرطة بمدينة وادمدنى وعثروا من بين المضبوطات على خطاب كان قد أرسله الى اخته من ليبيا واستعار فى ذلك الخطاب مقطتفات من مقال للأديب الراحل الطيب صالح والتى كانت تعتبر من التابوهات فى ذلك الوقت:

من هولاء الناس؟
ومن أين جاءوا؟
وهل ولدتهم أمهاتهم؟

وقد نشرها الأديب الطيب صالح وأطلع عليها القراء فى العالم العربى وربما تمت ترجمتها ضمن ما تمت ترجمته للأديب الرحل. وأعقب ذلك هجمة شرسة من سدنة النظام ضد أعمال الطيب صالح وتم حظر تدريس روايته موسم الهجرة إلى الشمال المترجمة إلى اللغة الإنجليزية والتى كانت تدرس لطلاب الأدب الإنجليزى فى الجامعات السودانية بإعتبار انها تم تصنيفها من ضمن أفضل مائة رواية عالمية وإضطر النظام للتراجع عن الحظر والعفو عن كاتبها والإعتراف بفرادته وتكريمه فى وقت لاحق أسوة بالآخرين الذين اعترفوا بفرادته .
عندما كان يعود صبرى من جلسات التحقيق الليلى حيث كانت تنطلق أصوات التعذيب المسجلة والتى يراد للمعتقل أن يسمعها أثناء التحقيق لتضفى جوا من الرهبة . يروى صبرى أنه فى نهاية كل تحقيق يطلب منه الرائد هجو قراءة الخطاب الذى أرسله لأخته من ليبيا وعندما يصل صبرى إلى تساؤلات الطيب صالح وعندما يحاول صبرى خفض صوته يطلب منه الرائد هجو رفع صوته ويدعوه إلى تكرار تساؤلات الطيب صالح ويطالبه بشرح ما يقصده الطيب صالح إمعانا فى السخرية والإستهزاء.




( 4 )

النميلة
كان من بين المعتقلين لأسباب سياسية أحد الأشخاص وكان يطلق عليه فى داخل المعتقل لقب النميلة لدقة حجمه وبساطته وعفويته التى لاتخلو من سذاجة عندما نلم بقصته. سألناه اين يعمل ولماذا جاء إلى هنا؟
ذكر انه يعمل بالرى فى مدنى ويبدو انها وظيفة متواضعة وكان له قريب من القضارف على غير وفاق معه كما يبدو من الظاهر وقد يكون خلاف ذلك. وحتى الآن المسالة طبيعية جدا وحدث ان قام قريبه بالأبلاغ عنه بانه ينتمى لحزب البعث العربى الإشتراكى وقد كانت جريمة على عهد الإنقاذ فى ذلك العهد.
كعادة رجال الأمن يطلبون من الشخص الحضور يوميا لمكاتب الأمن علهم يستشفون شيئا وكما ذكر أن يوم إدخاله كان فى البوابة وحضر الضابط/ حيدر – وقد يكون هذا إسم حركى – لكنه كان يعرف بالضابط/ حيدر وسال الضابط/ حيدر النميلة عن الذى جاء به. تطوع النميلة وبكل عفوية الإنسان البسيط البرىء بالإدلاء بأسباب حضوره وعندها طلب منه الضابط حيدر الدخول إلى الزنازين وقام بتكليف احد الحراس بمرافقته.
ولم يتطرق الشك لأى معتقل بان النميلة لاناقة له ولاجمل فى ما يجرى وأنه سودانى بسيط وربما يعانى من تخلف عقلى وعندما كنا نساله عن معنى كلمة بعثى يعيد لنا ما قاله قريبه الذى أوقعه فى تلك المحنة ولايستطيع تفسير او تعريف لكلمة بعثى.
وهذا يذكرنى عندما كان هاجس بعض الشباب الهجرة إلى كندا وكنت قريبا أستمع لما يدور بين إثنين من الشاب:
االأول: أنا انوى الهجرة إلى كندا.
الثانى: لكن كندا دى ما قالوا بتاعة حزب البعث.
ولم اتمالك نفسى فأنفجرت ضاحكا.
ومرت الأيام وحكيت لطرف ثالث على معرفة بالطرفين ومحدودية تفكيرهما- فأجابنى:أخشى ان يكون الثانى قد صدقه؟
وسرت يوم إطلاق النميلة فرحة شملت كل المعتقلين وكان ان تطوع بكشف ما املاه عليه رجل الامن ساعة إطلاق سراحه وذكر أن قيل له عندما يعود للعمل ان لا يتطرق إلى حادثة الإعتقال وانه قد تم إخطار وحدته بان لا يتم خصم الغياب من راتبه ويعتبر فى مامورية وسوف يتم صرف إستحقاقه عن فترة الغياب وان يعتبر فترة الإعتقال كأن لم تكن وان لا يبوح بشىء.



