وانا فى انتظار دورى فى البريد قبل عيد الميلاد , كنت ملتفتاً نوح ابنى منوا عندما احسست بشئ يدفعنى باصرار وعندما التفت اطلت على عينان صغيرتان ضاحكتان وكرش كبيره تدفعنى وبعد الاحضان واللعنات والدعابه قال لى اليوغسلافى مويو انك لم تتغير . ثم عرفت انه قد ارتحل الى مسكن صغير بالقرب من البحيره الكبيره وانه قد شيد المنزل بنفسه . وانه يتأهب لسن المعاش فقلت له ان امامك بعض الوقت لانك مولود فى سنه 1944 . فجلجلت ضحكته قائلاً انت ايها الاسود لا يفوتك شئ .
فى بدايه السبعينات اقتيل السفير اليوغسلافى فى السويد بواسطه الكرواتى بارتش . الذى هرب الى اورقوى فى جنوب امريكا وصار من مدربى الحرس الرئاسى واشارت اصابع الاتهام لبعض المتعاونين احدهم كان مويو الذى كان قوياً فى شبابه . واعتقل . وحاول اليوغسلاف بكل الطرق ان ينقلوهو الى يوغسلافيا ولكن السويديون لا يسلمون اى شخص لدوله تمارس الاعدام .
مويو كان يحسب نفسه كل الوقت كرواتياً غيوراً . خاصه وان الكروات يقولون ان اللهجه الكرواتيه الممارسه فى الهرسك هى اللغه الكرواتيه النقيه . وعندما انفصلت كرواتيا , صار كالمجنون عندما رفضه الكروات لانه مسلم . وكان فى بدايه الحرب اليوغسلافيه يستفذ الصرب ويتحرش بهم ويحمل سلاحاً نارياً طيله الوقت . ثم صار يتحرش بالكروات ويشتمهم ويقول ان الدين لا يعنى الجنسيه وهو كرواتى اصيل من الهرسك .
مويو عمل لسنين طويله فى الدول العربيه بعضها كان نشاطاً حربياً . وان كان ماهراً بيديه , قام باصلاحات مطاعم او مقاهى . كما عمل لسنين عديده كعامل لحام فى حقول البترول فى دول عربيه والنرويج .
بارتش قاتل السفير قبض عليه فى امريكا عندما ذهب فى اجازه من امريكا الجنوبيه ورحل الى السويد ليكمل فتره حكمه بعد هروبه من السجن . وحاول ( الجنرال ) . فلاستا بتروفيتش رئيس المافيا اليوغسلافيه ان يصفيه فى السجن . فكلف ثلاثه من رجاله من المحكوم عليهم بالسجن بالمهمه ولكن رجال فلاستا فشلوا واصابهم بارتش برضوض وكسور داميه . ومن الممكن انهم قد استخفوا به لانه لم يكن الرجل الضخم . وبعد قضاء فتره السجن التى لم تكن طويله حسب القانون السويدى الذى لم يكن يحكم على جرائم القتل باكثر من سته او ثمانيه سنوات . رجع بارتش ليعمل فى جنوب امريكا كمرتزق .
عندما انفصلت كرواتيا واستقلت من صربيا حسب بارتش انهم سيجعلوا من بطلاً . وكما عرفت من صديقه ايفان كرنجه فان الرئيس الكرواتى توجمان هو الذى امر بتصفيته وربما لانه لم يكن يريد ان يقال انه يحتضن مرتزق محكوم عليه بتهمه القتل او بسبب ولائه القديم لزميله السفير الشيوعى . فتجمان على عكس اغلب الكروات حارب بجانب الروس والصرب فى الحرب العالميه الثانيه . وهو من اسره معروفه ووالده كان بروفسور الا ان ولائه للشيوعيه لم يجعله يتوقف بسبب اعدام والده وتصفيه كثير من المثقفين بافكار مختلفه .
بما ان اليوغسلاف كانوا الدوله الاشتراكيه الوحيده التى تسمح لمواطنيها بالسفر فان كثير من اليوغسلاف قد التحقوا بالجيوش الاجنبيه نسبه للفقر الذى عم يوغسلافيه بعد الحرب العالميه وحتى الستينات . جنوب افريقيا كانت مقصدهم . كما استخدمهم ايان اسمث فى روديسيا عندما سلم الانجليز روديسيا الى الاقليه البيضاء .
بعض اليوغسلاف اللذين قابلتهم عملوا فى جنوب افريقيا . وبعضهم كانوا لطفاء وقد طردوا من جنوب افريقيا . لانهم لم يستطيعوا ان يقاوموا سحر البنات الافريقيات . وكانوا يقولون . لم نكن اغنياء ولم نكن نتكلم الانجليزيه بطلاقه والفتيات البيض كانوا ينظرون لنا كبشر متدنيين ولم نستطع ان نقاوم جمال الافريقيات . ونحن فى يوغسلافيا كل الوقت كنا نحلم بفتيات سود .
من المرتزقه اليوغسلاف اللذين شاهدتهم المرتزق ليقه وسمى ليقه لان هذه اختصار لكلمه ليجانت وتعنى الفيلق ولقد عمل فى الفيلق الاجنبى لسنين طويله وهو الذى قتل الرئيس جنجتش . انتقاماً لتسليمه الرئيس اسفوبودان ميلوسوفتش للامركان حيث قدم للمحكمه ومات قبل فتره فى الاسر .