( 5 )
إبراهيم
تختلف معاملة رجال الأمن للمقبوض عليهم من شخص لآخر فنجد بينهم ممن إضطرته الظروف المعيشية الضاغطة بأن يعمل مع جهاز الأمن وغالبا ما يكونون من السذج حملة الرتب الصغيرة وقد يتعامل مع المعتقلين بإعتبار أنهم لم يرتكبوا جرائم واضحة للعيان وكل ما فى الامر أنهم من المعارضين للنظام وأنهم ليسوا على وفاق معه وبالنسبة له أحدى يشكل العمل فى الأمن احدى سبل كسب العيش. على سبيل المثال يمكن أن يغض الطرف عن بعض ما يلتحف به بعض المعتقلين ولايشتط فى مصادرته أو يعطى البعض( سفة من التمباك ) او يطيل فترة الخروج لصلاة المغرب ولا يستعجلهم فى الدخول.
ورحت أتذكر قصيدة الشاعر هاشم الرفاعى ( فى ليلة التنفيذ ) يصف السجان:
هو طيب الأخلاق مثلك ياأبى......ولم يبد فى ظمأ الى العدوان
لكنه إن نام عنى لحظة ذاق العيال مرارة الحرمان

تعرضت للإصابة بداء الملاريا وقرر ممرض المعتقل إعطائى سوائل عن طريق الدرب والذى يتم تعليقه فى باب الزنزانة وكان الوقت بعد صلاة المغرب وسمح لى رجل الأمن/ إبراهيم بأن أتعاطى الدرب وانا مستلقى فى الخارج أمام باب الزنزانة ولسؤ حظه ظهر الرائد/ هجو ويبدو انه إسم حركى لضابط الأمن وكنا نسمع به من الذين تم التحقيق معهم ولم اكن قد رأيته من قبل لأن الخطابات التى تم أخذها من مكتبتى بالمنزل قد تمت إعادتها لى فى اليوم التالى لدخولى ولم يعثروا على شىء بالمنزل ورغم ذلك اسمعنا ما ذكرنى بعثمان دقنة ومحمود ود احمد فى قبضة الأعداء.
طلب هجو من إبراهيم إدخالى وإدخال الجميع وغقفال الباب وعندما ينتهى الدرب يمكنه إستدعاء الممرض لينزع الدرب وأفهمنا بأن هذا ليس فندق خمسة نجوم.

ورحنا نطيب خاطر إبراهيم والذى اوقعه سوء الطالع مع رئيس الوحدة ويبدو أن الظروف دفعته للعمل. لاحظنا أن إبراهيم يمضى نهاية عطلة الاسبوع مع أسرته الصغيرة فى أحدى القرى التى تتاخم المدينة وكان عندما يعود نتبسط معه ونسأله عن أحوال أسرته عندما يكون منفردا وعندها ينسى ما تم شحنه به من معاملة تجاه المعتقلين وفى احد المرات دار حوار بينه وبين أحد المعتقلين على إثر هروب أحد المعتقلين وكان معنا بالزنزانة وهو جندى سابق تم توجيه تهمة له على خلفية تصرفه فى مواد بترولية كانت فى عهدته ولما كانت الحراسات تحوى خليطا من السياسيين والمعتقليين على خلفية ما يعتبر جرائم إقتصادية وكل من يعترض رجال الأمن أو يدخل معهم فى مناكفات ويبدو ان القصد إدخال بعض العملاء المدسوسين حتى يسهل الحصول على المعلومات التى لايتم إنتزاعها عن طريق ذهب المعز أو سيفه وجىء به وكنا حذرين تجاهه.واخيرا علمنا بهروبه من غرفة الممرض وتزامنت تلك الواقعة مع وردية إبراهيم وحاول بعض المعتقلين تطييب خاطره:
معليش يا إبراهيم علمنا أن الجندى هرب من العيادة أثناء فترة عملك.
فأجاب : ما يفز ( يهرب ) إلا فى ورديتى؟
وأضاف بما معناه أنه يتعامل مع المعتقلين بإنسانية فكيف يتم جزاؤه بهروب أحدهم أثناء نوبة حراسته؟
وفى أحدى عطلات نهاية الأسبوع التى يمضيها مع أسرته بالريف تحدث معه البعض ناصحين بان يحضر اسرته للمدينة حتى يوفر على نفسه مشقة الذهاب والعودة وأن تكون أسرته بالقرب منه. فأجاب قائلا:
أحضر بنتى للمدينة علشان تطلع داعرة؟
وكان الجميع ينتظرون نوبة إبراهيم لتبسطه معهم وعدم القسوة فى المعاملة وأيضا كان يسمح للبعض بطلب ( سفة ) التبغ السودانى فقد كان ممن يتعاطون ( التمباك ) وهذا من المحظورات داخل ا

6
حسن نقابة
دخل حسن نقابة غرفة التحقيق بخطوات ثابتة غير آبه للأصوات المنبعثة والمتصاعدة من غرف مجاورة لغرفة التحقيق والتى تشير إلى أن هناك من يقع تحت التعذيب والضرب ولكنه قد تمرس على تلك المواقف بما لاقى من ضروب الإعتقال فى اوقات سابقة وكان على علم من تجاربه بان الغرض كسر الإرادة وإدخال الرعب حتى تلين مقاومته على الصمود .
دخل غرفة التحقيق والتى يتوسطها الرائد /هجو بجسمه المكتنز وأمامه منضدة تعج بالملفات وحوله بعض أفراد الأمن متجهمى الوجوه يرمقونه بنظرات عدائية ويحملون العصى والسياط ويتنمنطقون بالمسدسات وقد كان يعلم فى قرارة نفسه بانه لم يرتكب جرما يعاقب عليه غير كلمة حق فى وجه سلطان جائر.
نعم لقد كان من القيادات العمالية ويقود المظاهرات والإضرابات المطلبية وكلها ممارسات مشروعة فى نظره وسيظل يدفع عنها وليس فيها ما يعيب المرء.