الكروات كانوا طيله الوقت اكثر الجنود الاسلاف قسوةً وانضباطاً . ولقد استخدمهم النمساويون لقمع كل الانتفاضات وقهر الآخرين . دورهم كان كدور القوقاز بالنسبه لقيصر روسيا . والمجموعتان كانا لا يستسلمان فى الحروب لانهم لا يجدو عطفاً او عفواً فى الحرب . ورجال الجبل الاسود , كانوا يمثلون العمود الفقرى للجيش اليوغسلافى وقدموا اكثر الضباط حتى صارت الجنديه ملازمه لهم .
فى السبعينات ظهر مجموعه من الشباب اليوغسلاف ممتلأون قوه وشراسه وثقه عرفوا باولاد الجنرالات . لان اباؤهم كانوا جنرالات فى الجيش منهم شارلى واركان , زلكو . وبويا بتروفتش . الذى لم يكن والده جنرالاً حقيقياً ولكن كان يطلق عليه لقب الجنرال وعندما يذهب الى يوغسلافيا من السويد كان يعامل كجنرال . ويستقبله رجل الدوله القوى وساعد تيتو الايمن اسطمبولوفيتش . هؤلاء الشباب وجدوا دعماً من المخابرات اليوغسلافيه التى لا تقل شراسه من الكى جى بى وقد تتفوق على الموساد وبدونها لما تمكن تيتو من السيطره على يوغسلافيا وملايين اليوغسلاف خارج يوغسلافيا .
زلكو الذى اشد المجموعه ذكاء انتهى به الامر كمدمن هروين . اركان صار بليونيراً فى يوغسلافيا وصار له جيش كامل من المرتزقه عرف بنمور اركان . شارلى الذى كان اشرسهم اثرى وزاع صيته الا انه بالنسبه للتطورات الاخيره وبعد مشاركتهم فى حرب البوسنيا كزعماء للمرتزقه انقطعت اخباره او حاول ان يختفى عن الاضواء .
شارلى كان دائماً سريع الانفعال والغضب . وبعد الحرب الاهليه والنهب والجريمه المنظمه صار يحس بانه إله . كان يطوف فى بلغراد يتقدمه كلب من نوع البولترى القاتل لا يسمح لاى انسان ان يقترب منه ويهاجم كل من يقترب منه . كان يقول انه قد كلفه عشره الف دولار . وعندما راهنه زلكو بانه يمكن ان يربت على الكلب وافق . فجلس زلكو على الارض باسطاً يديه ببطئ ثم ربت على الكلب فضحك الحضور . فاخرج شارلى مسدسه وقتل الكلب . ولولا تدخل الآخرين فقد كان مصراً على قتل صديقه زلكو .
بويا بتروفتش الذى كان نحيفاً فى شبابه صار يشبه اباه العملاق فلاستا . وبعد زواجه من ابنه الرئيس اسفوبودان ملوسوفيتش بالتبنى صار يتحكم فى البشر . ويفتخر بانه قد قتل ما لا يقل عن ثلاثين شخصا بيديه .
اركان كان اكثرهم معقوليه يخطط وينفذ فى صمت . قام فى سنه 1982 بنهب المركبه المصفحه لنقل اموال البنوك . عندما كان رجال منظمه سكيورتى الامنيه فى طريقهم الى المركبه فى متجر ان كو فى وسط مالمو والذى يشابه متجر هارولدتز فى لندن الا انه اصغر حجماً . وعندما لم يسلم رجل الامن الحقيبه بسرعه قتله اركان بالرغم من ان الرجال لم يكونوا مسلحين . والمتجر كان يبعد امتاراً من عماره مكتبى . وحقق مع يوغسلافى كرواتى اسمه نينو يسكن فى نفس عماره المتجر كان تربطنى به صله . ووجدت ورقه على المنضده تحوى رقم تلفونى .
تلك الفلوس المنهوبه وبعض العمليات الاخرى التى نفذت بكفأه عسكريه بواسطه جنود سابقين ومرتزقه جعلت اركان صاحب راس مال وظفه جيداً فى يوغسلافيا . وعند الحصار الاقتصادى على يوغسلافيا صار له اسطول ضخم من الشاحنات والبوارج لنقل البترول والسلع المحظوره , ثم كون جيشاً من المرتزقه عاثوا فساداً فى فوكوفار عند بدايه الحرب الصربيه الكرواتيه ودمرت فوكوفار . ثم انتقل بجيشه ( نمور اركان ) الى الهرسك وبوسنيا . وصار مالكاً لفريق كره قدم ينافس فى المباريات الاوربيه . وعندما تزوج بمغنيه جميله فى العشرينات من عمرها . غطا التلفزيون والصحافه الاوربيه زواجه وظهر فى زى جنرال صربى قديم وكان الزواج بمثابه زواج القرن ولم ترى يوغسلافيا زواجاً مثله . اركان ومجموعته كانوا متطرفين فى احساسهم الوطنى ويبالغون فى شعورهم الصربى بالرغم من انهم ولدوا وعاشوا خارج صربيا . فمسقط رأس اركان هو زغرب عاصمه صربيا . ومن الممكن ان هذا الاحساس جعلهم متطرفين لاثبات انتمائهم لصربيا . فعصابه اليد السوداء التى قتلت الارشدوق النمساوى فى سرايفو عاصمه البوسنيا فى 1914 واشعلت الحرب العالميه الاولى كانت صربيه .
ونواصل
شوقى
|