وكمن عثر على كنز مفقود أو إكتشف جريمة غامضة, تغيرت سحنة الرائد/ هجو وكست وجهه بسمة ملؤها السخرية والإزدراء وظن انه عثر على الحلقة المفقودة فى نظرية التظور وأنه بصدد إعلانها على الملأ.
علم حسن نقابة أنهم بعد اعتقاله ذهبوا إلى منزله وقلبوه راسا على عقب وادخلوا الرعب فى نفوس اطفاله واخذوا معهم ما يخصه من أوراق وصور تذكارية ولم يدر بخلده انهم سيستجوبونه ويحاسبونه على ما احتفظ به من تذكارات قديمة وذكرى ايام عاشها ويعتبرها تنتمى لفترة تركها وراءه ولكن لم تطاوعه نفسه فى يوم من الأيام للتخلص منها لأنها كما يعتقد قد اضافت لتجربته فى الحياة واضحت من تراث الأسرة ومن يدرى فقد توثق الأسرة فى مستقبل ايامها لعميدها وتنشر تلك الصور والمذكرات على الملأ.
فرد الرائد هجو مجموعة من الصور الفتوغرافية وراح يتأملها بخبث وقد علت وجهه إبتسامة صفراء ماكرة واختار من بينها صورة يظهر فيها حسن مع بعض الشباب فى احد المهرجانات العالمية ويبدو انهم فى جلسة انس وقد تحلقوا حول مائدة تعج بما لذ وطاب من الماكولات والمشروبات وكان من بين محتويات المائدة زجاجة تحوى مشروب ( الفودكا ) وكان حسن يعلم تمام العلم ان المحقق يعلم تمام العلم بانه قد أقلع عن تناول الخمور بانواعها منذ زمن بعيد ولكن طالما الفرصة مواتية لإستفزازه فلن يضيع الرائد هجو تلك الفرصة.
وبصورة تنم عن الفجاجة المليئة بالخبث والحقد اشار الرائد/هجو للزجاجة من بين كل محتويات المائدة: ما هذه الزجاجة؟
وبالطبع لم يكن الرائد/هجو يتوقع إجابة صريحة وواضحة وكان يظن ان حسن سوف يتلعثم ويحاول التسويف كأن يقول مثلا انه كان يجلس مع هؤلاء الشباب ولاعلاقة له بتناول المسكرات ولكن فاجا حسن الرائد/هجو وفى غير ما وجل وبثقة تامة وصوت واضح قال له " انها زجاجة فودكا".( قالها بلكنته الشايقية: مى ياها الفودكا)
الإجابة التى لم يكن يتوقعها الرائد هجو وكان ينتظر من حسن ان يردفها بالإعتذار عن ايام الطيش والشاب وانه ترك تلك المسائل وراءه وما عاد يذكرها إلا نادرا.
لم يفعل حسن ذلك لأنه كان يعلم انهم يتبعونه ويحصون عليه انفاسه ويعلمون كل ما يقوم به وحتى المسجد الذى يرفع فيه الآذان خمس مرات فى اليوم وقد كان يتمتع بصوت رخيم.
لم تغلب الرائد/هجو الحيلة فهو فى مجاله لايجارى, فراح يمعن ويستدعى من مخزون الخبث والدهاء الذى يختزن منه الكثير, فظن انه سيفاجأ حسن:
ايهما اشد مرارة العرقى أم الفودكا؟
وعلى الرغم من معرفة حسن بعقلية هجو ومعرفته بما يجول بخاطر أمثاله أجاب:
الإتنين مرات.( كلاهما مرّ).
عندها إنفرجت اسارير/ هجو وشعر بالزهو والإنتصار وراح يقهقه وانه استدرج حسن حتى علم انه ذاق طعم الإثنين ( العرقى والفودكا ).


راى الرائد الإكتفاء بهذه المعلومة وطلب من حسن الإنصراف حتى يستعد لجولة أخرى بناء على ما توصل اليه.
عاد حسن إلى الزنزانة وما ان إبتعد الحرس المرافق بعد ان قفل الباب الخارجى للزنازين وتأكد إبتعاد الحرس وكالعادة إنهال عليه زملاؤه يستفسرون عما حدث مثلما يحدث مع كل من يعود من التحقيق حيث تنهال عليه الأسئلة. أما الذين يتعرضون لصناف التعذيب التى تترك آثارا على الجسد يتم تحويلهم لغرف أخرى ريثما تزول آثار التعذيب.
ذكر لهم حسن انه رد عليه بوضوح : إنها الفودكا وهى والعرقى كلاهما طعمه مرّ . وأردف قائلا للمشاركين له فى الزانزانة هذه الأشياء جزء من حياتى وقد تركتها ورائى واصبحت ذكرى.




7
حاتم جحا بتاع الأركان

يتم فتح الزنازين واحدة بعد الأخرى والغرض من ذلك واضح وهو حتى لا يحدث تبادل الاراء بين المعتقلين ووضعهم فى شبه عزلة ومواعيد الفتح عند الظهيرة وبعد المغيب. وعند فتح الزنزانة الآولى خرج منها شاب أسمر البشرة ضعيف البنية وقد كسا الشيب مقدمة رأسه
وعند السؤال عنه كانت الإجابة بانه " حاتم جحا بتاع الأركان " أى أركان النقاش التى كانت تقام فى الجامعة وكان من المتحدثين اللبقين والبارزين الذين يقضون مضاجع السلطان وإدارة جامعة الجزيرة فكان يستعرض فيها الفساد ويدمغ الحجج عن طريق النقاش فكان لابد أن تمتد اليه يد الأمن خاصة وأن إدارة الجامعة كانت تمثل جهاز الأمن وكان أن تم إعتقاله فى بداية العطلة الصيفية للعام 1994 ووجد نفسه مع طلاب آخرين فى "السراية 114 فى واد مدنى" حيث مكث طيلة العطلة الصيفية وبالطبع لم يكن قد إرتكب جرما وإلا تم تقديمه للمحاكمة وكل ما فى الأمر تكميم الأفواه وكسر جرأته على التطاول وإسكات الأصوات المعارضة. مارسوا معه كل أساليب الإغراء لينضم اليهم ولكنهم لم يظفروا بشىء وحفزهم نجاحهم مع آخرين ان الأمر يمكن ان يتم مع جحا بتاع الأركان ولذلك ظل قابعا فى المعتقل طيلة العطلة الصيفية دونما جريرة لرفضه الإنصياع لذهب المعز.
عند إقتراب موعد نهاية العطلة الصيفية, وحتى لايجعلوا منه بطلا فى عيون زملائه الطلاب الذين سيتساءلون عن غيابه وعندما حانت الساعة التى حددوها لإطلاق سراحه, طلبه الرائد هجو فى مكتبه وأمر زبانيته بان يطلبوا منه الركض فى الشمس الحارقة حتى يتصبب عرقا وعندها خلعوا قميصه وهالوه بالسياط على ظهره المتعرق ثم تم إدخاله فى مكتب الرائد هجو الذى أمر بوضع كيس بلاستيك ملىء بالشطة حتى يغطى راسه ووجهه ويتم ربطه فى عنقه ولما كانت بنيته ضعيفة ويجيد التمثيل سقط على الأرض كأنه قد فقد الوعى وبعدها كان أن فكوا عنه الكيس وتركوه فى مكان منعزل حتى بدات أعينه تخلوا قليلا من الإحمرار وحينها سمحوا له بالدخلول إلى الزنازين وكان ان تم إطلاق سراحه فى اليوم التالى مستصحبا معه الدرس الأخير حسب ما يعتقدون.
[/align]



دفع الله حماد حسين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-09-2009, 01:13 PM   #[2]
AMAL
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية AMAL
 
افتراضي

حضور ومتابعه استاذي دفع الله

افخر واعتز وارفع رأسي شموخا

ان امثالك درسوني وعلموني

ان اخط ولو حرفا في كراسه النضال

اكتب استاذي

اكتب هذا التاريخ

وعلمنا اكثر

حتي يرعوي الجلاد ويتعلم ويدرك

اننا ههنا قاعدون

مهما ضاقت زنازينه واظلمت

واننا نكتب حتي من بين براثن قيوده

وليل اقبيته

ودي لك



AMAL غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-09-2009, 01:37 PM   #[3]
أبو خليفه
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي



مشدوه بهذا السرد الجميل ..
أحكي .. لك أصغي .. بتأمل ..

..
جمال صديق من أبناء مدني .. ذلك الصديق الصدوق الوفي ..
في كل الأوقات تاتيني أمه وتسأل عنه ..
وتعرف جلياً أنهم أخذوه ..
ولكن ..
لا تعرف لأين ..

تاتيني لتتأكد أنه ليس معي ..

سأحكي لك عنه أستاذي دفع الله ..

تحياتي لك




التوقيع: تعالوا نواعد الأطفال بعالم يزدهر بكره
أبو خليفه غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-09-2009, 07:28 PM   #[4]
طارق صديق كانديك
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية طارق صديق كانديك
 
افتراضي

الأستاذ دفع الله حماد

تحياتي

كان لي شرف أن زرت ذاك المبني العجيب .. مراتٍ عديدة .. أولها في منتصف العام 94 .. !!

انهم كانوا ومازالو لا يرقبون فينا إلاً ولا ذمة .. !!

التحية لكل الذين ذكرتهم اذ لا جريرة لهم غير أنهم يحبون بلادهم لا غير .. !!

التحية لكل المناضلين أينما كانوا .. !!



طارق صديق كانديك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-09-2009, 11:26 AM   #[5]
دفع الله حماد حسين
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي دفع الله حماد حسين

[align=center] الأعزاء

الأستاذة آمال

ابوخليفة

طارق صديق كانديك

متبابع بإهتمام وإمتنان
[/align]



دفع الله حماد حسين غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 12:56 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.